عصمان فارس
الحوار المتمدن-العدد: 7538 - 2023 / 3 / 2 - 09:20
المحور:
الادب والفن
سنة ١٩٨٨ كنت رئيس قسم المسرح في معهد الفنون الجميلة تقدم مجموعة من الطلاب المثابرين بطلب لتقديم مسرحية لغة الجبل استهويت النص ولغة الكاتب كونه يلامس وينسجم مع أفكاري، وتوجهاتي لخلق مسرح جريئ يناشد حرية الناس، اسند الاخراج للطالب باكو سوراني، واشراف المدرس اسماعيل هورامي، ومجموعة من الممثلين والممثلات .لغة المسرحية جريئة، وتيمة المسرحية تعالج حياة المعارضين السياسيين ومعسكر الاعتقال القسري وتحويل البشر الى أدوات ودمى وببغاوات ،ممنوع ان تتكلم بلغة الجبل اي لغتها الاصلية واللغة المفروضة هي لغة العاصمة، التي لايجيدها هولاء انتم ايها الجبليون باوامر من القائد العسكري ،ممنوع عليكم ان تتكلموا بلغتكم والا سوف تتعرضون للمهانة والشتم والضرب المبرح !كنت احضر البروفات المسرحية واشاهدهم محشورين، كمجاميع في صالة المعهد اشبه مايكونون بعلبة السردين، كنت اعيش هذه المغامرة المسرحية، وكنا نعيش داخل اقفاص من الحديد لكننا كنا نحاول ان نحلق ونغرد ،ونشعر بالظلم ومسخ هويتنا. تدور احدات المسرحية عن مجموعة من النساء جئن لزيارة الازواج والابناء في سجن ويفرض عليهن قانون شريعة الغاب عدم الحديث مع الازواج بلغتهم أي لغة الجبل، وعليهن الحديث بلغة العاصمة، ونشاهد القسوة في سلوك الحراس واستعمال الكلمات البديئة وهمجية التعامل ،هذه المسرحية عندما عرضت في معهد الفنون الجميلة في مدينة السليمانية جاء احد المسؤولين الكبار وجمع الاساتذة ،وتعرضت لجملة من الاسئلة التحقيقية لماذا تقدمون هكذا عروض مسرحية ؟ وما يعني سكان الجبل ومن هم؟ وكنت احاول ان ادافع عن عنوان المسرحية، ان الجبل لايعني شعب معين بعينه هناك جبال في كل العالم ،وهناك شعوب تعيش بالقرب من الجبل. كان المسؤول يقصد الاكراد، قلت له الكاتب انكليزي وليس كردي، وكنا في وقتها نتعرض الى الاستجواب بسبب مسرحية، مثلما حصل مع فنانين وفنانات مع ذلك وهبنا انفسنا للفن، وكان الماضي جميل بمسرحه، ولكننا كنا نعيش خلف الاسوار ، لازال قلبي ينبض بحب وعشق المسرح ، وما العيش إلا في أحضان المسرح . وتبقى مسرحية لغة الجبل واقعية وليست تهويمات, ممكن ان تحصل وتقع في اي مكان عندما تمارس سياسة الفصل العنصري والقهر والظلم ضد مجتمع ,ممنوع عليهم النطق بلغتهم وحضارتهم وثقافتهم. ونحن كنا نتحاشى في وقتها عن الاشارة للمكان او الاكراد ,كنا نشير فقط لبطش السلطة العسكرية وقضية قهر الفرد وحرية الفكر, وكانت لغة المسرحية فاحشة وبديئة خاصة عند رجال السلطة والسجن, وتبقى كلاب سلطة السجن تنهش وتعض يد المرأة, ويسألها الجاويش من عض يدك ماإسمه ,كل كلابنا لها أسماء ,أما أزواجكم وأبناؤكم الذين تنتظرون رؤيتهم ليسوا سوى قاذورات، وفضلات، انهم أعداء الدولة. لقد ماتت لغتكم اياكم والحديث بلغة الجبل هنا.ممنوع مفهوم؟
#عصمان_فارس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟