أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - الناجحون … ماذا يضعون على رؤوسهم؟














المزيد.....

الناجحون … ماذا يضعون على رؤوسهم؟


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 7614 - 2023 / 5 / 17 - 12:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


دعوني أطرح معكم السؤالَ الوجوديَّ الأشهر الذي حيّر الفلاسفة على مرّ الأزمان، دون أن يُفضُّ لغزُه، لأنه سرُّ الخلق وعبقريةُ يد الله القدير الذي جعلنا نتشابه في التشريح الجسماني، ونختلفُ في الطباع والفكر والسلوك وردود الفعل، ونتباين في أساليب رسم أحلامنا وطرائق تحقيقها. لماذا نختلفُ عن بعضنا البعض كبشرٍ، كلَّ هذا الاختلاف؛ فنخلقُ باختلافنا تلك السيمفونية البشرية المتنوعة؟ ولو تشابهنا لانعدم جمالُ الحياة وانتهى سرُّها وانفضّ سحرُها منذ قديم الأزمان؟ لماذا بعضُنا ناجحٌ في حياته، وبعضنا يمشي في ركب الإخفاق والفَلَس؟ لماذا بعضُنا محبوبٌ وبعضنا ينفرُ الناسُ منه؟ هل هي أحكامٌ قَدَريةٌ، مكتوبةٌ على جباهنا، حيث لا مهرب، أم أننا المسؤولون عن هذا، لأننا ببساطة نقف وراء الأسباب، ونحن صانعوها؟
الإجابة الحاسمة: نعم! نحن مَن اخترنا أن نكون ناجحين أو فاشلين، محبوبين أو مُنفّرين، روّادًا في مقدمة الصفوف، أو مغمورين في ثنايا الظلّ. السرُّ يكمن في أسلوب عمل عقولنا، إذ هو الذي يحدّد شخصياتنا.
في كتابه: "ستُّ قبعاتٍ للتفكير"، يحدّثنا "إدوارد دي بونو" Edward de Bono، الطبيبُ وعالم النفس المالطي المتخصص في تأهيل الدماغ البشري وأحد مؤسسي "مدرسة التفكير" "School of Thinking"، قائلا: إننا لا نتمايز عن بعضنا البعض في تركيب عقولنا، بل في آلية عمل تلك العقول.” وحدد أساليبَ ستةً مختلفة للتفكير البشريّ، ينهج كلٌّ منها نهجًا مُغايرًا يؤدي، بالضرورة، إلى نتائج مختلفة. وأعطى "دي بونو" لكل أسلوبٍ سماتٍ محددةً، تجمع، تقريبًا، جميعَ طرائق تفكير العقل الإنساني. واعتبر "دي بونو" كلَّ أسلوب من الأساليب الستة، بمثابة "قُبّعة" يرتديها المرءُ حينما يفكر في أمرٍ ما. فيكون لدينا قبّعاتٌ ستٌّ، ذات ألوان مختلفة.
- القبعةُ الحمراء، تمثّل التفكير العاطفيّ. فصاحبُ هذه القبعة يُسقط مشاعرَه، الإيجابية والسلبية، على الأمور، فلا يكونُ حكمُه محايدًا موضوعيًَا.
- القبعةُ البيضاء هي نقيضُ ما سبق. فصاحبها ينظرُ إلى الأمور من خلال الأرقام والحسابات والتحليل؛ فيخرج بنتيجة علمية موضوعية لا محلّ للعاطفة فيها، ولا مكان فيها للنظرة الشخصية. يشبه الحاسوبَ الذي لا يعطي نتائجَ إلا من خلال المعطيات والبيانات والأرقام التي أدخلتها في برنامجه.
- القبعةُ الصفراء، يتميز صاحبُها بالتفاؤل والإيجابية، حيث لا يرى إلا مزايا الأمر وأوجهه الإيجابية، غير مُنتبه، أو غير عابئ، بسلبياته.
- القبّعة السوداء، وصاحبها نقيضُ ما سبق. سوداويٌّ متشائم لا يرى في الشيء إلا عيوبَه ونواقصه ومعوّقاته التي تُحيل دون إتمامه.
- القبعة الخضراء تقفز بصاحبها إلى خانة الإبداع والتحليق. من يرتديها لا يعرف التفكير النمطيّ التقليدي. بل يكسر الصندوقَ وينطلق صوب الخيال والابتكار؛ فيقترح زوايا جديدة للنظر، ويخترعُ طرائقَ جديدة للتأمل؛ تؤدي بالضرورة إلى نتائج مبتكرة، لا تخطر على بال سواه ممن يسيرون على قضبان المنطق والمحاكاة والتقليد.
- وأخيرًا القبعة الزرقاء ، وهي المظلّة الواسعة التي توجّه وترسم مسار كل القبعات السابقة. من يعتمرها يمتلك نظرة شمولية تجعله يرى الأمور من منظور كُلّي واسع، ومنظّم كذلك. يرسمُ خُطّة العمل بدقّة؛ واضعًا الاستراتيجية العامة، والتكتيك التفصيلي لخطوات الأداء. يضع البرامج الزمنية ويُنصتُ إلى جميع الآراء من حوله، ليستفيد منها.
ويرى "دي بورنو" أن بإمكاننا تغيير قبعات تفكيرنا. فمن يظن أنه مجبولٌ على قبعة واحدة يرتديها مدى العمر، قد أخطأ مقصدَ الكتاب. فبوسع كلّ منّا أن يحوز القبعات الست مجتمعةً. يرتدي منها ما يشاء، ويهجر ما يشاء. المهم هو ترتيب وضع القبعات. فمن الأفضل استخدام القبعة البيضاء في بداية تحليل الأمر، ثم الصفراء والسوداء لتأمل المزايا والعيوب، ثم الانطلاق نحو القبعة الخضراء للقبض على جوهرة الابتكار، ثم الختام بالقبّعة الزرقاء، التي تعيد ترتيب الأوراق.
علينا إذن أن نُفكر في ألوان قبعات عقولنا، ونحن نفتح الأدراج والدواليب لنستخرج قبعات الرؤوس التي تحمي وجوهنا وأمخاخنا من وهج الشمس وهجير الحر، وتُسقط على صفحات جباهنا ظلالا مخاتلة حين تتسرّبُ خيوطُ الشمس من بين خيوط الخوص التي جدلت تلك القبعات، فترسمُ أشكالا فنية رائعة من الضوء والظلال، مع هذا الصيف المراوغ الذي يُطلُّ برأسه على استحياء، فتحاولُ الشمسُ أن تفضَّ غلالة البرد، ويقاتلُ البردُ من أجل البقاء بعض الوقت الإضافي، فيما عجلةُ الزمان ماضية تُجهضُ محاولاته مهما ناوشت. أهلا بالمصائف التي شرعت في فتح أبوابها للمصطافين، وجعلت الحقائبَ تهبطُ من فوق الدواليب وتفغرُ أفواهها لملابس البحر، وعلى رأسها القبعات.
كل عام والجميعُ في فرح بمعجزات ميلاد الربيع من الشتاء، وميلاد الصيف من الربيع، وبهجات البحر والبلاجات والشماسي ومضارب الراكيت، وقبعات الشواطئ، وقبعات العقول. وشكرًا لله تعالى على معجزة عظمى؛ اسمها: العقل والإرادة.

***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طاووسيةُ الموسيقارِ الجميلةُ
- فضيلةُ الحذف ... والبخل في الكلمات
- سكنتُ على مقربةٍ من هذا العظيم!
- صانعُ الجُرم … والمشيرُ إليه!
- جميعُنا: ذَوو احتياجات خاصة
- رسائل جعفر العمدة
- غنّيتُ مكّةَ … وأعزَّ ربي الناسَ كلَّهمُ
- انشطارُ واجهةِ الهرم... في عيد الحياة
- أفطروا بأمانٍ … فنحن نحمي الوطنَ!
- سعفةُ نخيلٍ خضراءُ … من أجل مصرَ
- التوحّدُ .. التنمّرُ … الإناءُ المصدوع
- في اليوم العالميّ للتوحّد … قطوفٌ من عُمَر
- شنودة يعودُ إلى بيته … شكرًا للشرفاء!
- أبله فضيلة … صوتٌ صنع طفولتَنا
- في رمضان … نصومُ معًا!
- أيها الكبارُ … لن أحتفل ب عيد الأم
- مشروع الفُلك حدوتة مصرية
- هاني شنودة ... صانعُ الصِّبا والفرح
- زوجةٌ عظيمة ... لزوجٍ عظيم
- الله يسامحك! … السِّحرُ كلُّه


المزيد.....




- وزير خارجية كيان الاحتلال: غوتيريش يقود أجندة معادية لاسرائي ...
- وزير خارجية كيان الاحتلال: غوتيريش يقود أجندة معادية لاسرائي ...
- كاتس يهاجم غوتيريش مجددا: يقود سياسة معادية لإسرائيل ولليهود ...
- ماما جابت بيبي يا أطفال..تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل ...
- بلينكن: السنوار كان مسؤولا عن أكبر مذبحة ضد اليهود منذ المحر ...
- استعلم عن تردد قناة طيور الجنة للاطفال بجودة عالية جدا مع اب ...
- ‏المقاومة الإسلامية تقصف مستعمرة زفلون بصلية ‏صاروخية كبيرة ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تعلن رصد تحركات جنود العدو الإسر ...
- خاص| ماذا قال مساعد القائد العام للجيش السوداني عن الإسلاميي ...
- غرفة عمليات المقاومة الإسلامية تصدر البيان التالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - الناجحون … ماذا يضعون على رؤوسهم؟