أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - نحو تجاوز تردي الوضع بالمغرب . مشكلة الصحراء مشكلة انعدام الديمقراطية في الدولة المخزنية . ( 2 ) الدور التخريبي للدولة . ( تابع )















المزيد.....

نحو تجاوز تردي الوضع بالمغرب . مشكلة الصحراء مشكلة انعدام الديمقراطية في الدولة المخزنية . ( 2 ) الدور التخريبي للدولة . ( تابع )


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 7540 - 2023 / 3 / 4 - 11:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في نونبر من عام 1975 أعلن الحسن الثاني في إحدى تصريحاته : " لقد انتهت مشكلة الصحراء " . فهل حقا انتهت مشكلة الصحراء وتم حسمها مغربيا ، ام ان القضية دخلت المنعرج الخطير الذي يهدد وجودها ، ويضرب عرض الحائط بسبعة وأربعين سنة من التيه وفقدان البوصلة ، جعلت قاعدة الدول الوازنة بمجلس الامن ، وبالاتحادات القارية كالاتحاد الأوربي ، لا تزيغ عن الحل الوحيد الأوحد الذي هو الاستفتاء المؤدي الى الانفصال ؟
بعد مرور سنوات عن ذاك الخطاب ، خطاب الحسن الثاني ، تبدو مشكلة الصحراء وكأنها تكشف وتلخص مشاكل المغرب العربي عامة ، والمغرب خاصة . فهي لم تنتهي ، وانما القت بظلالها على كل ما حولها من علاقات بين الدول المغرب ، وعلى الأوضاع الداخلية لكل دولة من دول المنطقة ، وبصورة خاصة ، أوضاع المغرب وموريتانية والجزائر . وها هي تهدد بان تتحول الى نموذج للعلاقات بين البلدان المجاورة ، ينسف ما بينها من جسور ، بناها الماضي بخبراته النضالية المشتركة ، ويدمر العلاقات بين الشعوب ، ويحوّل القضايا المطروحة ، مهما كان حجمها ومدلولها ، الى رافعة تقلب احتمالات التقدم والتقارب ، الى عوامل للاقتتال والتباعد والانهيار .
واذا كان من السهولة تحليل التطورات التي شهدتها المنطقة في الفترة القريبة المنصرمة ، من خلال نشوء وتطور مشكلة الصحراء ، فان هذه المشكلة ما كانت لتلعب الدور الذي مارسته ، لو لم توجد ظروف دولية وداخلية دفعتها بالاتجاه الذي سارت فيه ، واعطتها البعد الذي اخذته ..
ان مشكلة الصحراء هي مشكلة نظام بطريركي ، رعوي ، بتريمونيالي ، ثيوقراطي ، مفترس ، لا ينظر في الصحراء سوى خيراتها التي يسيل لعابه عليها ، واستعمالها كبَرّ أمان من التهديدات بسقوطه . لكن هل تخلص النظام من اخطار الصحراء ذات الكثبان الرملية المتحركة وغير القارة ، التي وحدها تعري عن الوضع الأخير لمأزق الصحراء الذي دام سبعة وأربعين سنة ، ولم يجد له حلا ، وما يزال يهدد وجود النظام كنظام ، ويهدد وجود الدولة كدولة ذات خصوصيات فريدة ، تجعل منها دولة فريدة في العالم بطقوسها وتقاليدها ، ونوع حكمها الغارق في أساطير الاولين ، وفي التقاليد المرعية البالية القروسطوية .
ان إشكالية الصحراء ، هي إشكالية الديمقراطية المفقودة ، واشكالية النظام السياسي الدكتاتوري الوحيد الذي تسبب في ما آلت اليه الصحراء من أوضاع ، جعلت المجتمع الدولي من خلال مؤسساته ، يتشبث بالمشروعية الدولية التي وحدها تمثل الحل الديمقراطي الذي يرضي اطراف النزاع . والحل الديمقراطي والمشروعية الدولية ، تعني فقط الاستفتاء وتقرير المصير الذي نتيجته وحدها تحدد جنسية الأراضي المتنازع عليها .
2 ) الدور التخريبي للدولة :
ان دولة كهذه ، تشبه مضحة تسقط ما ينتجه الشعب في الداخل ، وقمعا يسكب في جوفها ما تتسوّله من الخارج ، هي حالة نوعية خاصة في وضعنا المغربي بشكل خاص ، والعربي بشكل عام . فهي على سبيل المثال ، تتحدث طوال الوقت عن التنمية ومصادرها وتراكم رؤوس الأموال وخططها ... الخ ، لكنها لم تحدث أي تبدل في بنية علاقاتها مع السوق الدولية كعلاقات تبعية ، بل بالعكس لقد وطدتها الى اضعاف ما كانت عليه في السابق ، ومع ذلك فإنها لا تنقطع عن الكلام عن التنمية ، رغم ان الملك اعترف امام الملء بفشل نموذجه التنموي ، وهو اعتراف بفشله في الحكم
وفي تدبير الشأن العام . لكن هل كان فعلا لمحمد السادس نموذج تنموي أصلا حتى الحديث عن فشله ؟
اما كيف تحدث التنمية فعلا ، فذلك امر يدل عليه العجز التجاري الخارجي ، والمديونية التي جاوزت المليار دولار ، والمديونة الداخلية ، والتضخم النقدي الزاحف ، وتدهور ، ان لم نقل انهيار الزراعة عند الفلاحين بسبب تغول وتخريب ( المخطط الأخضر ) ، وتعاظم طابع الاقتصاد كاقتصاد احادي المنتوج والنموذج ، وتزايد الهجرة من القرية الى المدينة ، والهجرة نحو اوربة ، والفقر الذي يسحق جماهير واسعة من الناس ، وبلغ درجة فظيعة في كل قطاع ، ووصل حتى الى صفوف الطبقة الوسطى التي انقرضت ، والشرائح المرتفعة منها . ومع ذلك ، فان هذه البنية الجلية للمجتمع ، التي أساسها احتلال السلطة السياسية وليس العمل والإنتاج ، لم تنجم عن برامج تنموية قامت على قلب هياكل العلاقات الاجتماعية والطبقية لصالح مجتمع جديد ، هو المجتمع الصناعي البرجوازي ، بل نجمت ببساطة شديدة عن دخول علاقات رأسمالية ملجومة الى كل مكان من المجتمع ، جاءت معها بالفعل التدميري والتخريبي للرأسمالية ، وتركت الجوانب الثورية والتقدمية منها ، ومن هيمنة هذا النمط من الدولة التي تعتبر دولة نهب وافتراس في الداخل ، وتسوّل في الخارج ، ولا تصلح الى إقامة أي مشروع تنموي كبير ، والى حدوث تبدل في العلاقات الاجتماعية القديمة هنا او هناك ، تتحرر من اثره جماهير من سلطة العمل الزراعي في البادية ، فيقذف بها هذا الى المدن ، حيث لا تجد امامها سوى أجهزة الدولة ( البوليس بمختلف تخصصاته ، لمْخازنية ، جيش الجهاز السلطوي الطقوسي لوزارة الداخلية ، الدرك ، الإدارة والجيش ) ، نظرا لعدم وجود تنمية صناعية تستطيع استيعابها وامتصاص طاقاتها .
ان هذا النمط من التنمية هو اكبر دليل على ان المجتمع يضعف بقدر ما تقوى الدولة البوليسية ، البطريركية ، الرعوية ، البتريمونيالية ،الكمبرادورية ، الثيوقراطية ، الناهبة ، والمفترسة من دون قياس ، وعلى جميع الاقنية الاجتماعية صارت مرتبة ، بحيث تصب في النهاية في بحر الدولة القامعة والمفترسة . لكن انّ هذا الانصباب في مستنقع الدولة سيفجرها ، لأنه يجر اليها التناقضات الاجتماعية ، والسياسية ، والطبقية ، مع الكتل التي تدخل في صفوفها ، وهذا يعزز بدوره تدهورها وانهيار عملها ، وتعاظم حق المجتمع عليها .
في نمط تنمية كهذا ، يرتفع الى اعلى عشرات الحكام كذئاب ، وينزل الى اسفل ملايين البشر كغنم . على ان ارتباط الذئاب بالسوق الرأسمالية كبير ، الى درجة ان نمط استهلاكهم يعوضها عن خسارتها للمجتمع ، الذي تنخفض قدرته الشرائية ويخرج اكثر فاكثر من عالم التبادل النقدي .
على ان دولة كهذه تتصف بأمر هام : فهي دولة توتاليتارية ، قامعة ، ولاجمة . انها لا تبقى في الرباط العاصمة وفي المدن الكبرى ، بل تمد جهازها ، اخطبوطها الى كل مكان . ولذلك سببان :
1 – حتى تنهب المجتمع نهبا شاملا ، يجب ان تكون موجودة في كل صفاته ومواصفاته .
2 – ولكي تقمعه قمعا شاملا ، يجب ان تكون حاضرة في كل زواياه .
إذا كان النهب ، والافتراس ، واللصوصية لثروة الشعب المفقر ، يوحد غالبية المجتمع الساحقة ضدها ، فإنها يجب ان تضطهد هذه الغالبية بالقمع المباشر في الاغلب ، والقمع الممنهج مرات . وإذا كان القمع واللجم يستنفر المجتمع ، فيجب ان تكبته ، حيث هو قائم فعلا ، أي من قاعدته العريضة صعودا الى صفوف الشرائح العليا . وفي الحالتين يجب ان تكون سياستها شاملة ، وان يكون وجودها شاملا . فممارسة السياسة الشاملة ، تعني ان وجود الدولة هو وجود " اجتماعي " يمتد الى سائر نقاط الرقعة الاجتماعية ، ولكن ليس بوصفها رقعة للمجتمع ، بل بوصفها رقعة للدولة البوليسية المخزنية فقط . ان هذه السياسة الشاملة تنزل الأذى بكل من يقيم تماسا معها من الطبقات والفئات والشرائح الاجتماعية . ولأنها دولة قامعة بوليسية وتوتاليتارية ، فإنها تطرح القضايا المعلقة بما يوطد تفوقها على مجتمعها ، فتصير مسألة في أهمية المسألة الزراعية مثلا ، عنصر من عناصر نهب المحاصيل الزراعية بالضرائب المجحفة ، ومن ثم كدولة ناهبة ومفترسة لن تكون أداة حل المشاكل المطروحة للفلاحين ولعامة الشعب المفقر . فتتحول القضايا الوطنية المؤجلة الى قيد على الوطن ، بدل ان تكون أداة من أدوات تحرره .
( يتبع )



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الصحراء الشرقية / تندوف / مغربية ام جزائرية ؟
- البرنامج الثوري الذي بقي حبرا على الورق . الانتفاضة المسلحة ...
- نحو تجاوز تردي الوضع بالمغرب . مشكلة الصحراء مشكلة انعدام ال ...
- حين ورط الملك الشعب في الاعتراف بالجمهورية الصحراوية .
- الواقع السياسي المغربي الراهن ، محدداته المرحلية ، واحتمالات ...
- الواقع السياسي المغربي الراهن ، محدداته المرحلية ، واحتمالات ...
- الواقع السياسي المغربي الراهن ، محدداته المرحلية ، واحتمالات ...
- ( طرد ) إسرائيل من حضور افتتاح دورة القمة السادسة والثلاثين ...
- انعقاد القمة السادسة والثلاثين ( 36 ) للاتحاد الافريقي بأديس ...
- حقوق الانسان في الدولة المخزنية البوليسية
- البدع والطقوس المرعية عند العرب والمسلمين
- البرلمان الاسباني يوافق بالأغلبية على منح الجنسية الاسبانية ...
- أكبر انتفاضة دموية في تاريخ الانتفاضات المغربية
- مِنْ - موروكو گيتْ - الى - بگاسوس غيتْ -
- ترقب قرار للبرلمان الأوربي في 9 ابريل القادم ، يدين النظام ا ...
- الفرق بين الشعب والرعايا ، نوع الدولة السائدة
- تغيير النظام من الداخل
- التعويض .
- الدكتاتور هرب . المستبد هرب . الطاغية هرب .
- حين ضاع التراب . من أضاع التراب . لماذا أضاع التراب. من الگو ...


المزيد.....




- بكين ترد على تصريحات ترامب بشأن اتصال الرئيس الصيني به حول ا ...
- هذه حقيقة -فتيات الشاليه- اللواتي يعتنين باحتياجات المتزلجين ...
- -الغالية أم الغالية-.. الأمير الحسين يهنئ زوجته الأميرة رجوة ...
- الهند وباكستان تتبادلان إطلاق النار لليلة الرابعة على التوال ...
- موسكو: يمكننا تقديم المساعدة العسكرية لكوريا الشمالية حال ال ...
- ارتفاع حصيلة ضحايا القصف الأمريكي على مركز إيواء مهاجرين أفا ...
- -إن قطعتم مياهنا سنقطع أنفاسكم-.. باكستان تهدد الهند بضربة ن ...
- -لا يمكن الاستغناء عنها-.. مجلة أمريكية تصف البجعة الروسية ا ...
- الكرملين: الجهود الأمريكية لوضع الأزمة الأوكرانية على مسار ا ...
- وفد من الوكالة الدولية للطاقة الذرية يجري محادثات مع الجانب ...


المزيد.....

- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - نحو تجاوز تردي الوضع بالمغرب . مشكلة الصحراء مشكلة انعدام الديمقراطية في الدولة المخزنية . ( 2 ) الدور التخريبي للدولة . ( تابع )