|
حديث البيدق / شيفرة التاريخ و أزرار الحقيبة النووية.4/4
نورالدين علاك الاسفي
الحوار المتمدن-العدد: 7571 - 2023 / 4 / 4 - 10:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نورالدين علاك الاسفي. [email protected]
و لم يذهب الامر بعيدا؛ فعلى خلفية إعلان روسيا نيتها نشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروس. أعلن البنتاغون أنه لا يسعى لزيادة مستوى جاهزية القوات النووية الأمريكية، وقال في تقريره: "لقد رأينا تقارير عن إعلان روسيا (نشر أسلحة نووية في بيلاروس).. لم نر أي سبب لتغيير استعداد قواتنا النووية ، ولا أي مؤشر على أن روسيا تتحضر لاستخدام أسلحة نووية".وبحسب البنتاغون، فإنه لدى البيت الأبيض الموقف نفسه حول المسألة.وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قد أعلن أن موسكو ومينسك اتفقتا على نشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروس من دون انتهاك الالتزامات الدولية.وأوضح بوتين أن روسيا لن تسلم أسلحة نووية إلى بيلاروس، لكنها تفعل ما كانت تقوم به الولايات المتحدة منذ عقد من الزمان؛ و الحاصل أن مهما كان النبي شريفا في بواعثه فانه مضطر إلى أن يكفر عن كل " الأنبياء الأدعياء" (كيسنجر: النظام العالمي -ص 382) و كان أن خرج جون كيربي عن طوره بعد منح شويغو وسام الشجاعة لطاقم المقاتلة التي اعترضت مسيرة أمريكية في البحر الأسود.دفع زاخاروفا المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إلى الكتابة ساخرة: "جون، أتفهم انزعاجك، فقد فقدتم الطائرة المسيرة، ولا يمكنكم حتى الحصول على حطامها. لكن حافظ على أعصابك، لأن هناك الكثير من اللحظات الصعبة في انتظارك، وتحتاج إلى رعاية أعصابك". في استخفاف جلي لا قدرة على دفعه. فبالأحرى تلقيه و العمل على الخوض فيه. لكن قرار بوتين نشر أسلحة نووية تكتيكية على أراضي بيلاروس أحبط مخططات واشنطن لإضعاف روسيا. ولم يكن مجرد رد على استفزازات الناتو السابقة والحالية، بل ردا استباقيا على الإجراءات المستقبلية المحتملة من جانب الولايات المتحدة". التي تنشر منذ فترة طويلة أسلحتها النووية التكتيكية على تخوم روسيا، مما يشكل تهديدا خطيرا لأمنها القومي". فالتاريخ لا يجود بالإمهال على بلدان تضع التزاماتها أو إحساسها بالهوية كرمى لعين مسار يبدو أقل وعورة". (كيسنجر: النظام العالمي ص362) فتصرفات البيت الأبيض ترعى رغبة ممضة في إضعاف روسيا وبالتالي الحفاظ على الهيمنة الأمريكية على العالم. فواشنطن لا تريد أن ترى روسيا تنتصر، وإذا خسرت أوكرانيا، فهذا يعني أن الناتو سيخسر، وستفقد الولايات المتحدة القيادة العالمية والهيمنة، وهذا ثمن لا يمكنهم تحمله. قد تؤدي سياسة واشنطن هذه إلى عواقب وخيمة. و هي ترعى نظاما على قواعد الحديد و النار. تدفع به إلى حافة الهاوية. و كان في صدور قرار الرئيس الروسي نشر أسلحة نووية تكتيكية "ردع الغرب" عن دعم أوكرانيا المطلق .لقد لوّحت روسيا فعليا بالأسلحة النووية، وقد فعلت ذلك بنجاح منقطع النظير، دون إطلاقها بالمعنى الحقيقي للكلمة. لينتهي الأمر ببوتين إلى صياغة الإستراتيجية الجديدة للسياسة الخارجية الروسية. حيث تعتبر الوثيقة الولايات المتحدة الأمريكية المحرك الرئيس والمصدر الأساس للسياسة المعادية لروسيا وأكبر تهديد يواجه العالم وتطور البشرية. و سوف تستخدم روسيا الجيش لصد ومنع أي هجوم مسلح ضدها أو ضد أي من حلفائها. وستتعامل مع الدول الأخرى بالمثل. كما ستهتم روسيا على نحو خاص بتعزيز العلاقات والتنسيق بشكل شامل مع مراكز القوة العالمية الصديقة: الصين والهند. وكما ترى الوثيقة المشروع الرائد بالنسبة لروسيا في القرن الحادي والعشرين هو تحويل أوراسيا إلى مساحة متكاملة يعمها السلام والاستقرار والازدهار. فروسيا تعرّف نفسها بأنها معقل العالم الروسي ومهد إحدى الحضارات الأصيلة التي تحافظ على التوازن العالمي. و تعد مكافحة "الروسوفوبيا" (رهاب الروس) في مختلف المجالات من أولويات السياسة الإنسانية لروسيا في الخارج. كما تعارض روسيا سياسة خطوط التقسيم في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. و سيكون القضاء على "أساسيات الهيمنة" من جانب الولايات المتحدة والدول الأخرى غير الصديقة في الشؤون الدولية إحدى أولويات روسيا. كما ستسعى جاهدة إلى تشكيل نظام عالمي يوفّر أمنا موثوقا به ويضمن تكافؤ الفرص بالنسبة للجميع. و تحقيق الأمن المتساوي لجميع الدول على أساس مبدأ المعاملة بالمثل. إن ما عملت أمريكا له ردحا من الزمن؛ و كان خليقا بها مراعاته و الحيطة منه؛ بات للعيان حقيقة بادية.لا تملك أمامها فرصة غض الطرف؛ بله اشاحة وجهها و تجاهل حقيقة التاريخ و هي لا تملك لأزرارها شيفرة منها. فقد طال بها الأمد في تيه مقيم من فرط مناورات السوق و التلاعب بالأسعار و إصدار الدولار المنخور. و لم يكن ليفوت هذا كيسنجر؛ و هو يسجل من خبرته في قراءة التاريخ: فما من" نظام عالمي" كوكبي فعلا سبق له أن كان موجودا بالمطلق. و ما يعد نظاما في زماننا تم اجتراحه في أوربا قبل نحو أربعة قرون. في مؤتمر السلام بمنطقة وستفاليا الألمانية. عقد دون انخراط بل و حتى علم أكثرية القارات أو الحضارات الأخرى. (كيسنجر: النظام العالمي -ص (13). و الحاصل من حكمة الزمن أن عجلته لن تتأخر في الالتفاف على كل عقبة كأداء. و لن تأل جهدا في تجاوز من يقف دونها و متابعة سيرورتها بارادة جدلية؛ لسان حالها لن يفتأ يصدع؛ إن التاريخ لا يعيد نفسه إلا ليغدو ملهاة بعد أن صار مأساة. فحرب الأهواء النووية لها من الأهوال ما لها؛ أما صيرورة التاريخ فستحدث بأخبارها. --------------- (1) انظر بهذا الصدد ترجمتنا لمقال: هل ستنشئ الولايات المتحدة فيلق الموت؟ دانيال دبليو دريزنر https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=787334 (2)The strategic mind of ZBIGNIEW BRZEZINSKI: How a native pole .John Bernell White B.A., University of Mississippi, 1999 May 2012 (3) للتوسع انظر: حرب بوتين على النظام الليبرالي - فرانسيس فوكوياما https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=763448 (4) https://ar.qantara.de/content/hwr-m-zbygnyw-bryjnsky-l-lgrb-lw-ykrr-lkht-lswfyyty-fy-fgnstn (5) للمزيد انظر ترجمتنا :لقد انتهى زمن نصف التدابير - ألكسندر دوغين https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=774690 (6)الحرب للتحقق من الواقع. الكسندر دوغين https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=756713 (7) هنري كيسنجر النظام العالمي. تأملات حول طلائع الأمم و مسار التاريخ ترجمة فاضل جتكر. دار الكتاب العربي. بروت لبنان. 2015 . ص 378. (8) في أفول العولمة. جوزيف إي ستيجليتز https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=758789
#نورالدين_علاك_الاسفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل ستنشئ الولايات المتحدة فيلق الموت؟ دانيال دبليو دريزنر 2/
...
-
هل ستنشئ الولايات المتحدة فيلق الموت؟ دانيال دبليو دريزنر 1/
...
-
أنصار الثقافة - ألكسندر دوغين
-
رسالة مفتوحة - أومبرتو إيكو 2/2
-
رسالة مفتوحة - أومبرتو إيكو 1/2
-
رسائل الحب الرائعة لحنة أرندت و مارتن هايدغر 1/3
-
رسائل الحب الرائعة لحنة أرندت و مارتن هايدغر 2/3
-
رسائل الحب الرائعة لحنة أرندت و مارتن هايدغر 3/3
-
- ساحر الكرملين - رواية الغوص في أسرار بوتين والتأمل البارع
...
-
- ساحر الكرملين - رواية الغوص في أسرار بوتين والتأمل البارع
...
-
حنة أرندت. عن الحب و الخوف من ضياعه.1/4
-
حنة أرندت. عن الحب و الخوف من ضياعه.2/4
-
حنة أرندت. عن الحب و الخوف من ضياعه.3/4
-
حنة أرندت. عن الحب و الخوف من ضياعه.4/4
-
من الأركيوحداثة إلى الإمبراطورية - ألكسندر دوغين.
-
إنفانتينو.. ما هي مشكلتك!؟ اللاعب أشرف حكيمي.
-
محمد شكري.. في الحاجة إلى أسطورة.
-
لقد انتهى زمن نصف التدابير - ألكسندر دوغين 1/3
-
لقد انتهى زمن نصف التدابير - ألكسندر دوغين 2/3
-
لقد انتهى زمن نصف التدابير - ألكسندر دوغين 3/3
المزيد.....
-
كيف يستعد الجنود من المتحولين جنسيًا لمواجهة ترامب بإعادة تش
...
-
الصين تحتفل ببداية عام الأفعى وسط طقوس تقليدية وأجواء احتفال
...
-
توجيه إسرائيلي لمعلمي التاريخ بشأن حرب أكتوبر مع مصر
-
الجزائر تسلم الرباط 29 شابا مغربيا كانوا محتجزين لديها
-
تنصيب أحمد الشرع رئيسا انتقاليا لسـوريا
-
منتقدا الاحتياطي الفيدرالي ورئيسه.. ترامب يطلق العنان لمبادر
...
-
أمريكا.. السجن 11 عاما للسيناتور السابق مينينديز جراء إدانته
...
-
الرئيس السوري أحمد الشرع يطلب من روسيا تسليم الأسد
-
إصابة 24 شخصا بغارتين إسرائيليتين على النبطية.. -لم يستطيعوا
...
-
إعلام: المراحل المقبلة من وقف إطلاق النار في غزة تواجه عقبات
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|