أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فهد راشد المطيري - المثقف بين الطموح و تسويق الذات














المزيد.....


المثقف بين الطموح و تسويق الذات


فهد راشد المطيري

الحوار المتمدن-العدد: 1706 - 2006 / 10 / 17 - 08:27
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



كنت و ما زلت أعتقد أن أنبل ألوان الطموح (إن كان للطموح ألوان) هو ذلك الذي تتعدى أهدافه الفرد لتصل إلى المجموع، إذ تتجسد من خلاله أروع صور نكران الذات و الذوبان في الآخر. لست أتحدث هنا عن نوع من أنواع الخيال غير الممكن، فهذا الصنف من الطموح له مظاهر عدة، فعلى الصعيد الأسري نجد طموح الوالدين فيما يتعلق بمستقبل أطفالهما، و على الصعيد الاجتماعي يتجلى هذا الطموح من خلال ميل الجماعات البدائية لحفظ تراثها و تاريخها بإسم المجموع لا الفرد، و لعل الأشعار الغنائية التي تزخر بها أغلب الثقافات الإنسانية تصلح أن تكون مثالا على ذلك، فالقصيدة الغنائية البدائية ليس لها مؤلف تعرف به، بل شعب تدل على وجوده!

في مقابل هذا النوع من أنواع الطموح، هناك طموح الفرد الذي تجسده الأنا الذاتية. عندما انتهى "سيرفانتس" من كتابة روايته الخالدة "دون كيخوته"، و كان ذلك في أواخر القرن السادس عشر، حاول أحد الكتاب المغمورين التسلق على أكتاف "سيرفانتس" من خلال كتابة رواية متواضعة بطلها "دون كيخوته" نفسه، الأمر الذي دفع الكاتب العظيم لكتابة جزء ثان لروايته الخالدة! من الواضح أن "سيرفانتس" كان يدافع عن نجمه الساطع في سماء الأدب، أو عن حقوق الملكية الفكرية في لغتنا الحديثة، و رغم ذلك رحل "سيرفاتنس" و بقي "كيخوته" خالدا بيننا! في رسالة بعث بها آينشتين إلى عالم الرياضيات الألماني "هيلبرت"، كتب آينشتين يقول: "الحلول التي توصلت إليها أنت تتفق تماما مع الحلول في نظريتي، و سبق و أن نشرتها قبل أسابيع". من الواضح أن آينشتين كان حريصا على تسجيل السبق لنفسه في التوصل إلى نظرية النسبية العامة، لكن الخلاف مازال دائرا في الأوساط العلمية إلى يومنا هذا حول دور "هيلبرت" و علماء آخرين في النتائج التي توصل إليها آينشتين!

لست أدري ما هو رأي علماء النفس فيما يتعلق بسيكولوجية الطموح في وقتنا الحاضر، لكن يبدو أن الطموح الذاتي في هذا العصر، عصر المال و النفوذ و الوجاهة، يمتاز في خصلة واحدة، فهو و إن كان طموحا فرديا صرفا، إلا أنه يحتاج إلى المجموع لتحقيق ذاته. من الصعب- في وقتنا الحاضر- تخيّل إمكانية الطموح في وجود عزلة إجتماعية. إنسان الوقت الحاضر طموح جدا، لكنه لا يستغني عن جمهور يصفق له! هل ولىّ زمن "ابن يقظان" إلى غير رجعة؟ هل ولىّ زمن الطموح للوصول إلى المعرفة في ظل عزلة موحشة في جزيرة نائية؟

أستطيع أن أتفهم هذا الطموح الذاتي الجامح لرجل الأعمال، و السياسي، و حتى الموظف الصغير، لكن ما عذر المثقف في الوقوع في فخ هذا النوع من الطموح؟ من السهل أن يتبجح البعض في إبراز دورهم كمثقفين في "إنقاذ الأجيال القادمة"، لكن من العسير أن يعترفوا بأنهم ليسوا سوى أسرى مرض العصر الحاضر: تسويق الذات! الجميع ينشد التغيير إلى الأفضل، و هذا في حد ذاته هدف نبيل من دون شك، لكن البعض يشترط أن يحمل هذا التغيير توقيعه الخاص! في عصر السرعة و الإيقاع اللاهث، يعيش بعض مثقفي العصر الحاضر حالة من الفانتازيا المرضية، فهم قادرون على تخيل جني الثمار قبل دفن البذور، إنهم يحصدون قبل أن يزرعوا! غرور الإنسان تلقى ضربة قوية على أيدي "كوبرنيكوس" و " كبلر" و "جاليليو"، فالأرض لم تعد مركز الكون، لكن "الأنا الذاتية" كانت و ما زالت مركز الكون في عينيّ كل نرجسي!.



#فهد_راشد_المطيري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا أقول له؟
- شعوب تحدق في السماء
- لا حاجة إلى حوار بين الأديان
- أسطورة بابا نويل
- زمن ولىّ و أثر باقٍ
- قراءة في محاضرة بابا الفاتيكان


المزيد.....




- بيان من مجلس سوريا الديمقراطية بعد الإعلان الدستوري
- لأول مرة.. السعودية تتفوق على مصر وإسرائيل في المقاتلات العس ...
- اجتماع بين إيران وروسيا والصين في بكين لمناقشة البرنامج النو ...
- بي بي سي تدخل قاعدة حميميم في سوريا التي تؤوي عائلات علوية ...
- متى يعتبر نقص الحديد في الجسم مشكلة؟ وما أفضل طرق العلاج؟
- الصين وروسيا تدعمان إيران مع ضغط ترامب لإجراء محادثات نووية ...
- البرتغال تشكك في شرائها مقاتلات -إف-35- خشية من موقف ترامب
- اكتشاف ينهي جدلا علميا واسعا حول المومياء المصرية -الحامل-
- أوربان يعارض القرض المشترك للاتحاد الأوروبي لدعم أوكرانيا وي ...
- لوكاشينكو: منظومة صواريخ -أوريشنيك- الروسية ستدخل في الخدمة ...


المزيد.....

- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فهد راشد المطيري - المثقف بين الطموح و تسويق الذات