حسام تيمور
الحوار المتمدن-العدد: 7607 - 2023 / 5 / 10 - 11:16
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
أقصى ما يمكن للحرية المطلقة انتاجه أقصى اليسار هو العبودية على أدنى اليمين، أي حرية بيع الذات و الجسد، أي العبودية أقصى اليمين، بصيغ مؤدلجة و براقة و ناعمة !
عندما تلجئين مثلا، لبيع جسدك مقابل المال، أو شيء آخر، و تحاصرك شظايا النظرات و الكلام المألوفة تلك، يجب عليك التوقفُ قليلا، قبل الدخول في هيستيريا الاستنكار و الانكار، اي الارتهان ل"شيطان الجماعة" .
يستفحل الوضع أكثر عندما تبيعين روحك لذاك الشيطان، الآخر، محامي الرذيلة، إما من باب الاستقواء او استثارة الشّفقة الكاذبة، المشروطة، و المستغِلة للحالة المزرية تلك، او اللعب على غباء الآخر، على سذاجة الفضيلة.
هنا يجب عليكِ فقط بلع تلك القذارات التي انتجتِها، و إن على مضض، بكل صيغ الدروشة و التذلل الممكنة، و عقد الاحساس بالذنب، او كما قد يظهر ضدا على الطبيعة، كمفهوم سطحي مسطح، يوجب تلك الافعال و الردود المنفعلة آنيا، و التي لا تصمد طويلا، امام نفس الطبيعة، في مشهد الوجود الخادع !
و كما تبلع الدابة مشيمتها، و تُفيد منها، رغم عدم توافق ذلك مع طبيعتها "العاشبة"، أو كما تفترس القطة ابنائها، ضدا على "الغريزة"،
يبقى الأمر شرا لا بد منه، و اتقاءا لشر آخر، بعيدا عن "شر الآخر"، أو خيره، او تلك الوجاهة الكاذبة، و هو تلك الروح التي قد تقبل دعارة الجسد، لكنها ترفض دعارة العقل و الضمير، و تشرع في الانتقام من نفس الجسد، و من نفسها .. باحتقار نفسها، و قهر نفسها، و جذب نفسها، الى حالة دونية، مادية و معنوية، يستحيل الخروج منها، إلا عبر ما يمكن تسميته عمليات انتحار "قيصرية"، مؤذية جدا للنفس.
لقد علّمتِ الحداثةُ الانسانَ كل مظاهر التقيّة و الخوف و الرخص و الوقاحة، و صناعة و عبادة الاصنام الجديدة، و ازدراء النفس و الآخر، و اتقاء شرّ القوي، لكنها لم تعلمه "اتقاء شرّ نفسه"،
و لعل مقولة نيتشه أن "البعض يفضل الموت على رؤية اوهامه تتلاشى"، توقفت فقط عند الجانب "الذهني" في علاقته بالوجود الجماعي، و لم تصل الى عمق هذه المأساة، الباطني، و الذي يصنعه ذاك الصراع بين "الروح و الجسد"، أو حين يتمنى الانسان او شِبههُ الموتَ ولا يجدهُ ؟!
#حسام_تيمور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟