هاله ابوليل
الحوار المتمدن-العدد: 7565 - 2023 / 3 / 29 - 04:56
المحور:
الادب والفن
اندريه ريو و معــــزوفـــة الشيــــطان
" واحسرتاه يا عجلة القدر الدائرة
هل للشيطان معزوفة!
يقال ان الغناء مزمار الشيطان ولكن "معزوفة الشيطان" أو " هزة الشيطان" أو ما تسمى معزوفة القدر كانت عبارة عن لحن موسيقي و غير مغناة , وهي موسيقى ممقوتة نوعا ما وخاصة عند النساء اللواتي يتطيرن من كل شيء و لما يلصق بها من لعنات لأنها من إبداع الشيطان فهي معزوفة الشيطان
يقال على ذمة(غوسيبه تارتيني) الذي عاش بين (1692 و 1770 ) انه قايض روحه بهذه المعزوفة الخالدة على الة الكمان بان باعها له لقاء هذه الموسيقى التي عزفها الشيطان كما يدعي وعندما إستفاق من حلمه حاول ان يتذكر القليل منها ويحاول عزفها فخرجت هذه المعزوفة الرائعة.
تكمن جماليات هذه المعزوفة بالإيقاع السريع المتصاعد وكأنه يجري حوارا مع الشيطان برتم عالي النبرة وكأنه يقول له عن القدر وافعاله الغريبة وكيف ان الشقاء يلازم الانسان وأوهام السعادة واليأس تتقلب بعجلة الحظ والنصيب عازفا على اوجاع البشرية من اعمال القدر الشريرة لدرجة ان خمس اصابع لا تكفي لعزفها !
تبدأ المعزوفة المغناة بمقطع آفرتونا* وتترجم واحسرتاه
وا نصيباه)
فهل تملك ست اصابع لتعزفها ببراعة !
هل اخبرنا " تارتيني " ان الشيطان اثناء عزفها كان يلعب باصابعه الستة على اوتار الكمان ليخرج لنا هذه التخريجة الحوارية غير المغناة .
انتبه !
كانت غير مغناة , ولكن بعدما جاء الموسيقار الهولندي المستقل" اندريه ريو " وفرقته المكونة من (50)عازف وعازفة غنوها وعزفوها افضل من الشيطان نفسه. وهذا غير مستبعد في عصرنا أن يتفوق البشري على شيطانه
فلا غرو أن يتحول الفالس من ايقاع الى حلبة رقص , و هذا يذكرنا برواية الحب في زمن الكوليرا التي اعتقد صاحبها لسنوات استحالة تحويلها لفيلم , فتحولت لفيلم )فيما بعد
؛ لـ فيلم سيء التقييم حسب موقع الطماطم الفاسدة والخبراء.
أما قصة الشيطان والغواية وشياطين الشعر من الجن و "الشعراء يتبعهم الغاوون" , و فاوست بائع روحه مقابل الملذات الدنيوية والصفقات ,فلا غرو بذلك فقد كانت قصة ان تصبح خادما للشيطان مقابل الشهرة او المال او السلطة شائعة بذلك العصر من نهاية القرن السادس عشر .
وفعليا , تتطلب هذه المعزوفة لـ تارتيني و التي عزفها الشيطان قبله في الحلم ؛ تقنياً هزات من التوقفات المزدوجة صعبة العزف حتى في المقاييس الحديثة كما يقولون .
أما ما يقوله ابن فينيسيا ( البندقية) المولود في مدينة (بيران)التي نحتت له تمثالا في ساحات قريته عرفانا لفنه الرفيع أو تقديرا لشيطانه العازف الرجيم.
يقول عن المعزوفة :
" في إحدى الليالي ، في عام 1713 حلمت بأنني أقمت عهداً مع الشيطان مقابل بيع نفسي له
كل شيء جرى كما تمنيت ، حيث عرف خادمي كل أمنية لدي ، و من بين أمور أخرى أعطيته الكمان الذي يحوزتي لأرى إن كان بإمكانه العزف
كم كانت دهشتي كبيرة لدى سماعي سوناتا في غاية الروعة و الجمال ، لقد جرى عزفها بفن و ذكاء لم أكن لأتصورهما في أشد رحلات الخيال جرأة
كنت أقف بإعجاب ، لقد نقلني إلى عالم من النشوة و السحر ، لم أقو على التنفس فصحوت , فالتقطت الكمان في الحال لعلي أحفظ مقطعاً من المعزوفة على الأقل ، أو ما انطبع من حلمي
لكن عبثاً !
في الواقع كانت هذه الموسيقى التي سمعتها في الحلم أفضل ما كتبت من نوتات على الإطلاق.
ما زلت أدعوها " هزة الشيطان" و لقد كان الفرق بينها و بين ما استطعت حفظه منها كبيراً لدرجة أنني رغبت في تدمير آلتي و قول وداعاً إلى الموسيقى للأبد ، إذا أعطتني كل المتعة الممكنة التي عشتها و التي لا تتكرر "
فى رواية اخرى كتب ما يلى :
“ ان هذا العزف وضيع جداً بالنسبة لما سمعته ، و ددت لو أحطم الكمان و أودع الموسيقى للأبد.”
والمعروف ان الايطاليين الذين يمتازون حاليا بمجتمعات الهزل والضحك إزاء حروب المافيات والعصابات المنظمة
يمتاز الكثير منهم بمخيّلة ابداعية ؛ بقصص على شاكلة اسطورة "فاوست " الذي باع روحه للشيطان ليلبي تعطشه المجنون للعلم والمعرفة ومن شروط المعاهدة بينه وبين الشيطان "أن يقوم ذلك الشيطان بخدمة فاوست لـ ٢٤ سنة ومن ثم تصبح روحه ملكا للشيطان !
فهل الشيطان بمثل هذا الغباء ليشتري روحا غير خالدة و ربما لا تكمل الـ 24 سنة المتفق عليها.
وهنا تتجلى قصة نكران الحساب ويوم القيامة فالشخص يعتقد انه عندما يبيع روحه للشيطان اصبح بمنأى عن يوم العقاب ويوم الحساب.
إنها ببساطة تتكلم عن نكران "يوم القيامة " بالمجمل .
وبعيدا عن المعتقدات وطقوس التديّن والاعتقاد أو النكران
لدي سؤال وجيه
هل يمكن رؤية الشيطان !
هل يعزف الشيطان !
و ما هو شكل الشيطان!
هل يتمتع بعينين عذبتين ام جاحظتين مخيفتين!
هل هو ابيض البشرة مثل الشاه المسلوخة
أم أسود كالعادة للتحقير وتقليل المنزلة !
في اسطورة فاوست لم يخبرنا بشكله بل ببنود العقد والعمل معه لـ 24 سنة
ولكننا عرفنا ان قصة فاوست هي الأسطورة التي انتسبت اليها تسمية كل المعاهدات المبرمة مع الشيطان فيما بعد .
فالموسيقار الايطالي "نيكولا باغانيني" في مقطوعه “رقصة الساحرات” قد ابتدع فكرة الشيطان كعازف معه
لا و بل اقسم البعض على رؤية الشيطان نفسه يساعده في العزف , ولكنهم.للأسف, لم يخبرونا أن كان الشيطان جميلا مثل معزوفته !
؛مخيف لأنه اسود أم لأنه شخص ضخم!
هل عرفت شكل الشيطان الآن!
أو شكل من باع نفسه للشيطان
يا للأسف ؛ يقول لك اسود كالعادة لشعب يتغذى بالعنصرية ويحكم على الشخص من شكله . فالشيطان اسود ودائما له قرون
اما كيف لك معرفة أن الشخص باع روحه للشيطان
فعليك أن تراقب أوشام ظهره , فإذا رأيت علامة عجلة الحظ الدائرية موشومة على ظهره؛ تعني بأن هذا الشخص "أُسس من الجن أو أنه باع روحه للشيطان"، و الحل الوحيد بإنقاذ الفرد نفسه من الشيطان هو "الانتحار.
يقول جونسون أن الأسود المخيف ؛ ويقصد به الشيطان نفسه هو الذي جعله محترفا في الموسيقى بعد إبرام العقد.
وهذا يحيلنا لسؤال ماذا لو تلاعب الشيطان ببنود التعاقد تلك!
ماذا لو قرر الشيطان ان يجعل منك مجرما وشريرا وقاتلا مأجورا !
ماذا لو قرر الشيطان أن ينهي حياتك بسرعة وقبل الأوان .
يبدو أن الشيطان نقض عهده مع جونسون لدرجة انه بعد موته مسموما ؛لم يعرف أحد حتى الآن مكان دفنه.
فهل احتفظ الشيطان بجثته أم أنه تلبسها في ثوب جديد
" لاندريه ريو" الهولندي مثلا !
علما أن لـ " اندريه ريو " الحان بارعة تخرج من قيثارة داود الحانا خالدة مثل معزوفة النصرالحماسية ومعزوفة الأب الروحي و معزوفة أوراق الخريف العذبة
ولا ننسى معزوفة" الدخول الى الجنة " التي مدتها 4 دقائق و 42 ثانية وألفها اليوناني الموسيقي " فانجيليس" الشهير .
لقد ظهرت هذه السيمفونية الرائعة لأول مرة سنة 1992 في فيلم لريدلي سكوت يحمل نفس العنوان(1492 Conquest of Paradise), ولاقت استحسانا كبيرا في أغلبية دول العالم بحيث اصبحت مدخلا موسيقيا يدخل منه العرسان لصالة الأفراح لسنوات عدة وكأن الدخول لقفص الزوجية دخولا رمزيا للجنة الأرضية التي هي بديل عن الجنة السماوية ؛ رغم فسادها .
أما على صعيد الفنانين فقد حامت تلك الشكوك حول الليدي غاغا* التي وبعد سنوات طوال من التخفي تحت شعر مستعار وحواجب ورموش اصطناعية وكأنها ابنة الجان الأحمر نجدها وقد نزعت كل تلك البهرجة وظهرت في فيلمين * بشكلها الحقيقي غير اللافت اطلاقا والذي لم ولن يكون لها كمساعد في الحصول على الشهرة التي تحصلت عليها بغرابة اطوارها تلك .
( اعتقدت جاجا أنه بتخليها عن باروكة الجن واظافر الشيطان وملابس العفاريت قد تحصل على اوسكار بعد تمثيلها لفلمين غنائيين موسيقيين,ولكن هيهات هيهات
(إلاّ إذا تدخل كتاب التدخل السريع من الجن والعفاريت والشياطين بذلك هههه , فالشيطان يرتدي برادا " كما يقولون في فيلم يتحدث عن الأزياء والماركات ).
فهل العَقد مع الشيطان هو اكذوبة المشاهير والعباقرة ؛ لمزيد من الشهرة والتألق والمال الوفير !
ولماذا تنسب العبقرية للشيطان لدرجة انه عند العرب وادي للشياطين يسمى" وادي عبقر"
تتلخص اسطورته بأن من اراد الشعر عليه ان يبيت في "وادي عبقر" ليلة كاملة , حيث توجد شياطين الشعر هناك ؛ فــ إما أن يختاره احدهم , فيخرج من الوادي ,بعد تلك الليلة الطويلة بمجاورة الشياطين, شاعرا عبقريا يقرض الشعر و يبهر الأجيال القادمة من بعده
ألم يقل امرؤ القيس فى معلقته الشهيرة
: " أَلا أَيُّها اللَيلُ الطَويلُ أَلا اِنجَلي بِصُبحٍ وَما الإِصباحُ مِنكَ بِأَمثَلِ فَيا لَكَ مِن لَيلٍ كَأَنَّ نُجومَهُ بِكُلِّ مُغارِ الفَتلِ شُدَّت بِيَذبُلِ
أو قد يُرفض طلبه فلا يجد شيطانا يتبناه ؛فيخرج من الوادي مجنونا يهيم على وجهه في القفاري الرملية من اراضي نجد المعروفة .
والغريب ان للشياطين اسماء معلومة ؛ فمثلا النابغة الذيباني كان اسم شيطانه "هاذر بن ماذر" وزميله بالشيطنة "لافظ بن لاحظ" هو شيطان امرؤ القيس و شيطاني اسمه منحوس بن مقروص وغيرهم من شياطين ستولد لاحقا وتتلبس بالشعراء والعلماء والفنانين واصحاب السوابق وكتاب التدخل السريع ورعاة التطبيل والتصفيق والرقص على الحبال كالبهلوانات في سيرك الحياة المتنقل .
فهل ننسب الاشعار بعد ذلك للشياطين أم لأصحابنا مثل " تأبط شرا " من عصر الجاهلية الأولى .
ولم تنتهي الاساطير في عصرنا ؛ فقد كانت كتب اليهود مليئة بالقصص المرويّة بغرابة عن قوة شمشون الجبارة المدمرة وصرعه للأسد بيديه العاريتين
(كان اخونا شمشونة رافع اكمامه حتى الكوع )
وقتله للفلسطينيين اصحاب الأرض الحقيقيين وتباهيه والتي هي قوى خارقة متلبسة بالجن والعفاريت ليفعل ذلك في ظل رجل لم يحلق رأسه منذ ولد وهي رأس مليئة بالإجرام والقتل ومليئة بالقمل والهرش والجرب ولولا شعره الطويل ولولا "دليله" لما فقد قوته العظيمة . فشكرا لأختنا العزيزة دليلة-العشيقة الخائنة.
وعن مزامير الملك داود وقتله طالوت بقوته الجسدية البارعة الإستثنائية وكيف استقامت رهافة الموسيقى في قيثارة داود
و اوتاره السرية مع قوة وعنف المحارب في روح داود المتجلية بتناقضاتها المتباينة لدرجة انهم نسبوا للريح العزف على القيثارة بدلا عنه وكل ذلك لكي توقظ داود للصلاة .
فهل تستقيم الصلاة مع القيثارة!
وهل نفهم منها كيف يتلبس الشيطان شكل الريح ليعزف لحنا يجعل النائم يصحى من غفلته .
و كما في كل الروايات الخارقة التي تشبه خوارق ماركيز في روايته " مائة عام من العزلة " والتي انتهت جريمة زنا المحارم في تلك العائلة بعقوبة إلهية بمولود مسخ ؛ له ذيل جحش مربوطا تحت ظل شجرة عتيقة .
لم يقتصر الأمر على الروايات اليهودية , فـ القرآن في قصة " الملك سليمان وعرش ملكة سبأ
( البرنسيسة بلقيس ) وعفريت الجن الذي جلب عرشها بـ اسرع من طرفة العين يؤكد مزاعم العفاريت تلك في القوى الخارقة الرهيبة التي يقومون بها .
: ” قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين ” .سورة النمل الآية :39
و تسخير الجن وشياطين الإبداع , كلها مخرجات تغذي هذه المخيّلة الجامحة؛ فكل ما نجهل تفسيره علميا , ننسبه الى الجن والشياطين والقرين والأعور الدجال ومعركة مجدليون في أخر الزمان وشجر الغرقد والنبوءات والتّطيّر والرموز والحجب والسحر والخيال او ما يسمى بعلم الماورائيات أوالميتافيزيقا Metaphysics) ) اسئلة الوجود والعدم والصيرورة والغيبيات وجوهر الأشياء .
أما الجاهلية المتأخرة في عصورنا المتقدمة فما زالت بعض النسوة تتطير من معزوفة ادعى صاحبها أن الشيطان عزفها له في حلمه .
• يصادف اليوم الـ 28 من آذار عيد ميلاد الليدي غاغا فاخبروها "عيد سعيد وعمر مديد بصحبة الشيطان العنيد.
* أو فرتونا (لاتينية: Ō Fortūna «آفرتونا» وتترجم واحسرتاه أو وا نصيباه) هي قصيدة باللاتينية من القرون الوسطى بالأحرى من أوائل القرن 13. هي جزء من مخطوطات كارمينا بورانا.
https://www.youtube.com/watch?v=W4iiVMoH_98&list=RDMM&index=1
كلماتها باللاتينية ومترجمة
O Fortuna
آه ايها القدر (واحسرتاه وا نصيباه)
velut luna كوجه القمر
يشبه القدر و تقلباته بوجه القمر متغير ويتبدل باستمرار / مشرق ومعتم وينمو ويتراجع وهذا يجعل الحياة كريهه
و مثل القمر
أنت متقلب
أحيانا تمنح وتزيد
ودوما تمنع وتنقص
مما يجعل الحياة بشعة
statu variabilis / أنت متغيّر
semper crescis /تنمو باستمرار
تشرق وتتراجع
aut decrescis أو تنقص ودوما تمنع وتنقص/ قابل للتغيير
vita detestabilis باللاتينية
(وتجعل الحياة بغيضة )
يا عجلة القدر الدائرة
المهم بالقصيدة انها تلعن القدر وترفض نكساته وضرباته المتتالية التي لا ترحم
تهين الشخص القوي وتفقره وتضرب صحته وتمرضه وتبتليه بالمصائب ويحول الهناء إلى زوال وما السعادة معك إلا وهم سرعان ما يتلاشى الى لا شيء / ويتلاشى إلى عدم
(العدمية تعني أن العالم والوجود الإنساني بشكل خاص لا معنى ولا هدف له).
لذلك تجد أن المسلمين يعتبرونها تجديفا لأن الإيمان بالقضاء والقدر من أركان الإيمان وفي الإسلام هي ستة ؛ الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره.. فباقي كلمات المعزوفة هي .........
كملوا ترجمة الباقي انا زهقت,,,,,
10 درجة مئوية
هطول أمطار تبدأ في غضون 41 دقيقة
الثلاثاء 28 مارس2023
#هاله_ابوليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
