|
خلفيات حركة مناهضة ارتفاع الأسعار في المغرب
عبد السلام أديب
الحوار المتمدن-العدد: 1708 - 2006 / 10 / 19 - 10:17
المحور:
مقابلات و حوارات
أجرى السيد محمد لعنيبي الصحفي بجريدة الأسبوعية الجديدة حوارا مع عبد السلام أديب بصفته رئيسا لفرع الجمعية المغربية لحقوق الانسان بالرباط ومنسقا لتنسيقية مناهضة ارتفاع الأسعار. وقد تناول الحوار على الخصوص دواعي تأسيس حوالي 42 تنسيقية عبر التراب المغربي، كما تطرق للدافع الذي دفع الجمعية المغربية لحقوق الانسان للاهتمام بموضوع له حمولة سياسية ونقابية، كما تم التطرق لانعكاسات التضخم الاجتماعية، وحصيلة حركة الاحتجاج الواسعة التي تعرفها المدن المغربية، وفي ما يلي وقائع هذا الحوار الذي جاء مبتورا في الصحيفة المذكورة.
سؤال: ما هي دواعي تأسيس تنسيقيات لمناهضة ارتفاع الأسعار؟ جواب: لقد تأسست تنسيقيات مناهضة ارتفاع الأسعار على خلفية الدعوة التي وجهها مكتب فرع الجمعية المغربية لحقوق الانسان بالرباط إلى الهيئات السياسية والنقابية والحقوقية والجمعوية يوم 11 شتنبر 2006 لتدارس واقع الزيادات الصارخة في الأسعار التي انفجرت مع نهاية فصل الصيف ومع الدخول المدرسي وحلول شهر رمضان. فعلى اثر اجتماع هذه المكونات واصدار قرارها بتنظيم وقفة أمام البرلمان في 21 شتنبر 2006 للتنديد بالزيادات في الأسعار والمطالبة بالتراجع عنها والرفع من الأجور وتشغيل العاطلين، انتشر الخبر كالنار في الهشيم حيث بدأت تتكون تنسيقيات في مدن أخرى كسيدي سليمان والدار البيضاء، وفي 24 شتنبر جاء قرار المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان للتأكيد على الطابع الحقوقي لمناهضة ارتفاع الأسعار على أساس أنها تحدث آثارا وخيمة على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية. فمنذ سنة تقريبا والأسواق المغربية تعرفا زيادات تدريجية في الأسعار، وقد زكت هذه الزيادات التعديلات التي أدخلت على الضريبة على القيمة المضافة ضمن القانون المالي لسنة 2006 ، حيث خضعت لهذه الضريبة بعض المواد والخدمات التي كانت معفية في السابق كما تم رفع معدلات هذه الضريبة على أنواع مختلفة من المنتجات والخدمات، كما عرفت هذه السنة زيادة صارخة في أسعار الماء والكهرباء. وقد انفجرت جل الزيادات خلال شهر شتنبر 2006 أي مباشرة عقب انتهاء فصل الصيف ومع الدخول المدرسي وقبيل حلول شهر رمضان: فقد بلغت الزيادات في المواد الغذائية نسبة 3,3 % وتم اعتماد الزيادة الثالثة في المحروقات في فترة قياسية الشيء الذي انعكس على تزايد أسعار خدمات النقل بنسبة 10,7 % كما قفزت أسعار الأسماك ثلاث مرات عن ثمنها الأصلي. فهذه الزيادات الصارخة في أسعار المنتجات والخدمات أدت إلى تدهور القوة الشرائية للمواطنين، فقد بلغت نسبة التضخم حوالي 4 % بدل 1 % التي توقعها القانون المالي لسنة 2006 الشيء الذي يعني أن القيمة النقدية للأجور قد انخفضت بدورها بهذه النسبة، وقد بدأ الناس يعربون عن تدمرهم في كل مكان وانتقاد الحكومة وصمت الأحزاب السياسية والنقابات، وهو ما التقطته الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وكذا المكونات التي شكلت تنسيقيات مناهضة ارتفاع الأسعار.
سؤال: ألا يمكن القول أنكم تحولتم بمبادرتكم من فاعل حقوقي إلى فاعل نقابي سياسي؟ جواب: إننا في إطار الجمعية المغربية لحقوق الإنسان مقتنعون بأن مبادرتنا تعتبر من صميم العمل الحقوقي، خاصة في ما يتعلق بالدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية. فنحن لسنا حزبا سياسيا يطمع في الاستيلاء على السلطة، كما أننا لا نمارس العمل النقابي عبر تنظيم العمال ومحاولة إبرام الاتفاقيات الجماعية. بل نحن جمعية حقوقية تستهدف النهوض والدفاع عن حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها كونيا، وتشكل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية إحدى مجالات تدخلنا عندما تتعرض لانتهاكات صارخة. فتحليلنا للزيادات في الأسعار التي عرفتها بلادنا مؤخرا والانعكاسات المترتبة عنها جعلنا مقتنعون بضرورة التدخل إلى جانب هيئات المجتمع المدني الديموقراطية لمحاولة الدفاع عن هذه الحقوق. فمن بين الانعكاسات الاجتماعية الوخيمة التي تترتب عن الزيادة في الأسعار هناك ما يلي: 1 – الآثار السلبية للغلاء على الفقراء ومحدودي الدخل من كاسبي الأجور والمرتبات الذين يشكلون القاعدة العريضة للطبقة الفقيرة، والتي تعتبر محرومة من امتلاك آليات التكيف الإيجابي مع هذا الغلاء كزيادة الأجور لمواكبة تزايد الأسعار، نظرا للتجميد المفروض على أجورهم وحرمان الكثير منهم، خاصة غير المنقبين، من وسائل الدفاع عن تدهور أجورهم الحقيقية، مما يؤدي إلى انخفاض مستوى معيشتهم؛ 2 – حدوث تراجع كبير في كمية ونوعية المواد الغذائية التي تستهلكها الأسر، خاصة وأن 75 % من الإنفاق العائلي لدى شرائح الدخل المنخفضة يذهب للتغذية؛ 3 - يحدث الغلاء آثاره الوخيمة على النساء والأطفال الذين يعيشون في ظروف صعبة: سوء التغذية والتعرض للأمراض وقلة الفرص المتاحة أمامهم للتعليم والتطبيب. فهذه المجموعات التي تدعي الحكومة بأن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ستعمل على التخفيف من معاناتهم، ستعرضهم قرارات الحكومة بالزيادة في الأسعار إلى قمع اقتصادي لا مثيل له؛ 4 –تأثير ارتفاع الأسعار على سكان البادية وعلى الفلاحين الفقراء على الخصوص، الذين لا حيازة لهم وكذا على العمال الزراعيين، أو من لهم حيازات زراعية صغيرة ؛ 5 – تأثير الغلاء على جيش من الفقراء في المدن من أرامل ومسنين ومرضى ومعوقين ومن يعيشون على الإعانات والتحويلات المباشرة كأصحاب المعاشات والإعانات الاجتماعية والعاطلين عن العمل؛ 6 – إن الغلاء يتسبب في سوء التغذية وسوء الأحوال الصحية وارتفاع نسبة وفيات الأطفال الرضع وتفشي الأمية وعدم توافر المياه الصحية وخدمات الصرف الصحي وتردي أحوال السكن. إن الوعي بمثل هذه الانعكاسات السلبية للزيادات في الأسعار، أحالت الجمعية على ما تنص عليه المواثيق الدولية لحقوق الإنسان وخاصة منها المواد 23-3 و25-1 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وكذا الديباجة والمواد 2-1 و5-1 و11-1 و12-1 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية. فهذه المواد تلزم الدول التي تصادق عليها باحترام مبدأ أساسي وهو أن "لكل شخص الحق في أجر لائق، وفي صحة بدنية وعقلية جيدة". فهل الحد الأدنى للأجور في القطاع الصناعي الذي يبلغ 66 درهم يوميا (2000 درهم شهريا) كافي لتأمين الأكل والشرب واللباس والصحة والتعليم والتنقل للعامل ولعائلته؟ للإجابة يجب مقارنة الأسعار السائدة مع الأجر المحصل عليه، فكلما ارتفعت الأسعار إلا وتراجعت القدرة الشرائية للعمال وانتهكت حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية حسب منطوق تلك المواد.
سؤال: هل تتوقعون أن تستجيب الحكومة لمطالبكم؟ جواب: من وجهة نظر حقوقية فنحن نتطلع إلى أن تستجيب الحكومة لمبادئ حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية فتعمل على سن سياسات تضمن الشغل للعاطلين عن العمل وتضمن أجورا عادلة تحفظ كرامة الطبقات الفقيرة والمتوسطة، وتقلص من حدة الفوارق الطبقية، ومن التهميش والإقصاء الاجتماعي، بما يعيد للمجتمع توازنه. هناك مكونات أخرى للتنسيقية ذات انتماءات سياسية وأخرى نقابية وجمعوية نتطلع إلى أن نبلور معها مطالب موحدة تتماشى مع طموحات المواطنين، حتى يكون لمستوى الأسعار بعدا سياسيا واجتماعيا وحقوقيا. وبطبيعة الحال فإن على الحكومة أن تستجيب لمطالب الجماهير، خصوصا وأن الوقفات الاحتجاجية التي أنجزتها مختلف التنسيقيات في مختلف أنحاء البلاد تجاوزت 42 تظاهرة وهي تعبر بالملموس عبر تجاوب المواطنين معها عن رفض عارم للسياسات العقابية للحكومة في حق أغلبية المواطنين، في سنة تعلن فيها أنها حققت أعلى نسبة من النمو (7,3 % )
سؤال: ما حصيلة حركتكم المناهضة لارتفاع الأسعار؟ وما هي آفاق عملكم؟ جواب: أولى نتائج هذه الحركة المناهضة لارتفاع الأسعار هو لفت انتباه الرأي العام إلى الهجوم المنهجي للأسعار على القوة الشرائية للمواطنين، في وقت كان فيه الجميع منصرفا لأخبار بين الويدان والمخدرات والإرهاب وأشياء أخرى تلهيه عن حماية حاجياته الأساسية. كما شكلت هذه الحركة مناسبة لاعادة فتح جولات الحوار الاجتماعي وورقة ضاغطة بيد النقابات للمطالبة بتحسين الأجور ، ولحظة دقيقة لكي تثبت الأحزاب الديموقراطية مدى تفانيها في الدفاع عن القوت اليومي للمواطنين. إن الضغط الذي مارسته تنسيقيات مناهضة ارتفاع الأسعار له دور في القرار الأخير للحكومة بتخفيض أسعار المحروقات رغم أن هذا التخفيض لم يشمل الزيادات السابقة بل اقتصرت على آخر زيادة. إن استمرار ضرب القوة الشرائية للمواطنين، وعدم استجابة الحكومة لمطالب التراجع عن الزيادات في الأسعار أو العمل على الرفع الملموس للأجور، سيوسع من نطاق الحركة المناهضة لارتفاع الاسعار، وهناك أصوات منذ الآن تدعو إلى تشكيل تنسيقية وطنية من شأنها تنظيم مسيرة وطنية قبل اتهاء العام الجاري، أي قبل المصادقة على القانون المالي لسنة 2007.
#عبد_السلام_أديب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحرب الأمريكية الصهيونية على لبنان ودروس المقاومة
-
احتجاجا على تسليع خدمات مياه الشرب والانارة
-
مأزق أنظمة التقاعد في المغرب
-
احتجاجا على ارتفاع الأسعار
-
اختلالات زمن العولمة
-
اقامة الديموقراطية في المغرب من وجهة نظر حقوقية
-
المبادرات السياسية للمطالبة بدستور ديموقراطي
-
المخزن يدجن الطبقة السياسية المغربية
-
حصاد الهشيم لسبع سنوات من الأداء الاقتصادي
-
في تقييم سبع سنوات من الأداء الاقتصادي والاجتماعي
-
نص الحكم
-
اشكالية غسيل الأموال في المغرب
-
نهب الثروات
-
مجموعة -أونا- ، هل تنمي ثروة الملك أو الثروات الوطنية؟
-
قراءة في كتاب الأستاذ علي فقير حول التشكيلة الاجتماعية والصر
...
-
مؤشرات التشغيل والعطالة في المغرب
-
قراءة نقدية لقانون مالية 2006
-
محاكمة رمزية لنهب المال العام تقام لأول مرة في المغرب في انت
...
-
صك الاتهام: محاكمة رمزية لخمسين سنة من نهب وإهدار للمال العا
...
-
كفى من الالتفاف على مطالب الشعب عبرالامعان في ديموقراطية الو
...
المزيد.....
-
-خطوة مهمة-.. بايدن يشيد باتفاق كوب29
-
الأمن الأردني يعلن مقتل مطلق النار في منطقة الرابية بعمان
-
ارتفاع ضحايا الغارات الإسرائيلية على لبنان وإطلاق مسيّرة بات
...
-
إغلاق الطرق المؤدية للسفارة الإسرائيلية بعمّان بعد إطلاق نار
...
-
قمة المناخ -كوب29-.. اتفاق بـ 300 مليار دولار وسط انتقادات
-
دوي طلقات قرب سفارة إسرائيل في عمان.. والأمن الأردني يطوق مح
...
-
كوب 29.. التوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لمواجهة تداع
...
-
-كوب 29-.. تخصيص 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة لمواجهة
...
-
مدفيديف: لم نخطط لزيادة طويلة الأجل في الإنفاق العسكري في ظل
...
-
القوات الروسية تشن هجوما على بلدة رازدولنوي في جمهورية دونيت
...
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|