رياض ممدوح جمال
الحوار المتمدن-العدد: 7602 - 2023 / 5 / 5 - 14:04
المحور:
الادب والفن
تأليف : أن . سلادن. سمث
ترجمة : رياض ممدوح جمال
الشخصيات : فلوراي –هربرت–كلارنس– قرد.
المشهد في مكان منعزل قرب قفــــص قـــــرد كبير في حديقة
للحيوانات. خلفية المسرح لا تبدوا صغيرة وانها واضحة تماما
مثل مقدمة المسرح. في وسطها قضبان حدـيدية عمودية يوجد
خلفها قرد يبدوا بشكل خافت. الجـــدار الذي على جانبي القفص
ملصــق عليه ملاحظة مبين فيها وقــــت الأغلاق وانواع اطعمة
الحـــيوانات...الخ؛ وتحذيرات مختــــلفة اخرى. وفي وسط جدار
صغير ومنخــــفض، في جانب القفــــص وبشكل منحرف، يوجد
عليه وصف رائع للحـــيوان مع اسمه ونوعه. ويوجد في الجانب
الآخر من القفـــــص مصطبة مثل المقاعـــد الطويلة الموجودة في
المتنزهات، وفي اليمين واليسار جــــدران تحــــتوي على مداخل
كبيرة بــــدون ابواب، من الواضح انها تـــؤدي الى اجزاء اخرى
من حديقة القرود. الإضاءة، من المفـــــــترض انها تأتي من نافذة
مواجـــــهة للمقعد، والوقــــت هو يـــــوم صيـــــــــفي بعد الظهر.
فلوراي وهربرت يدخـــــــلان من جـــــهة اليسار، كلاهما يرتديان
افضل ملابسهما ومن الواضح انها مخصـــصة لمـــــثل هذا اليوم.
فلوراي : ( متعلقة بذراع هربرت) يا هربرت، اني متمـــتعة بكـــــــل هذه
الحيوانات الظريفة، الطــــيور والاسماك. ولا اعتقد انها هي سبب
انزعاجك، واننا قد تعبنا جدا، بحـــيث انــي اصبـــحت لا اميز الآن
بين الاسد وطائر كبير، لو سألتني ذلك. ( ترى المقعد ) من غير
المجدي ان نُسَر بالتعب. دعنا نجلس.
( يجلسان سوية؛ فلوراي على اليسار وهربرت على اليمين. تنظر
فلوراي الى جانبها فترى القرد) أوه! انظر الى ذلك!
هربرت : ( يشرح بتواضع ) انه قرد، مجـــــرد قـــــرد. ومن المفترض انه
يشبهنا، انه قــــــــرد.
فلوراي : ( تنظر الى القرد ) نعم، كنت سأقول ان لديـــــه نفس نظرة الخال
جوشيوا. وله نفس طريقته المعتادة في الأكل وشرب الشاي.
(اصبحت اكثر حيوية ) لكن، كما تعــــلم، ان نظرته افضل قليلا من
نظرة الخال. لن اندهش اِن اعتقد بعـــض الــــناس بأن القرد وسيم.
هربرت : استمري! لديك وجــــهة نــــظر لئيمة، ولــيس بوسعي ان افعل لك
شيئاً اِن تلقيتي ضربة من القرد.
فلوراي : انك ساذج كبير! ماذا يجــــــري لو ان كل الاقفاص فُتحت؟ اراهنك
ان العديد من الفتيات المسكينــــــات لا يكدن يعرفن الفرق بين القرد
وأي شاب.
هربرت : سوف لن اصطحبك الى حــــديقة الحيوانات ثانية. انها تجعلك انسانة
غريـــــــبة.
فلوراي : تعني انها تجعلك غيوراً!
هربرت : نعم، وهل يمكن ان لا اكون غيوراً؟ أليس اي رجل سيشعر بالغيرة لو
ان خطيبته فجأة اُعجبت بقرد؟
فلوراي : انت لست بحاجة لأن تقلق. انه لا يشبهك بأي حال من الاحوال.
هربرت : ( بشكل عبوس ) يجب عليّ حتى ان لا افكر في ذلك. من اللطيف انكِ
اختـــرتِ بيني وبين الــــقرد.
فلوراي : اغلب الفتيات كنّ سيفعلن ذلك.
هربرت : ( تتهرّب ) أوه، لا اعــــــرف! ( تستدير اليه ) على ايّة حال، لا
يمكنني حتى ان اُعجب بحيوان مسكين في قفص وانت لديك كل
ما لم يحصل عليه هو. انكَ مضحك تماماً اكثر من النمور.
هربرت : وانتِ كذلك! بعد قليل تريدين ان تخــــبريني انكِ ترغبين لو اني
كنتُ مُبقّعاً.
فلوراي : لستُ بحاجة ان ارغب في ذلك. انكَ مبقع طبيعياً.
هربرت : هذا صحيح! سيكون ذلك في يوم ما!
فلوراي : لأنك تهتاج بسرعة فقط. وانك شرقي في نـــظرتك للمرأة. تحب
ان تضع حجـــــاب على وجوهنا وتغلق انوفنا وتجعلنا ايقونات
للــــفرجة فقط. هذا ما تريده.
هربرت : ( يحاول ان يمسك بيدها ) ألا يمكنكِ ان تفهمي اني كذلك لأني
مغرم بكِ؟
فلوراي : مغرم بي؟ يجب ان اقول لكَ، انها طريقة شاذّة في الغرام.
هربرت : لكنكِ تعلمين جيداً اني مغرم بكِ حقاً. وعن قريب سينتقل جدًي
الى رحمة الله وسأحصل على المتجر ونؤسس لحياتنا كل شيء
جميل.
فلوراي : وسأعيش حياة رائعة، اتزوج رجلاً يمتلك نفس افكار جدًكَ لا
يدعني انظر حتى من خلال النافذة!
هربرت : سأدعكِ تنظرين من خـــــــلال النافذة، اعتقد ان هذا كافٍ بالتأكيد،
وان افضل شيء تريدينه هو ان تـــــنظري الى الشارع المؤدي الى
سوق القماش والقصابة.
فلوراي : ( برقّة ) يكفي انه مكان رائع، سأُغرم فيه.
هربرت : ( يتأمل بحزن ) احلا حيـــاة على الاطلاق , عسل مصفى .آه، يا
فلوراي، لم تعرفي كــــم انني متلـــــهف للوقت الذي سنستقر فيه.
بإمكاني ان ارى انفسنا جالسين امام الــــنار في ليلة شتائية باردة,
ننظر احدنا للأخر باشتهاء, ثم بعد ذلك يرن جــرس الباب واقول
لكِ, اذهبي انتِ الى الباب ..
فلوراي : او ان تذهب انت!
هربرت : مرة انا ومرة انتِ, طبــــــعا. وبعد ذلك, في الصباح, عندما نكون
مستلقين في السرير ويـــدق منبّه الســـــــاعة وتداعبيني لتوقظيني.
وتقولي لي" استيقظ يا روحي ".
فلوراي : أوه, هل عليّ ان افعل ذلك؟
هربرت : او انا افعــــل ذلك, بالطــــــبع. على ايّة حال, سنكون غارقين في
الحب, وسوف لن اكون غيــــوراً بعد ذلك, لأني سأكون قد حصلت
عليك, عاجلا أم آجلا, ستـــــــــكونين ملتصقة بي وكأن الكونكريت
يربطنا ...
فلوراي : ( فجأة ) لماذا ذلك الحيوان يهزّ قضبان القفص؟
هربرت : اتوقع انه قد اكل وانهى الكــــعكة ويــــــــريد واحدة اخرى. القرد,
مخلوق طمّاع.
فلوراي : نعم, ليس لديـــــه كعكة اخرى, لذلك يثير ضجة. (تميل الى الوراء)
استمر بالحـــــديث. انه كالرجــــل الشرقي, مولــــــع بالترف. حينما
كنتَ تقول لي انك تحبني كان ذلك القرد يصغي, وكل القرود اباقية
افي الغرف الاخـــــــرى. وهذا ما يسمونه بالاغتراب.
هربرت : نعم, اني احــبك اكثر حيـــنما ارى الجَد (القــرد)يخطوا بقدم واحدة
نحو القبر, اشعر اني احـــب ان اساعـــــده لأضع قدمه الاخرى في
القبر وبسرعة, وبــــعد ذلك نشعر جمــــيعنا بالسعادة. انت تعلمين,
ان هذه المخـــلوقات تتـــأقلم اكـــثر في المنــــاطق التي جاءت منها.
سمعتُ مرة من مبشّر قصة جميلة عن كيـــــفية تــــسلّق جميع القردة
للأشجار وتبدأ بهز الاشجار، و...على مَن تحدقين؟
فلوراي : (بتسرّع) اُنظر الى الناس وهم يدورون, سذّج .
هربرت : ليس هنـــــاك احد يدور. كنت تحـــدّقين في ذلك الشاب الظاهر هناك.
(يشير الى مدخــــــل اليسار) هل تعرفينه؟
فلوراي : بالطبــــع لا اعـــــرفه. الا يمكنــــك ابداً ان تتوقف عن المضايقات؟
واعتقد ان الأكــــــثر من ذلك, هو انكَ لا تحبني.
هربرت : (مندهشاً) لكــــني تواً قلــــت لكِ اني احبك! ولم تمهليني لأقول لكِ
الكثير. واني لم يعجبني ظهـــــور ذلك الشاب. نعم, الآن, سيهزّون
الشجرة جيدا و...
فلوراي : اذن, اِن كــــــنتَ تحـبني اِذهب واشتري كعكة لذلك القرد المسكين.
هربرت : لماذا لم تقولي انه يمــــــكن ان يــكون قد اكتفى بكعكة واحدة الان!
فلوراي : حسناً, علي ان اتجاهل قلبي الرقيق وان اغيّر تفكيري.
(تسعى الى اخفاء اهتمامها بغرفة القرد الموجودة على اليسار).
هربرت : اِن كنتِ ذات قلب رقيق, فلماذا اذهب انا واشتري الكعكة؟
فلوراي : طبعا, ان كنتَ تحبني.
هربرت : لكني مستمر بالتعبير عن حبي لكِ.
فلوراي : (تستدير اليه) تعتقد انك تجيد ذلك بشكل هائل دائماً. كيف تعلم
انكَ تُعبّر عن حبكَ لي؟
هربرت : كيف, لقد اِصطحبتكِ الى حديقة الحيوانات هذه, واتوقف عند كل
قفص واقول لكِ بأني احبكِ, لكن فكرك مشغول بالحيوانات فقط،
وحالما جلسنا هنا على هذا المقعد, قلتُ لك ثانية باني احبكِ. ماذا
تريدين اكثر من هذا؟
فلوراي : كنتُ اريد منكَ ان تذهب وتشتري الكــعكة عندما اطلب منكَ ذلك
مباشرة. (بسخرية) هل كان عليّ ان اعطيكَ نقوداً قبل ان تذهب؟
هربرت : (ينهض, مجـــــروحاً بعـــمق) يا فلوراي! لا تلمحي الى اني لا
اعرف كيف اكون رجـــــلاً شهــــماً! بإمكاني اصطحابك الى اي
نزهة, بإمكاني ان ازحمك بالكــعك و ...اتمنى ان يغصّ الحيوان
بالكعك ويختنق! (يخرج مــجروح الكرامــة من الـــــبوابة اليمنى.
تشير فلوراي بقوة الى اليسار, يظهر كلارنس فجـــأة من البوابة
اليسرى).
كلارنس : فلوراي! ليس بالإمكان ان تفعلي افضل من ذلك. (يتقدم بسرعة
الى المقعد) اين ذهب؟
فلوراي : ليجلب كعكة الى ذلك (تشير الى القرد).
كلارنس : ذلك؟ (ينظر الى القرد) او, انظري اليه! ما الذي يفعله؟
فلوراي : يدير ظهره لمن حوليه, مثلكَ انتَ.
كلارنس : (يقف بجانبها, يساراً) احياناً انا أواجه من هم حولي, لا تنسي.
فلوراي : (تفسح المجال له فتتحرك نحو اليمين) لا تنسى بانكَ عندما كنتَ
تكون في المواجهة, سنكون نحن في صف واحد للهرب.
كلارنس : اذن بإمكاننا ان نصنع الكثير من الاشياء افضل من ذلك الآن
(يجلس في نهاية يسار المقعد ويضع ذراعه حولها)أوه, يا
فلوراي, انها الجنة!
فلوراي : (تبعد ذراعه عنها) أوه. يا كلارنس! اِفترض ان يرانا الناس!
كلارنس : لا يهمني. ويجب ان لا يهمــتك انـــتِ ايضاً. الحـــــــب هو اتفاق
طرفين.. بإمكانكِ ان تسالي ذلك الـــــقرد. الى جـــــانب ذلك, فأن
الجميع ذهبوا لرؤية الأسد وهو يأكــــل. قولي لي, يا فلوراي, هل
هو يقبّلكِ دائماً؟
فلوراي : هو؟ كثير اًو كثير من الأوقات.
كلارنس : مثل هذا؟ (يوضح انه يطلق مشاعره).
فلوراي : بالتأكيد لا. اِن حاول فلن يستطيع.
كلارنس : اذن لمــــاذا تتعلقــــين بشاب مــثل هذا يفتــقر الى المشاعر؟ لماذا
لاتندفعين وراء ما يهواه قلبكِ؟
فلوراي : لا داعـــي لان تعقّد الأمــــور عليّ, يا كلارنس. ان مزاجي جيد
اليوم. حتى اني الان اعتقد بوسامة ذلك الــــــقرد.
كلارنس : حسنا, اذاً ثلاث هتافات من ذلك القرد سيجعلك تحسنين التصرف !
فلوراي : (تعبّس) لا تكن سخـــــيفاً. انت تعــــــلم جيـــداً انكَ لم تستطيع ان
تساندني في آمالي التي كانت لديّ. حتى انكَ لم يكن لديكَ آمال.
كلارنس : وهل هو لديه آمال؟
فلوراي : الى حد ما! هو كلّه آمال ولا شيء غيــــــــره. لـــديه محل للحلويات
من الدرجة الممتازة. بالتأكيد والده تمنّـــى له ذلك. وسأكون زوجة
له مدى الحياة.
كلارنس : كان يجــــب علـــيّ ان اعـــلم ان الأمور الدنيوية شيء اساسي.
فلوراي : (منزعجة) هي قيمــــــتك! تصوّر ان آتي اليكَ وانتَ في غرفة
معيشة في منزل فاخر!
كلارنس : انتِ تعلمـــين، اني اؤمن بالحـــب الحقيقي. الأشكال والمظاهر
المــــاديّة لا شيء امام الحب الحقيقي.
فلوراي : الفتاة لا ترفض الأشكال والمظاهر الماديّة اِن اشتركت مع الحب
الحقيقي فهي تستحقّها كلّها.
كلارنس: وماذا تجـــدي المـاديات لو انهم باعــــوا روحـهم من اجل الذهب
والمكانة؟ أوه، اعلم ماذا سيكـــون حين ذاك. ستــــــجلسين هناك،
وكأنكِ في هوّة عميقة.
فلوراي : (تتشبث به) أوه، يا كلارنس، يا اِلهي!
كلارنس : (يندهش من نجــــــاح تأثيره عليها) اعتقد انه يجب ان أوضّح الأمر
لكِ. وليس هذا فقــــط، فعندما سيكون مزاجه سيئاً سيجعلكِ في حالة
لن يتعرّف فيها علــــيكِ حتى اهلكِ.
فلوراي : (تتحرر من ذراعــــه) يا كـــلارنس، فقــــط لو انكَ تــــتوقف عن
مضايقتي. سوف لن يكــــون هناك مزاج سيئ اذا انا عرفـت كيف
اتعامل معه. ولست انا المرأة الوحـــــيدة التي كانت قد اختارت بين
المادّة والقلب.
(يتجوّل الــــقرد بقلق، يقــــترب من الحاجز الأمامي للقفص ويحدّق
فيهما).
كلارنس : (يقبض على يدها) القلب؟ اذن انتِ تحبينني، يا فلوراي؟
فلوراي : طبعاً انا احبـــــكَ، لأنه بإمكانكَ ان تكون عاطفي حقيقي. وانا في
بعض الأحيـــــان اكـون عاطفية ايضاً. لكن لا يمكن للعاطفة ان تبعدني
عن هدفي.
كلارنس : ليس هناك متجر في طريقي انا.
فلوراي : ليس هناك في طريقك غير خدوش مخالب منتشرة هنا وهناك.
كلارنس : يا فلوراي، في الآخــــــرستضحين بقلـــبكِ وأنبل مشاعر لديكِ من
اجل مكسب مادي؟ هل تحبين ان تــــــكوني مثل هيلين و ماركريت
وكليوباترا وتأتي معي الى هدفي؟
فلوراي : (تستسلم تقريباً) يا كـــــلارنس، لديــــكَ قنــــاعة بذلكَ (تدير رأسها
وتصبح وجـــهاً لوجه مع القرد) أوووه! (تـــــفر منه) كلا، لا اريد!
كلارنس : (بغضب)اعتقد انكِ قد احببتِ ذلك القرد!
فلوراي : لقد علّمني درساً.
كلارنس : أوه، حقاً؟ حسناً، عليــــــكِ ان تشكريه علـى ذلك الدرس بعدد سنين
عمركِ الاثـــنان والعـــــشرين.
فلوراي : كلا، سأبلغ العشرين قريباً.
كلارن : (يرمي ذراعـــــيه جانباً) لا امــــل فيكِ! اني اقلعت عن المحاولة. فهذا
هو آخر لقاء بيننا، يا فلوراي.
فلوراي : ربمـــا سيـــكون ذلك افضــل، لكــــن يجب ان اقول اني لم افكر ابداً
بالجلوس في مكان مقابل قرد.
كلارنس : التطفل على وحـــــش ممكن ان يكون مدمراً.
فلوراي : اعتقدتُ انكَ احبــــبتَ ذلك القرد.
كلارنس : احببته؟ لم يحــــدث ذلك، ألم يخلق فوضى في كل شيء؟
فلوراي : لا يدهشني ان كان ذلك القــــــرد قــــد وضع كل امكانياته لمساعدتي.
فـــــهو ذريعـــــــة للقائنا هـــــذا.
كلارنس : ذلك تجذيف مـــنكِ. اراهـــــن انه لن يساعدكِ ثانية.
فلوراي : انتَ لا تعـــــلم ابــــــــداً، وعلى ايّة حال، لا تنسى ان هربرت عائداً
ليجــــــلب كعـــكة في أي لحظة.
كلارنس : انه يهبّ لأي سبب ليجلب مائة كعــــكة!
فلوراي : (تتقرب منه) يا كــــلارنس، انت تــتكلم كثـير اًو تضيّع وقتكَ الثمين.
كلارنس : انــكِ على حق، يا فلــــوراي، انها احاديث لا قيمة لها. ليس بالنسبة
لكِ فقط، بل انها على العمـــوم لا معــــنى لها. وأخــــيراً، اريد ان
تعطيـــني قــــبلة طويلة وستكون الاخيرة. (يتعانقان عناقاً حميمياً).
فلوراي : (تمسح دموعها) سوف لن انساكَ ابداً.
كلارنس : أوه، نعم. حـــتى انكِ لم تقـــــبلين ان تحتفظي بصورة لي لتتذكريني
فيها. فقد عرضتُ عـــــدّة مرات صورتي اليكِ فرفضتِها.
فلوراي : نعم، كنتُ أخشى ان يجدها هربرت ويسأل اسئلة سخيفة.
كلارنس : أترين، حتى انكِ لا تستطيعين المجازفة من اجلي.
فلوراي : سأفعل. سآخذ صورتكَ. ان تحمل صورة الآن سآخذها.
كلارنس : لقد جهزت لكِ صــــورة مــــــنذ مــــدّة طويلة. ووضعتها في اِطار،
انظري، هل ستعجبكِ؟
(يُخرج صورة مؤطرة بإطار مزخرف من جيب صدريته ويعرضها لها).
فلوراي : (تأخذ الصورة) أوه، يا كــتتلارنس، انها جـــميلة. لقد التقطت وانتَ
تنظر اليّ بحدّة.
كلارنس : (يُثار) وهل ستبقين تفـــــــكرين في الرجل الذي اَضعتهِ من بين يديك
فلوراي : (تمسح دموعها ايضاً) سأفـــكر. لن تـــــكون الامور بهذه الدرجة من
السوء.
كلارنس : (يتقرب منها) وهل ستتذكرين الى آخـــــــر يوم في حياتكِ القبلات
الجميلة التي سأمنحكِ اِياها الآن؟
فلوراي : تأكد اني سأفعل. (تنــــــظر بسرعة نحــــــو اليمين)أوه، توقف! لقد
عاد! انه حكم الــــــقدَر، توّاً كــــنتُ سأمـــتّع نفــــسي! (ينفصلان
متباعدين).
(يدخل هربرت، من مدخـــل اليمين، في يده كيس ورقي صغير)
(الى كلارنس- تتظاهر بتغيير كلامها) حسناً، الى اللقاء! (تُدخل
الصورة بحقيبتها بسرعة خاطفة).
كلارنس : (يسحب نفسه بعيداً عنها وينهض) الى اللقاء!
(تسعى لتتمشّى، تتبختر وتُصفّر عند مدخل اليمين).
هربرت : (بعدما ذهب كـــــلارنس؛ وبانفعال) هل يمكنــــــني ان أسأل، مَن
كان ذلك؟ (واقفاً على يمينها).
فلوراي : (تتشاغل بمظلّتها) أوه، انه مـــــجرد شــاب.
هربرت : شكراً جزيلاً لكِ. يمكنني ان أرى ذلك بنفسي. وان لم اكن
مخطاً، هو نفس الشاب الذي كنتِ تُحـــــدّقين اليـــــه حينما اَرسَلتني في
المهمة الغبــــية لجــــلب كعكة! (يسعى ليبدوا وكأنه نابليون) ولآن، ما
الذي حدث؟
فلوراي : لا شيء محدّد.
هربرت : لا شيء محدّد؟ مجرّد نظر الى قبعتكِ! تدّعين انه لا شيء محدّد، أليس
كذلك؟
فلوراي : (بعجالة تضع يدها على قبعتها) ما الذي حدث لقبعتي؟
هربرت : كل النهايات تفــــضح نفــــسها بـــشكل صارخ، كقرع الاجراس وحال
كل الاشياء، فأن وجهكِ اكثر اِحمـــراراً من جـــهة قفــص القرد وحدها
فلوراي : ألا ترى مـــدى اهتمام القــــــرد بي؟
هربرت : اِن كان هناك اهتــــمام بكِ، فهو من قِبل ذلك الشاب.
فلوراي : ألا ترى انك قاسي جــــداً؟ لقد اخـــــبرتك، اني كنــتُ جالسة هنا وافكر
فيكَ، وبهدوء تقدم الـــــقرد، وبكل شراســــة، حـــــــاول التقاط قبعتي
بمخالبه ولكنه التقـــــط بلوزتي. اما الشاب فـــــــكان ماراً من امــامي
وانقذني. وهذا هو كل ما يخــص ذلك الشاب. لهذا كان يجب عليكَ ان
تشكره، وذلك هو اسلوب الأناس المهذّبين.
هربرت : لم يتوقف ، فأين ســــــلوكه المـــهذّب هو؟ لـــــم ينتظر اي شكر، هل
توقف؟ ذهب مسرعاً، أليس كذلك؟ يـــحاول ان يُصفّر، غير مبالٍ بي ا
ايضاً. (ينظر ويتفـــــحّص القـــفص) ان قصّــــتكِ لطيفة، لكن ذلك
القرد لو مهما حاول الاقتراب منكِ لم يتمكّن ان يفعل ذلك واتوقع انه
من صنف القرود التي تخشى الانسان.
فلوراي : (تحمل حاجاتها) تدعوا نفســـــكَ شــــهماً وانت تفكر بهذه الطريقة!
قلتُ لكَ ان الشاب جاء وانقذني. انه تصرف لائق منه.
هربرت : لابد انه كان باعتباره ايضاً ان يعطيكِ هديّة لتتذكّريه فيها.
فلوراي : (تُصدَم جداً) ماذا تعني؟
هربرت : (منتصر ومنتشي) رأتكِ تخطفين شيئاً ما وتضعينه في حقيبتكِ
حالما دخلتُ! اراهن انها كانت صورته! الآن انظري، يا
فلوراي، اِن وجدتُ صورة رجل غيري في حقيبتكِ، فسيكون
كل شيء بيننا قد انتهى، ومن حقي ان اقول ذلك.
فلوراي : (باهتياج) لا اعرف كيف يمكنكَ ان تتخيّل ذلك. لديكَ تفكير سيئ
جداً.
هربرت : لستُ بحاجة للتخيلات. اراهن ان سلوككِ كان مخزياً حتى لبيت
القرد المحترم هذا! لذلك كان الشاب مسرعاً مثل كناري ملعون،
يعرف ان وجهه السخيف سيكون طول الوقت في حقيبتكِ جاهزاً
حين يسيل لعابكِ حالما تصلين البيت. لابد انها صورة مرتّبة
ومنتقاة ايضاً! حسناً، لو ظهرَ ان لعبتكِ معي كانت خاطئة حينما
كنتُ اجلب كعكة لقردكِ المتوثّب، فأن ترتيبات الزواج بين
هربرت جونس وفلوراي بنتلي لن يكون لها داعٍ. وسأعلن ذلك
في كل الصحف.
فلوراي : (تستجمع قواها) حسناً، سوف لن اسمح بأية اِهانة بعد الآن! هل
تعتقد اني اخفي صورة رجل في حقيبتي في الوقت الذي كنتُ قد
وعدتكَ بالإخلاص لكَ؟
هربرت : حسناً، اِفتحي حقيبتكِ ودعيني ارى.
فلوراي : (بذكاء) تعني انه لا يمكنكَ الوثوق بي.
هربرت : كلا، لا اثق بكِ، واني لا اطلب منكِ المستحيل ، مجرد افتحي
تلك الحقيبة.
فلوراي : (تتشبث بإحكام في الحقيبة) لن افعل مثل هذا الشيء! (تنظر فجأة
نحو القرد وتلمع في ذهنها فكرة) حسناً، اعطني تلك الكعكة!
هربرت : (يندهش) لماذا بحق السماء؟ اِن كان ذلك القرد قد ارعبكِ كما
تقولين، فلن ترغبي في اِطعامه! انا اعرفكِ جيداً. تريدين مني ان
اضربه عدّة ضربات على رأسه.
فلوراي :(تخطف الكيس الورقي منه) نعم، ارغب ان تضربه عدّة
ضربات على رأسه، يا هربرت، ارغب ذلك حقاً! هاكَ مظلتي!
اِن تستطيع ان تصله، فستفتح حقيبتي بنفسكَ.
هربرت : (يأخذ المظلة) حقاً؟
فلوراي : نعم. اذهب واضربه ضربات شديدة على رأسه قبل ان يراكَ
الحارس ويقبض عليكَ.
(تنتزع الكيس الورقي وتفتحه وتُخرج الكعكة بينما هربرت
مشغول بالمظلة التي في يده، يحاول ضرب القرد وهو داخل
القفص).
هربرت : (ظهره مستدير نحو فلوراي وعبثاً يحاول ان يصل الى القرد)
لا يمكنني ان اصل اليه! انها اصعب مما تتصورين.
فلوراي : (تفتح حقيبتها بسرعة، تُخرج الصورة وتحشوها داخل الكعكة)
لا تكن عديم الثقة يا هربرت. حاول، حاول، حاول ثانية.
هربرت : (مُنهَك) انا- انا اعتقد اني سأصل اليه اخيراً. لقد أدارَ رأسه
نحوي.
فلوراي : نعم، هذا ما سيفعله. الآن بإمكانه ان يأخذ الكعكة وسيهدأ
ويخفض رأسه.
هربرت : (يعود ليجلس)اعتبر انكِ غيّرتِ من رأيكِ وعُدتِ الى طيبتكِ
وحنانكِ مرة اخرى؟
فلوراي : طبعاً! انكَ لا تعرف ايّة طيبة لديّ. ها انا ذا، (تنهض وتذهب
الى القرد) تعال، كل الكعكة. فانا سامحتكَ، حقّاً لقد غفرتُ لكَ
(يختطف القرد الكعكة ويبتعد ليأكلها خلسة).
هربرت : حسنا، لقد أخذ القرد الكعكة وسآخذ انا ألآن الحقيبة.
فلوراي : (تترقّب بلهفة كبيرة) انتظر، انتظر حتى يبتلع القرد الكعكة.
يبتلع القرد الكعكة بسرعة، تتقدّم فلوراي وبسرعة الى مقدمة
المسرح) الآن! (تواجه هربرت بازدراء) خذ الحقيبة وافتحها،
انت عديم الثقة وناكر للجميل وشكّاك ودنئ وغيور ومخلوق
بائس! خذ الحقيبة، افتحها؛ انظر الى ما فيها من احمر الشفاه
وعلب مساحيق التجميل وصبغ الاظافر ومرآة وعملات معدنية،
افتح، واخدم نفسكَ بنفسكَ، ولكن ابداً لا تتجرّأ وتشكّ بالنساء
ثانية! (تُفرغ محتويات الحقيبة على رأسه، العملات المعدنية
تنتشر في كل الاتجاهات. هربرت يُسقط المظلة) عليكَ ان تنظر
الى كل شيء، لا تهمل شيئاً، يجب ان تبق يقضاً كي لا تغفل ايّ
شيء! (ترمي حقيبتها في وجهه) مزّق الحقيبة الى قطع قطع، لا
يهمني! لقد فقدتُ كل شيء مادام يُشَكّ في شرفي. انتهى كل
شيء، أليس كذلك؟ سيكون ذلك افضل، لأنه ليس من اللياقة ان
تشكَ في زوجة المستقبل!
هربرت : (ساهٍ ومنذهل، يحاول التقاط محتويات الحقيبة) اعتذر منكِ، يا
فلوراي، حقاً اعتذر. كنتُ دنيئاً معكِ قليلاً. لم يخطر في ذهني
انكِ ستأخذين الأمور بهذه الحدّة! ابداً!
فلوراي : (تشعر بنشوة الانتصار) وكيف لي ان آخذ الأمور، أذن؟ فتاة
ضعيفة اُنقِذَت من بين فكّي حيوان هائج، وفي الآخِر تُصنّف من
الدرجة الدُنيا من قِبَل خطيبها. ذلك ليس من اجل نفسي انا فقط،
بل من اجل كل نساء العالم. اريد ان اُذكّركَ فقط بأن كلمة المرأة
ووعودها مقدّسة لديها، ولا تتجرّأ على الشك بها ابداً!
هربرت : سوف لن اشكّ بها ابداً، يا فلوراي، لن اشك. احسّ الآن بالمذلّة
حقاً. (يحاول التقاط العملات المعدنية والأشياء الأخرى).
فلوراي : وعندما نجلس في مساءات الشتاء الهادئة ويرنّ جرس الباب مَن
سيخرج؟
هربرت : (يسعى لالتقاط كل الأشياء من على الارض) انا سأخرج، يا
فلوراي، اؤكد لكِ!
فلوراي : وعندما سنكون مستلقين على السرير صباحاً ويدقّ منبّه الساعة،
مَن سينهض ويخرسه، ومَن سيمازح الآخر ويقول له " استيقظ
يا حبيبي"؟
هربرت :(لا يزال مشغولاً) بلا شك انا سأفعل ذلك، يا فلوراي.
فلوراي : وماذا بعد؟
هربرت : انا سأجلب لكِ كوب الشاي!
(تصبح يداه مليئتان) أوه، ألا يجب ان تعطيني قُبلة، كاعتراف
بالمغفرة؟
فلوراي : (تأخذ المظلة والحقيبة وباقي الاشياء منه؛ وتحشوا الاشياء في
الحقيبة) مغفرة؟ لن يكون هناك مغفرة ما لم آخذ كوب من الشاي
الآن.
هربرت : حسناً، سآخذكِ الى الكافتيريا؛ لكن قبل ان نذهب اريد قُبلة
كاعتراف! انظري الى القرد!
فلوراي : ما الذي حدث له الآن بحقّ السماء؟
هربرت : انه يضع يده على معدته واصبح لونه رمادياً، انا متأكد انه
سيمرض!
فلوراي : (ترتعب وتستولي على يد هربرت) تعال نذهب من هنا حالاً!
هربرت :لماذا، وما الداعي للإسراع، بهذا الشكل؟
فلوراي : (بتصميم واصرار) لا تبالي ابداً. تعال فورا، هيا!
ســــــــــــــــــــــــــــــــــــتار
#رياض_ممدوح_جمال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟