أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - زكريا كردي - قراءَة في كتاب : - الإنْسان أُحَادِي اَلبُعد -















المزيد.....


قراءَة في كتاب : - الإنْسان أُحَادِي اَلبُعد -


زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)


الحوار المتمدن-العدد: 7605 - 2023 / 5 / 8 - 00:02
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


- - - - - - - - - - - -------------------
أو الإنْسان ذُو اَلبُعد ( أو المَلْمَح ) الواحد ، فِي الفهْم والتَّفْكير والْعَيْش.( One-Dimensional Man ). من تأليف المُفكر الأمريكي الألماني "هربرت ماركوزه (Herbert Marcuse)‏.
فِي البداية لَابُد لي مِن الإشارة، إِلى أنَّ الإنْسان المقْصود فِي بَحْث هذَا الكتَاب، لَيْس هو ذاك الإنْسان المسْكين ، اَلذِي يعيش فِي مُجْتمعات مَا قَبْل الحداثة و الصِّناعة ، أو فِي محْتمعات الزِّراعة المتأخرة أو دُوَل القبيلة ، ولَا تِلْك المجْتمعات المغيَّبة ، اَلتِي يَكُون فِيهَا الناس عِبارة عن جُمْهُور سَوَاد عامٍ، أو كُتلَة دهماء صَمَّاء وأرْقَام ، لََا طَعْم لَهَا ولَا رَائِحة ولَا لَوْن .
الإنْسان المقْصود بِمضْمون هذَا الكتَاب اَلنقْدِي ، هُو إِنسَان المجْتمعات الرَّأْسماليَّة الحديثة المتطوِّرة ، وَالتِي تَدعِي فِيهَا الأنْظمة بِتحْصِيل مُستَوَى عالٍ مِن اَلحُرية والدِّيمقْراطيَّة ، لَكِنهَا فِي الواقع ، هِي مُجْتمعات ذات نَزعَة اِسْتهْلاكيَّة قَويَّة ، ومضْمون اِجْتماعيٍّ سُلْطويٍّ شُموليٍّ .
في هذا الكِتَاب تَحدَّث " ماركوزة " بإسهاب، عن ظروف الإنْسان فِي المجْتمع الرَّأْسماليِّ ، اَلذِي تَقودُه النُّخْبة القليلة، المكوَّنة مِن بَعْض الأفْراد والشَّركات، وِيتْسيده أُولئك الَّذين يَرسُمون لِلْآخرين كَامِل تصوُّراتهم عن الحيَاة، ويخطِّطون لِلنَّاس مسارَات اَلحُرية، ضِمْن خِيارَات مُحَددَة ، وأهداف مرْسومة بِدقَّة .
بِمعْنًى آخر ، هو كتاب يَتَحدَّث عن الإنْسان اَلذِي تُهيْمِن عليْه العقْلانيَّة التِّكْنولوجيَّة الهائلة ، اَلتِي تُؤثِّر وتتحَكَّم فِي كُلِّ شَارِدة وَوارِدة فِي حَياتِه ، اَلتِي تُفْقِر جميع جَوانِب الحيَاة المعاصرة ، وَتقضِي على مَباهِج وَعيِه ، إِلى دَرجَة تُؤدِّي بِه إِلى حال مِن الاغْتراب الرُّوحيِّ ، وَإلَى فِقْدانه لِمعْنى الكيْنونة الإنْسانيَّة ، وبالتَّالي سَلبُه جَوهَر اَلحُرية الفرْديَّة .
والسَّبب فِي ذَلِك ، - حسب تَقدِير اَلمُؤلف - ، هُو أُسلُوب وَنمَط الحيَاة الحديثة فِي تِلْك المجْتمعات الرَّأْسماليَّة ، بدْءًا مِن ( تَعزِيز النَّزعات الاسْتهْلاكيَّة المفْرطة ، وفرْض أَنمَاط عمل صَارِمة ، بَالِغة التَّنْظيم ، وإعْلَام مُوجَّه بِإحْكَام ، وَدَعايَة مَدرُوسة وَسطْوَة تِكْنولوجْيَا مُرْعِبة وُو . إِلخ .
وكما يرى "ماركوزه" ، يتمُّ فِي حال هذَا النَّمط مِن التَّفْكير ذُو اَلبُعد الواحد ، اِختِزال الأفْكار العميقة والْمفاهيم المعقَّدة إِلى أَشكَال سَاذِجة بَسِيطَة ، سَهلَة الفهْم ، بِحَيث تُجْهِد كُلَّ مُؤسسَات النِّظَام القائم ، إِلى تَنمِيط إِفهَام وَتَماثَل أَذوَاق النَّاس وَتسطِيح اِهْتماماتهم . .
مِمَّا يُؤدِّي فِي زَعمِه إِلى نَقْص فِي التَّفْكير اَلنقْدِي والْإبْداعيِّ ، وَفتُور الإمْكانات البشريَّة الخلَّاقة . . وازْدياد التَّوافق الأعْمى والسَّطْحيَّة فِي إِنْسانيَّة الفرْد ، وبالتَّالي وُصُول مُجتَمَع الاسْتهْلاك والرَّفاهية ، إِلى مسْتوبات مُرْعِبة مِن سَلْب اَلحُرية وقمْع فَردِية النَّاس ، بِمَا يَتَناسَب مع مَصالِح الشَّركات العمْلاقة ، ومسارات الجشع عِنْد سَادَة هذَا النِّظَام اَلحدِيث .
وفْقًا لَلمؤلف ، هُنَاك طريقتان يُمْكِن لِلنَّاس مِن خِلالِهَا اَلهُروب مِن هَذِه العقْليَّة أُحادِيَّة اَلبُعد .
الأوَّل مِن خِلَال العمل اَلثوْرِي ، حَيْث يَتحِد النَّاس لِلْإطاحة بِالنِّظام القائم وإنْشَاء نِظَام جديد أَكثَر تحرُّرًا .
والثَّاني هُو مِن خِلَال عَمَليَّة التَّحَرُّر اَلفرْدِي ، حَيْث يُوسِّع النَّاس وعْيهم ويحرِّروا أَنفُسهم مِن قُيُود النِّظَام القائم .
على الرَّغْم مِن تأْكيده أنَّ عمليَّات التَّحْرير هَذِه لَيسَت سَهلَة وتسْتغْرق وقْتًا وجهْدًا . إِلَّا أَنَّه أصرَّ على أَنهَا ضَرورِية جِدًّا ، بِخاصَّة ، إِذَا مَا أردْنَا اَلوُصول إِلى كَامِل إِمْكاناتنَا الإنْسانيَّة وبالتَّالي خَلْق مُجتمَعا عادلا ومتحرِّرًا لِجميع النَّاس .
اللَّافتَ فِي نَظرِي ، أنَّ مارْكوز اِعتبَر ملاذَات اَلفَن ورياض الجمَال ، بِمثابة فُرصَة حَقيقِية لِلْهروب مِن العقْليَّة أُحادِيَّة اَلبُعد . وقد تَمنَّى بِالْفِعْل ، على اَلفَن أن يَكُون مَنْفَذا لِلْإبْداع وَسطُوعا لِلْعاطفة ، اَلتِي بَاتَت مَهجُورة - نوْعًا مَا - مع قَساوَة اليبَاس فِي النِّظَام الحاليِّ .
أما اَلمدْهِش - بِالنِّسْبة لِي - هُو اِبْتكاره لِفكْرة أَلمعِية ، أَلَّا وَهِي :
" التَّسامح اَلقمْعِي " ، اَلتِي عنى بِهَا :
اَلْحال اَلذِي يَتَسامَح فِيه النِّظَام القائم مع كثير مِن أَشكَال النَّقْد والْمعارضة ، وَلَكنَّه فِي الوقْتِ نَفسَه يُحيِّدهمَا ويسْتوْعبهمَا . بِمعْنًى ( قلَّ أَيهَا المواطن واكْتب وَعبَّر واصْرخ وَتَظاهَر كمَا تَشَاء . . ونحْن أخيرًا نُقرِّر ونفْعل مانْشَاء ) . هذَا اَلْحال (الذي أعيشه بالفعل منذ مجيئي إلى الغرب) ، سيؤدِّي - حسب رَأيِه - إِلى أَخْذ كثير مِن النَّاس اِنطِباع خَاطِئ عن اَلحُرية ، وَيُفت فِي عزيمتهم ، وقد يمْنعهم مِن بَذْل اَلجُهد اَلمُؤثر ، مِن أَجْل أيِّ تَغيِير حَقيقِي مَطلُوب .
قُصَارَى القوْل :
فِي تقْديري صدور هذَا الكتَاب في عام 1964 كان بِمثابة نُبُوءَة نَقدِية مُبَكرَة ، لِمساوئ النَّمط الاسْتغْلاليِّ لِلرَّأْسماليَّة، اَلتي نجح تَوَحشهَا العالميَّ الرَّاهن ، فِي حثِّ اَلخُطى نَحْو نَقْل العالم المعاصر بِرمَّته تقريباً، مِن عَصْر الاسْتهْلاك اَلذِي تَحدَّث عَنْه مارْكوزة إِلى عَصْر التَّفاهة.
وَها نحن نشهد كيف توضع الإنْسانيَّة مجدداً، أَمَام مَجاهِل الذَّكَاء الصِّناعيِّ ، ومَا قد يُرافِقه مِن بُزُوغ قِيم جَدِيدَة، وأنْمَاط تَفكِير غَرِيبَة، و قِيم مُقْلِقة، لَم تَتَحضَّر لها الإنْسانيَّة الرَّاهنة بعد.
ربُّ قَائِل يَقُول إِنَّ هذَا الكتَاب لََا يَخُص شُعُوب الشَّرْق المتأخر ، لَكِن اَلحَق في زعمي ، أنَّ هذَا الكتَاب النَّاقد لِأسْلوب تَعامُل الرَّأْسماليَّة مع إِنْسانيَّة الإنْسان ، - يجْعلنَا نَفهَم أَكثَر أَزمَة مُجْتمعات الإنْسان بِعامَّة، والْمتقدِّمة بِخاصَّة ،
- أو نَلتَقِط - على الأقلِّ - دَعوَة الكاتب إِلى العمل الجماعيِّ ،
- وأهمِّيَّة تَشجِيع النَّاس على الاتِّحاد والنِّضال مِن أَجْل مُجتَمَع خالٍ مِن قُيُود الاسْتغْلال ، وَتحرِير إِنْسانيَّة الإنْسان،
- و ذلك بِهزيمة العقْليَّة أُحادِيَّة اَلبُعد ، مِن خِلَال تَفعِيل التَّكاتف لِكامل إِالامكانيات البشريَّة الكاملة ، بِهَدف اَلحُصول على حَيَاة إِنْسانيَّة كَرِيمَة ، تَستَحِق أن تُسمَّى حَيَاة ، وتكوُّن جَدِيرَة حقًّا ، بِأن تُعَاش .
zakariakurdi



#زكريا_كردي (هاشتاغ)       Zakaria_Kurdi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أفكارٌ خاصةٌ حَولَ مَعنَى الفَّنْ وأهميته..
- التَّنْويريَّ المُتديِّن ..
- حول القيم الدِّينيَّة والقيم الإنْسانيَّة ..
- الكِتَاب الفيروسي - مِن الدِّيكْتاتوريَّة إِلى الدِّيمقْراطي ...
- - فاوستْ - Faust - الرجلُ الذي باعَ روحَهُ للشيطانِ-
- البَحثُ في إيمانُ - هيغلْ -
- ليسَ بعيداً عنْ خدرِ العَواطفِ . .
- كتابُ ال لفياثانْ Leviathan
- الفنان التشكيليِ السوري - محمودْ الساجرْ -
- حوارٌ معَ صَديقي المُتَديّنِ . .
- أفكارٌ حولَ مثَالية الفيلسوف -هيغل - ..
- مِمَّا تَتَأتَّى أَهَميَّة اَلمبْدِع - وِلْيم شِكْسبِير -... ...
- قصّة كهفِ أفلاطونْ ..
- عبرةُ - تَاجِرُ اَلْبُنْدُقِيَّةِ - ..
- المِهنْ الآيلة للزوال بسبب ثورة الذكاء الاصطناعي القادمة
- العِلْم الحَقيقي وَالعِلم الزَّائف ..!
- تَوضِيح حَوْل مَعنَى - النَّظريَّة العلْميَّة -
- لِلنَّاسِ فِيمَا يُفكِّرون مَذاهِبْ..
- أَحزان الشّاب - فارتر- .. ل غوته
- حَدِيثُ اَلدِّيمُقْرَاطِيَّةِ . . ( 2 )


المزيد.....




- يقدمون القرابين لـ-باتشاماما-.. شاهد كيف يعيش بوليفيون بمناز ...
- انفجار هائل ثم حريق خارج عن السيطرة.. شاهد ما حدث لمنزل صباح ...
- قتلى وجرحى فلسطينيين في خان يونس
- ترامب ويطالب بضم كندا والسيطرة على قناة بنما
- لافروف لـ RT: أحمد الشرع يتعرض لضغوط كبيرة من الغرب الساعي ل ...
- فنلندا تحقق في دور سفينة أجنبية بعد انقطاع كابل كهرباء تحت ا ...
- جثثهم تفحّمت.. غارة إسرائيلية تقتل 5 صحفيين في النصيرات بقطا ...
- تركيا توجه تحذيرا لوحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا
- صورة لـ-شجرة عيد الميلاد الفضائية-
- -اتفاقية مينسك لم تكن محاولة-.. لافروف يقدم نصيحة لمبعوث ترا ...


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - زكريا كردي - قراءَة في كتاب : - الإنْسان أُحَادِي اَلبُعد -