أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - الدين في الفلسفة والفلسفة في الدين (الجزء الثالث)














المزيد.....


الدين في الفلسفة والفلسفة في الدين (الجزء الثالث)


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 7540 - 2023 / 3 / 4 - 00:28
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


2. الفلسفة في الدين
إذا كان من الصعب التفكير في الفلسفة بدون خلفيتها الدينية، يكون العكس هو الصحيح. هذا لأنه منذ العصر المحوري على الأقل، قبل 2500 سنة، أراد الدين أيضا أن يفهم - ويجعل الناس يفهمون - هذا الذي يؤمن به.
المعرفة أو العلم الذي أنجب لليونانيين فكرة دينية عن نظام عالمي يجب أن تساعده على فهم أفضل لما هو على المحك في الدين نفسه.
منذ ظهور عبقرية الفلسفة ولأنها تتطلب أسبابا، لم يعد الدين ولا يمكن أن يكون من اختصاص مجرد وعي ساذج، فهو يريد أن يعي ذاته، الشيء الذي يستطيع إنجازه بصعوبة دون اللجوء إلى الفلسفة.
لا داعي للتذكير في هذا الصدد بأن مصطلح اللاهوت قد تم تقديمه لأول مرة من قبل الفيلسوف أفلاطون ( الجمهورية 379 أ)، الذي كان أيضا، أول من استخدم مصطلح الفلسفة، وكأن المحاسن لا تأتي فرادى.
يمكننا أن نكشف عن حضور الفلسفة في النصوص الدينية ذاتها وخاصة وأن اللغة التي حررت بها كانت، بالنسبة لكتابات العهد الجديد، حتى لا نذكر غيرها، هي اللغة اليونانية، التي كانت آنذاك اللغة العالمية للعلم والفلسفة: يبدو أن القديس بولس قد عرف جيدا الفلسفات السائدة في عصره ومصطلحاتها (سفر أعمال الرسل 17.18 يخبرنا على أي حال بأنه كان قادرا على أن يتناقش في أثينا مع "الفلاسفة الأبيقوريين والرواقيين")، حتى لو اعتبر أن حكمة هذا العالم تمثل حماقة في نظر الله.
يستحضر مدون الإنجيل الرابع لوغوس يبدو أنه انبثق مباشرة عن هيراقليطس، عن الرواقية والغنوص (العرفان) الفلسفي. أثبتت مساهمة الفلسفة أنها لا غنى عنها عندما كان على الإيمان أن يبرر نفسه ضد منتقديه بين المدافعين، مثل جوستين وترتليان، وآباء الكنيسة، الذين كان تكوينهم لاهوتيا وفلسفيا في آن واحد.
يرى أوغسطين، مثل كثيرين غيره، في الديانة المسيحية جواب ونتيجة البحث عن الفلسفة نفسها، وكما يعلم الجميع، من خلال قراءته "كتب الأفلاطونيين" وأفلوطين وفورفوريوس (الذي نعرف أنه كان معاديا للمسيحية بشكل عميق)، يقول إنه تحول إلى الإيمان المسيحي (اعترافات 7.10.16). يبدو أن آفاق الإيمان والفلسفة، الأفلاطونية في هذه الحالة، اندمجت فيه.
هذا التبرير الفلسفي للإيمان يصل إلى ذروته لدى طوماس الأكويني الذي، بنحو مناسب لغرضنا، هو مؤلف الخلاصة اللاهوتية والخلاصة الفلسفية (تلك التي واجه بها الوثنيين). غالبا ما يلومه الأشخاص ذوو النوايا الحسنة على جعل الفلسفة خادمة سهل الانقياد ( ancilla ) للاهوت. كان من شأن هذا الحكم المتغطرس أن يشكك بشكل قاتل في استقلالية الفلسفة المقدسة، مما أخر ظهور الحداثة القوية. هذه القراءة الأيديولوجية والوهمية تماما لا تتوافق على الإطلاق مع ما يقوله طوماس في النص حيث تظهر صيغته التي يُفترض أنها تجرم، والمقصود به الفصل 5 من السؤال الأول من الخلاصة اللاهوتية الذي يتناول موضوع العلم المقدس (وهو اسم آخر لعلم اللاهوت).
تساءل طوماس عما إذا كانت العقيدة المقدسة تتفوق على العلوم الأخرى. من بين "الصعوبات" التي يطرحها هذا السؤال، يجادل توماس بأن العلم الذي يدين بالكثير لعلم آخر يمكن اعتباره أقل شأناً. هذا هو الحال بالتأكيد مع العقيدة المقدسة التي يعرفها طوماس ويقول إنها استعارت قدرا كبيرا من العلوم الفلسفية. ذلك ما اعترف به القديس جيروم نفسه، الذي ذكره طوماس هنا.
يقول طوماس الأكويني إن الحقيقة هي أن العقيدة المقدسة أعلى من غيرها، ولا يستطيع اللاهوتي الصارم أن يفكر بخلاف ذلك، لأنه يستمد نوره (وسلطته) من الوحي نفسه. إذا اقترض العلم المقدس من العلوم الفلسفية، فذلك، كما يقول طوماس، فلأنه يريد أن يشرح قضية العلم الإلهي. تستخدم العقيدة المقدسة العلوم الأخرى باعتبارها أقل شأنا (من الصعب ألا تكون كذلك في نظر اللاهوت) وباعتبارها خادمات. لذلك لا يقول طوماس هنا إن الفلسفة يجب أن تكون، ولا يمكن لها أن تكون سوى خادمة للاهوت. إنه يعلم جيدا أن هذا سيكون جنونا تماما وبشكل خاص لأن مصادره الفلسفية الأساسية، أرسطو وابن ميمون وابن رشد، لم يكن بها أي شيء مسيحي على الإطلاق.
هو يقول فقط أن علم اللاهوت يمكن أن يكتسب فقط من خلال استخدام الفلسفة ليُظهر لأذهاننا ما هو على المحك في هذا العلم. إن القول عن الفلسفة بأنها يمكن أن تخدم العلم المقدس لا يعني تقييد استقلاليتها، بل هو الاعتراف بشموليتها، ما يعني أن الفكرة التي تقول إن الإيمان الذي يريد أن يكون "كاثوليكيًا" لا يمكن أن تمر.
لهذا السبب، أود أن أختتم هذا الموجز، وآمل أن يكون ملاحظة أيقونية إلى حد ما، مفادها أن هناك حضورا للفلسفة في اللاهوت وفي الدين: إذا كان هذان يريدان إلهام العقول وجعلها تسمعهما، فلا يمكن أن يستنكفا عن استخدام اللغة التي يفهمها عقلهما والتي تستخدم في الفلسفة. هكذا توجد فلسفة في الدين تماما كما كان هناك دين لفترة أطول في كل الفلسفة.



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاتحاد الأوروبي يحذر إسرائيل من خطط لفرض عقوبة الإعدام ويدي ...
- الدين في الفلسفة والفلسفة في الدين (الجزء الثاني)
- نكذيب ما قاله إيمانويل ماكرون بشأن العلاقات المغربية الفرنسي ...
- الدين في الفلسفة والفلسفة في الدين (الجزء الأول)
- ارتفاع الأسعار في المغرب يسبب الاكتئاب للأسر الفقيرة قبل حلو ...
- عندما حاول إيمانويل ماكرون التخفيف من حدة الأزمة العميقة مع ...
- ما يخاطر به المغرب بتعليق صادراته الزراعية إلى إفريقيا جنوب ...
- رئيس مقاولة مغربي يتساءل عن وضع بلاده في مواجهة الأزمات
- المغرب: وزيرة الاقتصاد والمالية تلتقي برئيس البنك الدولي بوا ...
- جان جينيه.. جدلية الدناءة والنبالة
- فلسفة جيريمي بنثام النفعية وعلاقتها بالليبرالية
- فاس: جمعية أصدقاء الفلسفة تنظم الدورة ال 20 من منتدى ربيع ال ...
- المغرب: النظام الأساسي الجديد لقطاع التربية والتكوين بين الو ...
- مرة أخرى فاجعة تضرب إقليم السراغنة.. 21 شخصا لقوا حتفهم في ع ...
- الفلسفة والأخلاقيات البيولوجية، أية علاقة؟
- نيتشه والعمل في المجتمع الحديث: هذه -النقيصة- في عصرنا الحال ...
- نيتشه والعمل في المجتمع الحديث: هذه -النقيصة- في عصرنا الحال ...
- نيتشه والعمل في المجتمع الحديث: هذه -النقيصة- في عصرنا الحال ...
- نيتشه والعمل في المجتمع الحديث: هذه -النقيصة- في عصرنا الحال ...
- نيتشه والعمل في المجتمع الحديث: هذه -النقيصة- في عصرنا الحال ...


المزيد.....




- -أجمل كلمة في القاموس-.. ترامب يفرض رسومًا جمركية على المكسي ...
- وسائل إعلام: ترودو يعقد اجتماعا طارئا بشأن رسوم ترامب
- ترامب يوقع أمراً بفرض رسوم جمركية على السلع المستوردة من كند ...
- فنزويلا تفرج عن 6 مواطنين أمريكيين بعد لقاء مبعوث ترامب بالر ...
- نتنياهو يتوجه إلى الولايات المتحدة لعقد اجتماع هام مع ترامب ...
- مسؤول مصري: لا أحد يستطيع الاقتراب من الحدود.. حدودنا مؤمنة ...
- إيلون ماسك يحصل على الحق في الوصول إلى نظام الدفع الفيدرالي ...
- الحدث البركاني الأقوى في النظام الشمسي!
- محاذير تناول المكسرات
- أنباء عن تأجيل مفاوضات صفقة التبادل إلى ما بعد اجتماع نتنياه ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - الدين في الفلسفة والفلسفة في الدين (الجزء الثالث)