أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكريا كردي - عبرةُ - تَاجِرُ اَلْبُنْدُقِيَّةِ - ..














المزيد.....

عبرةُ - تَاجِرُ اَلْبُنْدُقِيَّةِ - ..


زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)


الحوار المتمدن-العدد: 7558 - 2023 / 3 / 22 - 22:02
المحور: الادب والفن
    


------------
لَم تُكِن اليفاعة قد غادرتْني بَعْد ، حِين قَبضَت راحتَاي على كِتَاب " تَاجِر البنْدقيَّة " ، لِلْكاتب الإنْكليزيِّ " وِلْيم شِكْسبِير ..
الكتاب اَلذِي أحسب أني لَم أَدعُه حِينهَا حَتَّى اِنْتهَيْتُ مِن قِراءَته .
و مازلتُ أذْكر جيِّدًا ، كَيْف وَضعَنِي اَلموْقِف الأخْلاقيُّ والْإنْسانيُّ آنذاك ، فِي حَيرَة نَفسِية عَقلِية ، بَيْن مَوقِف التَّعاطف مع ظُرُوف ذاك التَّاجر ، وبيْن اَلموْقِف اَلعقْلِي إِلى جَانِب اَلحَق والالْتزام بِالْوَعْد بِردِّ الدِّين وَأَداء الأمانة .
بَادِئ ذِي بَدْء ، مِن اَلمهِم مَعرِفة أنَّ " تَاجِر البنْدقيَّة " هِي مَسرحِية كَتبَت فِي أَواخِر القرْن السَّادس عشر . تَدُور أَحدَاث اَلقِصة حَوْل العلاقة بَيْن التَّاجر المقْترض أنْطونْيو والْمقْرض شَايلُوك فِي مَدِينَة فِينيسْيَا ( وَالتِي يُسَميهَا العرب البنْدقيَّة .
في هذه المسرحية يُمْكِن لِأيِّ قَارِئ حصيف، الاسْتنْتاج سريعاً ، أنها تَطرقَت بِشَكل رئيس إِلى موْضوعيْنِ مُهمَّيْنِ جِدًّا .
الأوَّل هُو قَضيَّة العرْق والدِّين ، وأثرهمَا البالغ على علاقَات بُنِي الإنْسان . وكيْف أنَّ الإنْسان يَتَصرَّف فِي كثير مِن الأحْيان نَتِيجَة الأحْكام المسْبقة والصُّور النَّمطيَّة ، فِي العادات والْأفْكار اَلتِي رَبِّي عليْهَا ، أو زرْعهَا دِين وَثَقافَة المجْتمع فِي ذِهْنِه عن النَّاس الآخرين ، لِيوضِّح شِكْسبِير لِلْقارئ مِن خِلَال أَشخَاص مسْرحيَّته ، أنَّ هَذِه الأفْكار مُضَللَة ، وليْستْ دَقِيقَة دائمًا .
وَلِهذَا نَرَاه يُصوِّر Shylock الإنْسان على أَنَّه يَهودِي بخيل ومنْتَقم ، وكيْف يَتِم التَّمْييز ضِدَّه بِسَبب تُرَاثِه وعقيدته . فِي حِين يَنظُر إِلى أنْطونْيو على أَنَّه إِنسَان تَاجِر مَسيحِي نبيل . . اِشْتهَرتْ المسْرحيَّة أيْضًا بِمونولوج Shylock اَلشهِير ردًّا على نَظَرات الآخرين وأحْكامهم الظَّالمة عليْه :
" أليْس لَدى عُيُون ؟ أليْس لِلْيهود أُمَّهات وأهْل , وَأيَّد وأعْضَاء وَحَواس وعواطف ومشاعر ؟ " تُظْهِر هَذِه الكلمات ألم Shylock ومعاناته مِن نَظرَة الآخرين إِلَيه ، وتمْنح القارئ فُرصَة لِلتَّفْكير فِي كَيفِية تَأثِير أَقوَال وأفْعَال الآخرين على مَشاعِر الآخرين وكرامتهم .
أَمَّا الموْضوع اَلمهِم الآخر فَقد كَان جلياً , فِي إِظهَار قِيمة الصَّداقة، وذلك مِن خِلَال العلاقة الوثيقة اَلتِي تَربُط أنْطونْيو وباسانْيو ،
مُبَينا أَهَميَّة الصَّداقة لِلْإنْسان ، وكيْف يُمْكِن أن تُسَاعِد المرْء فِي أَوقَات الحاجة .
وَربما هو جَوهَر الأمْر، اَلذِي دفع أنْطونْيو ، لِقبوله فِعْل أيِّ شَيْء مِن أَجْل صَديقِه ، بِمَا فِي ذَلِك الذَّهَاب لِلْحصول على القرْض اَلمجْحِف مِن شَايلُوك لِمساعدة باسانْيو فِي كَسْب مَودتِه.
قُصَارَى القوْل :
كِتَاب " تَاجِر البنْدقيَّة " - في تقديري - عمل مَسرَحِي مُهِم لِلْوعْي البشَريِّ ، لِأَنه يُجْبرنَا على التَّفْكير عميقاً ، ويحثنا على اسْتكْشاف كَيفِية تُشكِّل التَّحيُّزات والْقوالب النَّمطيَّة العرْقيَّة والدِّينيَّة والثَّقافيَّة فِي أفْهامنَا ، وكيْف تَلعَب تلك التحيّزات - ومازالت - دوْرًا فِي مُجْتمعنَا مُتَعدد الطَّوائف والْاثْنيَّات .
كمَا يُجْبِر قُلوبَنَا الصماء باليقين المقدس ، على تَحسُّس مِقدَار الألم والْمعاناة النَّاجميْنِ عن التَّمْييز والتَّحيُّز ، ويدْعونَا إِلى التَّفْكير فِي مواقفنَا ومعْتقداتنَا تُجَاه البشر الآخرين .
و ربّما الأهم منْ ذَلِك كله ، أَنَّه يُذَكرنَا أنَّ بفضيلة العطْف والمحبة، ويعلمنا أن التَّعاطف والتَّضامن مع الآخرين، هو أَمْر ضَرورِي جداً فِي حَيَاة الإنْسان، مِن أَجْل بِنَاء مُجتَمَع إنساني ، صِحِّيٍّ ، و سعيد، وأمْن .
zakariakurdi



#زكريا_كردي (هاشتاغ)       Zakaria_Kurdi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المِهنْ الآيلة للزوال بسبب ثورة الذكاء الاصطناعي القادمة
- العِلْم الحَقيقي وَالعِلم الزَّائف ..!
- تَوضِيح حَوْل مَعنَى - النَّظريَّة العلْميَّة -
- لِلنَّاسِ فِيمَا يُفكِّرون مَذاهِبْ..
- أَحزان الشّاب - فارتر- .. ل غوته
- حَدِيثُ اَلدِّيمُقْرَاطِيَّةِ . . ( 2 )
- دِينُ اَلطَّبِيعَةِ عِنْد - جَانْ جَاكْ رُوسُّو -
- سؤالٌ أكْبر مِنْ إجابَتهِ ..
- كتاب - هَكذَا تَكلَّم زرادشْتْ -
- كِتَاب - تَطوُّر مَفهُوم الإله -
- لَسنَا وحْدنَا فِي هذَا الكوْن 2
- لسنا وحدنا في هذا الكون ..!!
- حَدِيثُ اَلدِّيمُقْرَاطِيَّةِ .
- رسالةٌ إفتراضية..
- أفكارٌ حول أهمية الإنسان -جبران خليل جبران-
- رسالة حول التسامح ..
- لإرهاب عدو الانسانية جمعاء..
- هلْ يوجد لدى الإنسان إرادة حرّة أمْ أنّها مُجرد وهم.؟
- الفرق بين التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي
- نبذة بسيطة حول فلسفة إسبينوزا


المزيد.....




- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...
- 3isk : المؤسس عثمان الحلقة 171 مترجمة بجودة HD على قناة ATV ...
- -مين يصدق-.. أشرف عبدالباقي أمام عدسة ابنته زينة السينمائية ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكريا كردي - عبرةُ - تَاجِرُ اَلْبُنْدُقِيَّةِ - ..