|
الخطاب السياسي ( 2 )
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 7572 - 2023 / 4 / 5 - 16:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الخطاب السياسي ( 2 ) – تابع – " بينما كنت بصدد معالجة الجزء الثاني من هذه الدراسة ، البوليس السياسي لمحمد السادس يقطع الكونكسيون عن منزلي . سأضطر للخرج الى Cyber لإرسالها . مملكة الرعب التي يحكمها البوليس السياسي " . الخطاب القومي : ان صعوبة أولية تعترض محاولة المعالجة النقدية للفكر القومي بغض النظر عن تنوع خطاباته ، وتتعلق بإمكانية الفصل بين ما هو نظري وما هو سياسي ، ذلك ان الظاهرة القومية بقدر افرازها لمجموعة من التنظيرات بقدر ارتباطها كذلك ببعض التطبيقات التي تجلت أساسا في التجربتين الناصرية والبعثية ، وبالتالي ان شعار " القومية العربية " منذ حركة القوميين العرب التي تمخضت عنها " الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين " وكان امتدادا لها " الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين " ، لم يعد مطلبا نظريا فحسب ، بقدر ما تحول لشعار مركزي لبعض الأنظمة العربية التي اسقطها ( الربيع ) العربي الذي صهيونيا ولم يكن قط عربيا ، وشكل تبريرا أيديولوجيا لمجموع ممارساتها والتي تميزت بالنسبة لبعضها بالتقاعس في انجاز المهام التحررية ( فلسطين ) ، واحيانا أخرى بكبت الحريات ومصادرة حقوق المجتمع المدني .ان تجاوز هذه الصعوبة يفترض مساءلة الفكر القومي بصدد المهام المركزية التي عمل على بلورتها ، كما يستوجب كذلك المعالجة النقدية لأهم مفاهيمه ومقولاته ، تلك المهام يمكن اختزالها في شعار مركزي يتمحور حول ثلاثة اهداف : الوحدة – التحرير – الاشتراكية ، والتي تقوم على مرجعية مفاهيمية تقوم على مفاهيم الامة – اللغة – الدين . ان المطلب القومي المتعلق " بالوحدة العربية الشاملة " يقوم على الإقرار بوحدة اللغة والدين والتاريخ المشترك . وهكذا ان التماثلات العبر – تاريخية ، هي التي تشكل أرضية للوحدة المنشودة . بهذا المعنى يمكن اعتبار الخطاب القومي ، خطابا ماهوياً ، ذلك ان " الامة العربية " هي ماهية واحدة ، واحدة بدينها ولغتها وتاريخها ، وبالتالي انها ماهية متحققة بالإمكان ، ويجب ان تتحقق بالفعل ، ان كان كل خطاب ماهوي يسعى للقبض على الجواهر ، باعتبارها كائنات – واقعية كانت ام فكرية – تتصف بمطلقيتها وتعاليها عن متغيرات الزمان والمكان . فبهذا المعنى يعتبر الخطاب القومي ، اللغة والدين والتاريخ المشترك ، جواهر خالصة ، ومن هنا مصادرته على المستقبل باسم الماضي . واضافة لما سبق تستوقفنا ملاحظة أساسية ، ذلك ان محورية مفهوم " الامة " في الخطابات القومية ، يقابله غياب له دلالته لمفهوم " الدولة " . فبغض النظر عن الحديث عن الدولة القطرية / الوطنية أحيانا ، وعن الكيانات المصطنعة أحيانا أخرى ، يلاحظ على الفكر القومي عدم تأصيله لمفهوم الدولة على المستويات الفلسفية ، النظرية والحقوقية السياسية مع غياب كامل للتأصيل السسيولوجي . ان المكونات الثقافية التي يركن اليها الخطاب القومي الذي يسمى في المغرب بالخطاب الوطني ، يجب اعتمادها في نسبيتها وتاريخيتها ، ذلك ان اللغة – أولا كأداة للفكر ، ووسيلة للتواصل ، ترتبط بالممارسة الإنسانية في مرحلة تاريخية محددة ، وبمستوى تطور المعارف وحقل الدلالات ، حيث ان الفكر يعمل على ابداع مقولاته بارتباط مع مستجدات الواقع التاريخي ، وخصوصية مسائلة الذات للعالم . في حين ان الذين – ثانيا – كمعتقد وتشريع ، شكل اطارا عاما سيتلون بخصوصية كل مرحلة على حدة . ان التصورات الاعتقادية في مجال الفكر العربي – الإسلامي ، قد حكتها قوانين التطور التي تقوم على التراكم والقطيعة ، ومن هذا المنطلق تطرح ضرورة إعادة النظر في تمثل الموروث الثقافي . ذلك ان عصر الانحطاط العربي ارتبط اختزال الحضارة العربية – الإسلامية في المعتقد الديني ، ليس كمعتقد مفتوح للتأويل ، ومرتبط بالممارسة الإنسانية . بل كدوغمائية جامدة . وبقدر ما يلح الخطاب القومي على وحدة اللغة والدين ، يؤكد على وحدة التاريخ البشري ، مع العلم ان هذه " الوحدة " إنْ شكلت اطارا حضاريا وثقافيا تميز بالتنوع والاختلاف ، فانها لم تتحقق على مستوى الكيان السياسي الا على المستور الرمزي . ان مسألة الفكر القومي بصدد الإقرار بوحدة اللغة والدين والتاريخ ، باعتبارها تمظهرات للماهية التي يسعى هذا الفكر تحديدها ، تستوجب كذلك طرح التساؤل بصدد مفهوم الامة ، وذلك بغية الحدود الابستمولوجية في مختلف استعمالات المفهوم . فهل استطاع الخطاب القومي تجاوز الأرضية الثيولوجية Théologique التي يتأسس عليها مفهوم الامة وتأسيس الأرضية الفلسفية النظرية والحقوقية ؟ ، ذلك ان مفهومي الامة والدولة ارتبطا في التقليد الغربي – الأوربي بتاريخ طويل من المرحلة اليونانية الى المرحلة المعاصرة . تقليد اقترن بتأصيل فلسفي ونظري صاحبه ابداع مفاهيم القانون ، والحق ، والحرية وغيرها . انطلاقا من المعطيات السابقة ، تتوضح الجوانب الميتافيزيقية في الخطاب القومي كخطاب ماهوي ، في حين ان تجليات هذا الخطاب على المستوى السياسي ، والتي تتمحور أساسا حول مفهومي التحرير والاشتراكية ، قد جازفت بإمكانية الغاء المكتسبات النظرية الفلسفية والسياسية في هذا المجال . ومن هنا فقرها النظري الذي تم تبريره باسم الخصوصية والاستقلال الفكري . وبهذا المعنى تتوضح خلفياتها الأيديولوجية باعتبارها تعبيرا عن مطامح فئات اجتماعية وهي الفئات الوسطى أساسا ، تلك المطامح اتي كان ينظر اليها من مطلقيتها باعتبارها " مطامح الشعب – الجماهير – الفئات العاملة " . ان الخطاب القومي يجد نفسه اليوم امام ضرورة صياغة الإجابات بصدد مجموع تساؤلات أساسية تتعلق باشكالية المشروع – المجتمعي والذي يستوجب تحديد النموذج السياسي ، وطبيعة النظام الاقتصادي ، وكذلك الاستراتيجية العالمية . ذلك ان المجتمع الدولي يقوم على استراتيجيات متنافسة ، تسعى كل واحدة منها لبسط هيمنتها وسطوتها . ان تحقيق هاته المهمة الثلاثية الابعاد على مستوى التأسيس النظري ، يبرز أهمية العمل الفكري ، ومسألة المشروع الثقافي كأداة لتثوير البنيات المجتمعية والذهنية . ( يتبع ) .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الخطاب السياسي ( 1 )
-
السلف . هل حقا كان سلفا صالحا ، ام كان في حقيقته سلفا طالحا
...
-
في البطريركية السياسية
-
تغول بوليس الدولة البوليسية السلطانية
-
استراتيجية الاختراق الإسلامي للجامعة ومنها للمجتمع
-
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
-
التحالف ضد الشعب
-
حين يكذب الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون ، على رئيس جزائري غا
...
-
هل حقا أهان النظام الموريتاني النظام المغربي ؟
-
في الكتلة التاريخية او الجبهة التقدمية
-
جواب الديوان الملكي ، و( المعارضة ) الشاردة والتائهة .
-
حين يصبح القصر في نفس مستوى حزب . فتلكم مهزلة . فهل بلغ الضع
...
-
العمل الجمعوي والصحوة الديمقراطية .
-
إيران . السعودية . حزب الله . البوليساريو
-
إشكالية الصحراء الشرقية
-
الديمقراطية معركة مستمرة وشاملة
-
نحو تجاوز تردي الوضع بالمغرب . مشكلة الصحراء مشكلة انعدام ال
...
-
نحو تجاوز تردي الوضع بالمغرب . مشكلة الصحراء مشكلة انعدام ال
...
-
نحو تجاوز تردي الوضع بالمغرب . مشكلة الصحراء مشكلة انعدام ال
...
-
نحو تجاوز تردي الوضع بالمغرب . مشكلة الصحراء مشكلة انعدام ال
...
المزيد.....
-
وصول سجناء فلسطينيين مفرج عنهم إلى الضفة.. ونقل بعضهم للمستش
...
-
أول تعليق من نتنياهو بعد إطلاق سراح 3 رهائن جدد من غزة
-
سوريا.. قتلى وجرحى بانفجار سيارة مفخخة قرب -دوار السفينة- وس
...
-
المرشح الرئاسي في رومانيا يؤكد أن سياسات كييف تؤجج الصراع
-
السودان.. مئات القتلى والجرحى إثر قصف لبعض الأحياء وسوق صابر
...
-
القائد العام للقوات الأوكرانية يشير إلى ضعف التدريب النفسي ل
...
-
موسكو: من المثير للاستياء أن غوتيريش لم يذكر خسائر الاتحاد ا
...
-
محكمة بريطانية تسمح بمراجعة قرار الحكومة بيع مكونات لمقاتلات
...
-
فيديو: هكذا سلمت حماس الرهينة الأمريكي الإسرائيلي كيث سيغل ف
...
-
دراسة دولية: اتكال ألمانيا على نجاحاتها السابقة أوقعها في مأ
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|