احترم نفسك أولاً

خليل الشيخة
كاتب وقاص
(Kalil Chikha)

الحوار المتمدن-العدد: 7555 - 2023 / 3 / 19 - 17:00
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

إحترام الذات
ناثنيل برادن باحث في علم النفس الصحي. ولد في كندا وتجنس في الولايات المتحدة. درّس في جامعات كاليفورنيا مادة السيكولوجية، فقد ولد عام 1914 وتوفي عام 2014. مال في أبحاثه إلى مزج الفلسفة بعلم النفس خاصة عندما تعرف على زميله آين راند الذي عمل معه لفترة ثم تركه وأسس مدرسة خاصة به هي علم إحترام الذات ( Self-Esteem). أهم كتابين من جملة مؤلفاته هما: قوة إحترام الذات(1) وكتاب "فن إكتشاف الذات" (2).
- تحقيق الذات أو النفس:
يقول برادن أن تحقيق الذات من خلال المحيط الموجود هو حاجة نفسية لكل إنسان، لكن إذا جوبهت هذه الرغبة يلجأ الشخص لآليات دفاعية من قلق وإكتئاب من ثم صعوبة في التعامل مع الآخرين أو حتى بناء علاقة سليمة مع المحيط. عرّف برادن إحترام أو تحقيق الذات فيما يلي: " السمة الشخصية التي باستطاعتها التكيف مع الحياة ومن ثم إنتاج السعادة للشخص". هذا التشكيل النفسي للثقة بالذات قد ينميها الإنسان من خلال المدرسة أو الأهل، لكن هذا غير كافي لأنها تعتمد على المؤهلات الداخلية للإنسان. هذه المؤهلات تعتمد على ستة أركان:
1. العيش بوعي: أي أن يعي الإنسان مايقوم به من أفعال وأعمال.
2. تقبل الذات: وهو أن تكون متقبل لمشاعرك وأفكارك وسلوكك وأن لاتقسو على نفسك.
3. التوكيد النفسي: يأتي هذا من خلال الترويض على إحترام رغباتك والتعبير عنها بطريقة مقبولة دون قمعها.
4. العيش بهدف: أن تضع أمامك هذف وتسعى لتحقيقه خلال مسيرة حياتك.
5. النزاهة الشخصية: أن تسعى للتوازن بين سلوكك وقناعتك الداخلية.
6. المسؤولية الشخصية: تدريب النفس على تحمل المسؤولية في أفعالك وتهذيبها بشكل مؤثر ومرغوب به.
ركز برادن في عيادته على تثقيف المريض لحالته وفتح قنوات لعواطفه وتحفيز الرؤية الداخلية من أجل تغير سلوكه الذي كان سبباً في مرضه. مثال ذلك هو أن يعطي المريض عدة جمل ومن ثم يكملها دون تفكير أو توقف مع تغير نهاية الجملة في كل مرة. من خلال نهاية هذه المفردات، يتعرف الطبيب على مشاعر المريض ورغباته. الجمل قد تكون مثل: " لو كانت مخاوفي تتحدث، لقالت كذا. وكذا هذه مفردة تتغير في كل مرة يعيد المريض الجملة أو " لو أردت، لكنت لطيفاً مع نفسي، لكني أخشى من كذا". بشكل عام، هذه المدرسة تحفّز الشخص على تقيّم ذاته ووعيه وهي تحاول إرجاعه إلى الواقع المعاش.
- كائن المفاهيم :
يتميز الإنسان عن باقي الكائنات الحية بأنه يخترع مفاهيم حيث يسأل عن سبب وجوده ويسأل عن هذا الكون الفسيح، ولذلك عارض برادن مدرسة التحلليل النفسي لفرويد التي ترى الإنسان بأنه لعبة للغرائز. وعارض أيضاً المدرسة السلوكية التي تنظر للإنسان على أنه آلة للتنبيهات والإستجابات الخارجية. من هذا المنطلق رأى بردان أن الإنسان كائن مميز يصنع قراراته بنفسه ولديه المقدرة على التعامل مع الأسباب والتغلب عليها.
- مجالات العواطف والمشاعر:
هل أردت يوماً أن تقوم بعمل ما، لكن مشاعرك تمنعك. تفسير هذا هو أنك شخص غير واقعي وأنت شخص تعيش بالمشاعر والعواطف وليس بالأفكار والمعارف. فعندما نستبدل الأفكار بالعواطف، ينتج بذلك إتعدام إتزان بالشخصية وشلل نفسي عام وعجز ومن ثم شك وإكتئاب وقلق وخوف دائم.
الأمراض العصبية نتيجة إستبدالنا الأفكار بالمشاعر والعواطف. فإذا نظرنا لمفهوم الألم في جسم الإنسان، نراه يخدم حاجات جسدية، وعندما نشعربالقلق والإكتئاب، نعلم أن هناك شيء ما غير صحي يهدد حياتنا.
الإنسان الذي يمتلك ثقة في نفسه، يكون إنسان موضوعي وواقعي. عكس هذه الشخصية هو الإنسان الغير واقعي الذي يمثّل على نفسه ويعيش في تناقض دائم لأنه يريد أن يعيش كما يشاء له الآخرين. فيحياتهم هي حياة الآخرين.
أخيراً، نقول أن الثقة بالنفس يجب أن تأتي من داخل الشخص لأنها ممارسة وتدريب طويل، تماماً كما هي عضلات الجسم. وعندما يصل الإنسان لهذه المرحلة، يكون قد كوّن لنفسه القدرة على مجارة الواقع والعيش بطريقة أكثر سعادة وتكييف مع محيطه.
آذار- 19-2023
-------------------
1 – The power of Self-Esteem. Nathaniel Branden-1992
2 – The art of self discovering - Nathaniel Branden- 1993

#خليل_الشيخة (هاشتاغ)       Kalil_Chikha#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات