|
مؤتمرات ثقافية أم موائد لتقاسم الغنائم ؟
محمد الجوادي
الحوار المتمدن-العدد: 1706 - 2006 / 10 / 17 - 08:20
المحور:
الادب والفن
قبل أن اتوٌجه إلى هذا النفر القليل من دعاة هذه المؤتمرات الخاوية من الثقافة الجادة والحقيقية لابد لي من استذكار بسيط لواقع الثقافة العراقية المهجرية في ميشيغن ولكوني أحد هؤلاء القريبين من المشهد أعتقد أنه آن الآوان لتشخيص مواقع الخلل وإظهار حقيقة الساحة التي باتت متروكة لكل من هب ودب أن يدعي أنه ( الإله) هذه المصيبة ! التي أضافت لنا هماً فوق هموم غربتنا وجرح بلدنا الذي لازال ينزف بينما راح هؤلاء للتطبيل والتزمير أن يصادروا إسم المثقف والمتاجرة به بعد أن نجحت إحدى محاولات سيدهم للحصول على غنيمة مالية من حكومة لازالت فتية ولا تعرف من هم مبدعوها الحقيقيون الذين يقطنون في مشارق الأرض ومغاربها بعد أن تحملوا ما تحملوه من تهميش، وحرب نفسية، وإعدامات ، وسجون في عهد النظام السابق فقد مات مبدعونا على الأرصفة وفي المنافي ولم يكونوا سوى مادة إستذكارية للبعض بعد موتهم ، مادة يملئون بها صفحات الإنترنت لا أحد يذكرهم في حياتهم بل يصادرون إبداعهم بعد وفاتهم بأمسية هنا وهناك يدعون المعرفة بهم عن قرب ثم انتهى كل شيء ، لا أريد أن أطيل وابتعد عن الموضوع الأصلي فبعد سقوط الصنم في بغداد برزت وفي المهجر الأمريكي تحديداً برزت ظاهرة إنشاء المراكز الثقافية والنقابات والمنتديات فكل يوم يظهر أحدهم يطبٌل للآخر بأنه يريد أن يجمع شمل المثقفين في الشتات وأن يأخذ بيدهم من ا لتهميش إلى النور والأضواء على حد زعمهم الخ .. وكانت أول تجربة هي المركز العراقي الأمريكي للثقافة والفنون في ميشيغن والذي كنت أحد أعضائه حيث كنت أعتقد أن الهدف من ورائه هو هدف يسَرُ له المثقف والمبدع ويلبي بعض طموحاته الكثيرة والمؤجلة حالي حال الكثير من الفنانين والمبدعين الذي وضعوا أسماءهم فيه ، غير أن الحقيقة تجلت وكانت على عكس ماكنا نصبو ونأمل فانتهى الموضوع ولأسباب باتت معروفة لجميع الأعضاء ولا أريد الخوض بها الآن . أن الثقافة كما هو معروف ليست وقفاً على مؤسسة بحد ذاتها فهي ليست مهنة أو نقابة مهنة أو حرفية فتكون تابعة لشخص بعينه يوصف بالأكاديمي وليس له أي منجز ثقافي وأدبي ترك أدنى بصمة في ذاكرة الثقافة العراقية على إمتداد مراحلها الزمنية وأود أن أشير إلى مخاطر ومحاذير مثل هكذا دعوات رسمت على نفسها علامات إستفهام كثيرة ! والسؤال المطروح هو لمصلحة من تطلق مثل البالونات بين الفينة والأخرى ؟ وهل هي لمصلحة المبدع الحقيقي أم هو مشروع يهدف من ورائه البعض الحصول على ( كعكة ) من السفارة العراقية من خلال الدعوة لإنشاء مركبة قابلة للغرق وينفذ من يعوم إلى شاطئ النجاة يحمل ما يريد ودعهم يغرقون ، عجيب ما يجري على ساحتنا المهجرية التي بدأ يتصرف البعض فيها كعصابات الإرهاب والسرقة داخل بغداد ولكن بشكل آخر ، إن الثقافة نتاج فكري وهو أحد إفرازات العقل البشري وليست نتاج تطبيل وتجمعات ومجالس مليئة بكل ما ليس له صلة بالطقس الإبداعي ، إنها النتاج الفطري ، أنا هنا لست ضد تكاثر مؤسسات النتاج الفكري الثقافي إن كانت النوعية والهدف هما سماتها الأساسية فكلما إزدادت أصبح الوطن آمناً كون أن الوعي الجماهيري هو التراص الحقيقي للوطن مثل وطننا الذي هو في أكبر مواجهة يمر بها بلد في العالم ضد الإرهاب والطائفية . إن الثقافة ليست ضد هذه المواطنة والعكس صحيح فربما يقل اهتمام المواطن بوطنه كلما قل وعيه في منظور قيمة الوطن الحقيقية . نحن هنا ضد ثقافة التعالي التي يختار أسماءها شخص واحد ويقيم جداراً وفواصل طبقية على أساس ( هذا مثقف أكاديمي وذاك ليس كذلك ) في حين الثقافة والإبداع بالدرجة الأولى ( حس جمالي ، وموهبة فطرية ومن ثم معرفة أكاديمية ) ويمكن أن تكتسب تلك المعرفة من خلال البحث والتجربة العملانية ، ومن منا لا يعرف الروائي المبدع حنا مينا الذي لم يحصل على شهادة جامعية ولم يتنعم بحرير السلطة يوماً بوصفه رئيساً لجامعة أو لنقابة ، وليس بعيداً عن واقعنا العراقي الثقافي لدينا الكثير من المثقفين الذين لا يحملون تلك الشهادات الأكاديمية العليا ويرفدون الفضاء الثقافي بأروع النتاجات الثقافية والفنية والأدبية وكذلك الحال في عالمنا العربي ، لا نريد التشهير بأحد هنا ولكن رأينا أن نوضح ما يجب أن يوضح ونعتبر أنفسنا مسؤولين تجاه بلدنا وثقافته في هذه المرحلة المهمة والعصيبة . إذن لابد لنا أن نضع إصبعنا على الحقيقة ولابد أن يخرج المثقف عن دائرة صمته في هذه المرحلة بالذات بل ونطالب على أقل تقدير بضمانات أكيدة في أن إطلاق العنان لمثل هكذا تجمعات يجب أن يكون بشكل علني ، وصريح ، وديمقراطي ، نزيه ، ومحايد وأن يكون هم تلك التجمعات الثقافة فقط ! إن الواقع الذي نعيشه الآن هنا هو عبارة عن إننا نعيش بين أشخاص يدعون الثقافة ويتحركون بدافع البراغماتية فيتبادلون عبارات المجاملة المنمقة والمديح للوصول إلى أهدافهم الشخصية تراهم يصادرون الآخرين في كل محفل وحولهم الحاشية الضالة معتقدين بأن ليس هناك من يتصدى لمثل هكذا أمور فهم يظنون بأن هذا جيل ( دجاج مصلحة ) سوف لن يكون له أي ردة فعل تجاه من يريد ذبحه بسكين أو ماكنة . أعتقد أنهم مخطئون فعلى حد قول جيفارا ( لن يكون لدينا ما نحيا من أجله .. إن لم نكن على إستعداد أن نموت من أجله ) . فليس من المعقول أن تكون الساحة المهجرية الثقافية داخل أمريكا أو خارجها خالية إلا من هذه الأسماء مع إحترامنا للجميع . فإذا أردنا أن نحصي أدباءنا ومبدعينا هنا في الولايات المتحدة فهناك أسماء لها تاريخها ومنجزها وأذكر منهم ( زاهر الجيزاني ، فرج الحطٌاب ، فضل خلف جبر ، عزيز التميمي ، إستبرق العزاوي ، دنيا ميخائيل ، زعيم الطائي ، كمال العبدلي ، فارس عدنان ، كاظم الشاهري ، فؤاد ميرزا ، زهير الدجيلي ، همام المراني ، وغيرهم ) أما في الخارج وأقصد خارج العراق وأمريكا فالقائمة طويلة تبدأ ب ( خزعل الماجدي ، خضير ميري ، نصيف الناصري ، صلاح حسن ، عزيز ماضي ، الخ ) ولا أريد التطرق إلى الإختلاف الفكري والحداثوي والتجديد فالموضوع سيطول أتوقف هنا عسى أن يعي من يعي أن الساحة ليست فارغة ولم تعد المجاملات طريق تمرير المشاريع الشخصية أو المصالح الذاتية الضيقة على حساب شعبنا وأدبه ومثقفه وللموضوع بقية محمد الجوادي – ديترويت
#محمد_الجوادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أية مواويل ستأتي
-
رحيل بلا أجنحة
-
ثمـــــــر مؤجـــل
-
نصوص
-
جنود ومقابر
-
عناقيد
-
وطن وثمة جنوب
-
ذاكرة للتبخر
المزيد.....
-
-هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
-
عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا
...
-
-أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب
...
-
الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى
...
-
رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|