أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - التاجرُ والجنيّ














المزيد.....

التاجرُ والجنيّ


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 7559 - 2023 / 3 / 23 - 04:48
المحور: الادب والفن
    


كان رجلاً صالحاً، يكدّ بجدّ سحابةَ النهار في سوق السمّارين بمراكش. لما بلغَ الأربعين، فكّرَ بشيءٍ من الغم: " إنها السنّ، التي نزل فيها الوحي على النبيّ لأول مرة؛ فيما هيَ توحي لي بترك العزوبية ". ما لبثَ أن خطبَ فتاةً جميلة من أسرةٍ كريمة، وكان ينتظرُ الصيفَ كي يحتفل بعرس لائق. لكن اللصوص، الذين سطوا على بيته ذات ظهيرة وكان عندئذٍ في المتجر، بددوا حلمه وتركوه شبْهَ مُفلسٍ.
آبَ التاجرُ إلى عزوبيته، واقتربَ فصلُ الصيف. في الأثناء حلّ شهرُ رمضان، فقرر أن يقضي بعضَ أيامه الحارة في مدينة الصويرة، المعروفة بطقسها المعتدل فضلاً عن تمتعها بشاطئ لطيف. سافرَ إلى تلك المدينة البحرية، وبمجرد وصوله لمحطة الحافلات، تلقفه دليلٌ شاب. قال لهذا الأخير دونَ مواربة: " أنا رجلٌ غير مُقتدر، أبحث عن سكن إيجار رَخِص "
" ومن أخبرك أن المقتدرين لا يريدون سكناً رخيصاً؟ "، قال له الدليلُ متفكّهاً. ثم استطردَ بنبرة عملية، لكنها خالية من الحماس: " أعرفُ سكناً زهيدَ الإيجار، يقع في الدور الثاني من منزل لا يبعد كثيراً عن القصبة القديمة. المشكلة، هيَ في إقناع صاحبته بتأجيرك المسكن. ذلك لأن ابنها الوحيدَ مسافرٌ، وكان عادةً يهتم بهذا الأمر. على أية حال، نسمع منها رأيها لو شئتَ؟ ". هز التاجرُ رأسه موافقاً، وكان بدَوره قد فترَ حماسه لدى علمه بأصل المشكلة.
ما لم يكن يعرفه الدليلُ، وصلَ لعلم التاجر حينَ بقيَ منفرداً بصاحبة المُلك عقبَ موافقتها على تأجير الدور العلويّ. قالت له بحذر، رافعة رأسها إلى ناحية ذلك المكان: " حتى وقتٍ قريب، كان ابني يُقيم هناك في الحجرة المجاورة للحمّام. ولا أخفيك، أنه مقتنعٌ بأن المكانَ مسكونٌ.. وأعني تلك الحجرة، أينَ ظهرَ له الجنيّ أكثر من مرة "
" عجباً، الجنيّ لا يقيم سوى في الحمّام؟ "، قال المستأجرُ ثم استدرك بسرعة: " الإنسانُ المؤمن، في وسعه إبعاد الجنيّ ما لو التزمَ بحديث الرسول في هذا الشأن ". غمغمت المرأة العجوزُ بالصلاة على النبيّ، بيدَ أنها لم تعلّق على ما سمعته. بعدئذٍ صعدت معه إلى حجرة الإيجار، والتي حازت من ثم على رضاه. قالت له فيما كانت تهم بمغادرة المكان: " ٍسأزيد قيمة الإيجار اليوميّ عشرينَ درهماً، ما لو أردتني أن أحضّر لك الفطور؟ "
" وهوَ كذلك "، ردَ عليها بارتياح. لقد سرّه الانفراد بالسكنى في الدور العلويّ، لقاءَ إيجار معقول، وكذلك وقوع المنزل في قلب المدينة القديمة. موضوعُ الجنيّ، لم يشعره بالقلق، بل بشيءٍ من الاستغراب: " لم تكن مُجبرة على البوح به، اللهم إلا لو كانت امرأة شديدة التقوى أو لعلها مجرد ثرثارة ".
تعشى في السوق، ثم عادَ باكراً نوعاً إلى المنزل. المدينة هادئة للغاية، على عكس مراكش في مثل هذه الساعة من الليل. سرعانَ ما استلقى على سرير النوم، ووجده مريحاً. غبَّ اغفائه، ولجَ الجنيّ إلى الحجرة. أيقظ التاجرَ بهذه الكلمات، قبل أن يذوبَ مرةً أخرى في العتمة: " اللص، الذي سرقك، أخبأ المالَ في الحجرة المجاورة للحمّام ".
بعد عودته إلى مراكش، زار التاجرُ منزلَ خطيبته السابقة وأبدى مجدداً رغبته في الاقتران بها. كان الصيفُ قد انتصفَ، لما جرى حفلُ العرس في صالةٍ باذخة. سألته امرأته، حينَ أغلِقَ عليهما بابُ المخدع، عن سرّ تحولات حياته من الغنى إلى الفقر ومن ثم إلى الغنى مجدداً. فأجابَ متنهداً: " ابتليتُ أولاً بجنيّ كافر، سلبني مالي، وبعد ذلك أعاده إليّ جنيّ مؤمن ".



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخرابة
- السبت المستحيل
- مساء شتائي دافئ
- الوصيّ
- مفتاح الفردوس
- لعبة الموت
- نظرة جنونية
- فتاة الحديقة
- الورقة الخضراء
- منزل في الأزقة العُلوية
- المكتبة المهجورة
- الأخدود
- سفير جهنم
- شباب إمرأة: ريف ومدينة ورغبة
- غزل البنات؛ فيلم الكوميديا الخالد
- المومياء؛ الفيلم المصري الفريد
- العزيمة؛ فيلم الريادة الواقعية
- ليلة ساخنة؛ إغتصاب آمال الغلابة
- تمصير الروايات الأجنبية: تيريز راكان
- المشاكل النفسية، سينمائياً


المزيد.....




- جوائز الدورة الـ 11 من مهرجان -أفلام السعودية-.. القائمة الك ...
- ما الذي نعرفه عن العقيدة الكاثوليكية؟
- روسيا ترفع مستوى التمثيل الدبلوماسي لأفغانستان لدى موسكو
- فيلم Conclave يحقق فقزة هائلة بنسب المشاهدة بعد وفاة البابا ...
- -تسنيم-: السبت تنطلق المفاوضات الفنية على مستوى الخبراء تليه ...
- مصر.. الحكم على نجل فنان شهير بالحبس في واقعة قتل ومخدرات
- -فخّ الهويّات-.. حسن أوريد يحذّر من تحول الهويات لسلاح إقصاء ...
- -هيئة الأدب- تدشن جناح مدينة الرياض بمعرض بوينس آيرس الدولي ...
- وزارة الثقافة الروسية: فرق موسيقية روسية ستقدم عروضا في العا ...
- وفاة الفنان المصري عبد المنعم عيسى


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - التاجرُ والجنيّ