أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - علي الجنابي - صديقتي الخالة














المزيد.....

صديقتي الخالة


علي الجنابي
كاتب

(Ali . El-ganabi)


الحوار المتمدن-العدد: 7527 - 2023 / 2 / 19 - 23:29
المحور: كتابات ساخرة
    


هو ذا تَغَلْغُلٌ ثمَّ تَسلسلُ في قهقهاتِ طرفةٍ لخالتي المُتورِّعة، وتراها في دارِها دوّارةٌ أو مضطجعةٍ، وما برحَت مُكَبِّرَةً مُسَبِّحَةٌ مُهَلِّلَةٌ ومُستَرجِعة
هي تزورني كلَّ حينٍ، وإذ الوجهُ فيها هنيٌّ بهيٌّ ومزخرفٌ بوشمِ، وترى قَسَماتهِ مُتَوَرِّدةً وغيرَ مُتَوَجِعة
ذاكَ هو وجهُ خالتي، أرملةُ بسيطةٌ سعيدةٌ وليس لديَّ خالةٌ سواها، وهي صديقتي، وتملكُ طرفةً وحيدةً فريدةً، وليسَ لها مِن طرفةٍ عداها
تزورني هيَ لتنالَ رضايَ، وهي الكبيرةُ، وقليلاً ما أزورُها، ولا آبهُ لرِضاها، بيدَ أني وطاعةً لأمرِ الرَّحمنِ بِصِلةِ الرَّحِمِ، زُرتُها قبلَ حينٍ في فناها، لأشجوَ بشجاها في فضاها.
أجل، قد زُرتُ َخالتي ذاتَ أشراقةٍ في المُبتَسَمِ
ذاتَ أنشراحةٍ في الصدرِ تٌزيّنُها، والَوجهُ بِبَشاشةٍ مُرتَسَم، فوجهُها مُزَخرَفٌ ويداها، والقدمانِ بِفَيرُوز مِن وَشَمِ.
نَديَّةٌ هي وبعُقودٍ ثَمانيةٍ، وذاتُ نَكهةِ ريفٍ حَنونٍ أَصيلٍ أشمّ.
لا تَعرِفُ الكبائِرَ إلا حظَّاً من لَمَمِ.
نِصفُ قرنٍ هو مكثُها في بغدادَ، عرينِ العِزّةِ والعنفوانِ والقمم، وقرينِ المَعَزَّةِ ودكَّانِ الكَرمِ، ومَا فارقَتْها نَكهةُ الريف، بل هي صِبغتُها، وهي الأصلُ عِندَها، وهي المُعتَصَم.
ولقد أقسَمَتْ ليَ أنَّ صِبغاً ما وَطِىء يوماً إظفرَها وما إحتثَّ وما دَهَم، وأنَّ اُذُنَها كانَت دوماً في صِراعٍ مع غثِّ النَغمِ.
ولئن ٱسْتَدْلَلتَ عن دارِ صَديقتي الخَالة، سيقولون:
آوه! سَنَدُلُّكَ، أَوَ تَقصِدُ بَيتَ تِيكَ المَحجُوبة المُحتَشِمِ؟
رَصِيدُ خَالَتِي (طُرفةٌ) يتيمةُ، سَمِعتُها مِنها عَدَدَ الشهابِ والنجمِ، وعددَ ما على الأرضِ نَجَم!
طرفةٌ عَتيقةٌ أقدمُ من فرعونَ ومن عنخَ آمونَ، ومِن كُلِّ تأريخٍ وقِدم.
طُرفةٌ ثُقلُها لوى (غينيس ) وما حوى في سجلّاتِهِ من رَقَم!
ومَا فَتِأت تَقذفُني بها كلَّما زُرتُها طَلباً للأجرِ، وَمزيدٍ من النِعَمِ.
وقد قَصَفَتني بها في آخرِ زيارةِ، غَفرَ اللّهُ لِكلينا، وأعاذَنا من شِرذماتِ الهَرَمِ.
تَقصِفُني هي، فَتُقَهقِهُ هي وَحدها بِقهقةٍ مُتَسارعةٍ كَأنَّها تَقذِفُ بالحِمَم!
فَلا ينفعُ معها ساعتئذٍ تَجاهِلٌ ولا لَجَم، ولا يشفعُ تَخاصُمٌ، ولا حتى قَسَم. ولا يدفعُ إن رَماها جَليسُها بسَهمٍ من شَتم.
ويكأنَّ ضِحكتَها بركانٌ، ولن يهدأَ إلّا بعدَ هَزيمةِ خافِقِها وإفرَاغِهِ من الزَّخَم
والحقَّ أقولُ؛ إنَّ خالتي لا إثمَ لها، بلِ الأثمُ أثمُ جَليسِها أنَّهُ تَجَرَأ، ولأَهوَالِ طُرفتِها قدِ إقتَحَم.

أنا أصَغرُ من صديقتي خالتي بِثلاثةِ عُقودٍ، ومُغرَمٌ أنا بطُرفتِها الفريدةِ المريدة، رغمَ ظُلمِها والسَّأم.
وسِرُّ غَرامي كامِنٌ في لَذَّةِ سردها المُمِل لِطُرفتِها، سردٍ مُدَمدٍمٍ مُشَرذَم
بقَهقَهاتٍ مُذَبذَبة
ودُموعٍ مُصبصبة
وبأكتافٍ مُكَبكَبة، تَرقُصُ معها خدودها وخاصرتُها بطياتِ الشَّحَم!
وواعَحباه!
إنَّها لا تُبالي بِمَن أحاطَها، أضَحِكوا معها، أم اُصيبوا منها بِقَهرٍ أو بِسَقَم!
مُحَدِّقٌ أنا بِبَصري نحوها، ونَاظرٌ بوَجهٍ باسِرٍ آسِرٍ بسَأم:
أوَ يُعقَلُ هذا منكِ يا خَويلة! ثم..
أرَانيَ أنجَرِفُ مُقَهقِهاً مع شَلالِ قَهقَهاتِها، وتَائِهاً ما بينَ عَجَبٍ ونَدَمٍ.
ولأختِمَ جولتي بمَلامةٍ على زيارتي لها، وبِتَوبِيخٍ وبوابلٍ من شَتَم.
صَديقتي خالتي نديّةٌ نقيةٌ تقيةٌ لأنّها بقيّةٌ لجذورِ زمانٍ من هُناك، من ..
زَمانِِ البَسمَلةِ والحَوقَلةِ، والتَّوَكلِ والسَّكَن.
زَمانِ الطِّيبِ والنَّقاهةِ وأطيافِ الشَّجَن.
زمانِ العِزَّةِ لِلرُوحِ وجَبيِنِها والشَّاربِ واللَّحىً.
زمانِ العُنفوانِ رَغمَ كلِّ قَحطٍ وبلاء، وكلِّ وباءٍ وحَزَن.
زمانٍ وَجدُهُ مُغرَمٌ بلسانِ الضّاد، ويَرفُضُ كلَّ حَرفٍ بِلَحَن.
زمانٌ يَبغُضُ كلَّ قرفٍ رذيلٍ، وتقليدٍ للغرب حتى بِصُندوقِ الكَفَن.
زمان يَقشَّعِرُ بَدنُهُ مِن نفخاتِ غِلٍّ، ولفحاتِ ذُلٍّ، ومن صفحاتِ عريٍّ ولَّعَن.
زمانٍ ما عَرَفَ (حاسوباً)، ولو عَلِمَهُ لمَا تَغيّرَ، ولأزدادَ تَشَبُثاً بصَحراء الوَطَن!
أنا أعلمُ ألّا رَغبَةَ لأمرئٍ لِسماعِ طُرفَتِها. نعم، لكنّي سَأتلُوها ومالِ لأحدٍ من محيص، إنتِقاماً من خالتي بِفَضحِها علناً بين النّاسِ، وفي الصُّحفِ وبمقالٍ رخيص
فصبراً جميلاً على رنينِ طنينها العويص، ولنستمِع إليها بعد تشذيبٍ منّي وتهذيبٍ وتلخيص، قد أبقى على جثمان الطرفة هوَ هو فلا تقليص فيه، ولا منه تنقيص؛
قالت خالتي..
[ أنصِتْ يا خُوَيل.. طَلبَ الجابيُّ الأجرةَ مِن عَجوزٍ تَجلِسُ في طََستٍ لها دَاخلَ الحافلةِ؟ رَمَقَتْهُ العَجوز بنَظرةِ من عَجبٍ، ورَدَّتْ بردٍّ قد وَجَب:
"ليُسامِحُكَ اللهُ بُنَيّ، أفي طَستي أنا قاعِدةُ ، أم في حَافِلَتِك صاعدَة!"
لا قَهقَةَ رجاءً، لإنّه ثأر بيني وبين صَديقتي الخالة.
( الجابي: هو محصل الأجور داخل حافلات النقل العام)



#علي_الجنابي (هاشتاغ)       Ali_._El-ganabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منادِيلُ الطُّفُولَةِ
- لا فِرَاقَ يَا عِراقَ
- أبو بَكرِ الصَّديق في خِطابٍ مُتَلفَزٍّ (AB BAKR AL-SIDDIQ I ...
- نَهرُ البَيَانِ فِي البَيْداء
- سُويْدُ السُّويداء
- أيا أنتُمُ أيا غَوغاءُ
- [الطّوافُ حولَ قَصرِ باكنغهام]
- الحَقُّ الباطِلُ !
- حُروبُ العِنَب
- [ سُلَّمُ البُستان ]!
- [عِصابةُ] نّبِيِّنا مُحَمَّد
- القتلُ على نارٍ هادئة
- (شِراعُ الشُّهرةِ في شُعاعِ شَاشَة)
- [ - أبو العَتاهِية- وأنا ]
- جُلّاسِيَ ثُلَّةٌ مِن حُثالة
- ( أعْتِقي الإبِلَ في سَيْرِها تَغِلُ )
- [ تحتَ الجذعِ حين الشروق ]
- أَنا و(جبرانُ خليل جبران)
- صَفَدُ الفَنَاءِ
- { خَرَابُ - مظفّرِ النّواب - }


المزيد.....




- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - علي الجنابي - صديقتي الخالة