|
فى سيمفونية الحب بقلم فيصل صوفى - دراسات في أعمال السيد حافظ (228) السيد حافظ
السيد حافظ
كاتب مسرحي وروائي وصحفي
(Elsayed Hafez)
الحوار المتمدن-العدد: 7560 - 2023 / 3 / 24 - 09:02
المحور:
الادب والفن
دراسات في أعمال السيد حافظ (228) السيد حافظ فى سيمفونية الحب بقلم فيصل صوفى تـوطـئـة .. من أعماق المآسى الإجتماعية، ينبثق مختلف أشكال المعاناة الإنسانية، فيلتقى الفقر مع الثورة على رصيف "التفاؤل التاريخى" العظيم، وينسجان خيطاً كثيفاً من أمل ثورى شفاف، يلتمع – وهجاً – فى أفئدة المحرومين بهجة النهار العريضة، وحينما يتوحد غضب الفقر مع سوط القهر فى لحظة تاريخية مضيئة.. ينتصب - الأدب - شاهداً عصرياً على ضمير الشعب المقاوم، فرعنة الرموز الوثنية المعلقة على بوابات الواقع العربى المشرعة. وتترحل الكلمة / اللغم مسافرة فى وجنات العذارى وحدقات الغلابى، تحت جناحى نورس مهاجر.. يحوم حول نهور العشق والخلاص والثورة.. فتزرع شرار الزعر.. ينسف جحور الجرذان الليلية، وتنقش جذوة الأمل فى صدور العشاق الجدد ممن نبتت لحاهم، أو استدارت نهودهن.. فوق حشائش الوطن المزروع فى الذاكرة العربية المفجوعة. "السيد حافظ".. طائر نورس جوال.. افتعلته خماسين القهر.. الكوشة سماء مصر الجميلة.. فنزح لا يحمل بين جنباته الكسيرة، سوى عشق قديس متفان، وغضب بحر هادر وسذاجة فلاح مقهور.. زاده إيمان عريض بعظمة البسطاء وسلاحه، كلمة ملغومة.. تزلزل الأرض تحت عروش الفراعنة الجدد، سارقى الأمن من عيون الجياع. والسيد حافظ أحد الأدباء المصريين التقدميين، ممن عالج الكتابة المسرحية والقصصية، الملتزمة لقضايا وأمانى وتطلعات شعبه المصرى المناضل، فى التحرر والديمقراطية والسلم والتقدم الاجتماعى والاشتراكية.. وقد شدنى إليه عقب اطلاعى على مجموعته القصصية القصيرة الموسومة بـ"سيمفونية الحب" مما دفعنى إلى استلهام هذه التوقعية النقدية – السريعة. رغبة من مشاركة القارئ.. متعة الإنصاب الأدبى إلى صوت تلك السيمفونية الجميلة : مدخـــل .. ضمت "سيمفونية الحب" بين دفتيها، اثنتى عشرة قصة قصيرة. النقدية الموضوعية الشاملة فى سائر قصص هذه المجموعة.. إذ أن تلك.. تستوعبها –فحسب– الدراسات النقدية المطولة ولها مجال النشر الخاص بها.. وعليه فقد عقدت النية على اختيار نموذج قصصى واحد فقط، للاستدلال النقدى بوساطته على العالم الفنى والفكرى لهذا القاص المصرى القدير.. توقيعـه نقديـــة "الثمن" عنوان القصة التى اخترتها.. لافتتح مراسيم اللقاء مع الأديب "السيد حافظ" .. علماً بأنه – نفسه – قد اختارها كذلك.. ليفتتح بها مجموعته القصصية القصيرة وانطلاقاً من هذا الأساس الفنى المشترك.. أبدأ بدورى فصول اللقاء الأول. الحق أقول.. لم أجد سوى "الثمن" شاهداً أدبياً متميزاً.. على براعة القاص الفنية.. وتفوقه القصصى.. حقاً إن قصص المجموعة الأخرى تضعنا أمام قاص مقتدر، وكاتب مجيد.. غير أن "الثمن" هى الأكثر تأكيداً أدبياً على نبوغ موهبته القصصية المبدعة. أما.. لماذا؟.. فالإجابة فى طى السطور اللاحقة.. "الثمن".. نتاج تداخل فنى بين الأزمنة والأصوات والرموز والمستويات والشخوص والعلاقات.. المركبة. أتقن فيه – القاص – توظيف عنصر الإثارة الفنية عبر تطويعه لجماليات الشكل اللاليجورى المتعددة فأقام البناء الفنى للقصة على ثلاثة مستويات موضوعية متشابكة فى علاقة رمزية شعورية مركبة. ففى المستوى الموضوعى الأول، نصدف السلطة السياسية الغاشمة.. برموزها البوليسية القمعية الشرسة. وفى المستوى الموضوعى الثانى، نلتقى – سعاد – المرأة المتهمة بالخيانة الزوجية من قبل أزواجها الأربعة "على السنمودى". وفى المستوى الموضوعى الثالث، نلتقى.. الأزواج الأربعة المقيمون فى (25 شارع الاسكندرانى – محرم بك – شقة 5) وقد اتهم هؤلاء الأزواج الأربعة "زوجتهم" المدعوة – سعاد – بالخيانة الزوجية لهم.. معهم. وتؤسس تلك المستويات المتداخلة على علاقة رمزية محورها.. "الخيانة" واعتبارها.. امرأة شريفة لا غبار على سمعتها أو سلوكها.. غير أننا نعرف هنا بأن "سعاد" فى هذا الصعيد الرمزى.. مجرد "امرأة أمية، خرساء، بكماء، صماء.. أصيبت بالمرض منذ أعوام مضت.. " وعلى صعيد العلاقة الفنية بين المستوى الأول والثالث: (السلطة – على السمنودى) تلصق السلطة التهمة بالأزواج الأربعة.. فتصدر حكماً تعسفياً بحقهم وبحق محامييهم الشاب المسمى "على السمنودى" – كذلك- فتآمر بسجنهم جميعاً!! وعلى صعيد العلاقة الفنية بين المستوى الثانى والثالث (سعاد – السمنودى) فقد تزوجت سعاد "بعلى السمنودى" الأول فى عام 1918 وأنجبت كثيراً من الأطفال.. وتزوجت فى الثلاثينات "بعلى السمنودى" الثانى وأنجبا خمس فتيات جميلات.. وفى عام 1947 زفت إلى "على السمنودى" الثالث وأنجبت منه طفلين، أما "على السمنودى" الرابع فقد اقترنت به فى الخمسينات ولم ينجبا.. إذن فسعاد زوجة شرعية "للسماندة" الأربعة.. رغم ظاهر الحيرة الفنية المربكة الذى يبدو على مستوى الحدث الدرامى العام فى القصة وحبكتها الرمزية ذات البعد الفنى السياسى الخاص. لقد أتاح القاص من خلال مقدرته الفنية البارعة على استخدام أدواته التكنيكية والجمالية.. إمكانية النفاذ بشفافية بالغة إلى أسرار عالمه الفنى بعلائقه الرمزية المتداخلة.. عبر توظيفه للإشارات التاريخية المتحددة ودقته فى بناء المعمار الفنى لشخوصه الرمزية ذات المداليل الطبقية والاجتماعية.. فالشخصية الرئيسية: "على السمنودى" المتفرعة إلى خمسة أبعاد فنية ذات تكوينات طبقية.. هى : على.. العامل/ على.. الشاعر/ على.. الصحفى/على.. الطالب/على.. المحامى. هذا (العلى) رمز فنى يدين القاص من خلاله عسف السلطة الرأسمالية الطفيلية الحاكمة فى مصر واضطهادها عبر أجهزتها البوليسية والطبقية القمعية.. مختلف التنظيمات النقابية الوطنية والديمقراطية المصرية العاملة الثورية مصر، المستويات الموضوعية الثلاثة المشتركة. وهى : (الاسم والعنوان والزوجة) أما الشخصية الرمزية الأخرى.. "سعاد" .. فقد حفر القاص معالمها الفنية والموضوعية بحرص فنى بالغ.. تمثل فى البناء الإزدواجى المركب لها.. ففى البعد الفنى الأول.. نصدف "سعاد" الرمز الجمالى لمصر/ السلطة الحاكمة.. والتى جرها المرتدون إلى دائرة الصفقات التآمرين والتطبيعية.. مصر / السلطة التى ارتكبت جرماً مشهوداً بخيانتها التاريخية لمصر/ الشعب والثورة.. وهذه (المصر) هى التى تبرأ منها "على السمنودى" بينما دفعت عنها (السلطة) وصمة الخيانة وبرأت ساحتها!! غير أن القاص وهو يمسك بخيوط أحداث قصته وشخوصها بمستوياتها الرمزية المختلفة.. يضئ لنا الموقف الفنى عبر إشارة رمزية ذكية ذات بعد سياسى وتاريخى صارخ.. إذ أن السلطة الرجعية فى مصر لم تتمكن – فى تقديره – من تنفيذ مخططاتها الشيطانية ضد الشعب المصرى البطل إلا فى مرحلة تاريخية حرجة فرضت خلالها سيطرتها. لظروف غير طبيعية.. أما (سعاد).. زوجة – السمنودى –الحقيقية.. الشرعية – رمز صلابة مصر الفتية التى تبقى طرية كغصن لبلابة ندية، قوية كهدير إعصار كاسح.. فهى تلك التى تمضى مع "أزواجها الخمسة – على السمنودى" إلى معتقل السلطة الرجعية الفاسدة وتواصل نضالها الوطنى والقومى الطبقى الشرس ضد رموزها العفنة المرتدة.. لنقرأ خاتمة القصة لنقف على مقدرة القاص على التكثيف الفنى ذى التكوين الرمزى البليغ : "جلسوا فى عربة السجن خمس أفراد أولهم عامل والثانى شاعر والثالث صحفى والرابع طالب والخامس محامى وعربة السجن تقطع كورنيش البحر لتصل إلى السجن" إن "الثمن" نداء الضمير الوطنى الصادق.. المرفوع إلى الضمائر الوطنية التى لا تزال تنبض فى أعماقها خفقات قلب مصر الكبير.. فى زمن يتنفس برئة الخيانة.. وقد حذق القاص رفع النداء بحر الدم إلى كل من "كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد!!". 17 يونيو 1981 – 14 أكتوبر عدن اليمن الديمقراطية
#السيد_حافظ (هاشتاغ)
Elsayed_Hafez#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رمزيّة (الاختلاف) في قصّة - لكِ النّيل والبحر والهرم يا أمير
...
-
التناص الديني و التاريخي عند السيّد حافظ بقلم د. وافيه بولفع
...
-
أحمد عرابى.. - شخصية مصر العظيمة ومصر العبيطة (3)
-
أحوال المصريين 2 - شخصية مصر العظيمة ومصر العبيطة.. (4)
-
دراسات في أدب السيد حافظ- مجموعة -لك النيل والقمر- نموذجاً ب
...
-
الفيلسوفة المصرية هيباتيا - شخصية مصر العظيمة ومصر العبيطة..
...
-
سيمفونية الحب دراسة بقلم أ.د. السعيد الورقي- دراسات في أعمال
...
-
أحوال المصريين - شخصية مصر العظيمة ومصر العبيطة.. ) (( 2))
-
-قهوة سادة-([1]) للسيد حافظ من سلطة العنوان إلى حكايا شهرزاد
...
-
تداخل الأجناس الأدبية فى الرواية العربية - قهوة سادة - نموذج
...
-
قراءة فى رواية (كل من عليها خان) للأديب الكبير السيد حافظ- د
...
-
قراءة في رواية (حتى يطمئن قلبي) للأديب الكبير السيد حافظ-بقل
...
-
البنى السردية وروافدها في الخطاب الروائي ل (كل من عليها خان)
...
-
مقام البوح على شرفة الجسد رشفة من فنجان قهوة سادة بقلم د. حن
...
-
الموتيف في رواية - قهوة سادة - للأديب / السيد حافظ بقلم: دين
...
-
رواية - نسكافيه -.. بين النكسة والثورة بقلم: دينا نبيل عبد ا
...
-
التضمين الشعري في رواية كل من عليها خان بقلم / رضوى جابر شعب
...
-
ملامح النص ما بعد الحداثي في رواية -كل من عليها خان- للسيد ح
...
-
القهر في رواية كل من عليها خان للكاتب السيد حافظ بقلم: رضوى
...
-
قهوة سادة بين التجريب والتشتيت بقلم رضوى جابر - دراسات في أع
...
المزيد.....
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|