|
مع عودة جريمة التنسيق الأمني.. من تُمثل سلطة رام الله؟!!
سليم يونس الزريعي
الحوار المتمدن-العدد: 7535 - 2023 / 2 / 27 - 12:02
المحور:
القضية الفلسطينية
يبدو أن العقل السياسي لمتنفذي السلطة في رام الله قد بات مبرمجا على التكيف مع سياسات الاحتلال التي لا ترى في السلطة وأجهزتها سوى دورها الوظيفي بعد أن قبلت أن تقوم بذلك الدور المهين ليس بالمعنى الأخلاقي ولكن بمعناه الفكري والسياسي والوطني خلال ثلاثة عقود. وذلك ليس تجنيا على ذلك الطرف الذي يختطف القرار الوطني الفلسطيني ويمارس الفعل السياسي بمعزل عن إرادة غالبية الشعب، والكثير من القوى السياسة الفاعلة على مستوى الفعل الشعبي أو العنف بأشكاله المختلفة في مواجهة الاحتلال. وإنما ارتباطا بالوقائع . وأقرب الأمثلة الصارخة على ذلك هو الموقف غير المسؤول بعد تفاهمات سلطة "حركة فتح" مع الإدارة الأمريكية التي أفضت لوقف ما يسمى بالتصعيد السياسي الفلسطيني المتمثل بـ اللجوء إلى المنظمات الدولية ومجلس الأمن، مقابل تجميد الاستيطان ووقف العدوان على المدن الفلسطينية، الا أن حكومة نتنياهو نقضت هذه التفاهمات والوعود غداة إعلانها، وهذا أمر مجرب ومتوقع ناهيك عن إنه عدو، وهو ما حدث بالفعل، عندنا شن عدوانا على مدينة نابلس أسفر عن سقوط 11 شهيداً، وأعلنت باسم نتنياهو أنها لم تتعهد بتجميد الاستيطان التي قالت إنه مستمر حسب برنامج وقرارات الائتلاف اليميني الصهيوني المتطرف بقيادة نتنياهو وبن غفير وسموتيرتش. وعلى ضوء صفقة التفاهمات تلك قررت السلطة الفلسطينية وحدها سحب مشروع قرار إماراتي فلسطيني من التصويت في مجلس الأمن الدولي واستبداله ببيان رئاسي عرضته الولايات المتحدة، ليتبين تحوله إلى إدانة للمقاومة الفلسطينية بدل أن يكون إدانة للاستيطان. في حين اكتفي المجلس بالتعبير عن ما سماه "قلقه واستيائه العميقين من إعلان إسرائيل في 12 فبراير 2023، عن المزيد من عمليات البناء والتوسع في المستوطنات وتقنين البؤر الاستيطانية". ولأن العقل السياسي الذي يقود السلطة يعاني في أحسن الأحوال من عوز في قراءة الأحداث بشكل شامل ومترابط في الزمان، وهي القراءة التي تقرر موقفها من الأحداث، لذلك تأتي مواقفها وسلوكها مغايرة لما يجب أن تكون عليه تلك القرارات ارتباطا بالتقدير الموضوعي لمجريات الواقع، من ذلك أنها تجاهلت سلوك حكومة أحزاب الصهيونية الدينية التي تجاهر بمواقفها العنصرية والفاشية، سواء فيما يتعلق بإدارة سياسة الاحتلال للضفة أو الاستيطان، وكذلك حكومة الصهيونية الدينية التي أقرت اليوم 26 فبراير عرض تشريع على "الكنيست" بإعدام رجال المقاومة لإقراره، في حين تشتعل الضفة وكل فلسطين غضبا جراء ممارسات قطعان المستوطنين وجيش الاحتلال. وعوض مواجهة هذه العدوانية من قبل الاحتلال تعقد اجتماعا في الأردن برعاية الولايات المتحدة التي تنكر حقوق الشعب الفلسطيني في وطنه، ومصر كامب ديفيد والأردن وادي عربة المأزومتان اقتصاديا واجتماعيا اللتان كل همها هو " التهدئة"، بالتوجه نحو الداخل الفلسطيني مكمن القوة الوطنية التي لا تنضب، تقرر حضور قمة مع الاحتلال برعاية أمريكية وحضور مصري وأردني. وهي القمة التي بوصفها المراقبون بأنها تستهدف ما تسميه التهدئة والاستقرار، وهاتين المفردتين تعنيان التصدي للمقاومة في نابلس وجنين وفي أي مكان من الضفة، إنها بمعنى أخر دعوة لاستخدام القوة الناعمة أو الخشنة ضد الشعب الفلسطيني وقواه المكافحة من أجل التكيف مع الاحتلال كواقع ارتباطا بكونهما، لكن إذا ما دققنا في هذه الأطراف التي تطالب الشعب الواقع تحت الاحتلال بالتهدئة ، وهم الولايات المتحدة التي أعتبرها عدوا للشعب الفلسطيني ومصر والأردن اللتان سبق أن أبرمتا اتفاقات سلام مع الكيان الصهيوني على حساب حق الشعب الفلسطيني في كاملا وطنه الذي هو كل فلسطين..لأنهما تخشيان من اشتعال الوضع في الضفة والقطاع خاصة في شهر رمضان ، وهو أمر سيعكس نفسه سلبا، على البلدين بما لا يرضيهما. ومن الطبيعي والحال هذه أن تكون أول قرارات قمة تهافت العقبة وبحسب بيان صدر عن مكتب نتنياهو ، يتعلق بـ" الاتفاق على تشكيل لجنة أمنية مشتركة مع السلطة الفلسطينية لبحث تجديد التنسيق الأمني واستعداد الفلسطينيين وقدرتهم على تحمل المسؤولية عن مكافحة "الإرهاب" في أراضي السلطة. " ولأن كلمة السر في اجتماع العقبة هي التهدئة، يصبح التنسيق الأمني هو المستهدف من أجل أمن الكيان الصهيوني، وهذا يعني إعفاء الاحتلال من كلفة احتلاله، على أن تتحملها السلطة الفلسطينية، بأن تقوم بدور هراوة للاحتلال عبر قمع والقضاء على قوى المقاومة، وأن تتحمل هي العار الوطني جراء ذلك، وهذا يعني إعفاء الاحتلال من دفع كلفة احتلاله وتحمل نتائجها على كل الصعيد، لكن يستفزنا سؤال مشاكس..لابد من طرجه: ما هو التوصيف المناسب لمثل هذا الدور؟ المؤسف أن سلطة رام الله ( سلطة فتح) تصر على أن لا تتعلم، بل وتعيد ارتكاب نفس الخطايا منذ نكبة أوسلو بعد أن استثمر الكيان الغاصب وجود السلطة لتكثيف الاستيطان وقمع أي فعل مقاوم للاحتلال، ومن ثم لا يبدو مستغربا في ظل مثل هذه السلطة، أن يصدر مكتب نتنياهو تعقيبا على اجتماع العقبة أكد فيه " أنه لن يكون هناك تغيير في قرار شرعنة 9 بؤر استيطانية وتحويلها لمستوطنات وبناء 9500 وحدة استيطانية في الضفة، فيما علق وزير المالية الصهيوني بيتسائيل سموريتش قائلاً: أعرف شيئًا واحدًا: لن يكون هناك تجميد للبناء والتطوير في المستوطنة ، ولا حتى ليوم واحد لأن هذا الملف من اختصاصي". لكن ألا يشكل قرار سلطة فتح في رام الله بعودة التنسيق الأمني في ظل هذه الحكومة الصهيونية الفاشية، تجاهلا لقرارات المجلس الوطني والمركزي ومؤسسات منظمة التحرير، وضد إرادة غالبية الشعب الفلسطيني وفصائله وقطاع واسع من حركة فتح، ومجموعات المقاومة المسلحة التي تتصدي لعدوانية قطعان المستوطنين وجيش الاحتلال في الضفة؟ ثم إذا كان هناك إجماعا وطنيا على تجريم التنسيق الأمني مع الاحتلال، ألا يستحضر ذلك السؤال المر.. من تُمثل سلطة رام الله؟!!
#سليم_يونس_الزريعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مشاكسات .. احتلال خمسة نجوم..! حلال علي..حرام عليهم..
-
نتنياهو.. عندما يتبجح -اللص-!
-
بوصلة كنس الاحتلال.. فلسطينية
-
مشاكسات / إنسانية.. اليانكي! .. متى تستفيق؟
-
مشاكسات.. العراق.. توطن الفساد / أشبعتهم إدانات.. !!
-
زلزال تركيا يعري لا إنسانية قانون قيصر الأمريكي
-
استشراف صهيوني لنهاية كيان الاحتلال في فلسطين
-
السلطة الفلسطينية.. فقدان القدرة على الرؤية والقراءة
-
وهم حل الدولتين .. والخيار البديل
-
وجود الكيان الصهيوني المحتل.. هو العار
-
مشاكسات / سلطة تساوي التنسيق..! ذروة التهافت
-
مشاكسات / لغة كي الوعي!!.. أمريكا..سارقة..!
-
التوراة -ميثولوجيا- ..التوراة تزوير للتاريخ (3/3)
-
الشعبية.. تصريحات الفصائل لا تُسمن ولا تُغني من جوع
-
التوراة -ميثولوجيا- ..التوراة تزوير للتاريخ (2/3)
-
مشاكسات / قلق على منْ؟!.. لا عهد لهم..!
-
التوراة -ميثولوجيا- ..التوراة تزوير للتاريخ (1/3)
-
الكيان الصهيوني .. واحتدام مأزقه الوجودي
-
مشاكسات / تدني لغة الخطاب.. التصفيق ..معيارا للديمقراطية..!
-
جنرالات صهاينة.. وقرب زوال - إسرائيل-
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|