|
وجود حكومة فاشية فرصة تاريخية لعزل إسرائيل وملاحقتها*
نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)
الحوار المتمدن-العدد: 7571 - 2023 / 4 / 4 - 15:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نهاد أبو غوش • كيف تفسرون الاحتجاجات الأخيرة في داخل الكيان الإسرائيلي - مع أن الاحتجاجات الأخيرة داخل دولة الكيان الصهيوني تركزت حول مشروع التغييرات القضائية التي باشرت الحكومة القيام بها، إلا أنها كشفت عن مجموعة من التناقضات والانقسامات الداخلية العميقة، أبرزها الانقسام بين اليهود الغربيين (الأشكناز) والشرقيين (السفاراديم والمزراحيم)، وكذلك بين المتدينين والعلمانيين، والمستوطنين وسكان مدن الساحل، بين مؤيدي الاحتلال والضم والاسيتطان، وبين بقايا معسكر السلام والوسط ومؤيدي الانفصال عن الفلسطينيين. خلافا للتناقض الأبرز بين اليهود الإسرائيليين وبين أصحاب الأرض الفلسطينيين العرب. في بداية تأسيسها حاول مؤسسو إسرائيل وقادة الصهيونية اعتماد سياسة أسموها "بوتقة الصهر" لتسوية هذه الخلافات والتناقضات وخلق شخصية الإنسان اليهودي الإسرائيلي الجديد، لكن هذه السياسة فشلت فشلا ذريعا بسبب طابعها العنصري، والتناقضات ما تزال تترسخ يوميا من خلال فروق ملموسة في الثقفة والعادات والتقاليد واللجة وأسلوب الحياة وأماكن السكن وأنماط التصويت والمشاركة السياسية. معارضو الحكومة يخشون أن خطة إضعاف القضاء ليست سوى المقدمة لفرض نظام استبدادي، وسيطرة جماعات متطرفة دينيا وصهيونيا على كل مجالات الحياة بما يمس حتى الحقوق والحريات الفردية والمدنية، وليس من باب الصدفة أن انطلقت تحذيرات جدية منخطر الحرب الأهلية لأن ما يجري يمثل استقواء جماعات متطرفة بأجهزة الدولة لفرض هيمنتها على كل شيء. • ما علاقة هذه الاحتجاجات بالاحتلال والصراع مع الفلسطينيين - الاحتجاجات ظهرت وكأنها شأن داخلي لا علاقة له بالاحتلال والقضية الفلسطينية، ولن الترابط جوهري وقائم في كل تفاصيلها، من يحكم إسرائيل الآن هو تحالف اليمين واليمين الفاشي المتطرف الذي يعتمد أساسا على المستوطنين، ويريد تصفية القضية الفلسطينية وحسم الصراع مع الفلسطينيين بالقوة ودون أية مفاوضات، ولذلك يريد هذا اليمين إزالة أية كوابح تعيق تنفيذ مخططاته الاستيطانية والتوسعية. من جهة أخرى من يعتمد سياسات وحشية ودموية تستهين بحياة الفلسطينيين وحقوقهم، لا يمكن له أن ينقلب إلى حمل وديع في الشأن الداخلي، دائما للفاشية وجهان وجه عدواني تجاه "الآخر" القومي أو الديني أو العرقي، ووجه قمعي تجاه "الآخر" من ابناء جلدتها عبر معاداة الديمقراطية وحقوق الانسان واضطهاد المعارضة. ولا ننسى أن الأزمة الأخيرة هي انفجار لتناقض مستحكم وهو التناقض بين يهودية دولة إسرائيل وديمقراطيتها، حيث تعرف إسرائيل نفسها بأنها دولة يهودية وديمقراطية، فكلما ظهر هذا التناقض في القوانين والتشريعات والسلوك السياسي، ينحاز قادة إسرائيل للطابع اليهودي على حساب الديمقراطي. اتساع الاحتجاجات ووصولها إلى صفوف الجيش وقطاع الاعمال ثم وصول التصدعات إلى داخل الائتلاف الحاكم وحزب رئيس الوزراء (الليكود) دفت نتنياهة إلى التراجع والانحناء أمام العاصفة لعله يعيد ترتيب صفوفه وأوراقه. • كيف تفسرون التصعيد الأخير ضد الشعب الفلسطيني - التصعيد الاسرائيلي ضد الفلسطينيين ليس مجرد حوادث أمنية متفرقة بل هو بتنفيذ لبرنامج هذه الحكومة، الذي انتخبت أحزابها، وتشكل ائتلافها ونالت ثقة البرلمان على أساسه، وهذا البرنامج يعتمد التصعيد على كافة الجبهات: في القدس بمحاولات فرض السيادة الإسرائيلية المطلقة على المدينة وتهويدها وفصم ارتباطها بالشعب الفلسطيني، وتغيير الوضع التاريخي في المسجد الأقصى وتنفيذ مخطط اتقسيم الزماني والمكاني، إلى السيطرة على أوسع مساحات أراضي الضفة من خلال توسيع الاستيطان والضم الزاحف لكل المناطق المصنفة (ج) ومساحتها نحو 62% منمساحة الضفة، وكذلك مواصلة اقتحامات المدن وتنفيذ عمليات الاغتيال ومحاولات اجتثاث المقاومة وكل مظهر من مظاهر رفض الاحتلال، إلى جانب مواصلة إضعاف السلطة ومحاولة اختزال دورها في الجانبين الأمني والسياسي، إلى مواصلة التنكيل بالأسرى ومحاولات كسر إرادتهم. كما أنه ليس مستبعدا أن تلجأ حكومة نتنياهو في ضوء أزمتها الداخلية إلى تصدير هذه الأزمة وتنفسيها بالتصعيد ضد الفلسطينيين أو افتعال معارك للإيحاء أن اسرائيل تواجه خطرا إرهابيا أو وجوديا ينبغي معه تأجيل الخلافات الداخلية. • ما هي قضية الحرس الوطني المنوي تشكيله وما هو خطرها - فكرة تشكيل الحرس الوطني واردة في الاتفاق الائتلافي بين نتنياهو والوزير المتطرف ايتامار بن جفير، وهي محاولة من هذا الأخير لإضفاء الشرعية على تشكيلات ميليشوية قائمة فعلا، وهي عصابات منظمة للمستوطنين تقوم باعتداءات يومية على الفلسطينيين وقراهم وأملاكهم، وهؤلاء هم الذين نفذوا الهجوم الوحشي على بلدة حوارة "محرقة حوارة"، التشكيلات الميليشوية هذه هي تتويج لمجموعات اجرامية مثل شبيبة التلال، ومجموعات تدفيع الثمن، و"إرهاب ضد الإرهاب"، وسبق لقادة المستوطنين والمتطرفين أن استخدموا هذه الجماعات للتصدي للفلسطينيين الذين انتفضوا في مدن الداخل عام 2021، كما أن هناك مجموعة متطرفة في القدس ومحيطها مثل جماعات "لافاميليا" دعاهم بن جفير للانضمام للحرس الوطني، اذن قادة المتطرفين يريدون تنظيم هذه العصابات ومنحها مزيدا من الموازنات والمقرات والتسهيلات، وتوظيف عدد كبير من عناصرها على كادر الدولة، مع احتفاظها بطابعها الأقرب إلى الميليشيات والعصابات، ولكن يبدو أن الطريق إلى تشكيل هذا الحرس سيكون صعبا وشائكا في ضوء معارضة الشرطة والأجهزة الأمنية. • ما المطلوب فلسطينيا وعربيا - وجود حكومة الفاشيين والمتطرفين يمثل فرصة تاريخية لعزل إسرائيل وملاحقتها دوليا ومقاطعتها وفضح سياساتها وفرض العقوبات عليها ولكن ذلك يستوجب بالدرجة الأولى ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني واستعادة الوحدة واعتماد برنامج عمل وطني موحد، يوائم بين كل أشكال النضال السياسي والجماهيري والدبلوماسي والقانون والمقاوم، هذا الموقف هو الذي يمكّن من إعادة بناء موقف عربي موحد داعم للحقوق الفلسطينية ومقاوم للتطبيع، كما يمكنه أن يعيد بناء الجبهة العالمية الداعمة لفلسطين وشعبها، وتوليد ضغط متواصل على كل صناع القرار في العالم من أجل لجم العدوان الإسرائيلي وقطع الطريق على نظام الأبارتهايد الذي تقيمه إسرائيل في فلسطين. *مقابلة مع جريدة المغرب التونسية أجرتها وفاء العرفاوي
#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)
Nihad_Abughosh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نتنياهو يأخذ وقتا مستقطعا لاحتواء العاصفة
-
إذن يستطيع بايدن الضغط على حكّام إسرائيل!
-
شهوة السلطة أعمت نتنياهو عن إدراك الحقائق
-
عملية حوارة وتصاعد المقاومة في الضفة
-
تصاعد خطر المستوطنين وإجرامهم (2 من 2)
-
تصاعد خطر المستوطنين وإجرامهم (1 من2)
-
عن الاعتراف بدولة إسرائيل
-
بن غفير فاشي أزعر ذو سوابق ونتنياهو أسير له
-
بين حماية السلطة وحماية الشعب الفلسطيني
-
هل تندلع حرب أهلية في إسرائيل ؟
-
إسرائيل ولجنة مكافحة الإرهاب: حاميها حراميها
-
رواية -مجيدو- المشوشة
-
سياسات حكومة نتنياهو: وجهان لعملة فاشية واحدة
-
عنف المستوطنين
-
سُلطة ومعارضة
-
المجتمع الدولي مطالب بمنع نكبة جديدة
-
احتجاجات داخلية إسرائيلية في وجه الفاشية
-
النقابات: قوة وشرعية تمثيلها لمنتسبيها
-
أبوغوش: للمستوطنين ميليشات وتشكيلات مسلحة
-
فتح بين كونها حزب سلطة وحركة تحرر (2 من2)
المزيد.....
-
نتنياهو يبحث المرحلة الثانية من اتفاق غزة خلال زيارته إلى أم
...
-
السودان: أكثر من 60 قتيلا في هجوم لقوات الدعم السريع على سوق
...
-
هيغسيث: -داعش- تكبدت خسائر جراء الضربة الأمريكية في الصومال
...
-
قلق في إسرائيل بسبب منصب رئيس وفد المفاوضات مع حماس
-
وزير الخارجية المصري: لن تنعم المنطقة بالسلام ما لم تقم دولة
...
-
تقدم روسي.. وترمب يصر على الحل بأوكرانيا
-
لقطات جوية من مكان تحطم طائرة طبية في مدينة فيلادلفيا الأمري
...
-
بولندا.. مرشح المعارضة للرئاسة يتعهد بإعادة 20 مليون بولندي
...
-
ويتكوف ونتنياهو يتفقان على بدء مفاوضات المرحلة الثانية لوقف
...
-
الدفاع الروسية: القوات الأوكرانية ارتكبت جريمة حرب جديدة بقص
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|