أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - نظرة جنونية














المزيد.....

نظرة جنونية


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 7543 - 2023 / 3 / 7 - 02:47
المحور: الادب والفن
    


المكر، المستمد من خلقه القرويّ، ساعده نوعاً ما في المدينة.
لقد ترك " زياد " قريته، المستلقية في دِعَة وسلام بين أحضان الأطلس الأوسط، حالماً بحياة أفضل في مكان آخر. ولم يكن هذا المكان سوى مدينة الصويرة، التي سبقه إليها أحد مواطنيه لكي يعمل على الأرصفة في بيع الهدايا التذكارية. عمل لبعض الوقت مع هذا الصديق، وأقاما معاً في حجرة مستأجرة بحيّ الملّاح.
سرعان ما ضجرَ من ذلك العمل، متحججاً بأنه قليل المردود: " نقضي النهار كله فوق الرصيف، وبالنتيجة أن نصفَ ربحنا يحصل عليه رجالُ الشرطة "، قال زياد لصديقه. بعد بضعة أيام، عاد ليخبره أنه سيمتهن التسوّل: " اهتديتُ إلى طريقةٍ لانتزاع المال من النصارى، لا تخطر ببال إبليس نفسه! "، قالها وعيناه تلمعان ببريق المكر والخبث.
النصارى ( أو الكَاوري باللهجة المحلية )، هم السيّاح الأوربيون. وكان الماكرُ يصطادهم في القلعة البحرية، التي تدعى أيضاً باللهجة المحلية، " السقالة ". الصويرة، حصلت على شهرتها في عالم السياحة بسبب هذا المكان، الذي يتيح للمرء رؤية الأمواج العاتية وهيَ تصطدم بعنف بالصخور السوداء، الكائنة مباشرةً تحت أقدام السقالة. كان ثمة كوى في سور القلعة، المشرف من علوٍ شاهق على الشاطئ. واعتاد السيّاح على الصعود إلى هذه الكوى، لكي يستمتعوا بالمنظر الفريد وسماع هدير الأمواج عند انكسارها على الصخور. وكان زياد يتقدم من السائح، المعتلي الكوة، فيمد يده طالباً الصدقة. وكانت عيناه تبرقان عندئذٍ بطريقةٍ، تجعلُ السائحَ يعتقد أنه أمام رجلٍ مجنون؛ فتمتلئ نفسه بالهلع، ويُسرع من ثم بإخراج قطع النقود من محفظته.
بعد نحو العام، كان زياد قد امتلك من المال بما يُمَكّنه من استئجار الدور الأرضيّ في منزل جميل بالقصبة، عائد لامرأة عجوز تعيش من معونة ابنها، المقيم في كندا. حال وصوله للمنزل مساءً، كان يطرح عنه أسماله ويستبدلها بثياب أنيقة، وذلك قبل توجهه إلى الحانة أو المقهى لملاقاة صديقه الوحيد. أحياناً، كان لا يحرم نفسه أيضاً من صحبة إحدى بنات الليل.
ذات يوم، كان زياد قد روّع للتو إحدى السائحات، لما فوجئ بفتاة تضع حجاباً على رأسها، تعتلي الكوة بقفزة واحدة. قفزتها الأخرى، حملتها إلى الهاوية مع صرخة يأس ثاقبة. بالصدفة، كان ثمة رجل أمن يقف عند مدخل الفناء؛ أين توجد تلك الكوى على شكل قوس. في غمرة الهَرَج، الذي أعقبَ سقوط الفتاة، إذا بتلك السائحة تشير بيدها إلى ناحية زياد: " هذا هوَ المجرم! "، قالتها بالفرنسية. عند ذلك اندفع رجل الأمن، ليقبض على المجرم المُفترض. بعد قليل، حضرت سيارة شرطة ونقلت زياد إلى قسم التحقيق ومن ثم إلى السجن الإحتياطيّ.
بضعة أيام على الأثر، ثم أطلق سراح المتهم. ذلك أن خيوط القضية سرعان ما انكشفت: الفتاة القتيل، كانت في يوم سابق قد حضرت جلسة المحكمة للفصل في موضوع طلاقها. لكن القاضي، اشترط للحكم بالطلاق أن يُعاد للزوج كامل الصداق ( المهر ). والد الفتاة، حملها عندئذٍ على القبول بالعودة إلى بيت رجلها. هددت أهلها من ثم بالإنتحار، لو أنهم أعادوها عنوةً إلى بيت الزوجية.
غبَّ إطلاق سراحه، قال زياد لصديقه أنه سيعود إلى القرية: " ما زال معي بعض المال، بما يكفي لشراء قطعة أرض مناسبة، أقوم بزراعتها والتعيّش منها ". عيناه، كان وميضهما قد خمدا عندئذٍ.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فتاة الحديقة
- الورقة الخضراء
- منزل في الأزقة العُلوية
- المكتبة المهجورة
- الأخدود
- سفير جهنم
- شباب إمرأة: ريف ومدينة ورغبة
- غزل البنات؛ فيلم الكوميديا الخالد
- المومياء؛ الفيلم المصري الفريد
- العزيمة؛ فيلم الريادة الواقعية
- ليلة ساخنة؛ إغتصاب آمال الغلابة
- تمصير الروايات الأجنبية: تيريز راكان
- المشاكل النفسية، سينمائياً
- عادل إمام وظاهرة التحرش الجنسي
- مخرج الفظائع
- شيخ المخرجين
- باب الحديد: الأبله مهووساً جنسياً
- سواق الأوتوبيس: الإنسان والضباع الضارية
- من أفلام الجريمة: الطاووس
- الأديب والإدمان


المزيد.....




- مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب ...
- فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو ...
- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - نظرة جنونية