أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير محمد ايوب - جَدَلُ الخيانة أحافير في الحب














المزيد.....


جَدَلُ الخيانة أحافير في الحب


سمير محمد ايوب

الحوار المتمدن-العدد: 7549 - 2023 / 3 / 13 - 15:13
المحور: الادب والفن
    


كتب سمير محمد ايوب
جَدَلُ الخيانة
أحافير في الحب
ولأنّ الأحتفاء الشخصي بالذات، لا يتم إلا بصمتِ العزلة، وجدتُ نفسيَ ظُهرَ الأمس، في لُجَج الأغوار الأردنية بعيدا عن صخب المدينة. لأرتقي مع صفاء روحي، ولأقف أمام نفسي المُراوغة، انتبذت مكانا قصيا في مقهى هناك، مشاطئ لضفاف الأغوار الفلسطينية غربي النهر.
وبُخارُ قهوتي يتراكم فوق الفنجال بتلذُّذٍ وتأنٍّ ارتشفتُ منه رشفتين، تناولت لفافة من علبة أمامي، وأطلقت العنان لنظري في الأفق الممتد أمامي، وما كادت روحي تَشِفٌّ حتى سمعتُ مَنْ تقول: أتسمح لتطفلي اقتحام صومعتك يا سيدي، فأنا بأمسِّ الحاجة لمَنْ يَستمع لي ويُنصِت؟!
ألِفتُ نبرةَ صوتها فرفعتُ رأسيَ متعجبا، وهزَزته بالموافقة، وأصابعي تتلهى بفنجالي، أضفتُ بصوتٍ هادئ: تفضلي يا سيدتي، على الرحب والسعة. مرّت لحظاتٌ من الصمت قبل أن تنزع نظارةً كانت تُغطي جاذبيةَ عينيها، وهي تَعْقِدُ حاجبين مرسومين بدقة، عاودَت الكلام لتقول بإصرارٍ: وإن كنتُ لا ادري أين التقبتك أول مرة، إلا اني أعرفك يا سيدي ، فقد سبق لي وأن التقيتك أكثر من مرة، عبر المنابر الاعلامية والمنصات الثقافية والعديد مما تكتب.
رفعت رأسي من جديد ونظرت إليها متعجبا وأنا أسأل: اتعرفينني ايضا؟ أجابت بنبرة تمزج بين الفرح والحيرة بلا ريب، ألستَ فُلانا. هززتُ رأسي مُبتسما وأنا أقول بنبرةِ التأييد، نعم بشحمه ولحمه. شجعتها ابتسامتي على الجلوس قبالتي وهي تقول بنبرة واثقة: عندي ما أستشيرك به يا شيخي، فأنا تائهة بين المشي حزينة، او صعود الوجع.
وما أن قلتُ لها تفضلي هات ما عندك، فأنا آذان صاغية، حتى اكتسى وجهها بابتسامة ساحرة، ومن ثم شرقت بالقول وغربت، وفصلت فيه، وخنمت بسؤالي: ألا ترى يا مولاي، أن التسامح والخيانة المثقلة بالطعن، لا يلتقيان، وأن الابتعاد بالمغادرة الغاضبة، كفيل بدفن مُدمنِ الخيانة؟!
أجبتها بصرامة، وقد تيقَّنتُ أنها امرأة اقتحامية، لا تهزمها عواصف ولا تسقطها احزان: أدِيري ظهر قلبك، لمن ذات يوم في الوراء تركك، وجرب عمدا أن يذبحك. واحرصي على تنقية المساحات الملوثة به. اقتلعي خناجره وأزيلي آثـاره عن كل جدرانك، ومن ثم أعيـدي طلاء نفسك بعده.
ولكن قبل ان تمضي في الطريق المعاكس، قولي له: طالما أن الحياة ثرية، لا تتكرر ولا تعود القهقرى، فأنت لست آخر المشوار، نسيتك ولفظت آخر احلامي بك، وطالما ان ما تمكّن من النفس لن يتلاشى إلا بالموت، وأنا اعلم أن الأموات في قلوب الأحياء أكثر فتكا بنا ممن في القبور، فقد أقتعتُ نفسي بموتك، ولا املك القدرة ولا الرغبة على إعادتك للحياة، بعد أن اخترت بالغدر المتوحش الموت فيَّ.
وقولي له: ان رحيلك قد جعل امسك خمرا وغديَ امرا، فأعدتُ ولادةَ نفسيَ واكتشافها من جديد. نزفتك كدم الحيض، واجهضتك كجنين ميت، وغلَّقتُ دونك الأبواب، وأغلقت كل محطات الانتظار خلفك، وأسدلت الثقيل من ستائر النسيان، وعاهدتُ نفسيَ ألا أفتح بابا أو أشرّع نافذة إلا لمن يستحق، لذا فلن تجد لك في مساحاتي النقية بعد اليوم متسعا.
وقولي له بفطرتك السليمة: إنتهت صلاحيتك ولم يعد لك في نبض الذاكرة سوى الأمس بكل أساه. فلكل زمان أيها العاق فرسانه وحكاويهم، وزمانك قد ولّى وانتهى أوانه من زمان، بل استقبليه بصمت طازج، ولا تقوليه له شيئا يا سيدتي، فللصمت بكل تلاوينه قـدرة دقيقة فائقـة، علـى التعبيـر عن كل مسكوت عنه.



#سمير_محمد_ايوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- !!! وما زِلْتَ بِخِيرْ ... أحافير في الحب
- وكما أنت تعال عشوائيات فكرية للتأمل
- مقاربة نقدية للموروث البشري في التدين
- الاسرة في عالم متغير أحافير في الحب
- فجوات الذاكرة أحافير في الحب
- إنها ذكرى، نُحييها ونَبكيها إضاءة على مشهدٍ في فلسطين المُتج ...
- ميلاد مجيد سعيد
- العروبة وفلسطين تتألقان – أوليس هذا مكسبا؟! إضاءة على المشهد ...
- حتى الأماكن، تحنُّ وتَئِنُّ !!! أحافير في الحب
- نعم لفلسطيننا أنشد، وللتاريخ أشهد ...
- في ظِلالِ النَّص احافير في الحب
- الرحيل المُتَسَلِّلْ أحافير الحب
- شئ عن الرحيل احافير في الحب
- شئٌ لم يَنتهِ، وشئٌ لم يبدأ بعد! أحافير في الحب
- الحج البايدوني في الشرق ؟ إضاءة على مشهد عربي
- من حكاوى الرحيل إتْرُكْها لِلْصُدَفْ
- روسيا ترسم خرائط جديدة لعالم، متحرر من التبعية الامريكية
- يا ابا الهول ، حاورني عشوائيات في الحب
- والسَّعدُ يَرْحل- لبنان بلا حريرية زيارة جديدة للمشهد في لبن ...
- لكل المؤمنين العاملين للصالحات.. أقول عن مواسم اعياد إخوتنا ...


المزيد.....




- دائرة الثقافة والإعلام المركزي لحزب الوحدة الشعبية تنظم ندوة ...
- Yal? Capk?n?.. مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 88 مترجمة قصة عشق ...
- الشاعر الأوزبكي شمشاد عبد اللهيف.. كيف قاوم الاستعمار الثقاف ...
- نقط تحت الصفر
- غزة.. الموسيقى لمواجهة الحرب والنزوح
- يَدٌ.. بخُطوطٍ ضَالة
- انطباعاتٌ بروليتارية عن أغانٍ أرستقراطية
- مدينة حلب تنفض ركام الحرب عن تراثها العريق
- الأكاديمي والشاعر المغربي حسن الأمراني: أنا ولوع بالبحث في ا ...
- -الحريفة 2: الريمونتادا-.. فيلم يعبر عن الجيل -زد- ولا عزاء ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير محمد ايوب - جَدَلُ الخيانة أحافير في الحب