صفات العالم الجديد حين يكون متعدد الأقطاب ( 3 )

آدم الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 7605 - 2023 / 5 / 8 - 13:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

إن معطيات الواقع الدولي الحالي افرزت عوامل جديدة ستغير الكثير من قواعد العلاقات بين الدول و هذه المعطيات هي التي سترسم صفات العالم الجديد حين يكون متعدد الأقطاب .
يمكن اختصار هذه المتغيرات و المعطيات بما يلي :
اولا : تراجع دور مجلس الأمن الدولي
بسبب الاختلافات الكبيرة في مواقف الدول الخمسة الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي حيث سيكون الفيتو الصادر من الشرق , من روسيا أو الصين , و الفيتو الصادر من الغرب , من الولايات المتحدة الأمريكية و معها بريطانيا , مانع لصدور أي قرار مهم و ملزم من مجلس الأمن , و بذلك سيفقد مجلس الأمن الدولي دوره الرئيسي الذي تأسس من أجله و هو حفظ الأمن و الاستقرار الدوليين و سيكون مجلس الأمن مجرد منصة للخطابات الهجومية بين الأطراف المتصارعة و من بين نتائج هذا الوضع الجديد سيستحيل صدور أي عقوبات من مجلس الأمن اقتصادية أو غير اقتصاديه على اي دولة و سيكون الحديث عن الشرعية الدولية لا معنى له .
ثانيا : تحول الجمعية العامة للأمم المتحدة الى اداة إعلامية بيد الولايات المتحدة الأمريكية .
بحكم الهيمنة الحالية لأمريكا على عدد كبير من الدول الصغيرة و التي عدد سكان بعضها بضعة آلاف سيجعل من الجمعية العامة للأمم المتحدة منبرا إعلاميا بيد الولايات المتحدة الأمريكية تستخدمه ضد خصومها و خصوصا ضد روسيا الاتحادية و ستصدر بين فترة و أخرى قرارات من هذه الجمعية بأغلبية عدد الأصوات , كل هذه القرارات ستكون في خدمة المصالح الأمريكية حتى تصل الحالة الى مرحلة يصبح معها وجود هيئة الأمم المتحدة ليس ذات معنى أذ كيف يكون لدولة مجهرية صوت في الجمعية العامة للأمم المتحدة يعادل صوت الهند أو صوت الصين ... !
إن بقاء هيئة الأمم المتحدة بهيكليتها الحالية , سيدفع بها الى الانحلال كما انحلت قبلها عصبة الأمم و ستكون هنالك حاجة لنشوء هيئة جديدة للأمم بهيكلية تتناسب و العالم الجديد عالم متعدد الأقطاب و بقوانين ذات منطق مقبول .
ثالثا : تلاشى تدريجي لقيمة و اهمية أي عقوبات اقتصادية تصدرها الولايات المتحدة الأمريكية على أي دولة .
إن صدور أي عقوبات اقتصادية أمريكية على دولة ما سيدفع بهذه الدولة للاندماج بكتل اقتصادية اخرى بعيدة عن النفوذ الأمريكي مثلما يحصل حاليا لإيران .
رابعا : حصول شراكة و تعاون بين روسيا و الصين .
من المؤكد حصول شراكة شاملة و تعاون في كافة المجالات العسكرية و الاقتصادية بين الصين و روسيا اذ لدى الصين كل ما تحتاجه روسيا و لدى روسيا الكثير مما تحتاجه الصين فمن غير الصحيح القول أن روسيا سترتمي في حضن الصين و ليس صحيحا ايضا القول أن الصين سترتمي في حضن روسيا , ما سيحصل هو شراكة شاملة و متنوعة بين هذين القطبين , شراكة إساسها اقوى من أي شكل من اشكال التحالف بين الدول .
خامسا : اشتداد سباق التسلح بوتائر خطيرة جدا
كل الدلائل , من تصريحات و مواقف القوى العسكرية العظمى . تؤكد أن العالم مقبل على سباق تسلح قد يكون اشرس مما حصل خلال الحرب الباردة الأولى إلا إن هذا السباق سيجبر كافة الأطراف للجلوس حول طاولة المفاوضات للحد من تصاعد نمو اسلحة الدمار الشامل و هذا ما سيدفع العالم للعيش في ظل حرب باردة جديدة لا تشبه الحرب الباردة الأولى لأنها ستكون في ظل تعددية قطبية .
سادسا : تصاعد الحرب الإعلامية و الدبلوماسية و الجاسوسية بين المحور الصيني الروسي و المحور الغربي الذي تقوده امريكا .
سابعا : تنامي دور الكثل الاقتصادية الجديدة
سيكون لمنظمة شنغهاي للتعاون و مجموعة بريكس التي ستتحول الى مجموعة بريكس بلس دورا محوريا في عالم متعدد الأقطاب الاقتصادية و ستظهر على السطح كتل اقتصادية جديدة تجد في البيئة السياسية و الاقتصادية القادمة ارضا خصبة لنموها و تطورها .
ثامنا : حصول تغيرات جوهرية على النظام النقدي العالمي .
كل المؤشرات على الساحة الدولية تشير الى تراجع الهيمنة الغربية و خصوصا الهيمنة الأمريكية على النظام النقدي العالمي حيث سيتحول الدولار الأمريكي الى واحد من بين عديد من العملات النقدية الأساسية التي ستُعتمدْ في التبادلات التجارية بين الدول حيث سيشهد النظام النقدي العالمي صعود دور اليوان الصيني و ظهور سلات جديدة من العُملاتْ النقدية , كسلة عُملاتْ دول مجموعة شنغهاي و سلة عُملاتْ دول مجموعة بريكس و سلة عُملاتْ دول في أمريكية الجنوبية و غيرها من السلات و قد تظهر ايضا سلة لعملات دول مجلس التعاون الخليجي التي طال انتظارها .
تاسعا : تزايد اعتماد الدول على نظام سيبس الصيني
سيتوسع استخدام نظام سيبس الصيني للتحويلات المالية بين الدول جنبا الى جنب مع نظام سويفت الغربي , و قد يكون لأنظمة أخرى دورا مهما ايضا لتشكِل بمجموعها شبكة مسارات تعطي لكافة الدول خيارات مفتوحة غير خاضعة لهيمنة أي قطب , عندها لا تستطيع أي دولة التحكم بنظام التحويلات المالية أو استخدامه كسلاح ضد أي دولة .
عاشرا : إعادة توجيه صادرات الطاقة الروسية
سيتم إعادة توجيه معظم صادرات روسيا من الغاز و النفط و الفحم و الوقود النووي بشكل رئيسي الى الصين و الهند و باكستان و بنغلادش و بعض دول جنوب شرق اسيا مما سيوفر لروسيا استقرارا ماليا و امن طاقوي لهذه الدول و ستفقد الدول الأوربية مصادر الطاقة الروسية الرخيصة التي كانت تحصل عليها .
أحد عشر : ستعتمد روسيا سياسة الانفتاح على دول العالم .
سوف لن تكرر روسيا الاتحادية الخطأ الذي ارتكبه الاتحاد السوفيتي السابق حين عزل نفسه عن محيطه الدولي .
اثنا عشر : تَحولْ في الموقف الأمريكي تجاه الدول الأوربية
من المؤكد أن أمريكا ستنصاع لرغبات دول الاتحاد الأوربي الراغبة في تحقيق قدر معقول من الاستقلالية عن أمريكا , إذ إن عكس ذلك ستكون له عواقب ليست في مصلحة أمريكيا و لا حتى من مصلحة الدول الأوربية .
لازال الموقف الأمريكي حذرا و فيه قدر كبير من الريبة تجاه التوجه الفرنسي و توجه قوى اليمين الأوربي المطالبة بجعل القرار الأوربي مستقلا بقدر كافي و معقول عن الإرادة الأمريكية , و سبب هذا الحذر و الريبة هو تأخر إدراك امريكا أن العالم متجه الى عالم متعدد الأقطاب و إن الاتحاد الأوربي لابد و أن يكون أحد أهم هذه الأقطاب .
ثلاثة عشر : نمو وطنية حكومات الدول كافة
ستنمو قدرات حكومات الدول الصغيرة للتصدي لأطماع الدول الكبرى و ستصبح مواقف هذه الدول أكثر وطنية و قدرة على التصدي لهيمنة أي قطب من الأقطاب عليها , حيث سيكون أمام الدول الصغيرة خيارات متعددة تساعدها على عدم الخضوع لأي دولة من الدول , ففي عالم متعدد الأقطاب سوف لن تستطيع الأسماك الكبيرة أكل الأسماك الصغيرة بالسهولة التي كان عليها الحال في المراجل السابقة .
اربعة عشر : تأثر الفعاليات الرياضية و الفعاليات الإنسانية الأخرى
مع ازمة الحرب الروسية الأوكرانية تأثرت نشاطات الحركة الرياضية و الثقافية الدولية من خلال حرمان لاعبي و نشطاء روسيا الاتحادية و دول تقف الى جانبها من المشاركة فيها , إن شق صف هذه الحركات بدواعي سياسية هو فعل لا إنساني له انعكاسات سلبية على جميع الدول و ليس فيها رابح , الجميع سيخسر خصوصا اذا انشطرت الحركة الرياضية الى معسكرين متباعدين و صار هنالك لجان أولمبية غربية و لجان أولمبية شرقية ... !
أما الشعراء و الأدباء و الفانون في عموم دول العالم فسيتصدون لمحاولات تفتيت الروح الإنسانية و سيتحدثون بلغة إنسانية واحدة .

#آدم_الحسن (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات