|
النضال من أجل البقاء والمقاومة في رواية -نيران طرفي النهار- للروائية د. لطيفة حليم
زكية خيرهم الشنقيطي
الحوار المتمدن-العدد: 7591 - 2023 / 4 / 24 - 09:01
المحور:
الادب والفن
زكية خيرهم تعد رواية "نيران طرفي النهار" للدكتورة لطيفة حليم عملاً فنيًا متميزًا في الأدب العربي الحديث، لتميز أسلوبها بالتنوع والغموض وعدم التسلسل المتعارف عليه في الأساليب الروائية. تأخذ المؤلفة القارئ في رحلة بين الفكر والذكريات والأحداث التي تجري في الحاضر والماضي، وتتناول موضوع القهر بكل أشكاله السياسي والاجتماعي، بالإضافة إلى موضوعات متنوعة مثل صعود التكنولوجيا وتحديات العولمة. يمكن أن يكون من الصعب بعض الشيء اتباع السرد الغير تقليدي لكنه يستحق الجهد من القارئ. فالرواية تضفي صوتا ملحميا ومؤثرا على الموضوعات الحيوية والمعاصرة. إن التركيز على النضال المستمر من أجل البقاء على قيد الحياة والمقاومة الفردية والجماعية، جعل من هذا العمل الروائي نموذجًا للأدب العربي الحديث الجريء والمتميز في تناول المواضيع الحساسة والمثيرة للجدل بطريقة فنية متقنة نقدية ومتفوقة. تمكنت فيها الروائية من توصيل رسالة قوية حول أهمية الصمود والتحدي في ظل الظروف القاسية التي يواجهها الفرد والمجتمع، مما يجعل روايتها إضافة قيمة للأدب العربي الحديث. إن هذا الأسلوب الاسترسالي الذي تعتمده الكاتبة، على الرغم من عدم انتمائه لتيار الوعي الشائع، يُعد وسيلة فعالة لإبراز الميثولوجيا النفسية الفردية وتأثيرها على وجدان الشخص. وباستخدام هذا الأسلوب، تتمكن الكاتبة من تقديم وصف دقيق ومفصل للأحداث والشخصيات، وتجعل القارئ يتوغل في أعماق نفس الشخصيات، ويشعر بتحولاتها النفسية وتعقيداتها، مما يمنح الرواية تصورا واقعيا للحياة. تتمحور رواية "نيران طرفي نهار" حول تقديم مشاعر الشخصيات وتفاعلاتها مع العالم المحيط بها، وتحقيق هذا الهدف يتم بأسلوب نفسي يضفي عمقًا وتعقيدًا أكبر على الرواية. وعلى الرغم من أن هذا الأسلوب النفسي يضيف تعقيدات داخلية أكثر، إلا أن الكاتبة استطاعت ببراعة تحقيق الجوانب العاطفية والنفسية للشخصيات وتعقيداتها الداخلية. وهذا يساعد القارئ على الاستكشاف العميق للشخصيات وفهمها بشكل أفضل. إن قدرة الكاتبة على استخدام الأسلوب النفسي وتحليل الشخصيات وفهم دوافعها وسلوكياتها بشكل لا ارادي، جعلت من نصها فضاء فنياً جميلاً ومؤثراً بشكل عالٍ. وقد اعتمدت الكاتبة في تقديم قصص وأحداث متكررة بطريقة جديدة، ما يميزها عن النصوص الأخرى ويعزز من قيمتها الفنية العالية. أننا امام رواية لا تشبه الروايات، تتكون من خيوط متشابكة متلونة تنمو وتطول وتقصر لتشكل نسيجا روائيا فاتنا لا ينتهي بمجرد تحليله أو فهمه. بل يواصل تقديم المتعة والإمتاع للقارئ. فالروائية لطيفة حليم استطاعت ببراعة أن تفك لغزا أو تزيد من الأمر التباسا وغرابة في بناء السرد الذي يحبس الأنفاس ويخطف الألباب. وبهذا النسيج الروائي الفاتن، لا يستطيع المتلقي إلا أن يشغل عقله ويربط الأحداث مع بعضها البعض، ليكتشف بذلك الدلائل التي تساعده على فهم عالم الرواية. تدور الأحداث بين زوج وزوجة يتحدثان عن الكتب التي تزيل عنها الزوجة الغبار وتُعرف المجتمع من خلالها على الكتب المعرفية، يمكن فهم هذا العمل الروائي بأن الموضوع الأساسي للعمل ليس التنظيف، ولا يتعلق الأمر بالعرض الموجز للكتب التي تتعلق بالموضوع. بل يتمحور العمل بشكل أساسي حول الفن الأدبي، ولا ينبغي الاهتمام بالعرض الجانبي الذي لا يحفز الانتباه للإبداع الروائي. تمسح الغبار في الرواية كعملية تنظيف الأتربة أو الغبار من سطح ما، سواء كان سطحا أفقيا مثل الأرض او عموديا مثل الأثاث. وقد تستخدم هذه العبارة في الأدب الشعبي والشعر كمصطلح تشبيهي للإشارة إلى تخلص شخص ما من الأحزان أو الأفكار السلبية. فربما استعملتها الكاتبة للدلالة على شيء معين في القصة، سواء كان ذلك بشأن تنظيف شيء مادي أو رمزي. " تمسح الغبارعن كتاب تهافت التهافت ...." ص 62 " تمسح الغبار. لاتهتم بما يكتبه العرب من شعر عن اغتصاب فلسطين. تهتم بما يكتبه شعراء العالم. لأنهم يطرحون قضية فلسطين برؤية كونية مختلفة عن الشعراء العرب." ص 278 " تمسح الغبار. و في مكاشفة ربانية صوفية هبطت من السماء، تكتشف أكذوبة الوطن. الوطن يمتلكه "جنكيزخان". تستغرب أمر مجموعة من طلبتها خرجوا إلى الشارع يضعون سكاتات في أفواههم. ص 282 " تمسح الغبار. تردد بهمس حزين - أنتمي لزمن الأوباش . تفكر في غربة "أسد" بكندا، والحكايات الطريفة التي يحكيها لها. تتعجب، لا يؤمن بالوطن ولا تعنيه مذكرات جده عن الوطنية. غادر ارضه مع مجموعة من المهندسين. نال شهادة الماستر من جامعة لافال وصادف 11سبتمبر وحملة الكنديين على العرب. لم يجد عملا." ص286 " ينتبه اليها وهي تمسح الغبار. يتعجب من حرصها الشديد على تقليب رسائلها الإلكترونية وقدرتها على ترتيب الكتب بخزانتها. مع علمه أن هذه الكتب لم تقرأها." ص 293 " تمسح الغبار وهي تفكرفي علاقة كرة القدم بالسلطة. تستعين بمحرك البحث. تجد أن هناك علاقة تركيبية بنيوية بين كرة القدم والسلطة" 307 " تمسح الغبار عن رواية هنا الوردة. تسأله عن الفرق بين جامعة الدول العربية وبين منظمة الأمم المتحدة" استخدام التكرار في هذا العمل الروائي تقنية أدبية استخدمتها الروائية لطيفة حليم للاشارة الى الأحداث والمشاعر بطريقة غير مباشرة، لتترك المجال للقارئ لاكتشاف هذه الرموز وتفسيرها وفقًا لتجاربها الشخصية والثقافية. ومن المهم الإشارة إلى أن هذا التكرار ليس مجرد حدث عفوي في النص، بل جزءًا من الأسلوب الأدبي الذي استخدمته الكاتبة لإضفاء مزيدًا من التأثير على النص والمشاعر التي تحملها. يمكن اعتبار رواية "نيران طرفي النهار" كعمل فني ينتمي إلى الحركة الحديثة في الأدب، حيث يتم التركيز على التعبير عن المشاعر والأفكار والتجارب الشخصية بدلاً من الاهتمام بالأحداث والحبكة السردية التقليدية. ومن خلال هذا النهج الفلسفي، تحاول الرواية تجسيد صورة مفعمة بالحياة والحركة والتنوع، تعكس الحياة الإنسانية بكل تعقيداتها ومتناقضاتها، وتفتح المجال أمام القارئ للاستكشاف والتفسير والتجربة.
#زكية_خيرهم_الشنقيطي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءة في رواية ليلة العشاء الأخير للروائي المغربي ادريس الصغ
...
-
قراءة في رواية رقصة الظلام للروائي سيف المفتي رواية الحرب وا
...
-
قراءة في قصيدة الشاعر عقيل الساعدي
-
معاني الحنين والشوق في شعر عقيل الساعدي
-
صراع الأمل واليأس في عوالم الألم والأمل في رواية -لعبة بوح ب
...
-
قراءة في رواية خطوات ليست أخيرة للاديب الروائي والناقد د. خل
...
-
تجسيد للأحاسيس والأفكار التي ترقص على أوتار الليل قراءة في ق
...
-
قراءة في المجموعة القصصية زيارة عابرة هلوسات من زمن الكوفيد
...
-
-نموذج التنمية المغربي الجديد - نمو شامل-
-
الأجنبي وشبح ابسن
-
دراسة البعد الجدلي في النظرية الابسينية
-
شظايا البوح
-
مسرحية هيدا غابلر
-
رواية المجتمع
-
أين المفر ...؟
-
انفصاليو المغرب وازدواجية مواقف بعض الأسبان
-
من خلف الجدار
-
زكية خيرهم الشنقيطي
-
صدى من داخل زنزانة
-
انطباعات وأوهام قصصية
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|