أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سرحان الركابي - رحلة غير محسومة














المزيد.....

رحلة غير محسومة


سرحان الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 7596 - 2023 / 4 / 29 - 16:17
المحور: الادب والفن
    


.
في طريقي الى تسوية بعض الاشكالات التي اردت ان اضع لها حدا , اخبرت اصدقائي انني عازم على تعديل الاوضاع الشاذة التي تعيشها احلامنا وهواجسنا وأوهامنا , في تلك الاثناء كنت جذلا ومعتدا بافكاري البيضاء العميقة و الناصعة , ومرونة اصابعي في التقاط الفواكه والحبوب وارغفة الخبر الطازج , فلا احد يستطيع ان يصمد بوجهي وانا املك لسانا حاذقا وفكرا جائحا ورغبة متورمة في الحضور والتباهي . حينها كنت اسير متأبطا كبريائي وشموخي عند بوابات الاسئلة الصامتة والسرية
وهناك في طريقي المتعرج والملتوي صادفت حزمة من الظلال الباهتة و التائهة تسير على غير هدى في منعرجات الطرق المتشعبة , و بالقرب منها تسير نجمة ذاوية , وفي ذلك التوقيت المربك كان ثمة قمر يمر بمرحلة الاحتضار
وحينما اردت ان اسأل العابرين عن الوجهة التي ينبغي لي ان اسلكها , قالوا لي اتبع اثر ظلك فهو يسير خلف تلك الظلال الباهتة
, قلت لهم كيف ذلك ؟ قالوا , ضع النجوم عن يسارك , والقمر المحتضر عن يمينك , وستهتدي سواء السبيل
وفي منتصف الطريق صادفت مجموعة من عابري السبيل , كانوا يسيرون بلا ظلال ولا ملامح , لقد فقدوا ظلالهم واشكالهم وصاروا عبارة عن اجساد هلامية كثيفة , عندها صرخت جذلا لابد ان هذه الاجساد الهلامية تعود الى تلك الظلال الباهتة , ولا اعرف ماذا كانت هذه الاجساد تعود الى تلك الظلال , ام ان الظلال تعود الى تلك الاجساد , ففي العادة يتحرك الظل حيثما يتحرك الجسد , لكن يحدث احيانا ان ينفصل الظل عن الجسد , ليعود الجسد عاريا بلا ظلال تتبعه , فيما يهيم الظل على وجه مثل غيمة تائهة
وقبل ان اغادر الى وجهتي الاخيرة , وبعد ان عاشرت اولئك العابرين لبرهة من الزمن , اكتشفت انهم مصابون بالخرس والصمم منذ ازمان بعيدة , لكنهم كانوا سعداء في حياتهم البليدة والذاوية , والغريب انهم كانوا يتناسلون ويتوارثون الخرس والصمم وعاهات اخرى عديدة عن آبائهم واسلافهم الغابرين ,
سالت عن الطريقة التي يتفاهمون بها
فقيل لي انهم يتبادلون الاشارات والايماءات وانهم ليسوا بحاجة الى الكلام , لقد تكيفوا مع اوضاعهم وامراضهم وعاهاتهم
وصار الاصحاء غرباء والغرباء منبوذون , والمنبوذون يلوذون بالصمت , ورغم انهم قادرين على نطق الابجديات التي ورثوها عن ابائهم واجدادهم , ذلك انهم صاروا غرباء ايضا وعليهم ان يكفوا عن الكلام ,
. حينها ادركت كم كنت ساذجا , وان الاشكالات التي اردت ان اضع لها حدا لا تقارن بما كانوا يقاسون ويعانون
كنت على وشك اللحاق بتلك الظلال الباهتة التي سبقتنا جميعا وتركتنا نجرجر اقدامنا مثل سلاحف مذعورة , لكن ريحا عاصفة هبت فحملتنا جميعا واعادتنا الى الوراء
واحسست حينها بالظفر وباني على وشك الوقوف على سر تلك الظلال الهائمة في السماء الزرقاء الخاوية
واننا صرنا رفقاء لاننا نسير في درب واحد , وانني سوف اصل الى مبتغاي في تسوية بعض الاشكالات التي اردت ان اضع لها حدا , لكنني فجأة رايت ظلي يتوقف عن اللحاق بي , ظل واقفا ومتسمرا في مكانه , بينما رحت اهيم على وجهي بلا ظل ولا اثر لاي خطوات , كأنني جسد من زجاج يسير عاريا امام الاضواء , ثم جاءت ريح اخرى معاكسة فاعادت الامور الى نصابها , وصرت ارى البروق والرعود والصواعق على مقربة مني , وكاد البرق ان يخطف بصري حينما لامستني صاعقة ومست شيئا من اطراف ثيابي
فجلست في قارعة طريق خاوية وناديت على رفقاء الطريق , ناديت تلك الظلال الزاحفة ان تدعني وترحل , لانها كانت تحملني بعيدا عن ظلي وخطواتي , لكن لساني انعقد ولم انطق باي كلمة , اكتشفت انني بت اخرسا واصما ايضا , واصابتني عاهات اخرى وعراقيل لم اكن اتوقعها , وحينها كففت عن الاسئلة واحجمت عن تسوية بعض الاشكالات الساذجة التي كانت تعشعش في راسي
.



#سرحان_الركابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفرق بين المغيوب والمجهول
- صورة الله بين التجريد والتجسيد
- هو وهي
- اصل الحكاية
- في داخلي قصيدة
- مستويات المعارضة
- السلاح خيارهم الوحيد
- شركاء في المكاسب فقط
- لنا ديننا ولكم دينكم
- نعم المشكلة في الاديان
- الثورة المصرية تصحيح للاوضاع الشاذة في العالم العربي
- الغوث الغوث يا نيتشة
- لك وحدك
- ابحث عنك في ذاتي
- تضاريس الامل
- هذيان منتصف الليل
- احترام المهنة
- وجهان لامراْة واحدة
- مراّة الزمن المعكوس
- صمت الضحايا


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سرحان الركابي - رحلة غير محسومة