تبصير في فنجان ترامب

طارق الهوا

الحوار المتمدن-العدد: 7569 - 2023 / 4 / 2 - 09:07
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    

بعيداً عن مشهد 36 ألف شرطي و أكثر من خمسمائة كلب مدّرب لتأمين وصول الرئيس السابق دونالد ترامب إلى "محاكمته السياسية" في نيويورك، هناك سؤال منطقي محيّر: لماذا يصّر الليبراليون واليساريون وأعضاء الحزب الدمقراطي ولوبي الاخوان المسلمين في اميركا على تعقّب الرجل منذ أعلن نيته الترشح للرئاسة، وأثناء فترة رئاسته وبعدها، وأثناء حملة ترشحه للرئاسة مرة ثانية. كل مرحلة فاقت حدتها وأسلحتها القانونية السابقة عليها.
اجابات مثل عنصري أو بغيض أو مجنون لا ترضي أي عاقل.
لماذا لم تتم محاكمة أي رئيس أميركي سابق رغم أن بعضهم يستحقها؟
على منوال العلاقة الجنسية خارج اطار الزواج ومحاولة التستر عليها سواء بالكذب أو المال، لماذا توقفت اجراءات محاكمة الرئيس السابق بيل كلينتون على استعمال البيت الأبيض، وتحديدا مكتب الرئيس البيضاوي، لتمارس مونيكا لوينسكي ما مارسته معه عدة مرات (قالت مداعبة قضيبه بفمها حتى قذفه على ملابسها).
اجراءات عزل كلينتون توقفت باستفتاء شعبي كان لصالحه كما زعموا، ورغم اعترافه وندمه للأمة وبقايا منوياته التي احتفظت بها لوينسكي لتلاحقه بعد مغادرة البيت الأبيض، تمت تبرأته في مجلس الشيوخ، وأكمل فترته الرئاسية.
إذا قرأنا من زاوية أوسع فنجان الرئيس السابق دونالد ترامب، قد نرى انه يُلاحق بضراوة واصرار لأنه ضد ما يُسمى Great Reset، ويعني إعادة هيكلة الدول والمواطن والتعليم والانتماء إلى جنس محدد بالولادة، لتكون كل هذه الأمور مجرد ذكرى في تاريخ الانسان، ويبدأ حكم الشركات الرقمية التي ستجعل كل ما ومن يوجد على الكوكب مجرد رقم في خوارزمية الشبكة.
هذه الخطة الدافوسية (نسبة إلى منتدى دافوس الاقتصادي الذي يخطط لمستقبل العالم) انضمت إليها الأطياف التي ذكرتها، كل حسب طموحاته وأحلامه منها، ودول مثل هولنده وكندا وألمانيا وبريطانيا.
دخول الولايات المتحدة إلى خطة Great Reset سيعطي قوة دفع هائلة لمشروع سينتهي بكارثة، أسوأ بكثير من نتائج مصيبة استعمال الاسلام السياسي لصد الشيوعية.
كان ترامب لا يثق في هذا المنتدى رغم أنه هو شخصيا اقتصادي وسياسي.
القاضي والمدعي العام المكلفان بقضية رشوة ممثلة اباحية للسكوت على علاقتها مع ترامب منذ 17 سنة، شخصان يدريان أو لا يدريان أنهما يهزان النظام الأميركي نفسه، لأن الانقسام الاجتماعي والسياسي اللذين سيحدثان بعد هذه الزوبعة القضائية التي ربما تنتهي إلى لا شيء أو تحرير جنحة لا قيمة لها، أكبر بكثير مما يتخيله شخصان لا يفهمان سوى القانون.
هذه القضية لو نجح اللوبي الذي يحرك القاضي والمدعي العام بإصدار حكم فيها، لن يستطيع ترامب بعده خوض سباقه الرئاسي مرة ثانية، وهذا هو المطلوب من أصحاب نظرية Great Reset.
وإذا فشلوا فتحالف إعادة التصفير المتعاون مع الليبراليين والحزب الدمقراطي الأميركي واليساريين (الذين فقدوا مضمون اليسارية الأصلي وأصبحوا باعة متجولين لأي فكرة ومن يدفع) والاخوان المسلمين، سيكون قد نجح في تسليم قنبلة موقوتة لدونالد ترامب في فترة رئاسته الثانية، لأنه يستحيل منطقياً فوز أي ديمقراطي بعد فترة بايدن، مع عدم نسيان أن مطاردة الساحرات لن تتوقف عن التفتيش عن قضايا أخرى لدونالد ترامب.
شيك قيمته 130 ألف دولار قيل أن ممثلة إباحية قبضته لتصمت على علاقتها برئيس أميركي، حتى وإن سُجل مضمونه في مدفوعات شركات ترامب بطريقة لا تشير للمستَلم، لا يستحق مطلقاً ما يحدث وسيحدث في أميركا.
لقد تحولت الولايات المتحدة إلى ما يشبه بلد متأسلم نسبة الأمية فيه أكثر من 70%، يغلي إذا ظهرت ممثلة في فيلم بمايوه، أو يُحَقَق فيه مع علماني هزم شيخ جاهل متغطرس في مناظرة يوتيوبية.
دونالد ترامب ليس ملاكا. هناك أمر آخر لا شك خلف مطاردته بهذه الطريقة، وأقربها للمنطق رفضه لنظرية Great Reset وتمسكه بأميركا التقليدية التي تجمع معظم شعوب الأرض بدون تذويب ثقافاتهم. الرجل عبّر عن هذا أكثر من مرة بأكثر من طريقة.
الكبار يتحدثون بلغة غير لغة الناس العاديين، ولا شك ان ترامب يعرف أبعاد ما يُحاك لدولة أميركا أولا وله ثانيا، وهو ليس ساذجاً ليقول عن ألفين براغ: "مدعي نيويورك تحت رعاية وتوجيه من وزارة اللاعدل يحقق معي بشيء ليس جناية أو جنحة ولا علاقة غرامية. إن من يصدر ضدي مثل هذا الاتهام مختل منحل".

*للموضوع مقال آخر لتوضيح معنى Great Reset أكثر

#طارق_الهوا (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات