غُرْبَتي خنْجَرٌ مَسمُوْم
فَرَحٌ مَتَقَطِّع ٌ
غير بادٍ للعيان ..
حُلُمٌ مُسَرْبَلٌ بِالعذاب! ..
آهٍ .. يا غُرْبَةَ الأيّام
أينَ سترسُو سَفينتي؟
الليلُ مُدْلَهمٌّ
وَالبِحارَ هائجة ..
الشتاءُ غارِقٌ في الكآبة
ذكرياتُ الطفولة الملوَّنة
قابعة في مخيَّلتي
لا تمحوهَا السنون!
مَحَطَّاتُ غُرْبَتي ضَبَابيّة اللون
هل ثَـمَّة فَرَحٌ يَلوحُ في الأفُق؟
إنِّي أرى خُيُوْطَ الحزْنِ تَزدادُ توغُّلاً
في ثنايا الروح!
آهٍ ..
لِماذا لا يَخْتَرِقُ الفَرَحُ
بَوَّابات الْحُزنِ
وَيُلَوِّنُ قُلُوْبَ الحُزانى
بلونِ الربيع؟
سقطَ عجوزٌ
عندَ مُنعَطَفِ الشَّارعِ
مَرَّ بِجانِبِهِ أطفالُ الحيِّ ..
اقتربَ أحدُهُم منَ العجوز ..
عينا العجوز غارقتان ..
دُمُوْعِ القهرِ والأسى
دموعُ هذا الزمان!
شعورٌ غامِضٌ غمَرَ الطِفْلَ
راودهُ أنْ يُساعدَ العجوز ..
الطفولةُ واحةُ واحةٌ خضراء
تمتدُّ مِنْ شواطئِ القلبِ
حتّى زُرقة السَّمَاء!
الشَّيخوخة عَدٌّ تنازلي
في طريقٍ مُكَثَّف بالعذاب ..
لِماذا لا نزرعُ على جانبيِّ الطريق
وُرُوْدَاً
لَعَلَّهَا تُخَفِّفُ أوجاعَ الكهول؟
أحلامي مُشَوَّشَة للغاية..
لا أرى رابطاً
يربطُ تشابكات الحياة
حياةٌ مُنْفَصِمَةٌ عن نَقَاءِ الحياة
مُنْفَصِمَةٌ عن كُنْهِ الحياة
عَنْ جَوْهرِ الحياة!
إنّي لا أرى الواقعَ واقعاً
لا أرى الحياةَ حياةً
لا أرى الإنسانَ إنساناً
وَاْقِعٌ غَارِقٌ في السَّرَاب
غَارِقٌ في البكاء!
حياةٌ مُعَلَّقَة في الضَّباب
بَشَرٌ تُرَشْرِشُ سُمُوْمَهَا
عَلَى جَبِيْنِ السَّمَاء!
مفارقاتٌ في الحياة
قَاسيةٌ وَمُؤلِمَةٌ للغاية ..
غالباً ما أبكي بُكاء
مُطَرَّزَاً بِحَشْرَجاتِ الشَّوْقِ ..
الشَّوْقُ إلى الْحَيَاة!
آهٍ ..
أينَ تَوارى بَرِيْقُكِ يا حَيَاة؟
آهٍ .. يا قلْبي
أينَ سَتَرسُو سَفِيْنَتي؟! ..
الليلُ مُدْلَهَمٌّ
والبِحَارُ هائجة ..
شتاءات استوكهولم
غارقة في الكآبة!!
ستوكهولم: 3 . 11 . 1994
صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
[email protected]