|
الزي العربي تنوع الثقافة بروح الأصالة
عبدالله رحيل
الحوار المتمدن-العدد: 7619 - 2023 / 5 / 22 - 13:40
المحور:
الادب والفن
سواء أكانت الألبسة سترا أم جمالا، فإنها تعد ظاهرة عامة اجتماعية، يتخذها العوام لأهداف ضرورية، أوجدتها الحاجة الملحة لوجود الإنسان منذ الأزل، الذي يمكنه أن يتقي بها البرد، والأخطار المحدقة به، حينما كان في مجتمعه البدائي، فيتطلب منه آنئذ ستر الأجساد بأكملها، ثم بعد ردح طويل من الزمن؛ غدت الألبسة تابعة لعادات مجتمعية، متبعة للإبداع والتميز، والتقليد، ولها روابط متينة وموغلة في التاريخ، وتتبع التعاليم الدينية، والنظرة الاجتماعية، وتعكس ملامح الحياة بشكل عام، ويرجع تاريخ ستر الجسد من سوءته إلى زمن بدء الخليقة، ومنذ أن وجد الإنسان على وجه الأرض، وقد اتخذ الزي أشكالا عدة، من أوراق الشجر، وما شابهها، حتى تطور اللباس بتطور الأمم والشعوب، وتقسيم البشر حسب الأصول واللغة، فقُسِّم الزي وتنوع؛ ليدل في نهاية المطاف على أصل الشعوب، وانتمائها العرقي. ومع التطور الطبيعي للأزياء، وإعطائها طابعا ثقافيا، تتباين في أنواعها وأنماط شكلها، وطريقة صناعتها، الدالة على الانتماء، واللغة، والفئة، والثقافة المجتمعية والدلالة الجنسية، وقد تأثرت الأزياء كثيرا بالغزو العسكري، والثقافي، لبعض المجمعات؛ ما أعطاها بعض التنوع، والتغيير، وإضافة أزياء جديدة، وتنوع في الشكل والألوان. ولما كانت البداية في سكن الأرض، وإعمارها، كانت الشعوب مترحلة نحو مواطن الكلأ، والماء، وارتبط ذلك باقتناء زي خاص لهذا الترحل، فكانت المنطقة العربية تحت أنماط هذا الترحل، الذي فرض عليها نوعا خاصا من الأزياء، وأشكالها وألوانها؛ فنجد الرجال يلبسون اللباس الساتر للجسم كله، بما يوافق طبيعة المكان، ولما كانت الصحراء أكثر المواطن، التي قطنوها؛ فنرى الرجال يلبسون الثوب الطويل الفضفاض، الذي يمكن له أن يدخل الهواء إلى كامل الجسد، ما يمكن تلطيف حرارة الجسم، وفي المجمل يعتمد الرجال على الملابس البيضاء في البادية؛ لأنها تعكس أشعة الشمس المحرقة، إلى جانب لبس السترة القصيرة الواقية للظهر والكتفين، التي تقيه حر الشمس، كما أن الرجل العربي قد عرف لباس الرأس، الذي يغطيه كاملا، وقد اتخذه ذلك لأمرين في غاية الأهمية: أولهما، عنوان الوقار والمهابة عند العرب، فحاسر الرأس في المجالس يعده البدو مهانة للمجلس، الذي يجلس فيه، وثانيهما، حماية من حر الشمس، والرمال، أو يتخذه لثاما؛ إن اشتدت العواصف وسط الصحارى، وقد وصف هذا التنوع في الزي، الرحالة البريطاني ويلفريد ثيسيجر ،حينما سافر إلى الجزيرة العربية، والعراق؛ فكتب عنها عدة كتب أشهرها، كتاب "الرمال العربية" :" فهم يلفون أنوفهم بعباءاته، ويخفون وجوههم بملفحاتهم، حتى لم تعد تظهر منهم غير العيون، ويعتقد البدو أن كثرة الثياب تصد الحرارة عنهم، ولكن الواقع، أن ما يفعلون إنما هو منع العرق من التبخر، وهكذا فهم يوجدون طبقة باردة حول الجلد". إلى جانب ذلك من زي الرجال يكون البشت، أو البردة، التي عادة ما يلبسهما شيخ القبيلة للوجاهة والتميز، بين أبناء العشيرة، وإلى جانب العباءة الرفيعة، التي تقتضيها ضرورة مجالس الشيوخ، أو استضافة أقوام أخرى، وعند تغطية الرأس بغطاء خاص مربع الشكل، يتخذ أسماء عديدة عند مجمل الشعوب العربية، فهو العصابة، أو الغترة، أو الشماغ، الذي قد شاع استخدامه منذ الألف الثالث قبل الميلاد بوصفه وتمييزه بعلامات صورية سومرية من نهاية الألف الرابع قبل الميلاد، وهو في دلالته إلى العظمة والرفعة والسمو والشموخ وحتى يزيد الرجل مهابة أكثر وجد الشريط الأسود المفوف بدائرتين حول بعضهما، وقد سمي العقال الذي يدل على شدة عقل الرجل وبلوغه سن الحكمة، والتعقل، والرشد، إضافة إلى تثبيت الغترة، أو الشماخ حول رأس الرجل. أما اللباس والزي الخاص للنساء؛ فيتخذ أشكالا عديدة، وأسماء كثيرة حسب المنطقة التي تقطنها النساء، حتى أصبح للزي النسوي أسماء معروفة بين القبائل والأفراد فمنها: المنديل، أو المقرونة، أو الشنبر، أو الهبرية: وهو لباس المرأة على رأسها تلفه على رأسها بمنديل أسود، يطوى من وسطه، ويسمى المقرونة، وإذا كانت النساء من الثريات، وعلية القوم؛ فليلفن رؤوسهن بمنديل أطول، قد يزيد عن ثلاثة أمتار ويسمى شمبر، ثم تلبس المرأة المتزوجة منديلا آخر تحت ويسدل إلى أسفل صدرها ما يعطيها حشمة وسترا أكثر. البرقع: وهو غطاء يخفي الوجه جزئياً، من قماش مُحاك باليد، مطرز بالحرير ومركب عليه عدة قطع نقدية، وينزل من منتصفه قطعة قماش قطنية ثقيلة مغطاة بشكل كامل بالقطع النقدية، وينزل إلى الوجه، وقد أطلق عليه في الجزيرة العربية اسم البطولة. المحوثل: وهو قميص أزرق قاتم أو أسود، ذو أكمام عريضة، ويكون أطول من المرأة بمتر واحد، وقد تلبس المرأة الثرية من بعض القبائل معطفاً، ويسمى « جبة»، ويصنع من قماش الجوخ الماهود، وتلبس المرأة المزوية، وهي عباءة ترتديها المرأة فوق أزيائها ، لها أكمام ضيقة ، وتغطي الذراعين حتى المعصمين. حزام الشويحي : وهو حزام عريض مزركش منسوج من القطن، أو الصوف تزمه المرأة حول حصرها على ثوبها لترفع أطراف ثوبها السفلية عن قدميها قليلا. الزبون: وهو قطعة مفتوحة من الأمام تلبسه المرأة عامة فوق ثيابها الأصلية، عند المناسبات، أو في الأماكن العامة، وهو قليل الزخرفة، وتتخذه المرأة ستراً للجزء الخلفي منها، ويسمى الزبون أو الصاية. المرودن : وهو لباس تقليدي للمرأة العربية إلى الوقت الحاضر، وهو ثوب طويل وعريض، وفضفاض يتصف بكمين طويلين، وتتدلى أطرافه حتى تلمس الأرض ويعقدان معا، ويرفعان خلف الظهر متدليا، ويسمى أبو الردنين. العباءة: وتكون العباءة رمز المرأة الحسناء، ذات الرفعة العالية، والمنحدرة من علية القوم، وتسمى المزوية، وتلبسها المرأة فوق رأسها، وتنسدل أسفل القدمين، وتلبسها العروس، وتسمى مرشدة، وهي من الحرير الناعم مزركشة بألوان ذهبية، ويقدم هذا النوع من العباءات الثمينة للعروس مع مهرها. ومهما اختلفت السنون والدهور يبقى اللباس زينة وحشمة وتوافق للبيئة التي يحياها الإنسان وعنوان حضارة رقي الشعوب، ومنطلق حاجة المرء العامة له في الجمال والرقي والتآلف والدلالة في المراتب السامية.
#عبدالله_رحيل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البحث عن الله في قصة حي بن يثظان
-
تزاحم الأفكار
-
أهمية التدريب عند الإنسان
-
العيد بشرى الخلائق وناموس نور الخالق
-
حديث القلب والعقل في التذكُّر والانفعال
-
نحن نقرأ... إذا نحن موجودون
-
التفكك الأسري وسلبيته في المجتمع
-
مدفع الإفطار إعلان التوقيت في رمضان
-
هدية عيد المعلم
-
ترنيمة هجرة الذهب الأبيض
-
التأثّرات الفنيّة بين روايتي- في المنفى- لجورج سالم، و-المحا
...
-
استرسال الذاكرة
-
نـزهة المشـتاق إلى رحـاب مكـة المكـرمـة
-
القاعدة النحوية بين الجدلية والخلاف
-
- في المنفى- لجورج سالم، و-المحاكمة- لفرانز كافكا. أوجه الشب
...
-
عبد الله الفاضل تغريبة الصحراء وجور بني القربى
-
قصيدة لميس نجد
-
الحب نبض الحقيقة
-
الأمنيات التي بددتها القوارب
-
بدر شاكر السياب شاعر الحب والاغتراب
المزيد.....
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|