أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الفضل شلق - الثروة سبب الفقر















المزيد.....


الثروة سبب الفقر


الفضل شلق

الحوار المتمدن-العدد: 7581 - 2023 / 4 / 14 - 11:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



معظم الناس فقراء. أقلية منهم لديهم ثروات. المال هدف الجميع. يقولون أن الفقر مشكلة والثروة هي الحل. يُحترم الغني ويُحتقر الفقير. يصير بحاجة الى الشفقة والإحسان.

يُلام الفقير على فقره. يُحترم ذو الثروة على غناه. الغنى طريق الوجاهة والبروز في المجتمع. الفقر لعنة تلحق صاحبها. يصبح الفقر ملعونا. الإحسان لا يفك اللعنة. إذ يبقى فقيرا مهما لحقه من إحسان. لوم الفقير على فقره يقود الى عنصرية اجتماعية. بنظرهم هو يستحق ما يصيبه. هذه إرادة الله. وهل يحدث شيء ألا بالإرادة السامية؟ الإحسان ليس لخفض الفقر بل لزيادة علاقات الاستحسان عند المحسن. فالأجر عند الله، والفقراء لا بدّ أن يتذكروا المحسنين في صناديق الاقتراع. طبعاً، بنطرهم الحل الأسهل لإزالة الفقر هو إزالة الفقراء. تُشن الحروب من أجل ذلك. معظم الذين يموتون في الحروب هم من الفقراء. هم الذين تكثر بينهم الجرائم والمخدرات والشذوذ. مختبرات اليوجينيكس أجرت برامج اختبارات في مطلع القرن العشرين، بدعم إثنين من أهم الفوندايشنز في الولايات المتحدة. أدخلت بعض النتائج في قوانين بعض الولايات الأميركية ضد الفقراء وأصحاب الشذوذ والسكر وغيره مما يعتبر مشينا للأخلاق في المجتمع، وذلك في العقود الأولى من القرن العشرين. نتائج الاختبارات نتج عنها برنامج كامل، أخذته النازية الألمانية وطبقته بمساعدة بعض الخبراء الأميركيين. لا بدّ أن تكون العنصرية ضد الفقراء مبدأ من مبادئ الرأسمالية بجميع فروعها الفاشية والليبرالية.
السياسة يتبارى أهلها، إضافة الى المنظمات الدولية، في الحديث عن مشكلة الفقر واقتراح حلول، وهي طبعاً غير مجدية. وغالباً ما يعرف هؤلاء أن لا حل إلا في اقتلاع الأسباب. ذكرت في المقالة السابقة حول تحوّل المال من وسيلة أو أداة الى غاية كيف صار الاكتناز وتراكم الثروات بأيدي قلة من الناس. إذا أن هذه الثروات هي حصيلة عمل جمهور كبير من الفقراء. وعندما تسأل أحد كبار المرشحين لمناصب سياسية عن أن الفقر هو الوجه الآخر للثروة، لا بل هو السبب، فإنه يستهجن السؤال. وقد حصلت هذه التجربة معي أكثر من مرة. ما لا يريد أرباب السياسة الاعتراف به ، إرضاءً لأصحاب الثروات، هو أنه لا يمكن محو الفقر دون محو الغنى. المشكلة بالنسبة لأمثالي ( وهذه من نوادر الأحيان التي أتحدث فيها بصفة المتكلم) هي أنه في كل انتخابات نيابية، يقترع الجمهور، ومعظمه من الفقراء، لأغنياء كي يمثلونهم، مع أن هؤلاء المقترعين هم ضحايا المُقترع لهم. وهذه مسألة تتعلّق بالوعي. الوعي الطبقي. هي مشكلة دائمة. ومع دوامها يجب التحدّث عنها باستمرار، فلا يقولن أحد “فلان ذاهب الى المطحنة والناس راجعة”.

الفقر يزداد مع تراكم الثروات بيد القلة من البشر. والفقر ليس أساس أو سبب الجريمة والشذوذ بل الثروات هي السبب.

من الذي يحقق الثروات من صناعة السلاح ثم الحروب لتصريف هذا السلاح؟ ومن انتشار الأمراض وكيفية استفادة شركات الأدوية منها؟ وعلى العموم، ألا يشكل التضخّم وسيلة لسلب الفقراء وتشليحهم ما لديهم، إن بقي لهم شيء منه؟ ومن قال أن التضخّم يحصل تلقائياً كنتيجة طبيعية للأمور إلا البلهاء وأصحاب النوايا؟ ومن قال أن طبيعة البشر هي التنافس كي يسيطر البعض على الشعوب؟ ولماذا لا تكون طبيعة البشر في التعاون والعدل والمساواة في السرّاء والضرّاء؟ تباً لطبيعة افتراضية مثل هذه.

للبشر حق في أن تكون حصتهم مما ينتجونه أكثر مما لا يكاد يكفي لسد الرمق. فهم (أكثريتهم الساحقة) الذين يعملون وينتجون، وما يراكمه غيرهم من ثروات هو مما لم يبذلوا أي جهد في سبيله إلا ما يُسمى “الاستثمار” الذي يديره لهم طبقة من السماسرة الطفيليين من قوادي المال والاستثمار. هم في الحقيقة يستثمرون في حياة البشر، ويستنزفون قواهم ولحمهم ودمهم لجني الأرباح والريوع. هل تراكمت معظم الثروات إلا بالمصادرة والتشليح ونزع ملكية الآخرين؟ ألا نشهد في لبنان واحدة من أكبر جرائم المصادرة ترتكبها المصارف، بينما الطبقة السياسية ساكتة عنها، إن لم تكن دافعة إليها؟ وعلى الأرجح هي كذلك.

الصراع الطبقي فرضه أصحاب الثروات. منذ أن تشكلت الأنظمة السياسة وتأسست على الهيمنة والسيطرة، كان ذلك وسيلة لسلب المحكومين ما لديهم من ممتلكات أو قوة عمل. الهرمية السياسة تنتج تراتبية الفقر والغنى.

يعتبر أهل السياسة أن الفقر مشكلة. والمشكلة تبدأ (بدأت) بهم والطبقة العليا التي تحتاج الى الحماية في سبيل مزيد من استغلال الغير والثروة. ويتناقش الناس حول العلاقة بين أهل السياسة وأهل المال، هل المبادر فيها هم أهل السياسة أم أهل المال. بالأحرى، يتساءلون عمن هو صاحب القرار في إدارة الآخر، وعمن يتحمّل المسؤولية الأولى. والحقيقة أنه هو النظام الاجتماعي-السياسي الذي نشأ مع تسلّط البعض على الآخرين، منذ انتقل الناس عن المجتمع الأوّل الذي كان التعاون فيه هو العلاقة السائدة بين البشر. الطبيعة الإنسانية الأولى هي التعاون لا التنافس، ولا حتى المقايضة، بل هي المشاركة. مع تعاقب الأنظمة الاجتماعية وانتشار التراتبية السياسية، صارت سيطرة الإنسان الذي في المكان الأعلى اجتماعياً، وفي مراكز الجاه والشرف والنبالة دون الآخرين هي القاعدة، الى أن جاءت الرأسمالية لتجعل من الفقر أو الغنى طبيعة بشرية. علما بأن هذه الطبيعة تؤخذ من المجتمع الأوّل لا مما لحقه من مجتمعات تراتبية وطبقية. مجتمعات الطبقات هي التي تشوهت فيها الطبيعة البشرية. إذا كان الإنسان يولد على الفطرة، فإن هذه شوهتها جميع المجتمعات اللاحقة الى أن جاءت الرأسمالية، وكان فيها تتويج التشوهات التي لحقت بالطبيعة البشرية التي كانت قائمة على التعاون.

يطغى على البشرية الآن القول أن التنافس طبيعة إنسانية، ويغيب اعتبار التعاون ودوره الذي ألغي في الأنظمة المتعاقبة منذ المجتمع الأول. الى أن جاء داروين “ببراهينه” على أن البقاء للأقوى، أي كما تترجم في النظام الاجتماعي للمسيطر. ما يحدث هو عكس ذلك في المجتمع الرأسمالي، وانتشار اعتبار التنافس طبيعة بشرية. لقد ازدادت أعداد البشرية، خاصة في القرنين الماضيين، مع انتشار الرأسمالية، وازدادت أعداد الفقراء، وهم الأضعف اجتماعياً. فالبقاء هو للأضعف؛ البقاء لمن لحقتهم لعنة الفقر. تستفيد الرأسمالية من الداروينية الاجتماعية لكنها لا تستطيع تفسير البقاء للأضعف.

تحتاج الرأسمالية للفقراء الضعفاء بكثرتهم لأنه لولا قوة عملهم لما كانت الثروات. وهي تسحب الداروينية على المجتمعات لكي تجعل من التنافس طبيعة بشرية. هذا الأمر لا بد من متابعة نقاشه ودحضه. هم يعالجون “مشكلة” الفقر بالإحسان، لكن الحل لا يكون إلا بتغيير النظام الاجتماعي، والتخلي عن الداروينية المجتمعية.



#الفضل_شلق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول القداسة والمنع والتحريم
- نهاية الديمقراطية مع بدايتها
- أزمة الوجود في إلغاء السياسة
- هل بدأ أفول الدولة الدينية
- زلزالنا اجتماعي نتائجه مثل زلازل الطبيعة
- صناعة السلاح وضرورات الحرب والاستبداد
- تفوّق الطبيعة على الإنسان
- المطلوب استعادة الدولة والنفط أداة
- وعظ أبو ملحم حول العيش سوية
- انقلاب تدريجي يستهدف الحرية الفردية
- عبيد الأسماء
- دين بلا إيمان
- أفغانستان حالة قصوى للمجتمعات الإسلامية
- هل تنفصل آسيا عن النظام العالمي الحالي؟
- بوتين أحد بيادق الشطرنج الامبراطوري
- أردوغان ومتلازمة العظمة
- أنظمة القابضين على الماء باليد
- قراءة في رواية “الوجه الآخر للظل”
- ضرورة فك ارتباط الدين بالرأسمالية
- هل بدأت مراسم دفن الدين السياسي


المزيد.....




- الصين تفرض عقوبات على مؤسسات وأفراد كنديين
- ساليفان: لا تزال هناك إمكانيات للدبلوماسية مع إيران والصين
- بحضور الوزير التركي.. الشرع يعد بنزع سلاح كل الفصائل بما فيه ...
- الجيش الإسرائيلي يعرض أمام نتنياهو أسلحة استولى عليها من حزب ...
- إسبانيا: فرحة الميلاد في يانصيب -أل غوردو- الأكبر.. فمن صاحب ...
- أساور الساعات الذكية: راحة عصرية أم خطر كيميائي يهدد صحتك؟
- ترامب: انتظر عقد لقاء مع بوتين لحل الأزمة الأوكرانية
- الشرع يستقبل جنبلاط في دمشق
- خامنئي: الشعب سيسحق من يتعاون مع واشنطن
- نتنياهو يتوعد بضرب الحوثيين


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الفضل شلق - الثروة سبب الفقر