أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - مفتاح الفردوس














المزيد.....


مفتاح الفردوس


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 7547 - 2023 / 3 / 11 - 16:14
المحور: الادب والفن
    


رجلٌ مجذوب، حلّ في المدينة وسرعانَ ما أضحى الحديثَ المفضّل لساكنيها. لقد عُرف بلقب " بائع مفاتيح الفردوس "، وذلك لأنه امتهن بالفعل هذه التجارة؛ وكان يبيع المفتاح بعشرين ديناراً. في مبتدأ الأمر، أخذ الناسُ الأمرَ على سبيل التفكّه والتندّر. لكن القلّة، الذين اشتروا المفاتيح، أقسمَ معظمهم على الملأ أنه رأى نفسه في الجنة حين استغرق في النوم بنفس الليلة.
وصل الخبرُ للملك، فتنكّر نهاراً على هيئة التجار ومضى إلى السوق كي يقابل ذلك المجذوب. قال لهذا الأخير، وهوَ يُخرج صرّة من جيبه: " أنت تبيع المفتاح بعشرين ديناراً، أليسَ صحيحاً؟ وأنا سأمنحك ألفي دينار لو أنك أعلمتني من أين تأتي بهذه المفاتيح؟ "
" حسنٌ، إتبعني إذاً "، ردّ المجذوبُ ثم نهضَ واقفاً. بعد نحو ساعة من المشي في أرباض المدينة، أشارَ المجذوب إلى نبع ماء يسيل من مكان عال بين الصخور: " أغفو هنا بعيد صلاة الظهر، وعندما أستيقظ أجدُ المفاتيحَ إلى جانبي ". أخذ صرّة المال، وقفل راجعاً باتجاه العمران. لكنه ما أن ابتعد قليلاً، إلا وأخفى نفسه خلف إحدى الصخور.
عندما أفاقَ الملك، وجد مفتاحاً بالقرب من رأسه. طوال الطريق إلى القصر، فكّرَ بوظيفة مناسبة للرجل المبارك. في اليوم التالي، أمر الحراسَ بجلبه إلى حضرته. لما مثلَ المجذوبُ بين يديّ الملك، قال له هذا: " من الآن وصاعداً، ستصبح مساعداً لمنجّم القصر ". المنجّم، كان رجلاً عجوزاً ويعاني من عدة أمراض. على ذلك، كان من الطبيعي أن يستبشر مساعده بأنه سيخلفه سريعاً في وظيفته المرموقة.
ذات يوم، استأذن أحدهم بالدخول على مساعد المنجّم. وإذا هوَ الحداد، الذي كان يصنع مفاتيح الفردوس، المزعومة. قال للمحتال مباشرةً وبدون تمهيد: " إنك غرقتَ في الفردوس الدنيويّ، وعليك مقاسمتي نعمته ". المحتال، أدرك عندئذٍ أنه سيفقد رأسه لو لم يرضِ الحداد. منذ ذلك اليوم، صار يمنحه قسماً كبيراً من دخله.
بعد نحو العام، حينَ توفيَ المنجّمُ، فإن فكرة سعيدة طرأت لرأس مساعده وخليفته: " سأقنع الملك بجعل الحداد في وظيفتي الحالية، وبذلك أخلّص مالي من ابتزازه وجشعه ". غبّ انتهاء مراسيم الجنازة، وتعيينه المنجّم الرسميّ للقصر، فإنه فاتحَ الملك بأمر الحداد.
" عجباً، أحدادٌ ويفهم بأمور التنجيم والفلك؟ "، تساءل الملك وكأنه يحدث نفسه. عندما بدأ المنجّم بالتنحنح، تمهيداً للكلام، فإن الملك بادره آمراً إياه أن يأتي بالرجل حالاً. عقبَ ذهاب المنجّم، قال الملك لوزيره وكان هذا حاضراً المجلس: " سأجعلُ ذينك المحتالين عبرةً لمن يَعتبر! ". الوزير، كان يعرف منذ البداية بحكاية مليكه مع الرجل المجذوب. قال على أثر وهلة تفكير: " يا مولاي، إن كشف حيلة مفاتيح الفردوس قد تضر بسمعتك وهيبتك "
" كيف ذلك، أيها الوزير؟ "
" العوام والخواص، سيقولون أن الملك وقعَ ضحيةً لرجل محتال وجعله منجّم القصر "، أجاب الوزير. بقيَ الملك يفكّر بما سمعه، وما لبث أن رفع رأسه وقال بفم مرتجفٍ غيظاً وحنقاً: " أجل، أوافقك الرأي. لكنني سأتدبر أمرهما فيما بعد ".
مرت الأعوام، ومنجّم القصر يتقدم بالعُمر إلى أن أضحى على أبواب الشيخوخة. ذات يوم عندما كان الوزير منفرداً بمليكه، تساءل عن سبب العفو عن الرجل المحتال وشريكه. حكّ الملك عثنونه، المغشّى بالشيب، وقال بنبرة ساخرة: " أكنتَ تعتقد، حقاً، أن سلفه كان أقل احتيالاً منه؟ ". ثم أردفَ، يُجيب بنفسه على السؤال: " إننا بحاجةٍ لأمثال هؤلاء المحتالين، الذين يبيعون الوهمَ للرعية ".



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لعبة الموت
- نظرة جنونية
- فتاة الحديقة
- الورقة الخضراء
- منزل في الأزقة العُلوية
- المكتبة المهجورة
- الأخدود
- سفير جهنم
- شباب إمرأة: ريف ومدينة ورغبة
- غزل البنات؛ فيلم الكوميديا الخالد
- المومياء؛ الفيلم المصري الفريد
- العزيمة؛ فيلم الريادة الواقعية
- ليلة ساخنة؛ إغتصاب آمال الغلابة
- تمصير الروايات الأجنبية: تيريز راكان
- المشاكل النفسية، سينمائياً
- عادل إمام وظاهرة التحرش الجنسي
- مخرج الفظائع
- شيخ المخرجين
- باب الحديد: الأبله مهووساً جنسياً
- سواق الأوتوبيس: الإنسان والضباع الضارية


المزيد.....




- *محمد الشرقي يشهد حفل توزيع جوائز النسخة السادسة من مسابقة ا ...
- -كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد ...
- أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون ...
- بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
- بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر ...
- دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
- -الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
- -الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
- فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
- أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - مفتاح الفردوس