رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 7565 - 2023 / 3 / 29 - 09:32
المحور:
الادب والفن
ما لهذا الزمانِ تغيّرت ألوانُه
بعدما جفَّ الطلاء!؟
قلوبٌ قد سكن الغِلُّ هضابها
وحبٌّ قد هاجرَ أرضَها والسّماء
وجوهٌ رماديّه
كسحابِ صيفٍ في آب
لا ترى في طيّاتها سوى النفاق
صديقٌ ملءَ الوعودِ حسِبته
رهنَ الاشارةِ فداك
تحسُّ الدِفءَ إن ...؟
غارت يديهِ بيداك
ومتى نُزِعت ...؟
أدركتَ أنَّ الدِفءَ هو
دِفءُ دِماك!
ما لهذا الزمانَ تغيّرت ألوانه
بعدما جفَّ الطلاء ؟ ""
دائما الأسئلة في النص الأدبي تثير المتلقي لأنها تخاطب العقل وتثير المشاعر، وإن يُفتتح النص بسؤال "ما لهذا الزمان" فهذا يجذب القارئ ويستوقفه، فرغم أن اللغة عادية، إلا أنها لغة مثيرة، تحفز العقل على التفكير والتوقف والتأمل، فالشاعر يخاطب عقل المتلقي، وهذا يقربه من النص ليتعرف على أسباب هذا الاحتجاج وعلى الزمن وما حصل في من تراجعات، وبما أن هناك ألوان/طلاء فهذا يتوافق مع رؤية/نظرة القارئ للناس/للزمان، فالتغييرات السلبية هي سمة عامة في المجتمع وفي الأفراد، وهذا التوافق بين رؤية الشاعر والقارئ تجعل النص قريب من المتلقي الذي وجد فيه من يتحدث عن همومه/امتعاضه/احتجاجه على ما هو حاصل.
بعدها يدخلنا الشاعر إلى صدمته وتناقضه مع ما يجري من خلال الحركة: "سكن الغل، حب هاجر" فرغم أن "سكن" تشير إلى الثبات/الجمود، إلا أنها هنا تعطي مدلول حركة سلبية، وبما أن الهجرة ـ فلسطينيا ـ غالبا من تحمل الألم/القسوة، فقد أكد الشاعر هذا الأمر، فهناك هجرة لشيء جميل/الحب، لكن اللافت في الهجرة التي يقدمها أنها خارج الأرض والسماء، بمعنى أنها فقدت المكان/الزمان بصورة مطلقة ولا مجال/مكان لها، لهذا من الاستحالة عودة المهاجر/الحب، فبدت وكأنها هجرة في المجهول، هجرة إلى الضياع/إلى الفقدان/التيه.
إذن هو/نحن في عالم غارق في القسوة، يوضح لنا الشاعر تفاصيل أكثر عن التناقض مع الزمان/الناس/الأفراد من خلال تحديده للون الرمادي، "وجوه رمادية" وبما أن اللون الرمادي يقع بين (وسط/منتصف) الأسود والأبيض، وهذا يعطي إشارة للقارئ أن الشاعر يتعامل مع الأشخاص/الأحداث بصورة حاسمة، أم أبيض أو أسود، ويرفض المنطقة الوسطى.
رغم أن هذا الموقف ليس (صحيحا بالمطلق) إلا أن الشاعر يوضح لماذا اتخذ هذا الموقف من (الوسط/الرمادي)، فيتحدث عن الأصدقاء وكيف أصبحوا يتعاملون معه، وهذا ما جعله بهذه الحدة، بحيث لم يعد يرى سوى السواد المغلف بالأبيض، هذا الواقع المزعج أصبح شبه عام نعاني منه في تعاملنا مع الآخرين.
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟