|
( طرد ) إسرائيل من حضور افتتاح دورة القمة السادسة والثلاثين للاتحاد الافريقي
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 7529 - 2023 / 2 / 21 - 13:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عرف مؤتمر القمة السادسة والثلاثين للاتحاد الافريقي حدثا اعتبر استثنائيا ، وأُعطي له اهتمام اكثر من حجمه الطبيعي ، حين إستغله البعض لتحويله الى نصر تاريخي مبين ، حققته الجزائر وجنوب افريقيا على دولة إسرائيل التي تحكم العالم ، وبطريقة تعيدنا الى ( الانتصارات ) الوهمية التي كان يحققها علي بن ابي طالب في حروبه الدنكشوطية على اليهود .. فحين كان يشير بسيفه يميناً كان في ضربة واحدة يقطع رأس الف يهودي ، وحين يشير بسيفه يسارا كان بضربة واحدة يقطع رأس الفي يهودي .. فهل ما حصل بأديس أبابا مع الوفد الإسرائيلي ، حقا كان حدثا استثنائيا ، لأنه الحق هزيمة ساحقة ونكراء على الدولة الإسرائيلية ، ام انه كان مجرد تضخيم ونفخ ، وتحقيق انتصارات وهمية لم تغير من حقيقة الوضع شيئا ، ولم تؤثر على الوضع الحقيقي الذي تشغله إسرائيل في القارة الافريقية ، وهي التي تحتفظ بعلاقات دبلوماسية مع جميع دول الاتحاد الأفريقي ، باستثناء الجزائر التي لا زالت وحدها تمثل أحد بقايا " جبهة الصمود والتصدي " ، وهي الجبهة التي تفككت مكوناتها باستثناء الجزائر ، ولم يسبق منذ تأسيسها ان صمدت امام احد ، او تصدت لأخر ، في حين ان الدولة العبرية التي من المفروض ان تكون تلك الجبهة ضدها ، لا تزال قائمة ، ولا تزال كما كانت تحكم العالم .. ان من يعتبر ما حصل بين المنظمين للدورة الستة والثلاثين لمؤتمر قمة الاتحاد الافريقي ، وبين الوفد الإسرائيلي ، بانه انتصار تاريخي ساحق على الدولة العبرية ، التي لها علاقات دبلوماسية مع كل دول الاتحاد الافريقية ، يذكرنا " براديو " سورية في ستينات وبداية سبعينات القرن الماضي من موسكو " هنا موسكو " ، ويذكرنا بالانتصارات الوهمية التي رددتها ابواق الأنظمة العربية المهزومة ، التي حولت تاريخ الأنظمة السياسية القومية العربية ، من الهزائم المتكررة والمتواصلة ، الى الانتصارات الوهمية التي انتهت بإخراج الثوار " الكتبة " بتعبير الشاعر العراقي مظفر النواب الى خارج لبنان في سنة 1982 ، مع الجرائم الملحقة بها ، جرائم صبرا وشاتيلا ، التي لا تختلف في شيء عن جرائم الأنظمة القومية العربية في تل الزعتر في سنة 1975 ، واليرموك وضحايا الحرب الاهلية اللبنانية بعد حرب أيلول الأسود في الأردن في سنة 1972 Septembre noir .. فالانتصارات التي حققتها الأنظمة القومية العربية على الدولة العبرية ، طيلة تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي الذي تخلصوا منه عندما حولوه الى صراع إسرائيلي فلسطيني ، هو نفسه الانتصار الوهمي تحقق في أديس ابابا ، عندما تم تكييف إجراء تقني حصل خطئا ، الى معركة دنكشوطية جرت بأروقة الاتحاد الافريقي ، وانتهت المعركة البطولية التي قادتها الجزائر، بالانتصار الساحق على الدولة العبرية ، رغم ان هذه وباستثناء الجزائر وتونس ، لها علاقات دبلوماسية رفيعة مع دول الاتحاد الافريقي ، وبما فيها نظام العسكر في السودان ، الذي له علاقات مع دولة إسرائيل ، فاقت دول التطبيع .. ان ما حصل ، تم النفخ فيه لإعطائه حجما دون حجمه الحقيقي . فما حصل كان نتيجة اجراء تقني حصل بالخطء ، و تغاضى عنه المنظمون ، وليست له علاقة بأصل الدولة العبرية كدولة تربطها علاقات سياسية ، وعسكرية ، وبوليسية مع دول الاتحاد الافريقي . ان الخطء وهو اجرائي ، تمثل في عدم توجيه دعوة رسمية من قبل مفوضية الاتحاد الافريقي الى إسرائيل ، لحضور افتتاح القمة الافريقية السادسة والثلاثين بالعاصمة الاثيوبية اديس ابابا . وهذا الوضع طبعا يعطي لأي دولة كالجزائر التي تُهيّج وتستعمل دولة جنوب افريقيا ، الحق في معارضة حضور وفد لم يتم استدعائه رسميا، لحضور قمة مخصصة فقط للمدعوين لا لغيرهم .. ومن ثم فما حصل كان تنظيميا ، ومسطرياً ، ولم يكن سياسيا حتى يتم النفخ فيه ، وتحويله الى نصر هلامي في معركة دنكشوطية ضد إسرائيل .. ومن جهة ، وهذا يعطي للجزائر التي وقفت ضد تمرير الخطأ الاجرائي ، الحق في معارضة حضور إسرائيل قمة الاتحاد الافريقي ، لان الوضع القانوني الذي يحددد وضع دولة إسرائيل كدولة ملاحظ او مراقب ، لا يزال معلقا ، ولم يتم الحسم فيه بشكل قطعي من قبل مؤسسات الاتحاد المختصة .. وبما ان الوضع القانوني لدولة ملاحظ او مراقب لدولة إسرائيل بالاتحاد الافريقي لا يزال معلقا ، ولم يتم الحسم فيه ، فمحاولة حضور الوفد الإسرائيلي مؤتمر قمة يخص الدول الافريقية ، وإسرائيل ليست بدولة افريقية ، يعتبر تصرفا شاردا وتطفليا ، وكان أولى بهذا الحضور ليس كدولة مراقب او ملاحظ ، بل حضور المؤتمر من قبل دولة افريقية ، هي اسبانية التي لها حدودا اعترف بها ملك المغرب مع المغرب . فمدينة سبتة ومليلية الاسبانيات والافريقيتان ، أصبحتا خاضعتين لنظام Schengen ، وخاضعتان لحماية الحلف الأطلسي .. إذن ما حصل بين المنظمين لمؤتمر القمة الافريقية السادسة والثلاثين ، وبين دولة إسرائيل ، لا يعني طردا كما تم الترويج له لخلق انتصارات وهمية ، او تحويل الهزائم الى نصر ، لكنه اجراء تقني تغافله اوغفلته الدولة المنظمة المؤتمر اثيوبيا . واستغلته الجزائر بالأساس للترويج الى معركة تعيدنا الى هزائم معارك الستينات والسبعينات من القرن الماضي .. ولو كان ما حصل بمؤتمر القمة الافريقية يتعلق بنصر على الدولة الإسرائيلية ، ولا يتعلق بإجراء مسطري وتقني ، فكيف نفهم ان لإسرائيل علاقات سياسية ، ودبلوماسية ، وعسكرية مع كل دول الاتحاد الافريقي ، باستثناء الجزائر وتونس ... ان الوضع اليتيم لدولة إسرائيل في علاقاتها مع دول منظمة الوحدة الافريقية في ستينات وبداية سبعينات القرن الماضي ، والتي تميزت بقطع دول المنظمة الافريقية علاقاتها الدبلوماسية مع الدولة العبرية ، بسبب التضامن مع القضية الفلسطينية ، عندما كان النزاع عربيا إسرائيليا ، قبل ان يتخلى العرب عن نزاعهم مع إسرائيل ، ويلخصوه ويختزلوه في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، لم يعد اليوم بسبب طعن العرب بأنفسهم في شيء كان يسمى بالصراع العربي الإسرائيلي ، واصبحوا يتسابقون للاعتراف بالدولة العبرية ، ويتسابقون ويتباهون بإقامة علاقات سياسية ، وبوليسية ، وعسكرية ، ودبلوماسية معها .. ان اكبر انتصار إسرائيلي على العرب في القارة الافريقية ، ومن داخل منظمة الوحدة الافريقية ، هو حين تحولت المقاطعة الافريقية الى هرولة وتسابق ، اتجاه الدولة الإسرائيلية التي أصبحت لها علاقات دبلوماسية مع جميع الدول الافريقية ، والتي وصلت الى حد العمل ، على ان تحظى الدولة العبرية بصفة او عضو ملاحظ او مراقب بمنظمة الاتحاد الافريقي .. لكن من السبب في توطئة هذا الطريق الذي غير العلاقات والمعادلات بين الاتحاد الافريقي ، وبين الأنظمة السياسية العربية ، والشعوب العربية التي تتطلع الى إسرائيل ؟ التغيير لم يأتي صدفة ، او كان نتيجة مؤامرة ، او حتى خيانة .. لكن عندما يشاهد الافارقة ، ويشاهد العرب تسابق وتهافت قيادة منظمة ( التحرير الفلسطينية ) على خطْب وُدّ إسرائيل ، ويتباهى محمود عباس بالعمل ، وبالتنسيق البوليسي المخابراتي مع الشاباك ، والموساد ، والجيش الإسرائيلي ضد المقاومين ، وضد جنود الانتفاضة ، ويوشي بهم ، ويسلمهم ، ويدعو الى تسليم انفسهم الى البوليس الإسرائيلي ... الخ ، فماذا ترك للأخرين من العرب والافارقة ، سوى القيام بما يقوم ، وقام به محمود عباس لفائدة الدولة العبرية ، ولا جناح عليهم في ذلك ما دام تصرفهم ، نفسه تصرف القيادة الفلسطينية الملهوفة على الدولار واليورو ، وتعيش في ترف وبذخ ، والشعب يعيش في الگيتوهات ، وغارق في الفقر ، والبؤس ، وقلة الحاجة . ان اكبر خيانة قامت بها ( منظمة التحرير الفلسطينية ) برئاسة ياسر عرفات ، وتعمق فيها محمود عباس ومن معه ، لشيء كانوا يسمونه " قضية " ، هو عندما اعترفوا بإسرائيل كدولة يهودية ، عندما دخلوا اوفاق مؤتمر مدريد في سنة 1982 ، واتبعوها عندما دخلوا اوفاق مؤتمر Oslo في سنة 1993 ، الذي كان رصاصة الرحمة على شيء كان يسمى فيما مضى ب ( القضية الفلسطينية ) . فالانتصارات الإسرائيلية منذ سنة 1982 ، و سنة 1993 ، انتهت بالقضاء النهائي على حل الدولتين ، وقضت نهائيا على حق العودة ، وحولت ( منظمة التحرير ) الى منظمة تتقن فن الثرثرة ، والكذب ، وهي التي أصبحت وبتصريحات مختلف القادة الإسرائيليين من اليمين الى اليسار ، مجرد سلطة تشتغل تحت السيادة الإسرائيلية ، وأجمع الجميع على اقبار الدولة ( الفلسطينية ) التي تحولت الى اطلال وحكايات، اخذها معهم الرواد الأوائل الى القبر .. بل ان إسرائيل وبعد النجاح الكاسح والانتصار الساحق الذي حققته ، خاصة وامام هرولة الحكام العرب صوبها ، وعودتها الناجحة والقوية الى القارة الافريقية التي تربطها بدولها علاقات دبلوماسية ، وبوليسية ، وعسكرية ، لم تعد تفكر فقط في الدولة التي أصبحت من المسلمات وباعتراف العالم الذي تحكمه ، بل كدولة يهودية ، أصبحت تفكر وتعمل من اجل ارض إسرائيل الكبرى ، حدودها غير محددة ، وغير معروفة .. فعن أي طرد تتحدث الجزائر ويتحدث اعلامها ، والجزائر بقيت الدولة الوحيدة التي تجتر لغة " جبهة الصمود والتصدي " ، التي ما صمدت امام احد ، ولا تصدت لأخر ، ونهاية دولها كانت مثيرة للشفقة .. ان ّما حصل برواق مؤتمر القمة الافريقي ، لا يتعلق بطرد ، بل يتعلق بمسطرة ، وبإجراءات تقنية تم تغافلها عندما لم توجه دعوة رسمية الى إسرائيل من قبل الجهات الافريقية المختصة ، ولكون الوضع القانوني لإسرائيل كمراقب او ملاحظ لا يزال معلقا ، ولم يبث فيه بعد ، ولكون إسرائيل وفي غياب هذه الشروط ليست بدولة افريقية ، وكان اجدر لو حضرت اسبانية الافريقية ذات الامتداد الترابي في القارة الافريقية .. فكفى من راديو سورية في ستينات وبداية سبعينات القرن الماضي . وكفى من تحويل إجراءات تقنية الى بطولات فرعونية ، وكفى من تحويل الهزائم وما اكثرها في تاريخ المنطقة الى انتصارات ساحقة ..
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
انعقاد القمة السادسة والثلاثين ( 36 ) للاتحاد الافريقي بأديس
...
-
حقوق الانسان في الدولة المخزنية البوليسية
-
البدع والطقوس المرعية عند العرب والمسلمين
-
البرلمان الاسباني يوافق بالأغلبية على منح الجنسية الاسبانية
...
-
أكبر انتفاضة دموية في تاريخ الانتفاضات المغربية
-
مِنْ - موروكو گيتْ - الى - بگاسوس غيتْ -
-
ترقب قرار للبرلمان الأوربي في 9 ابريل القادم ، يدين النظام ا
...
-
الفرق بين الشعب والرعايا ، نوع الدولة السائدة
-
تغيير النظام من الداخل
-
التعويض .
-
الدكتاتور هرب . المستبد هرب . الطاغية هرب .
-
حين ضاع التراب . من أضاع التراب . لماذا أضاع التراب. من الگو
...
-
هل ستندلع حرب بين النظامين المغربي والجزائري ؟
-
الغزو الروسي لأكرانيا
-
الجنرال السعيد شنقريحة متماهياً في قصر الإليزيه ومستقبلا من
...
-
قصيدة شعرية
-
حركة 20 فبراير الملعونة كانت مؤامرة كبرى . اول تحليل سياسي د
...
-
مسلسل تيمور الشرقية يطل من شقوق الباب
-
المدير العام للإدارة العامة للدراسات والمستندات
-
هل صحيح ما أوردته القناة الفرنسية - فرنسا 24 - من اخبار : أم
...
المزيد.....
-
ترامب يوجه هجوما لاذعا للزميل جيم أكوستا والأخير يرد
-
تحرك ضد جنرال أمريكي منتقد لترامب.. إليكم ما أمر به وزير الد
...
-
بوتين: سيادة أوكرانيا تقترب من الصفر ولولا دعم الغرب لها لان
...
-
أين وصلت التحقيقات بعد عام من مقتل الطفلة هند رجب؟
-
الهند.. مصرع 15 شخصا على الأقل نتيجة التدافع في أكبر مهرجان
...
-
تحطم مقاتلة -إف-35- أمريكية في ألاسكا ونجاة طيارها (فيديو)
-
الاستيقاظ المتكرر أثناء الحلم قد يكون علامة مبكرة لمرض خطير
...
-
عشرات القتلى والجرحى في تدافع خلال مهرجان ديني شمال الهند
-
فيديو محمد بن سلمان يعزي أبناء الأمير محمد بن فهد يثير تفاعل
...
-
-عندما يريد شيئًا.. فإنه يحدث-.. تحليل خطة ترامب في غزة وخيا
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|