|
الديمقراطيات الشعبية: دكتاتوريات معادية للعمال خلف اليافطة الاشتراكية
أسبوعية النضال العمالي
الحوار المتمدن-العدد: 1717 - 2006 / 10 / 28 - 09:49
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
كانت هنغاريا في العام 1956 احدى الديمقراطيات الشعبية الممتدة من بولونيا شمالا الى بلغاريا جنوبا، والتي تشكل نوعا من الطوق للاتحاد السوفياتي على حدوده الغربية.
نشأت عند نهاية الحرب العالمية الثانية باحتلالها من قبل الجيش السوفياتي بقدر تقدمه في طرد قوات هتلر. وكانت اصالتها تكمن بوجه خاص في انها طبعت لاحقا بسيطرة البيروقراطية السوفياتية على نظامها السياسي وعلى تنظيمها الاقتصادي على السواء.
كان دمج بلدان شرق في منطقة نفوذ الاتحاد السوفياتي، بصفته معطى عسكريا في المقام الاول، مكرسا باتفاقات يالطا. كانت هذه الاتفاقات ناتجة عن تلاقي مصالح البيروقراطية والقوى الامبريالية الظافرة عاقدة العزم معا على الحؤول دون انفجارات ثورية شبيهة بالتي اعقبت الحرب العالمية الاولى.
علاوة على الاشكال البرلمانية الى هذا الحد أو ذاك بين 1944 و1947، ورغم الدور المتنامي الذي شرعت تقوم بع الاحزاب الشيوعية منذ تلك الفترة، كانت الانظمة التي اقيمت على الصعيد الاجتماعي منذ بدايتها ديكتاتوريات بقصد قهر الطبقة العاملة.
ورغم دور الدركي في هذا المنطقة الفقيرة من اوربا ، الحبلى بالانفجارات الاجتماعية، كانت سمات الاصول البروليتارية للدركي بنظر الطبقات الاجتماعية المتعارضة تؤدي الى جملة عواقب. اولا كان فرار الطبقات المالكة المضطرب نحو الغرب والانهيار الفعلي، قبل ان يكون قانونيا، للبنيات التي عفا عنها الزمن وبمقدمتها الملكية العقارية الكبيرة. قدمت جيوش البريوقراطية لاحتواء ثورة عمالية لكنها ولدت اصلاحا زراعيا جذريا واجراءات اخرى من نفس الطبيعة كانت ببلدان الغرب المتطور من فعل البورجوازية .
لكن مع قطع تحالف القوى الاطلسية مع البيروقراطية، على مر تفاقم الحرب الباردة، ارتسم الطابع الاصيل للديمقراطيات الشعبية قياسا على باقي الدول البرجوازية بقسم اوربا المتخلف او نصف المتقدم.
بعد ابعاد شبح احداث ثورية لم يكن في نية البريوقراطية ان تترك هذه البلدان تفلت من سطوتها المباشرة بجذب من الامبريالية. و نتج عن هذه الارادة السياسية ضغط متنام على قمم تلك الدول لاستبدال القادة السياسيين الأكثر موالاة للغرب بقادة متحدرين من الاحزاب الشيوعية المفترض انها اكثر تأييدا لموسكو. وان الضرورة السياسية المتمثلة في انتزاع الديمقراطيات الشعبية من التاثير الغربي هي ذاتها التي حدت بالبيروقراطية السوفياتية الى اجبارها على القطع مع الاقتصاد الغربي و التأميم الكامل لصناعتها واعتماد التخطيط، والتجميع القسري الذي نزع من الفلاحين الاراضي التي لم يمض على حصولهم عليها غير وقت وجيز.
انتهت كل الديمقرالطيات الشعبية في سنوات 1949-1950 الى انطمة مقلدة، لدرجة المسخ احيانا، للاتحاد السوفياتي البيروقراطي يحكمها قادة يدعون ممارسة السلطة الديكتاتورية باسم الشيوعية وفي صداقة دائمة مع الاتحاد السوفياتي.
بعد ازاحة القادة الموالين صراحة للغرب، هاجمت البروقراطية السوفياتية القادة المتحدرين من التيار الستاليني ذاته، فتعرضوا للاعتقال ولمحاكمات مثيرة متبوعة باحكام قاسية. و جرى في هنغاريا اعدام احد اكبر شخصيات الدولة وزير الداخلية Laszlo Rajk و بعد اعترافه بجرائم خيالية.
وان كان التاريخ الرسمي قد سجل بوجه خاص عن تلك الحقبة اسماء القادة الموالين للغرب ممن ابعدوا عن السلطة وسجنوا بقدر ما كانت موسكو تعزز سيطرتها على تلك البلدان ، فان ثقل البيروقراطية ناخ بوجه خاص على الطبقات الشعبية لا سيما الطبقة العاملة . وبدءا من سنوات 1948-1949 نزل ذلك الضغط باسم ضرورة بناء الاشتراكية في محيط رأسمالي معادي.
باسم " بناء الاشتراكية" ُفرضـت على كل الديمقراطيات الشعبية سياسة تصنيع بوتيرة جهنمية. ونزل الثقل الاكبر على الطبقة العاملة عبر الأجور المتدنية والتموين الناقص وايام " التباري الاشتراكي" ومعايير العمل متنامية القساوة. وبقصد فرض هذا كله كان التجنيد في النقابات الرسمية الوحيدة، وغياب كل حرية في المقاولات وكذا خارجها والرقابة البوليسية والاعتقالات.
ابان التاريخ فيما بعد على ان هذا التراكم البدائي" المحقق على ظهر العمال والفلاحين وعذاباتهم انتهى الى بيعه بارخص الاثمان للمجموعات الرأسمالية الغربية الكبرى من طرف الطبقات المحلية ذات الامتيازات.
لم ُيستكمل ذلك نهائيا الا بعد تغيير النظام في 1989. لكن منذ سنوات 1950 كان بامكان العمال ملاحظة زيف مزاعم المساواة في تلك المجتمعات. كانت الجماهير وهي تتنقل بالدراجات والترام المكتظ تصادف سيارات ليموزين السوداء يركبها الاعيان، وبمقابل الدكاكين الفارغة بالاحياء الشعبية ثمة المتاجر الخاصة بالقادة. وفي الواقع لم تكن امتيازات الأقسام العليا من هذه الطبقة السائدة تملث شيئا ذي شأن قياسا على وضع البرجوازية بالغرب. لكن مشاعر الظلم والتمرد تضاعفت بفعل ادعاء تلك الامتيازات انها شيوعية، وكان لهذه المشاعر دور كبير في الانفجارات العمالية التي هزت الديمقراطيات الشعبية واحدة تلو الاخرى.
شهدت هنغاريا اضرابات عنيفة بعد مدة وجيزة من وفاة ستالين، في 1953، و جرى خنقها بسرعة. واضرب عمال البناء في Stalinallee ببرلين الشرقية وسحقتهم الدبابات الروسية. و اندلعت اضرابات في Brno بتشيكوسلوفاكيا و في 1954. و عصيان عمالي في بوزنان ببولونيا في يونيو 1956 . وكانت انتفاضة هنغاريا اعلى مراحل اضطربات احتجاجية صادرة عن الطبقة العاملة اساسا.
ج-ك
جريدة النضال العمالي عدد1994 20 اكتوبر 2006 تعريب جريدة المناضل-ة
#أسبوعية_النضال_العمالي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مباشر: حزب النهج الديمقراطي العمالي يخلد ذكرى شهداء الشعب ال
...
-
مظلوم عبدي لفرانس24: -لسنا امتدادا لحزب العمال الكردستاني وم
...
-
لبنان يسارع للكشف عن مصير المفقودين والمخفيين قسرا في سوريا
...
-
متضامنون مع «نقابة العاملين بأندية هيئة قناة السويس» وحق الت
...
-
التصديق على أحكام عسكرية بحق 62 من أهالي سيناء لمطالبتهم بـ«
...
-
تنعي حركة «الاشتراكيين الثوريين» ببالغ الحزن الدكتور يحيى ال
...
-
الحزب الشيوعي يرحب بمؤتمر مجلس السلم والتضامن: نطلع لبناء عا
...
-
أردوغان: انتهت صلاحية حزب العمال الكردستاني وحان وقت تحييد ا
...
-
العدد 584 من جريدة النهج الديمقراطي
-
بوتين يعرب عن رأيه بقضية دفن جثمان لينين
المزيد.....
-
نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد
/ حامد فضل الله
-
الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل
/ آدم بوث
-
الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها
...
/ غازي الصوراني
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
-
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و
...
/ شادي الشماوي
-
النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا
...
/ حسام عامر
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
/ أزيكي عمر
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
المزيد.....
|