أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - جلبير الأشقر - فظائع السودان والدرس التاريخي














المزيد.....


فظائع السودان والدرس التاريخي


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 7614 - 2023 / 5 / 17 - 09:44
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    



يوم الإثنين الماضي، دخل النزاع الدائر في السودان بين القوات المسلحة النظامية بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو في شهره الثاني، ولا تلوح في الأفق أي ملامح تسوية سياسية أو حتى هدنة حقيقية بين الطرفين. وإنه لنزاع مختلف عن النزاعات الأخرى التي شهدتها المنطقة العربية في السنوات الأخيرة، في سوريا واليمن وليبيا. والطريف فيه أنه صدام بين طرفين يقف المجتمع السوداني منهما موقف المتفرج، إنما المتفرج على مشهد مرعب الذي يخشى من أن يطاله العنف الذي يشاهده. فبينما انشطر المجتمع في كل من البلدان الثلاثة التي عرفت نزاعات مسلحة إثر انتكاسة «الربيع العربي» بحيث أمكن وصفها بالحروب الأهلية، يصعب لصق هذه التسمية على ما يدور في السودان، وهو أشبه بنزاع مسلح بين عصابتين تفرضان سطوتهما وخوّتهما على مجتمع مدني لا حيلة له ولا قوة إزاءهما.

فتتفاقم نتائج الصراع يوماً بعد يوم، حيث ناهز عدد ضحاياه 700 من القتلى و5600 من الجرحى (في حين أن أقل من 20 في المئة من مستشفيات الخرطوم لا تزال شغالة). وقد تسبب في نزوح ما يقارب المليون من السكان، بينهم 200 ألف إلى خارج الأراضي السودانية. وإلى هذه المأساة العظيمة، التي تنذر الأزمة الإنسانية الصحية والمعيشية الناجمة عنها ببلوغ مستوىً يضاهي مستوى الأزمة التي شهدها اليمن، تنضاف مآس أخرى لم تنل بعد ما تستحق من الاهتمام الإعلامي. وقد نشرت صحيفة «ذي غارديان» البريطانية يوم الثلاثاء تقريراً لمراسلتها في الخرطوم، زينب محمد صالح، أفاد بأن السودان يشهد أيضاً ما يصاحب معظم النزاعات المسلحة من مآس تطال النساء والفتيات بوجه خاص، قصدنا بالطبع الاعتداءات الجنسية وحالات الاغتصاب.
ويشير التقرير إلى شهادات بعض النساء والفتيات النازحات اللواتي تعرضن لاعتداءات، ثم ينقل عن سليمة إسحاق، مديرة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة في وزارة التنمية الاجتماعية السودانية، قولها إن مثل هذه الحالات أكثر بكثير مما هو معروف بسبب عجز الكثير من الضحايا عن التبليغ في الظروف السائدة، ناهيك مما نعرفه عن النزعة إلى كتمان الاعتداءات الجنسية في مجتمع لا زال يميل إلى تأنيب الضحية الأنثى بقدر تأثيمه للمرتكب الذكر، إن لم يكن أكثر. كما يشير تقرير زينب صالح إلى أن قوات الدعم السريع متخصصة في مثل الاعتداءات المذكورة، وقد مارستها ميليشيات الجنجويد على نطاق واسع في حرب دارفور، وهي الميليشيات التي حولها عمر البشير إلى «قوات الدعم السريع» قبل عشر سنوات. كما أن القوات ذاتها، التي لعبت دوراً مركزياً في مجزرة فض الاعتصام أمام مقر قيادة القوات المسلحة في الخرطوم في الثالث من يونيو/ حزيران 2019، معروف عنها أنها ارتكبت حينها أكثر من 70 حالة اغتصاب.
إلى كل ما سبق من فظائع، تنضاف مأساة تحول بعض أحياء الخرطوم ومناطق السودان الأخرى إلى ساحات يسود فيها قانون الغاب إثر انهيار الدولة، فتجول فيها وتحوم عصابات مسلحة تسطو على ما يحلو لها من ممتلكات وأعراض. وتقول شهادات من داخل السودان أن بعض تلك العصابات تابع لطرفي النزاع، بما يزيد كثيراً من خطورتها لغياب أي رادع لها على الإطلاق. وهذا ما يحيلنا إلى درس من تاريخ الثورات بوجه عام وتاريخ الانتفاضات العربية بوجه خاص ما انفككنا نؤكد عليه، ألا وهو أهمية قيام الحركات الثورية بعمل منهجي في صفوف القوات المسلحة كي تكسب إلى القضية الثورية أكبر عدد ممكن من أفرادها قبل أن يفوت الأوان وتستخدمها الأنظمة في وأد الثورات.
فحيث تميزت الثورة السودانية بتفوق رأس حربتها المتمثل بلجان المقاومة، وهي التي قامت بتنظيم المقاومة الشعبية ضد الانقلاب العسكري الذي نفذه البرهان في أكتوبر/ تشرين الأول 2021، وقد أكدت من جديد أهمية دورها من خلال قيامها بتنظيم الخدمات الشعبية إزاء انهيار الخدمات الحكومية من جراء النزاع الناشب قبل شهر، ولاسيما الإشراف على توزيع ما توفر من الغذاء على سكان الأحياء المنكوبة، وهو دور بدأت لجان المقاومة تمارسه منذ طور الثورة السودانية الأول في عام 2019، فإن غياب طرف ثوري أفلح بالسعي وراء مد شبكة تعاطف مع الثورة في صفوف القوات المسلحة، جعل اللجان بلا قدرة على توفير الحماية للأهالي (على الأقل، مما بدا حتى الآن). ولو كان ذلك الشرط متوفراً، لتمكن الحراك الثوري من حث قسم من صفوف القوات المسلحة على رفض الانخراط في النزاع الدائر وعلى الانضمام إليه في رسم طريق ثالث للبلاد، رافض لطرفي النزاع وساعِ إلى إسقاطهما والمضي إلى الأمام في نقل الثورة السودانية إلى محطة جديدة متقدمة، وهو ما وصفنا قبل أيام بالحلم السوداني ولا زلنا نتمناه.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا وراء الإغارة الأردنية داخل الأراضي السورية؟
- هنيئاً لهم بتصالحهم مع بشّار الأسد!
- حلمٌ سوداني
- المغزى من اقتتال العسكر في السودان
- تخبّط قيس سعيّد الاقتصادي وتبعاته
- الثورة السودانية أمام منعطف جديد
- قوة ديمقراطيتهم وضعف ديمقراطيتنا
- أمريكا والصين: «فرِّق تَسُد» أم «وفِّق تَسُد»؟
- أحلام فارقتنا وأحلام لن تفارقنا
- من دروس المحنة التونسية
- في المقارنة بين أفعال الصهاينة وأفعال النازيين
- بين الرعونة الروسية والعجرفة الأمريكية
- الاشتراكية والاستعمار والاستشراق
- أطلال مصر ازدادت في عهد السيسي
- سوريا والكارثة المستمرّة
- الصهيونية والفاشية ومستقبل فلسطين
- تحية إجلال ثانية لرئيسة وزراء نيوزيلندا السابقة
- العراق ولعبة إلهاء الجماهير
- سنة جديدة في منطقة على كفّ عفريت!
- حان لذلك «الغضب الساطع» أن يصل!


المزيد.....




- الحوثيون يصدرون بيانا عن الغارات الإسرائيلية: -لن تمر دون عق ...
- البيت الأبيض يتألق باحتفالات عيد الميلاد لعام 2024
- مصرع 6 أشخاص من عائلة مصرية في حريق شب بمنزلهم في الجيزة
- المغرب.. إتلاف أكثر من 4 أطنان من المخدرات بمدينة سطات (صور) ...
- ماسك يقرع مجددا جرس الإنذار عن احتمال إفلاس الولايات المتحدة ...
- السجن مع وقف التنفيذ لنشطاء مغاربة مناهضين للتطبيع مع إسرائي ...
- OnePlus تودع عام 2024 بهاتف مميز
- 70 مفقودا بينهم 25 ماليا إثر غرق قارب مهاجرين قبالة سواحل ال ...
- ضجة في إسرائيل بسبب صدور أمر بالتحقيق مع زوجة نتنياهو
- -هذا لا يمكن أن يستمر-.. الجنود الأوكرانيون يأملون في التوص ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - جلبير الأشقر - فظائع السودان والدرس التاريخي