|
عندما يحرق الفنان لوحاته بيديه
غازي حميد الإمام
الحوار المتمدن-العدد: 7527 - 2023 / 2 / 19 - 19:43
المحور:
الادب والفن
تُعد خيبات الأمل من أسوأ المشاعر العاطفية وأصعبها تجاوزًا، وأحيانًا تكون خيبات الأمل كبيرة للغاية وتؤثر في حياة المرء وتغيرها، وتضيف إلى الأوقات الصعبة والطريق الشاق الذي يسلكه ضغوطاتٍ يوميةً وعبئًا إضافيًا، وتزيد من ردات الفعل السلبية، لذلك من الضروري أن يجد الشخص طرقًا للتأقلم والتعافي من هذه الخيبات والإحباطات بأسرع وقت ممكن. ولكن في حالة الفنان سعيد الأتب ،هنالك سؤال مهم يطرح نفسه وهو : هل الأبداع يخلق من رحم المعاناة للشخص المحبط وهل يجب أن تكون مجنونا لكي تبدع؟ يتسأل ويقول الفنان الأستاذ سعيد الأتب: "لقد اعتبرني الناس مجنونا، ولكن لم يُبث بعد إن كان الجنون هو أرفع درجات الذكاء أم لا، أو إن كان كلّ ما هو رائع وكل ما هو عميق نابع من سقم في الفكر أو حالات مزاجية للعقل تعلو على حساب القدرات الفكرية العامة".. إدغار ألان بو ارتبط الفن التشكيلي والكتابات المميزة بالأدباء والمفكرين والفلاسفة والشعراء.... في المُخيّل الشعبي بالجنون والبوهيمية وعدم الانصياع لقوانين العيش الطبيعية، ولكثرة انتشار فكرة وجود صلة بين الاضطرابات النفسية والفن، تحول الأمر إلى حقيقة مطلقة يصعب معها تخيل فنان سوي وطبيعي، وكأنه من المحتم على كل مريض نفسي أن يبدع في مجال ما، وبذلك تبلورت فكرة قديمة قدم الفن تربط بين جدلية الإبداع والجنون، بيتهوفن، فيرجينيا وولف، فان غوخ، سالفلدور دالي… والقائمة تطول، كلهم مبدعون اختلت عقولهم وتفجرت مواهبهم.. أن توقعاته عن حضور وتشجيع الجالية العربية في باترسون بالتحديد لم يتعدى أصابع اليد الواحدة...بالرغم أن المدينة التي أقيم بها المعرض وبجهد شخصي..... تكتض بالعرب من رجال أعمال وتجار وأصحاب فكر ومثقفين وأطباء حتى أنك تشعر بأنك تعيش في مدينة عربية الى الحد أن عمدة هذه المدينة من أصول سوريا ولبنانية... ويضيف سعيد قائلا أن 99 % من الذين حضروا معرضه كانوا من الأجانب الأمريكان والأسبان... الذين أبدوا أعجابهم بلوحاتي ورسوماتي وابدوا شعور يمزج بين الأعجاب الكبير والدهشة والأستغراب أن في باترسون وبالتحديد من يقطنها من العرب وجلهم من الشرق الأوسط يوجد فنان بهذا الرقي والذي برسوماته المبدعة والجميلة نقل صورة مشرفة للعربي غير الصورة المغرضة لوسائل الأعلام التي تصور العربي بأنه أرهابي وغير حضاري.... قامت وسائل الأعلام المقرؤة والمرئية... والصحف الأمريكية بتغطية هذا المعرض وكتبت صحيفة الهيرالد نيوز Herald News صفحة مطولة عنه أما الصحف العربية المحلية والشرق أوسطية كانت تغط في نوم عميق وكأن هذا المعرض لأيعنيها لأ من قريب أو بعيد. بالنسبة لهم أعلان بالجريدة مدفوع الثمن عن مطعم مشواي وكباب وحلويات وبقاليات.. ومحلات ذهب هوا أثمن بكثير من معرض رسم لفنان عربي موهوب يسلط فيه الضوء على حضارة العرب وقضاياهم المصيرية بشكل رمزي وحضاري معبر. وبردة فعل من الفنان سعيد الأتب أنه أحرق علنا بالشارع الرئيسي أمام مرسمه في مدينة باترسون بولاية نيوجرسي الأمريكية بعض من لوحاته الثمينة التي شارك بها بمعرضه ليعلن ساخطا عن أحباطه وخيبة أمله من عدم التقدير والدعم من جاليتنا العربية وعدم مشاركتهم في مد يد العون لأنجاح هذا المعرض الذي بذل به الفنان سعيد الأتب الوقت والجهد وسهر الليالي ومن مصروفه ودخله الشخصي المنواضع.....عدا تلك الأمور المادية الفردية... أصيب الفنان سعيد بنوع من الأغماء الفكري والأنساني والندم الكبير بعد هذه الحادثة ليقول لي بأنه يشعر كمن أحرق فلذات كبده ليعيش بعدها.. ولفترة طويلة قبل أن يسترد عافيته الفنية.... وأن يعود مجددا لمتابعة مسيرته الفنية فيرسم لوحاته الجميلة من جديد. وهنا يتسأل الفنان سعيد الأتب الى أي حد وصل مستوى أستيعاب الجالية العربية للفن التشكيلي والرسم الذي يخدم قضايهم..... ويتسأل هل جاليتنا متخلفة لهذا الحد في بلاد منحتنا حرية التعبير...ولكن للأسف نقوم عن قصد... بتدمير كل المعطيات التي منحت لنا في أمريكا بالأضافة للفكر والأبداع الفني.... وهنا نتسأل متى تحصل الصحوة... واليقضة لجاليتنا العربية لتساهم في ركب الحضارة والفن في أمريكا وبلاد المهجر. أذا هنا في هذه المقالة نتكلم عن حالة أنسانية وأجتماعية وفنية وثقافية.... تعتبر نهضتها وأزدهارها...حالة مهمة لجاليتا العربية وليس العكس عندما يصبح الأحباط والجهل... سد منيع أمام كل فنان عربي مبدع سواء داخل بلده أو في بلاد المهجر ... وتتلخص سلبيات هذه الحالة بعدم التقدير وعدم المبالاة أو الأكتراث بالفنان سواء كان مبدع بالرسم أو الأدب أو أي مجال من مجالات العلوم الأنسانية.... وتأتي المرحلة الأخيرة في موضوعنا اليوم عن أسباب قيام الرسام سعيد الأتب بحرق بعض لوحات معرضه ومرسمه في باترسون ....والذي أرسل سعيد الأتب من خلال هذه الحادثة رسالة أحتجاج لجميع العرب في الولايات المتحدة وكندا والشرق الأوسط والعالم مفادها أن الأبداع مصيره الحرق بالنار نتيجة مواقفنا المخزية كعرب بالمهجر أتجاه الفن والأبداع.... وهذا ماظهرا جليا عندما توافدت الصحف الأمريكية في ولاياتي نيوجرسي ونيويورك للقاء مع سعيد الأتب للسؤال عن أسباب حرق تلك اللوحات معبرين عن حزنهم وأسفهم مستغربين أقدام سعيد الأتب على حرق لوحاته لكونها وسيلة تعبير غريبة على مجتمعهم..... ورغم ذلك لم يبالي عربنا لا بسعيد ولا بفنه ولا بأنساتيته ورغم حرقه للوحاته..لدرجة أنه حتى لو أقدم سعيد الأتب على حرق نفسه بالكاز والكبريت فذلك لن يؤثر على مواقفهم السلبية الثابته. ___________________ كاتب سوري - امريكي
#غازي_حميد_الإمام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفرقة الشعبية الكويتية.. تاريخ حافل يوثّق بكتاب جديد
-
فنانة من سويسرا تواجه تحديات التكنولوجيا في عالم الواقع الاف
...
-
تفرنوت.. قصة خبز أمازيغي مغربي يعد على حجارة الوادي
-
دائرة الثقافة والإعلام المركزي لحزب الوحدة الشعبية تنظم ندوة
...
-
Yal? Capk?n?.. مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 88 مترجمة قصة عشق
...
-
الشاعر الأوزبكي شمشاد عبد اللهيف.. كيف قاوم الاستعمار الثقاف
...
-
نقط تحت الصفر
-
غزة.. الموسيقى لمواجهة الحرب والنزوح
-
يَدٌ.. بخُطوطٍ ضَالة
-
انطباعاتٌ بروليتارية عن أغانٍ أرستقراطية
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|