كاظم فنجان الحمامي
الحوار المتمدن-العدد: 7565 - 2023 / 3 / 29 - 01:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ضربت بريطانيا مثلا واقعيا للديمقراطية بصورتها المجردة من النزعات الطائفية والعرقية، فاختارت (ريشي سوناك) رئيساً للوزراء، وهي تعلم انه من أصل هندي، واختارت اسكتلندا (حمزة هارون يوسف) زعيما لحزبها الوطني، وهي تعلم انه مسلم من أصل باكستاني، ومتزوج من فلسطينية جاءت مهاجرة من قطاع غزة (نادية النخلة)، وهي أيضا ناشطة في الحزب الوطني الأسكتلندي، وعضوة عنه في المجلس البلدي لمدينة دندي، حيث تقيم مع زوجها وابنتهما. .
بات واضحا ان الديمقراطية البريطانية تختلف تماما عن الديمقراطية العربية، فهي عند العقلاء تعني ان جميع افراد الشعب سواسية أمام القانون بصرف النظر عن لونهم وطائفتهم وعقيدتهم. لكنها في المنطقة العربية اسيرة للتوجهات القومية والنعرات الطائفية والنزعات العشائرية. وهي عندنا في العراق اشبه بالموضة أو التقليعة المشبعة بالمظاهر السياسية الكاذبة. .
لم يخرج الانجليز والاسكتلنديون في مظاهرات عارمة للاحتجاج على اختيار هندي هندوسي ومسلم باكستاني لاعتلاء اعلى المناصب السياسية والتنفيذية في المملكة المتحدة وجزرها ومستعمراتها. بل على العكس تماما، فقد استقبلهم الناس هناك بالترحيب والاحترام. .
اما الديمقراطية السائدة عندنا في العراق فهي ديمقراطية المحاصصات الطائفية، والصفقات التوافقية، والتسويات التي تعلو فيها مصلحة الكيانات السياسية فوق مصلحة العراق. واحيانا تتحول عندنا الى ديمقراطية همجية مسلحة تسعى بلا وعي نحو التصفيات الجسدية للتخلص من الخصوم. .
في الديمقراطية البريطانية لا يهم إذا كنت غنياً أو فقيراً، ذكراً أو أنثى، ولدت في بلد آخر أو في ويلز. اما في الديمقراطية العراقية فأنت فوق القانون لأنك تنتمي الى الطائفة الفلانية، وافضل من غيرك اذا لم تكن من أبناء الجنوب، فالاحزاب العراقية لا زالت تنظر الى ابناء الجنوب وكأنهم هبطوا على العراق من كوكب آخر. .
اذكر اني قررت قبل اعوام نقل احد ابناء المسؤولين من قسم الى آخر بناءً على متطلبات العمل، واذا بهذا المسؤول الكبير يرفع عقيرته بالاحتجاج، ويصيح باعلى صوته: (الله اكبر كيف انقلبت عندنا الامور حتى صار ابن البصرة يتحكم بمستقبل ابناءنا ؟). نعم - هذا ما يراه سياسي كبير جدا في المرحلة الراهنة. وهذه هي العقلية المتفشية بين صفوفنا. وشتان بين ديمقراطية هؤلاء وديمقراطية العقلاء . .
وعرب وين طنبورة وين ؟؟
#كاظم_فنجان_الحمامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟