|
نتائج نشر ديمقراطية أميركا!
طارق الهوا
الحوار المتمدن-العدد: 7540 - 2023 / 3 / 4 - 20:18
المحور:
كتابات ساخرة
زار بايدن العاصمتين كييف ووارسو، وكأنه يمهد لحملة انتخابية لرئيس سيكون في الثانية والثمانين عندما تنتهي ولايته، وزّل لسان الناطقة بلسان البيت الأبيض أثناء زيارته وقالت: "أعلن الرئيس أوباما منذ نحو ساعة، ثم اعتذرت ضاحكة بخجل وزادت الطين بلة وقالت : هذا هو الخبر! أنا أعلم اننا يجب أن نتحرك للأمام وليس للخلف". تكلمت المتحدثة كأن بايدن ليس الحاضر الموجود، بل هو ظل ماض، وهي إشارات واضحة علاوة على ما يحدث في الساحة الاميركية على إفلاس الحزب الدمقراطي، وعلى فشل خيارات بايدن حتى في اختيار متحدث بلسان البيت الأبيض. رجال العلاقات العامة ومخرجو رحلة بايدن، جعلوه يبدو قائد حملة عالمية ضد الأشرار، والمرجح أنهم أوحوا إليه أن يُطلق عليها "اختبار العصور على الطغاة"، كما يُرجح أن الرجل المصاب بالخرف يعتقد أنه وشعار الديمقراطية الخالي من أي معنى سينتصران. عنى راسمو سياسة بايدن بكلمة أشرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشكل محدد، لكنهم يعنون ضمناً أي شخص يتجاهل النموذج الغربي والأميركي بشكل خاص للديمقراطية، لكن لم تُذكر أسماءٌ في بيانات بايدن خوفاً من تحدي أكثر من ثلث البشرية المتمثلة في الصين والهند، وغيرهما من دول لا تعترف بالديمقراطية، إما لأسباب أملاها الله كلمة بكلمة، أو لأسباب تاريخية فبعض الشعوب يستحيل أن تتلاءم مع ديمقراطية الغرب. الايمان السخيف بقَدَر أميركا بالدفاع عن الحرية والديمقراطية وتعزيزهما في العالم، مقولة سقطت تماماً بعد غزو العراق، فكل ويلات الهجرة غير الشرعية (التي ستدمر الديمقراطيات في دول المنشأ والحضارة الغربية في نهاية المطاف) وتَزعَزع استقرار دول الشرق الأوسط الهشة، المتذبذبة ما بين حكم العسكر والخلفاء الجدد وهم الراديكاليون المسلمون، سببها نشر أميركا الحرية والديمقراطية بالسلاح. كانت ثمار أكاذيب جورج دبليو بوش من تحرير العراق من صدام حسين، جعل إيران تحتله! وكانت أكاذيب الناتو بتحرير ليبيا من معمّر القذافي، تركِها محتلة من الميليشيات وأطماع أمير المؤمنين أردوغان بها على أنها أملاك عثمنلية سابقة! وكاد أوباما أن يحرر سوريا من بشّار الأسد، لكنه بقيادته من الخلف مهّد لاحتلال بوتين وعلي خامنئي لها! وأنقذ السيسي مصر بضربة معلم، لا يعرف أحد إلى ماذا ستنتهي بعد وفاته! عقب ما حدث في أفغانستان بعد عشرين سنة ديمقراطية وتحطيم الطغات، يتساءل العالم وبعض من الأميركيين المخلصين لبلدهم وليس لحزبهم عن أسباب إصرار الولايات المتحدة على تحمّل أعباء نشر الديمقراطية والحرية بالجيوش والحروب في العالم؟ الحرب في أوكرانيا لا علاقة لها بالاستثمار في الحرية كما يقول أوباما ( آسف بايدن لأنه يجب أن نتحرك للأمام وليس للخلف) بل تدور بسبب السيادة الإقليمية من جهة، والدولية من جهة أخرى، وما إذا كان النظام العالمي بعد الحرب الكونية الثانية سيصمد أمام تحديات وطموحات موسكو وبكين وحلفاء لهم. وفي نفس الوقت، يصّر بايدن وإدراته وحزبه على وضع كل الأسباب لتفجير القنابل الموقوته سياسيا، ثم ينسحبون إذا اقترب الانفجار أو تم. سيحدث هذا في مشكلة تايوان/الصين لو تفاقمت، واقتراب إيران من صنع قنبلة نووية، والانسحاب الذي تم من أفغانستان وترك أسلحة بالملايين للملالي، وهم الآن يتبنون قضية الحريات والقوانين والقيم العالمية الفاشلة مرة أخرى. أعلن بايدن في وارسو أن "الديمقراطيات في العالم أصبحت أقوى والمستبدين أصبحوا أضعف"، لم يكمل الجملة ويقول أن أحد المستبدين أهم دائن لأميركا، فكيف يكون أضعف؟ أمر أميركا غريب فعلا. تتحدث عن الطغاة وتتجاهل الراديكاليين المسلمين الطغاة الذين يحفرون تحت أرض أي مكان يستقوون فيه، وهم أخطر بكثير على دول الناتو من بوتين على المدى الطويل! تشن أميركا والناتو حملة دموية من أجل ديمقراطية عالمية حديثة تحارب الطغاة. فكرة سوداوية فاشلة مستحيلة التطبيق تبناها رئيس ونائب يجيدان القهقهة أمام الكاميرات، ويتجاهلان عالم اليوم الذي صنعه شعار نشر الديمقراطية والقيم العالمية بالجيوش، عالم ممزق سيكون متعدد الأقطاب لفشل القطب الواحد، شاء أو رفض بايدن أو أوباما، وأكثر تعقيدا من الناحية الجيوسياسية. بايدن ومن يؤمنون بديمقراطيته، يخدمون مصالح شركات الأسلحة وأسواق المال في نهاية المطاف، لأن الديمقراطية والقيم يمكن نشرها بالتنوير ورجاله في دول مؤهلة لذلك، ويستحيل نشرها بين أناس لا يؤمنون أساساً بالأوطان وولي أمرهم إما أن يُقتل أو يُخرج عليه أو يموت. لا انتخاب أو استفتاء أو حرية تحت حاكم واحد لا شريك له ومن يعارضه يُقتل.
#طارق_الهوا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أول -رابعة العدوية- في أميركا
-
نتائج تحريض دعاة الرولكس
-
إمام المشعوذين والغرب غير البصير
-
كريستوفر كولومبوس وعقبة بن نافع
-
خواطر حول إمبراطورية في خطر
-
ميلوني المتطرفة والقرضاوي المعتدل
-
أوقفوا القطار لإقامة الصلاة
-
رسالة لمارين لوبان في رئة كاهن
-
رئيس نائم وزلق اللسان أيضاً
-
نبوءة الأسقف ديزموند توتو (2)
-
نبوءة الأسقف ديزموند توتو
-
دور فاتيكاني سياسي مرفوض
-
القمّص يُبحر واثقاً في مضيق اللعنات
-
الاستعمار الإلهي والاستعمار الانساني (2)
-
فشل أميركا في قيادة العالم
-
الاستعمار الإلهي والاستعمار الانساني
-
صحوة الموت الاسلامية
-
حقوق الإنسان الجديدة
-
إرهابي؟ إذن قدِّم طلب هجرة للغرب
-
بايدن رئيس ولايات متعددة الجنسيات
المزيد.....
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|