|
قضايا المرأة العاملة العراقية
علياء حسين ماهود
الحوار المتمدن-العدد: 4788 - 2015 / 4 / 26 - 23:32
المحور:
ملف - حقوق المرأة العاملة في العالم العربي - بمناسبة ايار عيد العمال العالمي 2015
برزت قضايا المرأة عموماً ، والمرأة العاملة خصوصاً ، على الصعيدين المحلي والعالمي كواحدة من قضابا العصر المهمة والملحة في الظروف الراهنة . فقد اجتذبت اهتمام أوسع الاوساط المعنية بالقضايا الاجتماعية وعلى شتى الاصعدة الرسمية والشعبية ، وحظيت بعناية فائقة حتى من جانب فئات كانت بالامس القريب لا تعطف على قضايا المرأة ومشاكلها ، بل تبدي بصورة واخرى معاداتها لتحرر المرأة عند تناول المشاكل الاجتماعية والاقتصادية . ان الاسباب الحقيقية التي احدثت هذا التبدل ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمستوى التطور الاقتصادي والاجتماعي والحضاري الذي بلغته البشرية في مسيرتها التأريخية الطويلة وكذلك بالرصيد الضخم لنضال المرأة الذي خاضته مع الطبقات والقوى التقدمية ضد الاستغلال الطبقي والتمييز الاجتماعي وضد الضلالات والاوهام البالية ، وبالرغم من خصوصية بعض قضايا المرأة العاملة العراقية فأنه يمكن ان يكون هناك مدخلاً للحديث عن اوضاعها الاقتصادية والاجتماعية وظروف العمل التي تعيشها ودورها في انجاح خطط التنمية وتطوير الاقتصاد الوطني والمعوقات التي تقف بوجه انطلاقها ، لقد طرقت المرأة العراقية بعض جوانب الحياة العامة منذ وقت غير قصير واشتركت في نواحي عديدة من مجالات العمل ورغم الصعوبات استطاعت المرأة العراقية ان تقطع شوطاً بعيداً في طريق التحرر من قيود البيت والتقاليد والعلاقات البالية الموروثة ، تبعاً عنها ، الاعراف والتشريعات ، ان نوافذ العمل خارج البيت اخذت تتفتح لازدياد الحاجة الى عمل المرأة من جانب الجهات التي كانت تستفيد من هذا العمل للحصول على اكبر مقدار من الربح ، بالاضافة الى ذلك فأن الحاجة الاقتصادية اجبرت عائلة العامل عن التراجع عن بعض مواقع التزمت والمبالغة وان تأثير الضرورة الاجتماعية القاضية باشراك المرأة في الحياة العامة هو الاخر كان من العوامل الرئيسة في تمهيد الطريق لما تحقق من اطلاق وثاق المرأة وتحريرها ، وحظيت قضايا المرأة العاملة على صعيد التشريع باهتمام كبير فأقرت وثبتت الحقوق والمكتسبات التي تحققت خلال زمن طويل من النضال المشترك مع الطبقة العاملة والجماهير الكادحة ، وتضمنت التشريعات بعض الجوانب الايجابية التي تجاوزت واقع المرأة العاملة الراهن الى تطلعات مستقبلية تؤدي الى تحسين وضعها المعاشي والاجتماعي واحلال علاقات عمل جديدة . ان قانون العمل رقم 151 لسنة 1970 وقانون التقاعد والضمان الاجتماعي رقم 39 لسنة 1971 حددا شروط العمل وظروفه المناسبة لقابلية المرأة العاملة ، الاجتماعية والجسمانية ، وضمنت اجازات رسمية بأجور للاعياد والمناسبات واجازات اعتيادية ومرضية للحمل والولادة ونصت على وجوب ايجاد دور حضانة ورياض اطفال قريبة من مشاريع العمل وكفلت الاسعافات والعلاج والوقاية وحددت شروط عمل المرأة الحامل ، بما يناسب وضعها ، وفتحت لها سبل التدريب المهني ، وكسب المهارة ، ومكافحة الامية ، وساوت في الاجور للعمل المتساوي وحالت دون التمييز بين العامل والعاملة الا بمقدار الفوارق التي تقتضيها ظروف العمل الخاصة ، فيما قانون العمل رقم 71 لسنة 1987 تجاهل الكثير من هذه الحقوق ، ولذلك ما زال واقع المرأة العاملة متخلفاً عن التشريعات العمالية وانظمة العمل مما يستدعي العمل لتوفير الحد المعقول لمتطلبات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والمستوى الحضاري الذي بلغته . ان الاجور المدفوعة تتدنى بالنسبة للعاملة حتى انها تصل الى نصف الاجور التي يتقاضاها العامل الرجل في بعض قطاعات العمل ، وان اكثر الاعمال التي تزاولها العاملة هي اعمال غير ماهرة او نصف ماهرة ونسبة قليلة من العاملات تحضى بعمل ماهر وفني او نصف ماهر ، كما ان فرص التدريب المهني ورفع المهارة والنشاط الاجتماعي والفني واشغال مراكز مهمة وقيادية في اللجان والهيئات المتخصصة والمنظمات المهنية والنقابية ما زالت ضيقة امام المرأة العاملة . ان البيئة التي تنتعش فيها الظواهر السلبية التي تكتنف حياة المرأة العاملة وشروط العمل تتمثل قبل كل شيء بالتركة الثقيلة الموروثة من عهود سيطرة الاستعمار والحكومات الرجعية والدكتاتورية المتعاقبة وبقايا النظرة الرجعية نحو المرأة التي لا تزال تسيطر على عقول اوساط واسعة من الطبقات والفئات الاجتماعية المختلفة وبعض رؤوساء المؤسسات والادارات والمنظمات والهيئات ذات العلاقة بقضايا العمل وان بعض الثغرات الموجودة في التشريعات والانظمة والقرارات فيما يتعلق بقضايا المراة العاملة اتاحت امكانيات الالتفاف على حقوقها ويضاف الى الاسباب المذكورة وربما يكون واحداً من اهمها , قصور المنظمات والاجهزة والدوائر المناط بها متابعة تنفيذ القوانين ومراقبة التجاوزات والخروقات للتصدي لها . ويلاحظ في الاونة الاخيرة , استقبال اليد العاملة من النساء في فروع جديدة من الصناعة والعمل المتمم لها وولوج ابواب مراكز التدريب المهني ومنظمات المجتمع المدني . وهذه ظاهرة صحية طبعاً وتدل على قدرة المراة على مباشرة كل فروع العمل الانتاجي والمجتمعي وامتلاك ناصية التكنيك والمهارة , وكافة مستلزمات تطوير وتنمية القابلية ووسائل الابداع . غير ان هذه الوتيرة لاتتناسب مع اقبال المراة على العمل ولا مع كثرة اليد من النساء المجمدات في البيوت ويقدر عددهن باكثرمن مليون امراة. هذا بالاضافة الى المهمة الضخمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وكل مقتضيات التطور اللاحق والتحولات الجذرية في نواحي حياة بلدنا , وان انجاز هذه المهمة الكبيرة بحاجة الى اقصى الجهود لتعبئة قدرات المراة العاملة الى جانب الرجل وتحضير عوامل الخلق والابداع فيها وهدم اخر حجر يعترض طريقها . ان تجارب الشعوب والبلدان التي اجتازت مهمة تحرير المراة من قيود البيت واعمال الاسرة جديرة بالدراسة واستخلاص مايفيد في تخطيط مستقبلنا بما في ذلك حل مشكلة المراة العاملة لكيما تنهض بقسطها في البناء الاقتصادي والاجتماعي وفيما يلي ابرز المهام التي تطرحها قضية تحرير المراة وتعبئة جهودها في تقدم العراق في شتى المجالات : 1- تشريع قانون تقدمي للاحوال الشخصية يضمن للمرأة كامل حقوقها الطبيعية والاجتماعية. 2- منع التمييز في التشغيل والتوظيف وفي الاجر والمرتب وتحقيق الاجر المتساوي للعمل المتساوي . 3- احتساب مخصصات اولاد العاملة واجراء مخصصات للعاجزين من افراد عائلتها اذا لم يكن لهم معيل سواها . 4- شمول كل افراد عائلة العاملة بالضمان الصحي والاسعاف والوقاية . 5- منح المراة العاملة اجازة الحمل والولادة مدفوعة الاجر بغض النظر عن مدة التحاقها بالعمل وحجم المشروع . 6- منح العاملة اجازة مرضية مدفوعة الاجر في حالة دخول طفلها المستشفى . 7- توفير دور حضانة ورياض اطفال قرب محلات العمل . وتوفير مستشفيات الامومة والطفولة وحماية الاطفال في الاحياء العمالية والمناطق الشعبية . 8- فتح معاهدة التدريب المهني للنساء على كافة اصناف العمل وفروعة وفسح المجال لرفع مستوى المهارة المهنية اسوة بالرجل . 9- اعادة فتح مراكز محو الامية الوظيفية في مناطق العمال واحياء السكن وتقديم المساعدات المادية والمعنوية للدراسات عبرمنظمات المجتمع المدني وتوفير وسائل الراحة للأطفال اثناء وقت الدراسة واعتبار وقت الدراسة ضمن العمل بالنسبة للنساء . 10- تعديل التشريعات والانظمة لغرض توسيع حقوق العاملة وحذف النصوص والبنود التي تعطي مجال الالتفاف على هذه الحقوق من قبل الادارات وارباب العمل اثناء التطبيق والممارسة . 11- ضمان العمل لكل امرأة قادرة ومستعدة له ومنع الفصل من العمل منعاً باتاً لم تسبقه اجراءات لاعادة التشغيل الفوري . 12- ضمان مشاركة العاملة في عضوية وانتخاب ، وقيادة اللجان والهيئات النقابية وذات النشاط الفني والاجتماعي والاختصاصي ومجالس ادارات المؤسسات والشركات العامة .
علياء حسين / نقابية عمالية
#علياء_حسين_ماهود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بدولار واحد فقط.. قرية إيطالية تُغري الأمريكيين المستائين من
...
-
عوامل مغرية شجعت هؤلاء الأمريكيين على الانتقال إلى أوروبا بش
...
-
فُقد بالإمارات.. إسرائيل تعلن العثور على جثة المواطن الإسرائ
...
-
واتسآب يطلق خاصية تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
-
بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل إسرائيلي في الإمارا
...
-
إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام المختفي في الإمارات
-
هكذا يحوّل الاحتلال القدس إلى بيئة طاردة للفلسطينيين
-
هآرتس: كاهانا مسيحهم ونتنياهو حماره
-
-مخدرات-.. تفاصيل جديدة بشأن مهاجم السفارة الإسرائيلية في ال
...
-
كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟
المزيد.....
-
الاتفاقيات الدولية وحقوق المرأة في العالم العربي
/ حفيظة شقير
-
تعزيز دور الأحزاب والنقابات في النهوض بالمشاركة السياسية وال
...
/ فاطمة رمضان
المزيد.....
|