كريم البيضاني
الحوار المتمدن-العدد: 1708 - 2006 / 10 / 19 - 06:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قد يتسائل البعض ماهو الهدف من مؤتمر مكة للمصالحة العراقية الذي سيعقد في اواخر شهر رمضان الحالي؟...ومن قام بفكرة عقده ولماذا في مكة ولماذا بين العراقيين وبمشاركة الاخرين؟... اسئلة واسئلة تطرح نفسها في هذا الظرف المفصلي من تاريخ العراق الحديث والمنطقة...
لقد عقد اللبنانيين مؤتمر في مدينة الطائف السعودية بعد الحرب اللبنانية اللبنانية..وكانت ايظا بين فرقاء مختلفين في المعتقدات والمذاهب..واصبح هذا المؤتمر الذي تم التوصل فيه بين الاطراف اللبنايين الى اتفاق اصبح مرجعية سياسية..لازالت تحكم الوضع اللبناني الى الان..على خلفية الدعم المادي وهيمنة الدولة السعودية على كل نواحي الحياة في لبنان...
ومن منطلق عراقي بحت نحاول ان ندخل الى ماهية هذا المؤتمر الذي سيعقد في مدينة مكة السعودية ..والذي صرح القائمون عليه بانه سيكون حوار بين الشيعة والسنة العراقيين تحت رعاية منظمة المؤتمر الاسلامي التي طالما ساندت النظام السابق وبررت افعاله الاجرامية من منطلق طائفي مهيمن على هذه المنظمة..
المعروف لكل العراقيين ماهية الحرب الدائرة الان رحاها في شوارع مدن العراق هي بين الشعب العراقي وقوى الشر الارهابية القادمة من خارج الحدود...قوى اتت بعدة وعتاد دول الجوار...وباصرار مسبق منها ضمن شعار انصر اخاك ظالما او مظلوما...فاغلب دول الجوار كان النظام البعثي الفاشي اما اخا لهم في الطائفة والعرق او عدوا وخصما ايظا...فكل الحروب التي قامت في العراق منذ اربعة عقود كان سببها ومحركها الاساسي هو الطائفية والعنصرية القومية...فعملية انشاء عراق عربي خالص ويقوده ابناء طائفة لها عمق جغرافي وتاريخي مع دول الجوار كانت ولازالت حلم الكثيرين من سكان تلك الدول...يقول السيد عدنان الباججي في اخر لقاء له مع جريدة الحياة وباعتراف صريح .ما معناه.. ان العراق بما انه ليس عربيا خالصا فموقعه الجغرافي وثرواته يجب ان تكو هي نواة الجبهة التي تصارع اعداء العرب الذين يقفون كمعرقل امام طموح القوميين العرب في بناء الدولة العربية الكبرى...ومادام شعب العراق ليست له ميول لتقبل فكرة الامة العربية ووحدتها فيجب ان يكون البديل عن ذلك هو تسخير امكانيات البلاد لمصلحة العرب المجاورين للعراق على حساب الشعب العراقي..عقابا لهم على مواقفهم هذه...ومن هذا المنطلق يعتقد السيد الباججي ان اي نجاح او خطوة ولو بسيطة نحو الانعتاق من سيطرة هذه الجبهة.. من قبل هؤلاء العراقيين الذين يرفضون المشروع العربي في العراق تعتبر خطيئة يجب التعامل معها بحزم وقسوة لان السكوت عنها يعتبر خيانة...
ان مشاكل العراق بدات منذ تاسيسه كدولة بعد انهيار الدولة العثمانية...فالصراع الحالي هو امتداد لتلك الحقبة التي يحاول البعض الان اعادت ضروفها وصياغتها للانقضاض على حلم العراقيين بالاستقرار واحقاق الحق لكل مكونات الشعب العراقي...يقول الباججي بالحرف الواحد اذا نشا كيان شيعي في العراق فلن يقف السنة مكتوفي الايدي؟؟؟....
ان انعقاد مؤتمر مكة يعتبره اغلبية العراقيين محاولة لانقاذ مايمكن انقاذة من ما تبقى من النظام الظالم السابق..فمستضيف المؤتمر وهو المملكة العربية السعودية لايعتبر طرفا محايدا..لان المملكة السعودية تعتبر الممول الرئيسي للطرف السني في العراق وهي شريك رئيسي في معظم حروب النظام السابق...حتى لو تم المؤتمر في مدينة مكة المكرمة لاعطاء انطباع ان هذا العمل اسلامي ديني قبل ان يكون سياسيا..
ويعرف القاصي والداني ان السعودية والاردن ومصر تعتبر العمق الستراتيجي للطائفة السنية في العراق والتي هيمنت على مقدرات البلاد سياسيا واقتصاديا منذ تاسيس الدولة العراقية الحديثة...فلايوجد ملك او رئيس عراقي ان كان عربيا او كرديا او من المكونات العراقية الاخرى للبلاد من غير الطائفة السنية العربية...وهذا ناتج ليس بسبب عامل جغرافي او بشري او مالي بل بسبب التركيبة السكانية لمعظم الدول العربية المجاورة للعراق....
ان مؤتمر مكة المكرمة القادم سوف لن يكون في صالح الشعب العراقي ابدا بل سيكون مؤتمر املاءات ومؤتمر تلاعب بالالفاظ والعبارات في اتفاقات لاوجود لها على ارض الواقع..
فالحكومة السعودية راضية تماما عن الفتاوى التي تصدر ضد الشعب العراقي وهي لم ولن تحاسب اي جهة تقوم باصدارهذه الفتاوى التي تدعوا الى قتل العراقيين وعرقلة بناء الدولة العراقية على اسس صحيحة..فشعار الدولة السعودية هو ان هناك حق للاقلية السنية في العراق بالحكم والتصرف بمقدرات ومصير الشعب العراقي وهذا طبعا ليس حرصا على هذه الطائفة بل من جانب محاربة عدوها المنافس اللدود وهو ايران..فكل مكسب للاكثرية الشيعية في العراق هو مكسب لايران كما تروج وتعتقد..وما وقوفها ضد حزب الله في حربه الاخيرة ضد اسرائيل الا دليل على هذا الصراع الغير مقدس على ارض العراق ولبنان...ان اسلوب ثلاثة سنة... وثلاثة شيعة من الذين سوف يقومون بالتحضير لهذا المؤتمر يدل على النية المبيتة لجعل 15 بالمائة من سكان العراق مقابل 65 بالمائة منه...اي ان الوضع السابق وهو نسبة 5 الى ال15 بالمائة وواحد الى ال65 بالمائة سيتغير وستطالب السعودية ومن يقف وراءها بجعل المعادلة مناصفة 3 الى 3 هذه المرة ...وبحسب هذه المعادلة الجديدة سوف يكون الحكم في مايسمى بالمناطق العربية في العراق على اساس تقاسم السلطة بدون الرجوع الى مبدا الاقلية والاكثرية كما هو متبع في كل دول العالم...
فالمنطق يفرض ان الاقليات لها خصوصية كما هو حاصل مع الجانب الكردي وباعتراف كل القيادات السنية العراقية..حيث.يقول الباججي...
ومن ناحية مبدئية، اذا أرادوا الانفصال(يقصد الكرد)...، فلهم الحق في ذلك لأن جميع شعوب العالم أصبح لها دول. لكن مشكلة الأكراد ليست مع العراق، لأن الانفصال ستعترض عليه ثلاث دول هي تركيا وايران وأميركا. أما الحكومة العراقية فهي ضعيفة الى درجة لا يمكنها أن تترجم اعتراضها. ستعترض أميركا لأنها تخشى من تفتيت العراق، خصوصاً اذا صار هناك كيان في الجنوب يعتمد على تأييد ايران ودعمها، فيما تركيا مستعدة أن تقاتل لتمنع قيام كيان كردي مستقل
هذا الكلام تردده اغلب التيارات السنية في العراق..من منطلق ان الكرد في كل الاحوال لن يحصلون على مايريدون بحجة الخوف من العامل الاقليمي...اما في الجنوب ووسط العراق فالاعتراض على مبدأ الكيان الفيدرالي الشيعي هو من اولوياتهم..فالجنوب شيعي يعني ستكون له ارتباطات بايران ودول اخرى ولكن ليس مع السعودية ودول الخليج الاخرى...لان الدعم الكبير الذي حضي به ابناء الاقلية السنية العراقية من قبل هذه الدول على حساب معاناة بقية العراقيين وحرمانهم من خيرات بلدهم يجعل التعامل مع هذه الدول من قبل العراقيين فقط من قول مكرها اخاك لابطل...
وليس غريبا ان تجد هذه الحملة الارهابية والاعلامية على المكون الرئيسي للشعب العراقي والتشكيك بوطنيته وانتماءه العراقي ..بحيث جعل الاعلام في السعودية والخليج والدول العربية الاخرى من كلمة الصفويين والفرس المجوس والايرانيين وابن العلقمي وخيانة الشيعة العراقيين للعروبة والاسلام وكذلك تكفيرهم وجعل عملية قتلهم من الامور التي تدخل الاخرين الجنة...
كل هذه العوامل تجعل مستضيف هذا المؤتمر او اللقاء غير حيادي...وسيجعل مسؤولية الالتزام ببنود اتفاقه من الامور المستحيلة...
ولكن هناك امل وان كان ضئيلا وهو اقتناع تلك الاطراف المساندة لحرب الابادة على الشعب العراقي في هذا المؤتمر بما يلي:
-الاعتراف باحقية الاكثرية الشيعية بادارة البلاد ضمن مناطق تواجدها..واحترام خصوصيتها
-فك الارتباط بين الذين حكموا العراق بدون وجه حق والقوى التي دعمتهم الى الان واقناع الطرف السني بالمعادلة الجديدة وهي ان تكون الامور كل حسب حجمه وثقله السكاني....
- اعتراف الدول العربية بالابادة الجماعية التي حصلت ضد اغلبية الشعب العراقي والقيام بصرف تعويضات ثمنا لهذا الدعم الغير مبررللنظام السابق من قبل تلك الاطراف قبل التاسع من نيسان 2003
-ايقاف كل الحملات الاعلامية الشوفينية والحاقدة على الكرد والشيعة والمساعدة في كشف كل ملابسات العلاقة التي كانت قائمة بين النظام السابق وتلك الدول
-ان تقوم حكومة السعودية بمساعدة الشعب العراقي بمقاضات كل الذين افتوا بقتال الشعب العراقي على اساس طائفي من رجال دين سعوديين او من ارسل المقاتلين الذين فجرو انفسهم في جموع ابناء الشعب العراقي في مدن العراق..والتعاون التام في ملاحقتهم...
-التعاون مع العراق في استرداد جميع الاراضي التي قام باهدائها النظام الطائفي السابق الى دول الجوار في مساومات سياسية واستعادتها لصالح الشعب العراقي..لان هذه الاراضي اخذت ضمن صفقات مشبوهة من غير علم الشعب العراقي وموافقته..
-تسليم عزة الدوري وكل المجرمين الذين يقودون القتل والارهاب في العراق..والاخبار عن اماكن تواجدهم لكي يتسنى للعراقيين ملاحقتهم وتقديمهم للعدالة...
فاذا لم يتحقق ذلك الذي ذكرناه اعلاه...
فنحن نتوقع التالي من مؤتمر مكة القادم
-المطالبة من قبل المجتمعين والراعي والمستضيف لهذا المؤتمر باعادة الحكم الى الاقلية السنية
- اطلاق سراح المحتجزين في المعتقلات مهما كانت جريمتهم
-اطلاق سراح القيادة الشرعية بنظرهم..وهي صدام واخوانه وابناء عمومته وابناء مدينته وقريته..حى لو كانوا قد ابادوا ملايين العراقيين
-الغاء الدستور والكف عن المطالبة بالفيدرالية من قبل الشيعة
- الاعتراف من قبل الشعب العراقي بانه تطاول على ولاة امره من النظام السابق..والاعتذار لهم على تمردهم عليه والتعاون مع امريكا والدول المتحالفة للاطاحة به...واعتبار ذلك خيانة للدين والوطن..اي يصبح الشعب العراقي خائن ومتامر وصدام ونظامه بريئ ومتجاوز عليه.
-ايداع المبالغ المستحصلة من الثروة النفطية في حسابات الوقف السني او حسابات هيئة علماء المسلمين ....والزام تلك الهيئة بالتصدق على ابناء الشعب العراقي على شكل هبات او تبرعات انسانية ..وتكون تلك الحسابات في بنوك دبي وبيروت وعمان والافضل في البنك المركزي السعودي...حتى لاتذهب تلك الاموال الى الفرس المجوس خصوم الامة العربية ...
قد يتصور البعض اننا نبالغ او غير جادين في مانقول ...ولكن الحقيقة المرة هي لو قارن القارئ العزيز ما كتبناه الان ... مع بيانات وتصريحات وبيانات القوى السياسية والدينية المعادية للعراق الجديد وكذلك الدول الاقليمية المساندة سابقا لنظامهم والان لمقاومتهم ... سنجد ان ماكتبته موجود نصا وحرفيا في تلك التصريحات والبيانات...
بقي علينا ان نحذر كل الذين سيتكلمون باسم الجانب المظلوم من الشعب العراقي ..انهم ليسوا مخولون من قبل الشعب بالتكلم نيابة عنه وان اي مجاملة او تنازل عن حقوق الجانب المظلوم سوف نعتبرها خيانة وطنية لاتغتفر...
#كريم_البيضاني (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟