|
الخطاب السياسي ( 3 )
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 7573 - 2023 / 4 / 6 - 00:34
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الخطاب السياسي ( 3 ) ( تابع ) الخطاب الماركسي : قد لا نجازف بالقول ان التقليد الماركسي في العالم العربي تمحور أساسا حول الممارسة السياسية للأحزاب الشيوعية التي تكاد تكون انقرضت اليوم منذ البرسترويكا بالاتحاد السوفياتي المنحل ، هذا من جهة ، والحركات اليسارية التي على يسارها من جهة أخرى ، والتي عملت على تحقيق القطيعة على مستوى التصور والممارسة مع التنظيمات الشيوعية . ان تمحور العمل " الماركسي " في العالم العربي حول العمل السياسي ، إن كان يجد تبريره بمجموعة من العوامل الموضوعية ، فانه لا يستبعد عمل التصور الذاتي على المستوى الفكري والنظري . ان النظرية الماركسية الكلاسيكية تقوم على التمييز بين الفلسفة والعلم ، المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية . ويعتبر " لويس ألتوسير " Louis Althusser فيلسوف فرنسي ان الغاء هذا التمايز هو الطريق المؤدي الى التحريفية ، يمينية كانت ام يسارية ، ذلك ان استبعاد الفلسفة غالبا ما يؤدي الى الانحراف اليميني ، في حين ان استبعاد العلم المادي التاريخي ، يؤدي قطعا الى الانحراف اليساري . ان النزعة الأولى تنتهي الى نوع من الوضع Positivisme ، في حين ان النزعة الثانية تنتهي الى نوع من الذاتي Subjectivisme ، وبالتالي ان كلا النزعتين يُعبّران عن التأثير البرجوازي الصغير على النظرية الماركسية . يمكن القول ، مع بعض الاستثناءات طبعا ، ان الماركسية في العالم العربي ، قد تراوحت بين هذين القطبين ، حيث سيعتمد الاتجاه الشيوعي على مقولات الواقع الموضوعي ، أي موازين القوى – العامل الداخلي والعامل الخارجي -- ، وغيرها من المقولات المحددة للممارسة السياسية التي تنتهي في نهاية المطاف الى نوع من الانتظارية المتقاعسة ، بدعوى عدم نضج الشروط الذاتية والموضوعية اللازمة لعملية التغيير .. في حين ستتميز الخطابات اليسارية لليسار الجديد بمقولات الصراع – الثورة ، واعتبار انجاز الاشتراكية مهمة مستعجلة ، وبالتالي عدم استلهامها لشروط الواقع ، الشيء الذي أدى الى عزلتها وفشل مشروعها اليساري التصحيحي . يمكن ان نضيف للعناصر السابقة كون معظم الأحزاب الشيوعية العربية ، قد ظل سجين الثوابت المركزية التي شكلت أساسا للعمل الشيوعي ، كما صاغته الأممية الثالثة ، هاته الثوابت التي يمكن تحديدها على ثلاث مستويات : 1 ) إعطاء الأولوية للتضامن الاممي ومع الأممية . 2 ) إعطاء الاسبقية للتحالفات الافقية على التحالفات العمودية . 3 ) اعتبار النضال القومي – الوطني ذو طبيعة برجوازية ، وهنا نسجل الموقف الخياني للحزب الشيوعي المغربي ، حزب التحرر والاشتراكية الذي تحول الى حزب التقدم والاشتراكية من القضية الوطنية ، أي الاحتلال الفرنسي للمغرب . ان توجيه هذه الشعارات لعمل الأحزاب الشيوعية العربية التي انقرضت اليوم بالكامل خاصة امام الاجتياح الإسلامي وسقوط الاتحاد السوفياتي ، قد انعكس في تبعيتها للمركز الاممي أيديولوجيا ، كما أدى الى عزلتها على المستوى الوطني ، بل وفي بعض الأحيان قصور معظمها على فهم حقيقة طبيعة النضال القومي والوطني . ان الملاحظات السابقة ، تقترح تفسيرا اوليا لانحصار العمل الماركسي في العالم العربي على المستوى السياسي والنظري . ان فشل التنظيمات الماركسية في تحقيق بديلها التاريخي المرحلي ، إضافة للتحولات عرفتها الأحزاب الشيوعية الحاكمة في اوربة الشرقية ، تجعل من مسائلة تجربة التنظيمات مهمة مستعجلة انطلاقا من المحاور التالية : ا – مدى تمثل هذه الشعارات الماركسية كنظرية ومنهج ، مقارنة مع اعتبار معظمها ان الماركسية هي صورة هي تصور حول المجتمع والعالم ، ومن هنا اعتمادها على اطر فكرية دوغمائية يتم اسقاطها على مختلف مستويات الواقع . ومن هنا البعد التقريري في مواقفها ، وضعف مستوى تحاليلها . اذن من هذا المنطلق يجب تأصيل النقاش النظري على اعتبار ان الماركسية هي أساسا أداة لمقاربة الواقع بخصوصياته البنيوية والتاريخية . ذلك ان الابداع النظري والمنهجي الماركسي حول المجتمعات الاوربية ، قد حكمتها خصوصية هذه المجتمعات ، ومن هنا ضرورة اعتبارها في تاريخيتها ونسبيتها . ب – مدى تجاوز التنظيمات الشيوعية للقيود الأيديولوجية والسياسية التي شكلت افقا للحركة الماركسية والشيوعية العالمية ، ذلك ان الانهيارات التي عرفتها اوربة الشرقية ، قد ابانت عن عقم التصورات السابقة . ومن هنا يستدعي سؤال الفكر محاورة هذه التنظيمات بصدد القضايا التالية : 1 – مدى ملائمة التصور التنظيمي القائم على " المركزية الديمقراطية " للرعبة في تأسيس تنظيمات " طلائعية " و " جماهيرية " انطلاقا من معطى انّ ان تجربة هذه الأحزاب على المستوى التنظيمي ، قد تمحورت أساسا حول المركزية ، وتغييب التعامل الديمقراطي ، الشيء الذي أدى الى اختزال بعض الحركات والتنظيمات في بعض الرموز التي تضع نفسها وصية عن " الحقيقة " التي لا يمكن مخالفتها في شأنها . 2 – ما هي طبيعة التأصيل النظري والسياسي ، لشعار " الثورة الوطنية الديمقراطية " ، وذلك بتجاوز الطروحات اللينينية بهذا الصدد ، واعتبار الوقع العربي في خصوصيته ؟ 3 – كيفية التعامل مع المسألة الديمقراطية ، ومدى تجاوزها للتصورات الستالينية . ومن هنا تطرح ضرورات نظرية تستوجب المعالجة الفكرية لعلاقة الاشتراكية بالحرية ، وعلافة الفرد بالطبقة والمجتمع ، وأخيرا علاقة السلطة السياسية بالمجتمع المدني . ( يتبع )
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الخطاب السياسي ( 2 )
-
الخطاب السياسي ( 1 )
-
السلف . هل حقا كان سلفا صالحا ، ام كان في حقيقته سلفا طالحا
...
-
في البطريركية السياسية
-
تغول بوليس الدولة البوليسية السلطانية
-
استراتيجية الاختراق الإسلامي للجامعة ومنها للمجتمع
-
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
-
التحالف ضد الشعب
-
حين يكذب الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون ، على رئيس جزائري غا
...
-
هل حقا أهان النظام الموريتاني النظام المغربي ؟
-
في الكتلة التاريخية او الجبهة التقدمية
-
جواب الديوان الملكي ، و( المعارضة ) الشاردة والتائهة .
-
حين يصبح القصر في نفس مستوى حزب . فتلكم مهزلة . فهل بلغ الضع
...
-
العمل الجمعوي والصحوة الديمقراطية .
-
إيران . السعودية . حزب الله . البوليساريو
-
إشكالية الصحراء الشرقية
-
الديمقراطية معركة مستمرة وشاملة
-
نحو تجاوز تردي الوضع بالمغرب . مشكلة الصحراء مشكلة انعدام ال
...
-
نحو تجاوز تردي الوضع بالمغرب . مشكلة الصحراء مشكلة انعدام ال
...
-
نحو تجاوز تردي الوضع بالمغرب . مشكلة الصحراء مشكلة انعدام ال
...
المزيد.....
-
15 أغسطس 1944: مغاربيون في جيش أفريقيا شاركوا بإنزال بروفانس
...
-
إيران تقيد الرحلات الجوية في منطقتها الغربية بسبب -نشاط عسكر
...
-
الجزائر والنيجر.. تنشيط العلاقات
-
حملة المقاطعة تطيح بالرئيس التنفيذي لستاربكس والإقالة ترفع أ
...
-
هل يحتاج العراق إلى قانون الأحوال الشخصية الجعفري؟
-
تغيير قانون الأحول الشخصية في العراق.. تهديد للديمقراطية اله
...
-
روسيا والإمارات تبحثان التعاون في إطار مجموعة -بريكس-
-
-نتائجه كارثية-.. خبير أمريكي يتحدث عن هجوم مقاطعة كورسك وتو
...
-
المغرب.. مديرية الأمن تعزز الخدمات في مطارين بالمملكة
-
بعد تسجيل حريق بمقرها.. القنصلية العامة الجزائرية بجنيف تصدر
...
المزيد.....
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
المزيد.....
|