أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم عرفان - قطارها المسافر إلى الشمال















المزيد.....

قطارها المسافر إلى الشمال


كريم عرفان

الحوار المتمدن-العدد: 7536 - 2023 / 2 / 28 - 15:30
المحور: الادب والفن
    


دراسة نقدية لرواية " قطارها المسافرإلى الشمال "
للأديب والروائى / إسماعيل أحمد الأسوانى

- أول ما سيلفت انتباهنا إلى هذا النص الروائى هو العنوان " قطارها المسافر إلى الشمال "
ماالذى يكشفه لنا العنوان وينبئنا عنه ؟

أولا : " السفر " وليس الهجرة ..فإن الرواية تعتبر أن وادى النيل هو بلد واحد وأرض واحدة وذلك سيظهر في مطالعتنا النص الروائى ..خاصة تلك الفقرة التي تحدثنا عن فاطمة ابنة ميهارى الشخصية المحورية والتي انبنى عليها العمل الروائى ..فتقول :
" اجتمعت فيك كل سمات النيل ؛ صرت خصبة ثرية الأعضاء كإيوبيا ودودة كالسودان ؛ حلوة العين عذبة اللسان باسمة الثغر كمصر "

ثانيا : "الشمال" وهنا الشمال ياتى بمعان متعددة فإذا كان وادى النيل في الرواية يتضمن ( مصر والسودان وإثيوبيا ) فإن الشمال سيكون تارة مصر وتارة السودان وهو ماسنجده في النص الروائى .

ثم نأتى إلى الغلاف الذى هو ترجمة فنية وبصرية للمحتوى الروائى ؛ أتى الغلاف ليرينا ملمحا هاما وهو وجه انثوى يمثل فتاة سمراء تبدو عليها سمات بنات وادى النيل من حيث السمرة وامتلاء الشفتين والعينين والواسعة .
لكنها تظهر بجانب الوجه الأمر الذى يذكرنا بالرسومات لفرعونية التي تناثرت على جدران المعابد وهو الأمر الذى له دلالته في النص الروائى ؛ حيث يقدم لنا النص رؤية أحادية للمرأة ويعرض هذه الرؤية من زاوية واحدة وهى البعد العاطفى كما سنرى في النص ؛ فالشخصية الرئيسية ميهارى الجنوبية أم فاطمة تتطلع دائما إلى ماضيها وإلى حبها القديم " أدانى "

فهى ذات بعد واحد وقلب واحد هو " أدانى " والذى يعتبر من الكبراء في إحدى الممالك الإفريقية المتناثرة في شرق أفريقيا ؛ إذن فهى ذات وجه واحد ينتمى ويتطلع دائما إلى الجنوب .

- الملمح الآخر الهام في النص الروائى هو البعد الجغرافى والذى يتضمن وادى النيل والذى يربط عدة بلدان ويجمعهم في بوتقة واحدة ؛ فميهارى تنتمى إلى وادى النيل ولكننا قد نذهب بعيدا لنقول إن وادى النيل قد تجسد في ميهارى وهذا مايطالعنا به النص الروائى من خلال الفقرة السابقة التي ذكرناها
( اجتمعت فيك كل سمات النيل صرت خصبة ثرية الأعضاء كإثيوبيا ودودة كالسودان حلوة العين عذبة اللسان كمصر )
وهو الأمر الذى سيرينا كيفية رؤية النص الروائى للمراة إذ يقول :
( لم يسألها يوما عن عقيدتها أو دينها ؛ لكنه فقط انبهر بجغرافيا الأنثى فيها ..)

إذن فالنص الروائى ينظر إلى المرأة وكأنها وطن أو بلد فيصف جسدها وأبعاده وتضاريسه وينعته بالجغرافيا وهو الذى يشير إلى ارتباط المرأة وذاتها وكينونتها بالأرض الخصبة دوما ؛ خاصة أنه أعطى الشق الإثيوبى من الثالوث ( مصر والسودان وإثيوبيا ) البعد المادى فقال : ( صرت خصبة ثرية الأعضاء كإثيوبيا ..) وأعطى الشقين المصرى والسودانى أبعادا معنوية ونفسية .

فالنص الروائى لا يخفى إعجابه وانبهاره بالتركيب الجسدى الانثوى لميهارى الإثيوبية وجسدها الذى يفيض أنوثة وخصوبة ؛ حتى أن فهمى العالم وهو المسلم الملتزم المحافظ على ىتعاليم دينه لم يسألها عن عقيدتها أو دينها فقد أنساه جسدها وتضاريسه الأنثوية كل ذلك ولم يلتفت إلا إلى سحر جسدها وجماله وخصوبته .

وإذا أسقطنا على ميهارى البعد الجغرافى فإننا سنقول إن ميهارى هي المعادل الموضوع لإثيوبيا البلد ذو الجغرافيا العجيبة والتضاريس المتنوعة والرائعة ؛ فإثوبيا بلد يحوى تضاريس ومرتفعات وهاب تثير الإعجاب حتى أنها صارت بمثابة جنة للمستكشفين بتنوعها الجغرافى وجبالها العالية الشامخة وأنهارها حتى أن البعض قد اعتبرها جنة عدن الأولى .

ثم يمضى بنا النص الروائى ويحدثنا عن ميهارى وثالوث وصفها به فهى تمتلك " تكتيك الانثى " و"عبقرية الانثى " و "جغرافيا الانثى "

فهى تمتلك " تكتيك الأنثى " ويصف النص الروائى ذلك التكتيك بقوله :
" كان تكتيك الانثى عند ميهارى في قمة الذكاء رغم بساطة مستوى تعليمها ؛ كانت تقرأ الوجوه وتستشعر خلجات الإعجاب الموجهة إليها في لمح البصر ؛ ولذكائها ومهارتها نعلق بها كثيرون من حولها وكانت تجيد المراوغة وتحسن تسديد سهام العيون وكم من مريض وكم من ممرض طارحهاغرامه وبثها لواعج قلبه وشكواه " ص14
فكان من ذكائها ألا تعطى أحدا كل مالديها من اهتمام ولا تقنطه من ودها لكن يمكنها أن تتتسلل بسحرها لقلب رجل بين الحياة والموت "

ثم يصف النص " عبقرية الانثى " في مشهد دال عليه
" كان بين الجنود الجرحى فتى يبدو عليه مخايل القوة مفتول العضلات سمح الملامح تملك قلبها حبه فكانت ترعاه بدرجة أكبر فتمسده وهى تحقنه ؛ تتلطف به كلما حان التغيير على جرحه وتتعمد ان تدنى من شعرها الذى أحسنت دهانه وعطره ؛ فيتنشق ريحها ؛ ربما لم تكن تتعمد لكنها فعلت . "

ثم " جغرافيا الأنثى " التي وصفناها من قبل في ثالوث ( تكتيك الانثى وعبقريتها وجغرافيتها ) وهو ثالوث يحمل التقدير العظيم لميهارى ..
ثم يمضى بنا النص الروائى لنتعرف على ميهارى الإثيوبية ولكم من خلال تكنيك بارع الذكاء من الروائى إسماعيل الأسوانى ؛ فنلاحظ ظهور ميهارى في السرد فقط دون الحوار ..
فعندما تزوجت من فهمى فأصبحت فردا من عائلته سنجد أن ميهارى تظهر دائما في السرد ولا يوجد حوار لها أبدا فلا نجد جملة حوارية واحدة لها في بيت فهمى العالم ..

إذن فقد غاب الحوار في بيت فهمى العام والخوجة الذى تزوجها ؛ والعجيب أن الجمل الحوارية لميهارى – على قلتها – كانت من نصيب زوجها الأول وحبيبها " أدانى " يقول النص :
( مال قلبها إليه وماعرفت سره بعد ..حين أفاق سألها : من أنت ؟ قالت : أنا التي أنقذت حياتك . قال لها : ما اسمك ؟ قالت : ميهارى ..وأنت ؟ قال : أدانى )

وهو يعنى أن لغة التواصل كانت موجودة بينها وبين حبيبها أدانى وقد انقطعت تماما وصارت ىمفقودة مع فهمى العالم .
وقد يقول قائل وما العجيب في هذا الأمر ؟ فميهارى أجنبية لا تحسن العربية فمن الطبيعى أن يحذف حوارها ؛ ولكن ليس هذا هو المقصود فالأمر له دلالة أعمق فمن الممكن أن يذكر الكاتب لها جملا حوارية بعربية مكسرة لكن النص تعمد حجب الجمل الحوارية لميهارى تماما عن هذا العالم ..عالم فهمى العالم .
وهو يعزز ذلك الغموض الذى يغلف شخصية ميهارى الإثيوبية فهى حسب النص
( لم يكن لديها ما تخفيه لكنها بطبعها كانت حذرة تعتبر حياتها أسرارا عسكرية لا يجوز البوح بها )

حتى بعد أن سماها فهمى " ظريفة " فلا نجد لها جملة حوارية واحدة ..
تقول الرواية : -

" ظريفة كانت حين تغضب ينقلب لسانها أعجميا فتقول كلاما كثيرا لا يفهمه فهمى العالم ؛ يقهقه وهو يقول :
" والله باين عليكى بتشتمينى يا ظريفة ..ربنا يسامحك "

- عنصر آخر هام في شخصية ميهارى أو ظريفة فهى لم تتحمل تلك الإزدواجية فهى ميهارى الإثيوبية وهى ظريفة كما سماها زوجها ؛ لكنها ما تلبث أن تنحاز إلى الشق الأإثيوبى وتكفر بظريفة وبحياتها الجديدة ؛ حتى أنها تترك زوجها و ابنتها وترحل ..

وهناك فقرة أخرى مشعرة بان ميهارى لم تعتد على هذا العالم الجديد ( عالم فهمى العالم ) وحين كان يتحدث إليها لم يكن فهمى يفهمها ويفهم ماتريد قوله حتى ابنتها لم تكن تفهمها ..كذلك تقول الرواية عن فاطمة : -
" حتى أنت كنت لا تفهمين أحيانا ما تقوله أمك وكان هو – أي فهمى – سعيدا لهذا الإنحياز " فحتى ابنتها كانت لا تفهمها وهو يعنى انعدام لغة التواصل تماما ووجود خلل كبير بها .
ثم نواصل رحلة البحث عن ميهارى ونبحث عن صفاتها الشكلية والجسمانية ونتعمق فيها وقد اختار الروائى " الكشف التدريجى " عن ملامح الشخصية ؛ فملامح الشخصية وسماتها الشكلية والجسمانية من الأهمية بمكان ويجب ان تنعكس عليها الأبعاد النفسية والمعنوية للشخصية .
وقد اختار الكاتب أن يكشف عن هذه السمات رويدا رويدا ؛ فهو لم يبدأ بالوصف المباشر لشخصية ميهارى بل اختار أن يكشف عنها بشكل تدريجى وأيضا اختار بذكاء شديد ان يصفها من خلال ابنتها ؛ وكأنه يبحث في فاطمة عن جذور ميهارى الإفريقية يقول النص :
" كانت أمك سمراء قوية ..لم تختلف ملامحها عن نساء السودان في ذلك الزمان "
" لكن لحسن حظك لم تأخذى منها ولم ترثى الكثير ؛ فقط اسمرار اللون وحدة النظرات هو ماورثته عنها )
وهنا فحدة النظرات تنم عن شخصية قوية نفاذة ؛ فكما رأينا فقد تحلت ميهارى بقوة الشخصية وقوة البدن .

- أضا يرسم لنا النص صورة مادية مفرطة عن ميهارى فهى " بلادين تقريبا ربما كانت كتابية وربما كانت تعبد شجرا او حجرا لكن أهوال الحياة أنستها إياه ؛ ربما لم يكن لها دين أصلا ..فلم يعد لها غير العيش وطقوسه حتى اشتغالها في مستوصف الدير لم يمس قلبها إلا أنه يؤمن لها لقمة عيش ومأوى آمن ؛ لكن أباك ( الخوجة ) فهمى كان مسلما يحافظ على دينه وصلابته منذ صباه حين تزوجها حاول كثيرا أن يدخلها في دينه أو يعلمها القرآن لكنها لم تتقن القراءة ولا تصبر على فهم الحياة والغاية منها ولا استيعاب وجود الخالق وسبب وجودها ..لا تفهم الحلال والحرام والأمر والنهى فلم تتحمس لدعوته " ص 21 ؛22


تلك السمات التي تتناقض وتعاكس تماما ما تتميز بها ابنتها التي تنتمى بشقها الثانى إلى الشمال ؛ يقول النص عن فاطمة :
" كانت ملامحك وقوامك يميزانك عن كل النساء فلا يماثلها في السودانيات امرأة ؛ لكنهم تفاجأوا أنك تقرأين لهم آيات من القرآن الكريم وتناقشيهم في أدق العلوم الشرعية فاعتبرك الشيخة " ص84

إذن فنحن أمام مادية مفرطة من الام يقابلها تفقه في الدين وإحاطة بالعلوم الشرعية من جانب الإبنة ؛ تلك المادية التي تتصف بها وتعلقها بالمادة دون الروحانيات ربما كان سببا ودافعا إلأى جانب الحب كى تعود إلى زوجها الأول أدانى فقد ذهلت حين سمعت خبر أن زوجها الأولأدانى على قيد الحياة " ولكن حين تيقنت لم تعد تذكر لا بيتا ولا ابنة ولا زوجا فقط تحن إلى نعيمها الذى سيولد من جديد بعدما حسبت أنه قد زال عنها إلى الأبد "ص39



#كريم_عرفان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جامى فو والسرد النفسى
- شهرزاد و دنيازاد
- التاج الأزرق
- ذراع فينوس ..فى يد من ؟
- السندبادة الثانية ..عن - رسائل اللافندر-
- صحوة افروديت
- وسقطت الكاميرا ..نقد (ثقافى - تقنى)
- النقد الثقافى
- ميثولوجيا الماضى وسيكولوجيا الحاضر في مرآة امرأة
- هيباتيا
- يمين نسائى ..يسار نسوى
- هل المرأة كائن حداثى ؟
- نهاية النقد الأدبى
- دراسة نقدية للموقف المقالى -قرناء السوء- للأديبة والناقدة ال ...
- الذرائعيون وجماعة فيثاغورس
- النظرية العربية الحديثة
- شفرة أرسانى (1)
- -تمرد خافت -رؤية نقدية للمجموعة القصصية -شعر مستعار- للأديبة ...
- اليمين الأدبى
- إبداع المرأة ..وفقا لهيزنبرج


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم عرفان - قطارها المسافر إلى الشمال