أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيز باكوش - اللص الصغير1














المزيد.....

اللص الصغير1


عزيز باكوش
إعلامي من المغرب

(Bakouch Azziz)


الحوار المتمدن-العدد: 1715 - 2006 / 10 / 26 - 10:11
المحور: الادب والفن
    


لم يكن يخطر ببال "محسن رشاشي" انه يسرق أستاذه, لكن, هذا ما حدث بالفعل, فصباح الجمعة الثاني من شهر جمادى الثانية 1427 من الهجرة , حوالي العاشرة صباحا و بضع دقائق , جر مصراع باب شقته وراءه بقوة , ثم أنقذف بسرعة جنونية منزلقا صوب مدرسته , كان يحمل محفظة متهدلة , ثقوبها تسمح لأشعة شمس صباح خريفي رطب بالولوج , وخلفه بدت أكياس القمامة السامة التي مضى زمن طويل دون تجميعها , روائحها تزكم أنوف السابلة , و دخان احتراق نفايات مصانع الاحدية التي تشغل أطفالا في عمر المدرسة لا يتوقف نحو السماء . نفايات, تتكدس هنا وهناك حتى باب المدرسة,هياكل وعظام ذبائح سرية , وجلود حيوانات عفنة , تعفط عليها حوافر بغال مريضة, تخلى عنه مالكوها بعد أن أصبحت عاجزة عن القيام بحمل الأثقال عبر دروب فاس وأزقتها الضيقة , حيث تقاعدت بعد عشرين سنة أشغال شاقة
المرور بهذا الفضاء فضلا عن كونه جريمة في حق العين, وحاسة الشم , يرتكبها الكائن رغم انفه , ويتجرعها عن سابق إصرار وترصد,مرور يضفي على الصباح طعما بلون الرتابة والتقزز, ما بالك اذا كان المعني معلما, والصباح, العاشر من رمضان المبارك.
ها هو محسن الآن يلج بوابة المؤسسة كالعادة , متأخرا بحوالي ربع ساعة, والدته التي وفت للتو من منطقة لحياينة المجاورة لفاس , لا تعرف شيئا عن ورقة اسمها استعمال الزمن , أما والده , فهو بالكاد يميز اتجاه المدرسة عن تفرعات تفضي اغلبها الى منطقة الجنانات, وجنان القادري الذي يعرف عند العامة بجنان القرود نظرا , لعقوق شبابه, يركض محسن بجهد مفتعل نحو ساحة المدرسة كل صباح متأخرا بحوالي 20دقيقة ,يقف , ويردد مقاطع من النشيد الوطني الى جانب 60تلميذا من اصلب 644 مسجلا بالفوج.
ومحسن لمن لا يعرفه , تلميذ لم يستوف عقد ه الثامن بعد , يذهب الى مدرسته بالصدفة, ويعود الى منزله كذلك, لكن ما حدث صبيحة ذلك اليوم , كان مميزا, ليس في واقعيته , وإنما في أسلوب الجرأة وبراعة التنفيذ اللذان طبعا سلوك صاحبه .
شاهد "محسن " مثل ما شاهد زملاؤه الثلاثون بالقسم الثاني , داخل مدرسة ابتدائية في حزام المدينة العتيقة بفاس , هاتفا محمولا, وضعه أستاذ مادة اللغة العربية "ع الصديق" فوق مكتبه .
والأطفال هم أكثر الكائنات انجذابا نحو التقنيات واللعب المتحركة, والهاتف المحمول احد هذه الأشياء المرغوب من قبل كل أطفال العالم, لأسباب واضحة, الرنات , النغمات المثيرة للفضول الألعاب, وربما التصوير.... لحظتها , تناهى الى سمع أستاذه صوتا يناديه , وضع الأستاذ محموله بعنف خفيف فوق مكتبه المغشي بغطاء عليه خربشات أقلام وصباغة ,ثم غادر الفصل لدقائق , هكذا يفعل كلما داهمه انشغال طارئ .
.رأى محسن بعينين هوائيتين , زائغتين , أستاذه ينصرف خارج الفصل , كان صوت الحارسة "صفية" يتردد في ردهات المدرسة بشكل مستفز,"عبد اله...اعبدالله, بغاك المدير"
في هذه الاثناء , سمع محسن صوت حارسة المدرسة بوضوح ,وهي تنادي مدرسات أخريات, كانت تتجول مثل مقدم الحومة, كي تخبر كل على حدة بضرورة الالتحاق بإدارة المؤسسة لغرض عاجل.
لحظات مثل هذه تروقه , كما تسيل لعاب زملاء كثر من مشاغبي الأقسام ,إنها فرص لا تعوض كي يمرر أنشطة محددة , في الصف الأول على اليمين شرع تلميذ في لي ذراع خصم له, على الجانب الآخر, موجة استنبات عداءات مجانية طفت على السطح تحت طائلة التهديد بالعقاب خارج القسم.
قال محسن لزميل له رفض أن يعيره ورقة مزدوجة وردية اللون :
"حتى نخرجوا لمك ونوريك".
تزامن جرس الاستراحة, واصطفاق باب الفصل بقوة بفعل رياح الشرقي العاتية , أبواب المؤسسة جميعها كذلك , وعبث المدرسين لا يوصف , أذكى حماس محسن بشيء ما ,لذلك , ظل محسن يراقب زملاؤه يرتبون أدواتهم , ويقومون بطي أغلفة أو تسريحها, كما شاهد أيضا تلاميذ قسم مقابل وهم يتقاذفون عبر باب القسم الى الخارج في احتقان مثل اسماك في زجاجة , ينزلقون , ويتدافعون , دونما نظام أو انضباط , في لحظة, فكر أن يتأخر قليلا , ثم رآى نفسه وحيدا في القسم, فسولت له نفسه أول وهلة ,أن يكتشف , جهازا موضوعا فوق مكتب أستاذه, هاهو يتلمسه بلذة , هاتفا محمولا من الجيل الأول , يسميه البعض "قشاوش عاشوراء" .



#عزيز_باكوش (هاشتاغ)       Bakouch__Azziz#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الذكرى الواحد والاربعين لاستشهاد المهدي بنبركة3
- الى الشهيد المهدي بن بركة في الذكرى الواحد والاربعين لاستشها ...
- الى الشهيد المهدي بن بركة في الذكرى الواحد والاربعين لاستشها ...
- من الذي يخافه هؤلاء ,.ولم ينتبه إليه محمد السادس؟
- في الحاجة الى ذاكرة اعلامية وطنية حقيقية 3/ 3
- في الحاجة الى ذاكرة وطنية حقيقية2 / 3
- في الحاجة الى ذاكرة وطنية حقيقية1 /3
- تيس الجبل العتيق
- يا اصحاب- الرومانت كونترول- اتحدوا
- تلفزيون رمضان يحتقر المغاربة
- قاضي البرتقالة
- الديموقراطية شرط اساسي لازالة العديد من الحساسيات المرتبطة ب ...
- تلفزيون رمضان يكرر اهتراءات الماضي
- من اجل مسح شامل لذاكرة المقاومة الوطنية المغربية
- تفاحة ماء
- لماذا اذلال المشاهد كلما حان رمضان مباركا؟
- اعلامنا العربي الفضائي مفارقات عجيبة وغريبة
- ماجدوى الكتابة عن التلفزيون3
- ماجدوى الكتابة عن التلفزيون2
- هل المواطن العربي في حاجة الى هذا الكم الهائل من فضائيات الت ...


المزيد.....




- صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا ...
- -القلم أقوى من المدافع-.. رسالة ناشرين لبنانيين من معرض كتاب ...
- ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيز باكوش - اللص الصغير1