احمد جمعة
روائي
(A.juma)
الحوار المتمدن-العدد: 7560 - 2023 / 3 / 24 - 14:21
المحور:
الادب والفن
الكتابة في زمن سقط فيه القلم، يماثل نهار غابت فيه الشمس، فأيّ مغزى لحياةٍ يحيط بها نفاق من جهة، ورثاء من جهة، ومديح من كل الجهات؟ عندما بدأنا الكتابة وأعمارنا أشبه بعمر الأزهار، وقبل أن نبلغ مرفأ الخريف ونقف عند سُدة الحكمة، كانت الكتابة بعهدنا ومع جيلنا قبل عقود خلت من التسطيح والتسويات وتبادل المنافع، عبارة عن أحلام تحتوينا، فينا من يصعد عتبة محدودبة ويظن أنه تسلق الجبل، ومنا من كتب قصيدة أو مقال أو قصة قصيرة واعتقد أنه بدأ المشوار، مع كل ذلك كانت أحلامنا تلك، لم تتعد على التسويغ والسقوط في التشويه، وعندما يسقط كاتب في حفرة الغش والتدليس الكتابي، تكفيه نظراتنا حتى يسقط من تلقاء نفسه...
اليوم يسقط القلم ويسقط معه التعبير وتفقد الأوراق بريقها وتخجل منهُ لوحات الهواتف والكمبيوترات وهي تلتقط ترهات من غير الوارد اعتبارها تعبير عن قلم بقدر ما هي (......)
انتهيت مؤخرًا من قراءة روايات الكاتب الإسباني كارلوس زافون جميعها وهي محدودة جدًا لكونه رحل قبل اكمال أحلامه برؤية عالم ينهار من أوكرانيا مرورًا بفرنسا وبريطانيا والشرق الأوسط...تركز همه كله في إقليم برشلونة، من إسبانيا الذي تعرضت لسحق مجزري خيالي على يد الجلاد المقبور الجنرال فرانكو، ولكن عندما تقرأ رواياته كلها، تُدرك أنه يتحدث عن بلدك وبلدي وعن كل مدينة في العالم وعن كل ظلم وقسوة وكبت للحريات وسحق للإنسانيات، لا تشعر بأنه برشلوني ولا حتى إسباني...تشمّ رائحة الإنسانية في كتاباته أينما أدرت وجهك وبحثت في رواياته الست أو السبع...
عندم أزعم الآن سقوط القلم وتفتُّت الحكمة وتعري الخجل الذي يكسو وجه حسناء التعبير، يجعلني ذلك أنحاز للعودة للوراء والاكتفاء بالقراءة والكتابة السرية! التي لا أرَ من يستحق قراءتها، ولكن أعود ويستفزني قلم هنا وقلم هناك، رواية هنا ورواية هناك...مقال ترهة ومقال قشة...حتى اطمئن إلى أنني أتنفس ما زلت هواءً طريًا ولكن خارج منظومة السيطرة الأحادية التي يرى فيها الجميع الأشياء نفسها، بلونٍ واحد ونمط واحد ونفاق، بلغ حدًا يخجل منهُ القلم ويتوارى محنيًا رأسه...
#احمد_جمعة (هاشتاغ)
A.juma#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟