أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - (وما على الرسول إلا البلاغ المبين)














المزيد.....

(وما على الرسول إلا البلاغ المبين)


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7541 - 2023 / 3 / 5 - 07:28
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


هذه الآية الكريمة ترسم لنا منهج فكري ومعرفي مهم يتعلق برسالة الإنسان في الوجود ,فهي لا تطلب منه أن يكون رسولا أصم وأبكم وأعمى إنما توجب عليه شرطان مهمان:.
الأول: الإداء الدقيق المنضبط دون زيادة أو نقصان وخارج عن أي تأثير أو إسقاط ذاتي على المهمة حتى لا يختلط الموضوعي القريب بالموضوعي الأشمل، ولا الذاتي بالموضوعي فيضطرب أصل الفكرة وإن تجانست في الأصل.
ثانيا: التبيين يعني بكلام أخر أن على الرسول حتى يكون أمينا على الرسالة أن يكون هو واعيا وبأعلى درجات الوعي بها تكوينا وتكيفيا واهدافا ووسائل ومناهج ونتائج، وأن يكون على مستوى الأداء المثالي، لتصل الفكرة كاملة وواضحة لا تحتاج إلى تدخل أخر أو تفسير لاحق.
وحتى يتم الأمر ويجري كما هو المطلوب بالشكل الأمثل وطبعا هذا لا يأت من فراغ أو دون مقدمات صالحة وإعداد أصيل للمهمة وفهما للواجب، لا بد للنبي أو الرسول أن يمتلك كل الوسائل المعرفية التي تساعده على النجاح من فهم وعلم ونباهة وحلم وذكر وهي مناطات قوى النفس الثالثة، عندها يكون قادرا على التبيين والمباينة والتبليغ الكامل بالقدر أولا بمعنى المقدر المحسوب، وبالقدرة على أن يأت بالأول بتمامه، إذا التبين هنا متعلق به كنتيجة غائية ومتعلق بالمتلقي كمقدمة أولية لازمة، هذا التكامل بينه وبين المتلقي شرط الأستيعاب، وإلا لا يمكن أن تنجح فكرة الرسالة من الوصول لهدفها.
في الحياة العملية المعرفية التي ينتجها الإنسان ويسعى لإيصالها كرسالة لا بد ان يتحكم وينحكم بنفس هذه القواعد على حد السواء، وأن يكون ممتلكا لكل أدوات الوعي بما ينتج ويقدم، وأيضا عليه من جانب لازم وضروري أن يمتلك كل أدوات التبيين المادية والمعنوية والتي تتمثل أساسا بالصدق والتجرد والحيادية وأيضا الإيمان الذاتي بها قبل أن تنتقل منه للأخر، حتى يبسط الفكرة أو المفردة المعرفية التي يسعى لتثبيتها وبسطها كمنتج معرفي قابل للتفاعل مع المجتمع.
هذا كله يجب أن نتوفر عليه قبل أن نباشر في الرسالة أو نكون في موضع التبشير بها، قبل أن نحدد الأهم في مضمون الآية ومرادها الأساسي، فعندما ينص النص على أسلوب نفي في مقام الإثبات أراد أن يقول حقيقة واحدة، هي أن هذا النفي قانون عام لا يمكن التصرف به أو فهمه خارج إرادة الإثبات، فالرسول هنا قام بإثبات رسالته من خلال نفي تدخله فيها سلبا وإيجابا، كذلك نفي أن يكون الأمر منه من باب أولى، والنفي الثالث هو إثبات عدم المسئولية عما ينتج من الرسالة بالأخذ بها أو التخلي عنها، وأخيرا أن النبي ينفي حق أحدا غيره أو من خارج دائرة الإرسال والوحي أن يتدخل في موضوعها، وقد سبق أن بين ذلك بنص حازم (قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَٰذَا أَوْ بَدِّلْهُ ۚ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاءِ نَفْسِي ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ ۖ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) يونس (15).
السؤال هنا لماذا أخبرنا النص بالذات عن هذه القضية بشكل بارز ومحدد دون أن يفسح مجالا للتأويل والتفسير؟ السؤال الأخر ماذا لو تدخل الرسول في الإبلاغ شكلا ومضمونا، بأعتباره أولا أبن البيئة التي سيخاطبها بالرسالة وأهل مكة أدرى بشعابها كما يقول المثل؟ وثانيا ما المانع عندما يكون الرسول مؤمنا أصلا بالقضية ومخلصا لها ويريد لها البلوغ التام، وقد يقدمها بشكل أكثر تناسبي مع الموقف مستعينا بخبرته وتجربته الشخصية؟ هذه الأسئلة وأجوائها تجرنا لسؤال أهم وأكبر وهو ما العاقبة أو النتيجة التي يمكن أن يكون عليها وضع الرسالة لو تم التدخل البشري فيها وعليها من الرسول أو من غيره؟.
البعض يرى في النص تحديدا لمهمة النبي أو الرسول بأنه مجرد ساعي بريد بين الديان والإنسان، وبذلك يؤكد على مسألة لا قيمة لكون الرسول مؤمنا أو غير مؤمن، أو لا يهم إن كان متبنيا للرسالة أو مجرد ناقل مقابل وعد، في حين يرى أخرون أن النص رفع من قدر النبي أو الرسول حينما جعله الله خياره المفضل والوحيد، وقد يكون له وهو القادر على كل شيء وقدير الكثير من الخيارات إن أراد ذاك ولا يعجز عنه، وسبق أن أرسل الآيات الإبلاغية والتبليغية على أنماط وأشكال متعددة (وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَن كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ ۚ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا ۚ وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا) الإسراء (59)، وبذلك منح النبي والرسول قدرا معظما من التبجيل والتقدير بإسناد الأمانة لمؤتمن لا يخون ولا يبدل، ويعلن بذلك عصمته على الناس في أقل حدود المنطق في عصمة التبليغ.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموتى.... لا يعرفون الزمن...
- رصيف مقهى رضا علوان
- بعض الإشكاليات الساخرة في منطق العقل المسلم..
- رسائل وسؤلات لأبونا الذي كان في الفلك المشحون
- نحو جنة جديدة
- عشرة أساطير هزت مكانة الإسلام في العقول. ج2
- عشرة أساطير هزت مكانة الإسلام في العقول. ج1
- العصمة التكوينية عند الإمامية وعصمة السلف الصالح عند خصومهم.
- في رحاب السماء
- أحلامي التي لا تكون
- العراق والعرب والعجم وحكاية التضليل
- نهايات الطريق بالموت وبدايات جديدة
- زيارة الى محراب النار
- انا من انا
- كيف لنا أن نفهم الدين العراقي القديم 2
- اللغة المحكية شعبيا تنتزع حق البقاء والديمومة
- كيف لنا أن نفهم الدين العراقي القديم
- رسالة صباحية .... إلى عينيك
- الفاعل في الكوارث والزلازل بين فهم أسبينوزا وفهم العقل الدين ...
- خطاب التفاهة والمحتوى الهابط ظاهرة ونتاج


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - (وما على الرسول إلا البلاغ المبين)