|
التبادل التاريخي بين مصر وإيجبت (4)
محمد مبروك أبو زيد
كاتب وباحث
(Mohamed Mabrouk Abozaid)
الحوار المتمدن-العدد: 7604 - 2023 / 5 / 7 - 18:06
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
دعوونا نتساءل؛ ماذا يعني التبادل التاريخي بين مصر وإيجبت؟ هو أن تتنازل إيجبت الإمبراطورية العظمى في وادي النيل عن تاريخها وحضارتها ولغتها وثقافتها وتأخذ بدلاً منه تاريخ قرية مصرايم اليمنية، فيصبح بذلك حاكمها هو فرعون وسكانها قبيلة الفراعين وعبيدهم قبيلة إسرائيل.. وهكذا كما كان يحدث في مصرايم بين الأدغال الجبلية اليمنية نقرأه اليوم أنه حدث في إيجبت ! والأهم من ذلك هو تطبيع العقيدة الدينية للمسلمين على هذا السيناريو التاريخي بحيث يصبح مقدساً في دينهم، ومن ينتقده يتهمونه بالكفر لا بالبحث عن الحقيقة العلمية ! نستكمل معاً سلسلة مقالاتنا في قراءتنا المخطوطة القبطية المعنونة " تاريخ مصر والعالم " المنسوبة زوراً للقس القبطي " يوحنا النقيوسي" ، بينما هي مسطورة باللغة الأمهرية على جلد الماعز المجفف ومدفونة في خزانة كنيسة في كهف جبلي في إثيوبيا لتحكي تاريخ إيجبت والعالم ! .. والمفاجأة نكتشف أن مؤلفها الحقيقي هو كاهن ومؤرخ يهودي يمني صهيوني عمل ضمن مشروع صهينة تاريخ العالم كله وأديانه وثقافاته وصبغ حياة البشر كلهم بصبغة يهودية حميرية خالصة ، فهم يستغلون الأحداث الكبرى في حياة الشعوب مثل الاحتلال والغزو لإعادة صياغة تاريخها وثقافتها وأديانها ثم يعملون على تدجين الشعوب على هذا المخطط وتغذيتهم بثقافة نوعية تخدم المخطط الصهيوني بامتياز ..
وكما قال المترجم الحبشي للمخطوطة بأنه نقل عن النسخة العربية، وثارت تساؤلات حول ما إذا كان النص العربي ترجمة أم هو الأصل، وأجاب المترجم الدكتور عمر على ذلك عملياً حينما أكد أن الصياغة والأسلوب والبلاغة والتعبيرات المستخدمة في متن الكتاب هي من جسد وروح اللغة والثقافة العربية، وضرب على ذلك أمثلة عديدة جداً في الباب الثالث من ترجمته (ص229)، لكنه لم يتساءل، كيف يكون النص الأصلي عربي متين (روحاً وجسداً) وفصيح نصاً وثقافة وبلاغة وبيان، بيينما يكون المؤلف قبطي!! ويقدم دكتور عمر افتراضاه عوضاً عن التساؤل، فيقول: (من غير المستبعد أن يكون نص يوحنا النيقوسي الأصلي بالعربية ويعد حينئذٍ باكورة الإنتاج الأدبي العربي على يد الأقباط في مصر (ص262).!
لكن ما نراه أنه من المستحيل أن يكتب يوحنا النقيوسي باللغة العربية وهو مسيحي وأسقف قبطي، ولو كان قد اقتنع بلغة العرب وأجادها إلى هذه الدرجة من إتقان البلاغة العربية، لكان من الأولى أن يعتنق الإسلام، إنما هو ظل على مسيحيته ولغته القبطية هي المقدسة بالنسبة له وحتى يومنا هذا ما زالت الكنيسة الأرثوذوكسية تدرس اللغة القبطية وتعتبرها ذات قدسية خاصة بالقداس، ومن الملاحظ بجلاء أن (المؤلف) كان ناقماً على العرب بشدة ويعتبرهم بربريين وهمج وغجر، وكان ناقماً على دينهم الإسلام، لدرجة أنه لم يتحدث عن الإسلام ذاته (كعقيدة ومبادئ)، وإنما تحدث عنه باعتباره دين الغجر المتوحشين المتعطشين للدماء، فهل من المتوقع أن يتعلم يوحنا النيقوسي لغتهم ويجيدها لهذه الدرجة الإبداعية (روحاً وبلاغة وبيان)! وفي ذات الوقت يعبر عن كرهه لهم ولدينهم ؟! فقد استخدم في العديد من المواضع تعبيرات مجازية وبلاغية يستحيل على شخص استخدامها بهذه البراعة إلا إذا كان مولوداً ومغموراً بالثقافة والعقلية العربية ! وهل من الممكن أن يترك يوحنا النقيوسي لغته المقدسة ويكتب تاريخ بلده ومعاناة شعبه بلغة هؤلاء الغجر الغزاة المحتلين لبلاده ! غير أن يوحنا كان أسقفاً مرموقاً في الكنيسة القبطية، فهل كانت الكنيسة تسمح له بالاطلاع على ثقافة وعلوم العرب والتأليف باللغة العربية ! وهو كان راهب أي حبيس الدير والكنيسة، فهل كانت الكنيسة تسمح له بجلب كتب عربية داخل أروقتها !، ألم يكن ذلك مدعاة لطرده من الكنيسة وتجريده من درجته ومرتبته؟!
ثم أن (المؤلف) في كثير من المواضع يتحدث عن العرب بوصفهم (الإسماعيليين) وهذا الوصف لا يستخدمه إلا شخص إسرائيلي لتمييز العرب أصحاب الإسلام، فالعرب الإسماعيليين هم أبناء عمومة العرب الإسرائيليين، ودائماً الإسرائيليين لديهم غل وحقد دفين تجاه أبناء عمومتهم العرب الإسماعيليين ويحقدون عليهم بالطبع، هذا السبق السياسي الذي أحرزوه باحتلالهم إيجبت والشام والعراق والسيطرة على كل هذه المناطق بعد ظهور رسول فيهم، بينما قبيلة الإسرائيليين وهم تقريباً متساويين مع الإسماعيليين في العدد، وظهر فيهم كثير جداً من الأنبياء، لكنهم لم يستطيعوا السيطرة على إقليم واحد مما سيطر عليه العرب، ولذلك كانت هناك تنافسية شديدة من قبل الإسرائيليين للسيطرة على عقول العرب الإسماعيليين أنفسهم وتوجيه ثقافتهم في اتجاه دون الآخر.. وعلى كل حال فإن استخدام (المؤلف) وصف الإسماعيليين يثير بداخلنا شكوك أكثر حول هويته ترجح كونه عربي إسرائيلي.
ونلاحظ إضافة لذلك ديمومة استخدام (المؤلف) عبارة (المسلمين)، دون أن يشير إلى هوية هؤلاء المسلمين القومية، فلم يذكر ولو مرة واحدة – على حد قدرتنا في الرصد- إشارة إلى العرب أو القومية العربية لا من بعيد ولا من قريب، بل إنه استخدم العبارتين بالتبادل (الإسماعيليين- المسلمين) برغم ذلك لم يذكر العرب، وكان من الأولى إذا خرج عن نطاق الوصف بالهوية الدينية أن يقول (العرب) إنما قفز مباشرة إلى الهوية العرقية واصفاً إياهم بأنهم إسماعيليين، ما يعني أنه عربي إسرائيلي لا يريد المساس بالقومية العربية التي تنضح في في سن قلمه. بل إنه عندما يتحدث عن شيخ ما منهم دون ذكر اسمه فيقوم بوصفه بأنه (بربري) أو من سلالة البربر، ففي صفحة 214 قال أن عمرو من نسل البربر، وقبلها ذكر أن الخيفة عمر أرسل أربعة آلاف بقيادة شخص من سلالة البربر.. لدرجة أن وصل به الأمر إلى القول ( وساروا في عقيدة الإسلام وتلقوا التعليم الركس للحيوان الذي هو محمد (ص222).. ويعلق المترجم د.عمر في الهامش رقم 1 بأن سياق النص يوحي بأن هذه العبارة مدسوسة على يوحنا.. كل ذلك والمؤلف يتحاشى استخدام سمة القومية العربية ! بينما عند حديثه عن الأقباط كان يستخدم الوصف القومي لهم (القبط أو الأقباط) ولم يستخدم الوصف الديني إلا في قليل جداً من المواضع التي كانت تستدعي ذلك بشكل موضوعي إلى حدٍ ما، في حين أنه على طول المسار عند حديثه بشأن العرب لا يستخدم إلا أوصاف تدور بعيداً عن اسم القومية العربية حرصاً عليها من التجريح، وذلك ببساطة لأن المؤلف عربي يهودي ولا يريد أن يلقي كل هذا السب على العرب بالإجماع، بل يحصره في المسلمين الإسماعيليين فقط.
ومن العبارات التي نلاحظها في سياق النص جاءت تنضح بالبخر اليهودي من النخاع، متلازمة (اللبن والعسل والفاكهة والكراث) وهي جملة تتكرر مئات المرات في نصوص التوراة حصراً بذات ترتيب الكلمات، وذلك في قوله: (عينوه في مدينة أركاديا التي هي فيوم، وهؤلاء ثلاثتهم يحبون الوثنيين ويكرهون المسيحيين ويضطرون المسيحيين أن يحملوا العلف للحيوان، ويضطرونهم لحمل اللبن والعسل والفاكهة والكراث...)" ص 213، وكذلك تعبير (يحدثون الشر (ص 215) ، فهذه التعبيرات ترد حرفياً في نصوص التوراة بذات القوالب والتراكيب اللغوية. ونلاحظ متلازمة (الذي هو) و(التي هي) ، حيث ورد في سياق حديثه عن مدينة أركاديا، قال: التي هي فيوم ، وفي سياق حديثه عن النبي ، قال :الذي هو محمد .. وفي غير ذلك كثير من المواضع.
وكذلك متلازمة (أرض مصر)، فلو دققنا في سياق النص بعمومه نجد أن المؤلف كان مضطراً لاحترام المدنية عند الحديث عن إيجبت، لأنها كانت إمبراطورية ذات تقسيم إداري دقيق وأقاليم عديدة ولكل إقليم عاصمة، وكانت السمة البارزة هي المدنية، حتى أن العاصمة كانت الإسكندرية، ولا يستساغ معها استخدام عبارة (أرض الإسكندرية) مثلاً، لأن كلمة أرض تأتي في سياق الزراعة والمراعي، بينما الإسكندرية كانت مدينة معمارية وليس من أنشطتها الزراعة ولا الرعي، ولذلك في كل المواضع كان المؤلف يستخدم عبارة (مدينة الإسكندرية) وكذلك الحال مع مدينة الفيوم ومدينة منوف ومدينة مصر ومدينة نقيطا ونيقيوس والفرما، وإن لم يستخدم كلمة مدينة سيكون مضطراً لاستخدام كلمة (إقليم) للدلالة على التقسيم الإداري الواضح لأنه من أبرز المعالم، بينما عندما يصيبه الحَوَل وينقل من كتب الدس اليهودي عن مصرايم ونهر جيحون نجده يستخدم عبارة (أرض مصر، وأرض جازان..إلخ، لأن هذه المناطق كانت عبارة عن مقاطعات زراعية رعوية، وبالتالي يُستساغ الوصف معها بكلمة (أرض مصر، أرض جازان.. في حين أن ذلك مستحيل إذا ما قيل بشأن الإمبراطورية الأكدية التي جاء منها نبوخذ نصر لاحتلال أرض مصر!، فلا توجد مرة واحدة ولو عابرة استخدم فيها مؤرخون يهود أو عرب كلمة (أرض أكاد أو أرض فارس للدلالة على هذه الإمبراطوريات، بل يستخدم بلاد فارس وبلاد مديا وأكّاد..إلخ، فهل من المنطق أن يستخدم كلمة أرض مصر للدلالة على ما هو أعظم من إمبراطورية فارس وأكّاد؟!).
كما في قوله (صفحة 49) : وهناك مدينة سبقت إلى استخدام المحراث وتعلمت زرع القمح وكل أنواع الحبوب وكانت أعلى كل أرض مصر، لأن أرض مصر كانت مليئة بالمياه والبحار لكثرة فيضان نهر جيحون)، ونفهم ذلك بالنظر إلى أن مصرايم العربية هذه كانت مقاطعة سهلية، وأقصى نشاطاتها الاقتصادية هي الزراعة، وتحديداً زراعة الكراث والفاكهة والبقول والكروم والرومان والقثّاء والبلسان، وهي لم تكن مدنية بأي حال ولم تشهد حضارة ولا ظهر بها علماء ولا مفكرين ولا مهندسين معماريين، إنما كانت عبارة عن قرية مركزية تحيط بها مجموعة من القرى الصغيرة والنجوع يحكمها عمدة هو (عزيز مصر) أو فرعون ويسكنها مجموعة من العشائر، وبالتالي لا ينطلي عليها وصف مدينة، وإنما مقاطعة، أو كما ورد في مراسلات تل العمارنة ومراسلات الملوك البابليين الإشارة إليها في كل المراسلات (بالإجماع) بعبارة (أرض مصر- Mato Misri) وكلمة ماتو مصري باللغة الأكادية تعني بالعربية (أرض مصر) التي هي مصرايم بالسريانية. في حين أن المؤلف في إيجبت كان يصطدم بالمدنية الفاخرة في الإسكندرية ومنف، فيضطر لاستخدام كلمة (مدينة) وكذلك مع غيرها من عواصم الأقاليم الجبتية.
وقد عدد الدكتور عمر مشكوراً العناصر البيانية اللغوية التي تؤكد أن المترجم الحبشي نقل عن مخطوطة عربية أصلية وليست نسخة مترجمة عن لغات أخرى، فقد تحسس نبض اللغة وتحسس أنفاس المؤلف العربية النكهة، وتأكد أن المؤلف كان يعتصر ذهنية عربية خالصة من النخاع ليصبها على صفحات الكتاب، وليس لدينا طاقة للزيادة على ما بذله الدكتور عمر، إنما نلتقط منه فقط بعض النقاط كتبيان للقارئ علّه يرجع إلى ترجمة الدكتور عمر ويستفيض منها.. وقد انتقينا بعض الكلمات التي أوردها (المؤلف) باللغة العربية لأسماء مدن وأشخاص، هذه الأسماء لها صيغة قبطية وصيغة يونانية وصيغة عربية، وقد ذكر (المؤلف) الصيغتين العربية والقبطية في أحيان، وفي أحيان أخرى اكتفى بالصيغة العربية وحدها، وأحيان اكتفى بالصيغة القبطية أو اليونانية. وهذا له دلالة في نظرنا، إذ لو كان يوحنا النقيوسي قد تبنى اللغة العربية وأجادها لهذه الدرجة، لكان استخدم الصيغة العربية لأسماء المدن على طول مساره، ولن يلتفت إلى الصيغة القبطية أو اليونانية إذا كان قد خلع لغته القبطية وتبنى لغة العرب ! إنما في الواقع (المؤلف) لم يكن يهمه لا القومية العربية ولا القومية القبطية كي يتبنى لغتها أو صيغتها في نطق الأسماء، إنما هو كان يصيغ تاريخ لهذا البلد بما يجعله شاملاً ثقافات مختلفة تحافظ على الوجود اليهودي في المنطقة وترسي قواعد المخطط الصهيوني مثل قصة أحداث موسى وفرعون التي استفاض (المؤلف) في شرحها، وكذلك بعض الأسماء.
فهناك الكثير من أسماء المدن أوردها المؤلف بالصيغة العربية مثل اسم مدينة الفرما، ومدينة نقيتاس أوردها المؤلف نقيطا بالصيغة العربية، وكذلك اسم العَلَم " فوقاس" أورده المؤلف فوقا بالصيغة العربية، وكذلك " مورنيقيوس " أورده المؤلف جنباً إلى جنب مع الصيغة العربية موريق، وكذلك اسم مدينة منوف استخدم المؤلف الصيغة العربية فقط وهي منوف، وكذلك اسم مدينة كرتبا، وهي تصحيف للصيغة العربية خربتا واسمها القبطي زماخير .حتى أنه في نطق اسم مدينة برمون لم ينطق الاسم القبطي برمون وإنما نطق الاسم العربي "الفرما "، فكيف يتبنى لسان العرب بينما هو يسب ويلعن العرب ؟! هو في الواقع لم يسب ويلعن العرب بالإجماع وإنما (الإسماعيليين) وحددهم بذكره تبادلياً بين كلمتي (الإسماعيليين – المسلمين)، ما يعني أنه كان عربي إسرائيلي وليس مسلم.
.. وما يؤكد هوية المؤلف هو إيراده عبارة (قبط مصر) 11 مرة في متن الكتاب، مع أن المترجم د. عمر يؤكد أن مسمى "مصر" دخل إيجبت بعد دخول العرب، أي كان يوحنا النقيوسي القبطي ناقماً على العرب ولغتهم ومسمياتهم ويعتبر دخولهم بلاده غزو واحتلال، فكيف يُصرّ على إلصاق الصفة العربية (مصر) بالقبط ؟! ما يعني دلالة واضحة أن (المؤلف) يريد أن يوصل للقارئ أن (القبط) هم سكان (مصر) ، بينما هذه الصيغة العجيبة لا تدخل عقل ! فلو كانت مصر هي وطن القبط، فلماذا لم يسميهم (المصريين) ! ولو كانت بلدهم هي مصر، فلماذا يحملون صفة (القبط) ! فقط كانت هذه مرحلة تبادل التاريخ والحضارة بين مصرايم وإيجبت فأصبح الإيجبتيون (القبط) هم سكان مصرايم، ومصرايم باللسان العربي "مصر" . فكما كان (المؤلف) ينطق أسماء بعض المدن باللغة العربية والقبطية معاً، فقد وصف الشعب نفسه بالثقافة القبطية والعربية معاً، وصفهم بأنهم (قبط مصر) كي يرسخ الصفة.
أما الغريب العجيب فهو الورطة التي وقع فيها (المؤلف) الكذاب، حينما ذكر عبارة (قبط مصر) في محاولة منه لتوصيف الشعب بأنهم القبط يسكنون بلد اسمها "مصر" وبرغم ذلك يأتي عنوان الكتاب (تاريخ إيجبت والعالم ) !! وفي باقي فصول وأبواب الكتاب يتحدث عن البلد بصفتها إيجبت رسمياً وشعبياً، ذلك لأن مسمى "مصر" لم يكن قد عُرف شعبياً أو رسمياً في وقت تأليف الكتاب، وإنما هو اكتفى بحشره 11 مرة فقط في طول الكتاب ! على أمل أن تتزايد هذه المرات في كتب لاحقة من ذات السلسلة، ليصبح الحلم واقعاً ولو بعد ألف عام .. هكذا يفكر اليهود ! وهو ذاته ما حدث مع مسمى "القدس" و "بيت المقدس" في فلسطين.
فالمشكلة الكارثية هي في طريقة تفكيرنا نحن، لأنها طريقة عقيمة وسطحية أفقية، أي تمتد أطراف خيوطها الفكرية في حدود أفقيةً فقط الزمن الحاضر وقليل عمق من الماضي. فنحن نفكر ونتصرف كما كان يفكر آباؤنا لا كما فكر أجدادنا الأقدم، ونفكر في حدود الصورة الموضعية أمام أعيننا لا أن نتصور كيف ستفكر عقول أبناءنا وأحفادنا في المستقبل، لأن نظرة الحياة الدنيا في عيوننا قاصرة على الوضع المعاصر، بل كثير منّا يعتبر التفكير في المستقبل هو نوع من الشرك بالله أو العبث بالقضاء والقدر وأمور الغيب، بعدما أقنَعَنا المشايخ بأن الحياة الدنيا ما هي إلا محطة عابرة، وأن الله إذا أحب عبداً ابتلاه ونكّد عليه عيشته وجعله مهموماً مريضاً فقيراً قليل الحيلة، وأن الدنيا هي سجن المؤمن! وهذا ما يصرف عقولنا إلى السباحة بجناح واحد فقط يمد أطرافه نحو الماضي التراثي فقط، ويا ليته يغوص بجدية في عمق هذا التراث، بل إننا نستحي من نقده أو التعليق عليه، بل نستقبله بنوع من النوستالجيا والاحترام المقدس للقدماء، فلا ندرك أن يكونوا قد وقعوا في خطأ أضرهم وأضر بلادهم التي ورثناها عنهم، فأصبحنا نتغاضى عن أخطائهم احتراماً لهم بينما نحن الآن نعاني مما لم يدركوه هم بحق هذا الوطن، فالوطن ليس ملكاً لهم وإنما ملك الحاضر والمستقبل بالتساوي. ومن ثم لا يجوز أن نترك جيلاً ماضياً يتحكم في مصيرنا ومصير أبناءنا في المستقبل احتراماً لجيل الماضي هذا الذي هو السلف .. هذا بخلاف أطنان من النفايات الثقافية العربية التي عشاوا فيها وتراكمت وما زلنا غارقين فيها حتى الآن ...
يُتبع ... (قراءة في كتابنا : مصر الأخرى – التبادل الحضاري بين مصر وإيجبت ) (رابط الكتاب على نيل وفرات): https://tinyurl.com/25juux8h (رابط الكتاب على أمازون) : https://cutt.us/sxMIp ( رابط الكتاب على جوجل بلاي ): https://cutt.us/KFw7C #مصر_الأخرى_في_اليمن): https://cutt.us/YZbAA #ثورة_التصحيح_الكبرى_للتاريخ_الإنساني
#محمد_مبروك_أبو_زيد (هاشتاغ)
Mohamed_Mabrouk_Abozaid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التبادل التاريخي بين مصر وإيجبت (3)
-
التبادل التاريخي بين مصر وإيجبت (2)
-
التبادل التاريخي بين مصر وإيجبت (1)
-
الجد الأكبر - جبتو مصرايم – هيروغلي.عبراني (8)
-
الجد الأكبر - جبتو مصرايم - هيروغلي.عبراني (7)
-
الجد الأكبر - جبتو مصرايم - هيروغلي.عبراني (6)
-
الجد الأكبر - جبتو مصرايم - هيروغلي.عبراني (5)
-
الجد الأكبر - جبتو مصرايم – هيروغلي.عبراني (4)
-
الجد الأكبر - جبتو مصرايم - هيروغلي عبراني (3)
-
الجد الأكبر - جبتو مصرايم – هيروغلي.عبراني (2)
-
الجد الأكبر - جبتو مصرايم - هيروغلي عبراني (1)
-
رحلة الغزو الثقافي اليهودي لشعوب الشرق الأوسط (8)
-
رحلة الغزو الثقافي اليهودي لشعوب الشرق الأوسط (7)
-
رحلة الغزو الثقافي اليهودي لشعوب الشرق الأوسط بتزوير الكتاب
...
-
عنوان الموضوع: رحلة الغزو الثقافي اليهودي لشعوب الشرق الأوسط
...
-
رحلة الغزو الثقافي اليهودي لشعوب الشرق الأوسط بتزوير الكتاب
...
-
رحلة الغزو الثقافي اليهودي لشعوب الشرق الأوسط بتزوير الكتاب
...
-
رحلة الغزو الثقافي اليهودي لشعوب الشرق الأوسط بتزوير الكتاب
...
-
رحلة الغزو الثقافي اليهودي لشعوب الشرق الأوسط بتزوير الكتاب
...
-
إيچبت ... ليست هي مصر (3)
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|