كاظم حسن سعيد
اديب وصحفي
الحوار المتمدن-العدد: 7567 - 2023 / 3 / 31 - 12:57
المحور:
الادب والفن
نحن المحكومين بالفوران ,في اقصى الجنوب , كتب علينا الانصهار في تموز ,لكني استيقظت صباح الجمعة لارفع الملابس الرطبة التي علقت على الابواب والشبابيك وغسالة كئيبة . رعد ومطر !!..من سنوات لم يمر علينا رمضان في سماء مكفهرة , تسهو احيانا فيقطر ضوء الشمس الخافت من بين السحاب , صحوت اتابع نشرات الانباء والمجلات والمواقع ,وللرد على الف رسالة خاسرة ( رمضان كريم وجمعة مباركة ), تلك الرسائل التي طالما وتّرتني حتى تصورتها تلويحات اياد لغرباء من نوافذ قطار . غادرت حي الصخب وعدت اخيرا الى الريف موطن الاجداد , فلم يعد يطرق الباب العشرات من الشحاذين ولا مكبرات الصوت (غاااز .. طحين للبيع .. مكيف للبيع ),وتنقيت من طرقات اكفهن (نريد ثوما ,ملحا , او رغيف ) , غادرت تلك العيون التي تتصيدك على بعد شط فتتدخل حتى في نخاعك الشوكي , هنا الابواب مقفلة حتى بامكانك ان تتجول في الزقاق ربع عار لولا خشية الكاميرات التي تترصد : الكامرات ..لبعضهن شاشتهن على العالم ,فتثبت في المطبخ , ومع غسل الملاعق والاقداح ورائحة السمك المقلي , يطعمن الفضول بوجبة ثرية .
لكني صحوت مع صفارات الرعد لاكتشف ما توقعته عقربا اسود في غرفتي ,ظهر ممدوداعلى ظهره فحركته بعقب سيجارة , كان متخشبا , رغم ذلك عالجته بالنعال فتقطع ورميته خارج المنزل , بعدها صورته لاتاكد لاحقا .بعد ساعة لم يكن عقربا .
ليلة امس ,عثرنا على عقرب اسود قرب الباب من الداخل فدخلوا الانذار ,وتعالت الصيحات ..ومع انهم ازهقوه بالمكنسة والاحذية لكنه ظل يبث فيهم الرعب وتوتر الصغار ,وصدرت الاوامر بان ناتي بعلبة سائل فتاك مع طلوع الشمس , وان تنطلق حملة كنس شاملة في محيط البيت وحوله , وجمعت السلع الزائدة وبدؤوا برميها خارج المنزل .
من سنوات كنا نشيد منزلا من الطوب في احد البساتين الجنوبية ..طرقت بعصا على الباب بعنف ليصحو في ظهيرة تموز ساخطة ,ومضينا شبانا وفتيات .. في الطريق شعرت بحركة على زندي تحت القميص ,فصيرت سبابتي والابهام نصف دائرة وخرطت من اعلى مكان الدبيب فسقط عقرب اصفر , قالت (نجوت من الموت وعليك اطعام فقير ) .. فابتسمت , اما اليوم فقد تذكرت الجواهري :
(رثيت للعقرب اللدغى جبلتها
لفرط ما حملت سما على الابر
لولا مغبة ما تجني ذنابتها
لقلت رفقا بهذا الزاحف القذر ) .
#كاظم_حسن_سعيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟