|
الاسلام والعربية، ليسا فقط نتاج السماء والصحراء، قدرما نتاج 1500 عام من الانجازات: اللغة الآرامية، ثم اليهودية، ثم المسيحية، ثم الاسلام والعربية
سليم مطر
الحوار المتمدن-العدد: 7624 - 2023 / 5 / 27 - 13:58
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
(ملاحظة: ننشر هنا فقط مختصر دراستنا، فلاسباب تقنية تتعلق باظهار الصور والخرائط والمصادر، فان الدراسة المفصلة منشورة في موقعنا على الرابط في نهاية هذا المختصر)
هذه الدراسة غايتها تبيان الفكرة التالية: إن ظهور الاسلام والعربية وما اعقبه من انبثاق (الحضارة العربية الاسلامية)، مهما اعتقدنا بدور الارادة السماوية وكذلك تأثير البداوة، فأنه خصوصا نتاج تحولات تاريخية حصلت في منطقة الهلال الخصيب (العراق والشام ومصر)، وتراكم إنجازات ثقافية ودينية استغرقت أكثر من 1500 عام، قد شاركت بها الاقوام البدوية الجديدة الثلاثة التي ظهرت تقريباً في نفس الحقبة (حوالي ألف عام ق.م) وفي نفس المنطقة (بادية الشام والعراق وسيناء): الآراميون والعبرانيون والعرب! دور قبائل الرُحّل (البدو) في تاريخ العالم
أمضت البشرية مئات الآلآف من الاعوام في (ترحال دائم) بحثا عن (الصيد وجمع الثمار). ولم تكتشف الاستقرار إلّا قبل حوالي (12 الف عام) مع (أكتشاف التدجين والزراعة) وكان ذلك في (شمال بلاد النهرين والشام). ولكن مع ذلك ولأسباب بيئية يندر فيها الغذاء: (البوادي والثلوج والبحار والجبال..) استمرت أقسام من البشرية في ممارسة حياة الترحال: (مثل البدو ورعاة الجبال واسكيمو الثلوج)، خصوصاً بعد أن تحول كثير منهم الى (قبائل رعاة) يتنقلون مع مواشيهم بحثا عن المراعي. إن هذه (الاقوام المترحلة) قد لعبت أدواراً حاسمة في تاريخ البشرية. فجميع الدول والحضارات السابقة للعصر الحديث، أقامتها هذه الجماعات البدائية. إذ طالما تكررت في التاريخ الحالة التالية: أقوام مترحلة تقوم بغزو مناطق: (قرى ومدن) زراعية مستقرة، فتقوم خصوصاً بتدمير قياداتها ودولتها، كي تقوم هي نفسها مع الزمن بتكوين قيادات ودولة جديدة، وربما أيضاً حضارة جديدة تهيمن وتزدهر، حتى تتعب وتفسد لتموت على يد أقوام بدائية نازحة جديدة. وهكذا دواليك. أمثلة: (القبائل الهندو اوربية: الآرية) التي كانت تعيش في جنوب روسيا الحالية منذ الالف الثالث ق.م وبفضل اتقانها استخدام الخيول تمكنت من غزو جميع اوربا وأقسام من آسيا لتذوب فيها الاقوام الاوربية والهندية والايرانية القديمة. كذلك (قبائل اللاتين) التي قضت على (دولة الاتروسك)، ثم أسست امبراطورية روما، التي قضت عليها (قبائل الجرمان ثم الفيكنغ) التي أسست غالبية السلالات الملكية الاوربية، وأطلقت اسم قبائلها على دول: انكلترا وفرنسا والمانيا..الخ. كذلك مثال (قبائل العرب) التي قضت على (امبراطوريتي الفرس وبيزنط الشرق)، لتأسس أكبر امبراطورية وحضارة عربية اسلامية. وبعد ان هَرِمَت (امبراطورية العرب العباسية) قضت عليها (قبائل المغول). ثم (قبائل الترك) التي قضت على(الامبراطورية البيزنطية) لتحل محلها (الامبراطورية العثمانية). بل حتى الآن، هنالك بعض المفكرين الاوربيين يقولون: ان (الحضارة الغربية) سوف تقضي عليها من داخلها: "قبائل!" المهاجرين؟!
آراميون وعبرانيون وعرب! في (نصب: وثيقة: كورح) عن (معركة قرقر: 853 قبل الميلاد ) للملك الآشوري (شالم نصر الثالث) يذكر انه انتصرعلى جيش مشترك لتحالف قبائل: (آرامية وعبرية وعربية) قرب مدينة (حما) السورية: الاراميون (مشيخة دمشق)، والعبرانيون (مشيخة اسرائيل)، والعرب (مشيخة جندبة العربي). وهذا أقدم نص في التاريخ يذكر تسمية (عربي).
إن هذه المعركة تستحق اعتبارها اولى وأهم علامات البروز السياسي والعسكري لهذه الاقوام البدوية الجديدة المختلطة والمتداخلة بينها لغوياً وقبائلياً، إذ أعلنت اتحادها لتحدي أكبر امبراطورية في تلك الحقبة: النهرينية الآشورية. والاكثر من هذا إن هذه القوى الجديدة قد تلقت دعماً عسكرياً من دولة أيضاً قوية: (مصر) المنافسة الدائمة لـ (دولة النهرين: العراق) في السيطرة على الشام.
ليس صدفة إن هذه الاقوام البدوية الخارجة من واحتها الصحراوية (بفضل الجمل: أكثر من الف عام ق.م) (حصان الصحراء)، بدأ دورها يبرز في المنطقة في نفس الفترة التي بدأت فيها تهديدات (موجة القبائل الرحل الآرية: الهندواوربية) التي كانت قد برعت بتدجين واستخدم (الحصان)، كأخطر آلة حربية جديدة. ثم نجحت بتكوين اولى دولها في (اليونان وايران، ثم روما) حتى تمكنت أخيراً من القضاء على الدولتين العراقية والمصرية، المحتضرتين، واحتلال كل الهلال الخصيب، ثم شمال افريقيا، إبتداءاً من القرن السادس ق.م ، وقد اكتمل خضوع عموم الشرق مع نهاية (دولة قرطاجة الفينقية: الكنعانية) في شمال افريقيا على يد الرومان في القرن الثالث ق.م.
إن خضوع المنطقة لهذا الاحتلالات الاجنبية: (الآرية: الايرانية واليونانية ثم الرومانية) كان اعلاناً عن نهاية (حقبة الحضارة الشرقية: الهلال الخصيب المصري ـ الشامي ـ العراقي) التي دامت أكثر من ألفي عام (من حوالي الالف الثالث ق.م حتى أواسط الالف السابقة للميلاد) ومعها انتهت كل (البنية الاقوامية والثقافية والعقائدية واللغوية) التي شكلتها. (هذا لا يعني ابدا ابادة السكان الاوائل بل ذوبانهم التدريجي في الاقوام البدوية الجديدة).
كان من الطبيعي ان هذا (الفراغ الكلي) في المنطقة يستحيل على المحتلين الايرانيين واليونان ثم الرومان ان يملئونه، رغم سيطرتهم السياسية العسكرية، وذلك بسبب اختلافهم الكلي (أقوامياً وثقافياً وعقائدياً ولغوياً) عن سكان المنطقة وتكوينهم البيئ الطبيعي. لهذا فأن هذه (الاقوام البدوية الجديدة: الآرامية العبرية العربية) كانت هي الوحيدة المهيئة لملئ هذا الفراغ الشامل، لسبيين:
ـ إنها من نفس الأساس الأقوامي والثقافي واللغوي(السامي ـ الحامي) لسكان المنطقة، لأنها من نفس البيئة والمنطقة، بالاضافة الى تمضيتها لقرون في تواصل فعلي غزواتي وتحالفي وتجاري ومشايخي مع أقوام المنطقة ودولها: العراقية والكنعانية والمصرية.
ـ إن حياتها البدوية وامتلاكها للجمال (خيول الصحراء) وخبرتها بالعيش في البادية، منحتها القدرات القتالية الفائقة بالكرّ والفرّ والاحتماء السريع في أعماق بواديها. بالاضافة الى قدرات التنقل التجاري بين مدن الهلال الخصيب.
هكذا بدأ التاريخ يبلور بوضوح الدور المحتم وغير الواعي لهذه القبائل البدوية اليافعة والمحاربة، لتشييد مرحلة جديدة ومكملة للمرحلة السابقة المنتهية. استغرق هذا المخاض، منذ اول ظهورها ثم في ظل الاحتلالات الاجنبية: (ايرانية ويونانية ورومانية ثم بيزنطية) حوالي 1500 عام (بين 1000 ق.م و 600 م) حتى تمكنت هذه الموجة الجديدة من تحقيق واجبها التاريخي المحتم، أي انشاء امبراطورية وحضارة جديدة، ألا وهي: (الحضارة العربية الاسلامية)! خلال هذه الـ (1500 عام) قامت هذه الاقوام البدوية بانجازات تاريخية متوالية ومترابطة، قبل بلوغ (المرحلة العربية الاسلامية العليا)، هكذا كالتالي:
الانجاز الاول: تدوين اللغة ألآرامية ونشر الابجدية الكنعانية في العالم، منذ القرن السابع ق.م
الانجاز الثاني: تدوين التوراة في بابل بواسطة العبرانيون، منذ القرن السادس ق.م
الانجاز الثالث: انبثاق المسيحية واللغة السريانية، منذ القرن الاول م، وبروز دور العرب في التبشير المسيحي، امثال: ((مملكة ابجر الخامس في الرها ونصيبين) و(دولة المناذرة في العراق) و(دولة الغساسنة في الشام).
الانجاز الرابع: انبثاق الاسلام واللغة العربية في القرن السادي م، ثم الحضارة العربية الاسلامية، وريثة الحضارة الشرقية القديمة: العراقية المصرية الكنعانية.
لمطالعة دراستنا مع الصور والخرائط والمصادر، في موقعنا، نرجو كتابة هذا العنوان في مبحث الانترنت: الاسلام والعربية، ليسا فقط نتاج السماء والصحراء، قدرما نتاج 1500 عام من الانجازات: اللغة الآرامية، ثم اليهودية، ثم المسيحية، ثم الاسلام والعربية/ سليم مطر ـ جنيف
#سليم_مطر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مشكلة التعامل مع زعماء تاريخنا: الخليفة معاوية، مثالا!
-
ويكيبيديا(النسخة العربية)، والتشويه (العنصري الكردي) للتاريخ
...
-
علي الوردي ودوره الخطير في نشر(العنصرية الذاتية) واحتقار الع
...
-
ها هو الانقسام الجديد والتاريخي الكبير في الثقافة الغربية، ب
...
-
حول مطالبة قادة الاقليم ب(الكونفدرالية) بدلا من ( الفدرالية)
...
-
(اكراد النهرين): العراق وسوريا، ومراحل تاريخهم الخمس، منذ ال
...
-
أكراد العراق وسوريا، واصولهم المشتركة مع سكان البلدين منذ فج
...
-
روسيا، البعبع الدائم لاوربا الغربية: الاسباب الجغرافية والتا
...
-
أسرار الحياة والوجود بين (العلمويين) و(الروحانيين)؟!
-
النقلات التأسيسية الكبرى في تاريخ الدولة العراقية!
-
لماذا العداء للعباسيين والتقديس للصفويين؟! فضل العباسيين على
...
-
كتاب تاريخ العراق: الارض والشعب والدولة
-
مرض الحنين الى الفحل الاجنبي من قبل العديد من المثقفين العرا
...
-
ماهي الحضارة الشرقية القديمة:(العراقية المصرية الشامية): م
...
-
(كوكب الصفاء) الرواية الجديدة ل: سليم مطر
-
ثنائية: العقل النفعي، والنفس الجمالية! واكذوبة: فضل (العقل)
...
-
ماهي الحضارة، وما فرقها عن الثقافة؟ .... هل نحن مقبلون على (
...
-
الفرس وايران، وإكذوبة دورهم المضخم في الحضارة العربية الإسلا
...
-
اسم(عرب:ARABE) واسم(اوربا، Europe)، نفس الاصل والمعنى: غــرب
...
-
كيف نميز الوطني الحقيقي.... عن الوطني المزيف؟ والعلماني الضم
...
المزيد.....
-
-معاد للإسلام-.. هكذا وصفت وزيرة داخلية ألمانيا المشتبه به ا
...
-
-القسام-: مقاتلونا أجهزوا على 3 جنود إسرائيليين طعنا بالسكاك
...
-
من -هيئة تحرير الشام- إلى وزارة الخارجية السورية.. ماذا تعرف
...
-
جزيرة مايوت المنسيّة في مواجهة إعصار شيدو.. أكثر من 21 قتيلا
...
-
فوائد صحية كبيرة للمشمش المجفف
-
براتيسلافا تعزز إجراءاتها الأمنية بعد الهجوم الإرهابي في ماغ
...
-
تغريدة إعلامية خليجية شهيرة عن -أفضل عمل قام به بشار الأسد
...
-
إعلام غربي: أوروبا فقدت تحمسها لدعم أوكرانيا
-
زعيم حزب هولندي متطرف يدعو لإنهاء سياسة الحدود المفتوحة بعد
...
-
أسعد الشيباني.. المكلف بحقيبة وزارة الخارجية في الحكومة السو
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|