أديب كمال الدين
الحوار المتمدن-العدد: 7581 - 2023 / 4 / 14 - 13:09
المحور:
الادب والفن
إشارة المحنة
********
إلهي،
أنا لا أشبهُ أحداً.
أنا لا أشبهُ، أحياناً، حتّى نَفْسي!
إشارة السِّرّ
*******
إلهي،
أجلسُ تحتَ شجرةِ محبّتكَ الوارفة
عاشقاً
ليسَ لهُ من حُطامِ الدُّنيا
سوى كوز ماء
وكسرة خبز
وكسرة حرف.
أجلسُ كي أكتبَ سرَّك
وسرَّ سرّك
بكسرةِ حرفي.
وأجلسُ أيضاً
كي أمحو حرفي
حتّى لا يظهر من سرِّك
وسرِّ سرّك
سوى السِّين وقت انقضاض الزلازل
وسوى الراء وقت انهمار المطر.
إشارة لما حدث
**********
إلهي،
لم ينصفني
أولئك الذين ضيّعوني في الصحراء
وتركوني للذئبِ رفيقاً
أندبُ حظّي ليلَ نهار،
ولا
أولئك الذين سلبوا ملابسي فيها
وتركوني أمشي العمرَ كلّه
عارياً مثلما خَلقتَني.
ولم ينصفني
أولئك الذين جاءوا من بعد
وقتلوني
بسيوفهم الصدئة
وخناجرهم المسمومة،
ولا
أولئك الذين رأوني
في آخر العمر
شحّاذاً أبكي على بابِك،
فاستكثروا عليَّ ذلك
فَمَثَّلوا بجثّتي فرحين
وبحروفي مسرورين!
إشارة الخيط
********
إلهي،
وحيداً أجلسُ في الشَّارع
وأمدُّ يدي كالشحّاذ
للريحِ وللأمطار،
للسنواتِ وللأشجار،
للناسِ وللأشباح.
ما مِن أحد يراني
أو يسمعُ صرخاتي
أو يشمُّ رائحةَ حنيني المسفوح
وسطَ الشَّارع.
ما مِن أحد يرى ذاك الخيطَ الأحمر:
خيطَ دمي الممتدّ من قلبي
حتّى سرّة روحي.
إشارة الغريق
********
إلهي،
كلّهم اختاروا العبور
فوقَ الجسر
فعبروهُ فرحين مسرورين
إلّاي.
إذ اختارَ قلبي الطَّيَرَانَ فوقَ الجسر.
ولأنّي لا أملكُ جناحين للطيَرَان
فقد سقطتُ
وتلقّفني الماء،
وصارَ عليَّ أن أمرّ
من تحتِ الجسر
غريقاً كلّ يوم،
غريقاً
يلفظُ أنفاسَه الأخيرةَ كلّ يوم.
إشارة القاعة
********
إلهي،
في القاعةِ المُطلّةِ على البحر
غنّيتُ أغنيةَ السَّفينةِ التائهة
ثُمَّ أغنيةَ السَّفينةِ المهجورة
ثُمَّ أغنيةَ السَّفينةِ الغارقة.
لم يكنْ في القاعةِ أحدٌ أبداً
لكنّي لم أستسلمْ،
صافحتُ الجمهورَ واحداً واحداً
وشكرتُه واحداً واحداً
ثُمَّ أغلقتُ البابَ مُرتبكاً
فتلقّفني الشَّارعُ
ومضيتُ إلى حيث لا أدري.
إشارة الإشارة
**********
إلهي،
الكلُّ مرعوبٌ من الموت
إلّاي!
فأنا فكّرتُ فيه حتّى احترقتُ
رماداً تذروهُ الرِّياح،
ثمَّ فكّرتُ فيه حتّى غرقتُ
وأكلَ سمكُ القرشِ جُثّتي،
ثمَّ فكّرتُ فيه حتّى جُننتُ
درويشاً أعمى يهذي بأسرار الحروف
ليلَ نهار.
وهكذا صارَ الموتُ خفيفاً عليّ
أخفّ من الحريقِ والغرقِ والجنون!
#أديب_كمال_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟