|
لعنة العراق
خالص عزمي
الحوار المتمدن-العدد: 1718 - 2006 / 10 / 29 - 11:38
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ها هم يتساقطون كورق الخريف ؛ ليس من على كراسي الحكم ؛ ولا على الصعيد الشعبي وحسب ؛ بل على جميع الاصعدة ؛ السياسية ؛ و الاخلاقية ؛ والاجتماعية . راجعوا سجلات الساسة منذ ان حل الاحتلال بارض العراق ؛ ثم قلبوا الصفحات وتوقفوا امام الاسماء ؛ وراجعوا مصيرها ؛ ألا تجدون ان التاريخ القريب قد شطب عليهم ؛ واحالهم الى سجل المنبوذين جزاء ما اقترفوا بحق الوطن والشعب من ذنب تعاونهم وتشجيعهم وتسويغهم للمحتل على فعلته الشنيعة في تدمير البلاد والعباد ؟!! لقد غرفوا من خزائن البانتجون ؛ والسي اند اي ؛ وغيرها من اجهزة التظليل الاخرى ؛ ولما تبين لهم الخيط الابيض من الخيط الاسود ؛ نزعوا لباس الذل السياسي ؛ وارتدوا اقنعة الوطنية المزيفة المصنعة المستوردة من معامل التزويق والاكاذيب ؛ وطمس الحقائق ....و لكن (ثوب الرياء يشف عما تحته ...) وكأن العارفين تماما بماضيهم المعيب البعيد والقريب يجهلون او يهملون ؛ مواقفهم المخجلة الغارقة بالاثم والدنايا .
دعونا من اؤلئك الذين خانوا زاد العراق وملحه وماءه العذب وتمر نخيله ؛ ولنجل النظر خارج هذه الدائرة البائسة ؛ ونتسآئل ؛ كم من مسؤول كبير عالي المستوى السياسي و من دعاة الحرب على العراق قد انهار وانتهى دوره هنا وهناك ؛ بدءا من رئيس وزارا اسبانيا آزنار ورئيس وزراء ايطاليا برلسكوني ؛ ووزير خارجية امريكا كولن باول ووزير خارجية بريطانيا جاك سترو ووزيرالفاع جيفري هون ؛ ومدير المخابرات جورج تنيت . ....الخ وآخر هؤلاء وزير دفاع رومانيا تيدور آتا نا سيو الذي استقال يوم الخميس ( 26/ 10 / 2006 ) وانزوى مع زملاء كثر من دول العدوان او مشجعيه في زوايا الاهمال والنسيان .
لم تكن تأثيرات لعتة العراق هذه بنت ساعتها و بدوافع الهزات الاعلامية وتصريحات المسؤلين الكبار في انحاء شتى من العالم هذه الايام ؛ بل كنت قد اوردتها في جملة مقالات وتعليقات سابقة منها : ـ
1 ــ في تعليقي على مقال الكاتب المعروف جيم هوكلاند المنشور بتاريخ 6/ 5 / 2005 تحت عنوان ( هذه نعمة مستحقة لتوني بلير ) ؛ والذي قال فيه ؛ بعد ان امتدح حكمة وكفاءة رئيس الوزراء ( ثمة اجماع على رؤية بريطانيا وهي تعمل بنشاط في الساحة السياسية اوربيا وعالميا ؛ فأنتصار آخر لتوني بلير سيكون بمثابة أفضل أمل لاستمرار علاقة راسخة ومستقرة بين جانبي الاطلنطي ؛ وهذا هو الخيار الافضل على الاطلاق ) وقد ذكرت بذلك التعليق المقتضب ما يأتي ( المعروف عن الشعب البريطاني الذي عشت بين ظهرانيه دارسا ثم ملحقا صحفيا سنوات طويلة ؛ انه لايرد الصاع لزعمائه الذين يتجاوزون حدود ارادته الشعبية الا عن طريق الاسلوب الديمقراطي الذي رسمه القانون والعرف الدستوري ؛ وكان ما جرى لكل اؤلئك الذين اهملوا اشارا ته التلميحية البسيطة كتشمبرلن واتلي وايدن وهيث وغيرهم الا دليل تمسكه بارادته الحرة التي لا تخضع ابدا للابتزاز والمساومة . قد يعتقد البعض من الذين لم يدرسوا بامعان النظام الانكليزي في مثل هذه الوقائع ؛ ان نجاح توني بلير في الانتخابات ( اقصد عام 2005 ) قد جب عنه العقاب الشعبي ؛... الا ان ذلك الاستنتاج بمظهره البسيط ؛ هو عكس ما سيظهر عما قريب حينما يعقد الاجتماع السنوي العام لحزب العمال وتصوت الهيئة العامة على اسقاط بلير وحكومته ؛ منتخبة زعامة جديدة . ان هذا العقاب هو الاقسى بحسب النظام الحزبي ؛ والاخلاقيات المبدأية التي يسير عليها اي حزب يتمسك بالارادة الشعبية )(1) ألم تثبت الايام صدق ما آل اليه مصير توني بليروالذي كشف عنه الاجتماع العام لحزب العمال بتاريخ 23 /9 / 2006 في مانشستر . 2 ــ وفي مقالي المعنون ( امريكا خسرت القلوب ولم تربح الحروب ) جآءت العبارة التالية ( لقد ضحت امريكا بشباب ابنائها والخزين الكبير من ثرواتها التي جمعتها من دافعي الضرائب الامريكيين ؛ اضافة الى ما سببته لشعبها من الكئابة والحزن على الضحايا والقلق على الجنود البعيدين عن وطنهم ؛ دونما اي اتعاض من حربها الفيتنامية ؛ اذ لو اتعضت فعلا لما زجت بنفسها في أتون حرب طاحنة ؛ ميسورة البداية ؛ محفوفة المخاطر و الصعوبات ؛ مأساوية النهاية ؛ ولكانت قد احتفظت بألآف من شبابها ؛ ليكونوا رسل سلام ووئام ؛ يعملون على جعل الحياة أكثر اشراقا ؛ ولكانت قد منحت جزءا بسيطا مما كلفته الحرب ؛ لاغراض انسانية مشرقة ؛ تخصصها في المجالات الثقافية والعلمية والفنية ؛ فتحول بذلك الجامعات والمستشفيات والمصانع والمزارع والمتاحف والمكتبات ورياض الاطفال ؛ الى واحة متطورة مليئة بالخير ؛ ثم لما احتاجت بعد كل حرب ماحقة ؛ الى وفود تحسن صورتها المرعبة ؛ والتي لايمكن لالف ( كارين هيوز ) من ان تجملها . ان الادارة الاميركية التي لم تعرف اسلوبا غير القصف والعصف والسحق والمحق ؛ لتتعامل به مع الشعب العراقي او غيره من شعوب الارض المغلوبة على أمرها قد فضلت ذلك النهج المخرب المدمر ؛ على النهج الانساني الثقافي المترفع عن الظلم والرعب والتدمير ؛ وهي باصرارها على هذا السلوك الشرير ــ رغم كل الدروس والعبر ــ خسرت القلوب ولم تربح الحروب .......) (2)
وها هي اليوم اجهزة الاعلام العالمية ؛ والاميركية والبريطانية على وجه التخصيص ؛ تؤكد على ان الانسحاب حاصل وباقرب وقت ؛ لان الخسائر في الجنود والاموال أمر لا يمكن تحمله ؛ وان شبح فيتنام أطل مجددا برأسه على المستنقع العراقي ؛ وان اعترافات المسؤلين الكبار التي كانت تركز على النصر لا محالة اخذت تتلاحق ؛ لتعلن عن خسارة الحرب ذلك ( ان الحل العسكري اضحى صعبا للغاية .... ) . ان التناقض في التصريحات ؛ وهو معيار التفاوت ما بين الاستراتيجية الباطنة والتكتيك الظاهر اضحى واضحا جليامنذ لحظة انحدار الاوهام من قمة ( الانتصار المحقق خيالا و أمنية ) الى هاوية ( الانهيار الواقعي تطبيقا) ؛ مرورا بسلسلة من عمليات عسكرية بائسة فاشلة على ارض الرافدين مثل : ( المطرقة الحديدية ؛ عقرب الصحراء ؛ السيف ؛ الخنجر ؛ القبضة الحديدية ؛ الستار الفولاذي ؛ البرق ... الخ ) تلك العمليات التي نجحت في ابادة الاطفال والنساء والعجزة العراقيين وهدمت البيوت والمدارس والمستشـــفيات ودور العبادة ؛ ولكنها في ذات الوقت اعلنت عن سقوطها المزري في اقبية الانكسار والتخبط السياســي والتشتــــــت النفســي والعسكري ؛ ساحبة وراءها سراياها من ابنائها القتلى والجرحى والمعوقين تحت جنح من ظلام الانكفاء والخذلان والخسارة المادية والمعنوية .
وا ن هي الا لعنة العراق تبطش بالحيتان المتوحشة الهائلة ؛ ثم تترك اللائذين بزعانفها لانتقام الامواج العاتية..... حيث لات مندم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) جيم هوكلند : جريدة الشرق الاوسط ــ باب الرأي ــ العدد 9656 في 6 /5 / 2005 ؛ خالص عزمي ــ تعقيب ــ في ذات العدد . (2) خالص عزمي ؛ لمزيد من التفصيل ( أمريكا خسرت القلوب ولم تربح الحروب ) في الحوار المتمدن ؛ البلاد ؛ كتابات ؛ القاسم المشترك ؛ العراق للجميع في 6/10/2005 ؛ وكذلك ما له صلة بالموضوع والمنشور في المصادر ذاتها تحت عنوان ( قوافل الانسحاب ) في 24 / 12 / 2005 .
#خالص_عزمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قانون ادارة الدولة الملغي و تعديل الدستور
-
654965
-
الحاضر .... ليس النهاية
-
أدب القضاة 11
-
موسيقى أفلام المقاومة ورحيل الموسيقار أرنولد
-
أيها الخفاق في مسرى الهوى
-
ناتاشا كمبوش وأطفال العراق
-
لقائي الاول مع نجيب محفوظ
-
أدب القضاة 10
-
وردة الغربة على قبر البياتي
-
عزف لبناني منفرد
-
أدب القضاة 9
-
فما لك غير لبنان وتشفى
-
الجواهري في الذكرى التاسعة لرحيله شهادة وذكريات 4 4
-
الجواهري في الذكرى التاسعة لرحيله شهادة وذكريات 3 - 4
-
الجواهري في الذكرى التاسعة لرحيله 2 4 شهادة وذكريات
-
الجواهري في الذكرى التاسعة لرحيله شهادة وذكريات 1 4
-
عبير
-
المقدمات 3
-
الاهم : دولة حديثة معاصرة
المزيد.....
-
هذا الكاتب أكل في أفخم مطاعم العالم وهذه أفضل الوجبات التي ت
...
-
المغرب.. غزارة الأمطار تغرق شوارع طنجة
-
مأساة تزلج تتكرر بعد 63 عاماً، حادث طائرة واشنطن يعيد كابوس
...
-
عضلة أنسجة اصطناعية تنمو مع القلب.. حل علمي مبتكر قد يعالج ا
...
-
بيسكوف: -بريكس- لا تعتزم إصدار عملة موحدة بل منصات استثمارية
...
-
-ترامب لن يستسلم-.. تعليق إسرائيلي على الضغوط الأمريكية على
...
-
مشاهد قريبة وجديدة للحظة تصادم مروحية عسكرية بطائرة ركاب فوق
...
-
أمريكا تحذر لبنان: لا مكان لـ-حزب الله- في الحكومة الجديدة
-
باشينيان يقترح تعديل نص النشيد الوطني الأرمني ويحدد -القافية
...
-
تقنية حديثة تكشف أسرار مدينة مفقودة عمرها 600 عام مدفونة تحت
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|