|
السفر : قصة قصيرة
صبيحة شبر
الحوار المتمدن-العدد: 7527 - 2023 / 2 / 19 - 10:17
المحور:
الادب والفن
الرحيل
الحدث يقع على رأسك كالصاعقة ، الجميع يبكون بصوت عال ، وانت جفت لديك الدموع ، رحلت من كانت بقربك تتعاونان معا على مآسي الحياة وأهوالها ، تشتركان في مواجهة الصعاب الكثيرة ، والمسرات النادرة ، مرضها العسير لم يجعلها تفقد الأمل ، وظلت الابتسامة مرسومة على محياها وهي تصارع الآلام الكبيرة ، وأنت تنظرين إليها بإعجاب ، مقتدية بقوتها ،تراجعين معها عيادات الأطباء الخصوصيين والمستشفيات الحكومية ، ويجرون لها التحليلات الكثيرة واصفين الدواء ، تمتلئ بالعزيمة على عدم السماح للمرض أن يفترس الإرادة ، ترفض الأوجاع الجارية لاستيطان الجسد والقضاء على مقاومة الروح ، تراجعين معها الأطباء وأنت معجبة بابتسامتها الواثقة وضحكتها المتواصلة الهازئة بالعراقيل ، تعتني بك رغم مرضها الخبيث ، وتقوم بمساعدتك بتحمل الأعباء المختلفة ،تمدك بالقوة ، تحاولين أن تبعدي فكرة رحيلها الدائم الوشيك ، - مرضها صعب والأمل في بقائها ضعيف! من يقف بجانبك وقد بعد عنك الأحباب وسافر الأهل والأصحاب ،وبقيتما وحيدتين في معترك الحياة تصارعان حوادثها الأليمة بنضالكما الكبير.. - الضعف يستولي على قلبها، والمعدة استقرت بها الجراثيم ، ولم تعد قادرة على استقبال الطعام.. تذهبين بها إلى الأطباء في داخل البلاد وخارجها، وأنت تأملين أن يجد احدهم الدواء الشافي لمعاناتها المستمرة وألمها الممض ، لم تكن تصرخ مشتكية من الآلام المبرحة ، بل تضحك باستمرار ، وتستبدل بالصرخة ضحكة متواصلة لإبعاد شبح المرض المستقر بالجسد ، روحها قوية ، تتناسين تعبك الشديد وأمراضك ، تستمدين القوة من إصرارها على تحدي الأوجاع ،والانتصار على نتائج المرض ، كلاكما تجد سعادتها مع الأخرى وتنهلان من منبع ثر من الحنان - معدتها ضعيفة ، سنحاول ان نستخرج الماء ، ليتمكن الغذاء من إرواء جسدها الظاميء يأتيك صوتها واهنا ، فلا تدعين المخاوف تفترس يقينك ان العلاج سوف يكون بمقدور الطبيب تهرعين بها الى المستشفى علهم ينجحون في الحصول على العلاج المأمول ، لم يجدوا الماء هناك ، بل بقع من الدماء ، استيطان الداء الخبيث رغم عمليتي استئصال الثدي ، يتمدد المرض الى خلايا الجسم ، ولم تعد وصفات الأطباء قادرة على منع زحفه المستمر ، تنظرين الى الباب بلهفة ، علّ المداوي يأتيك بالخبر السار ، يفتح الباب ، ويقول كلمات لاتتمكنين من استيعاب معناها ، الجارة كانت تحبها وتحترم صفاتها ،ينطلق منها صوت البكاء عاليا ، ماذا جرى ؟ ولماذا البكاء والنحيب ؟ إنها عزيزتك الغالية ، وهل تذهب دون وداع؟ لاتصدقين الخبر تسارع جارتك الى الاتصال بالمعارف والأحباب ، تنبئهم بالخبر الفاجع ، يأتون تباعا لتعزيتك.. الجميع يوالون الصراخ ، أحقا يحبونها كحبك أنت ؟ ، تجف عندك القدرة على البكاء ، تفقدين صوتك ، وتجدين قدميك عاجزتين عن حملك، يحيط بك الحاضرون ، محاولين ان يعينوك على مصابك الأليم ، لا تصدقين ما حل بك ، هل رحلت حقا ؟ ولم يعد بمقدورك أن تكوني معها ، من سيبقى معك ، من تبثينه شكواك من عقوق الناس وغدر الزمان ، وجفاف الأنهار من مائها العذب ،من يستطيع أن يقف بجانبك ، تستمعين إلى همومه ويصغي إلى معاناتك، محاولا تخفيف الجراح ، وجهها امامك مازال مبتسما معبرا عن ارادته القوية في التصدي للصعاب. المصاب أليم ، تنظرين إلى الوجوه ، التي غشيها الحزن ، فجعتهم الحادثة ، مشاعرهم صادقة ، الجميع سيهرعون الى منازلهم ،بعد يومين ، من يقف معك ، هل ستكونين وحيدة ، والغربة تملأ أيامك وتفترس لياليك، وأنت مهيضة الجناح ، تحاولين الوقوف ، لا تلبي رغبتك قدماك ، ما عادتا تأتمران بما يحمله رأسك من أمنيات ، يا رب رحمتك من لك بهذا العالم ؟ شقيقتك رحلت ، لا تتحملين نظرات الإشفاق ، تعاودين المحاولة ، تسقطين على الأرض ، نظرات الإشفاق تنهمر عليك ، لعنات تصفع مشاعرك ، تصممين على الانتصار، ينتظرك السقوط مرة أخرى مكشرا عن أنيابه الهازئة ، تمتد إليك الأيادي ، تتجملين بالصبر ، تطل عليك بابتسامتها الواثقة ونظرتها الحنون ، أليس الأجدر بك أن تتسلحي بالقوة التي كانت تبثك إياها ، فلتحاولي مرات آخر .. تهطل دموعك ، تخفف عنك كثافة الأحزان ، تمتد إليك احد الأيادي ، تمسكين بها لحظة ، تشكرين صاحب اليد المساعدة ، وتواصلين المسير وحدك
13 آب 2010
#صبيحة_شبر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الرحيل : قصة قصيرة
-
هل الفقر قدر ؟
-
انفصام : قصة قصيرة
-
رواية تأشيرة السعادة : الجزء الثالث والاخير
-
رواية تأشيرة السعادة : الجزء الثاني
-
العزيمة : قصة قصيرة
-
مدارسنا بين الامس واليوم
-
المتسول : قصة قصيرة
-
الوظيفة : قصة قصيرة
-
المحفظة قصة قصيرة
-
تأشيرة السعادة : رواية : الجزء الاول
-
الواقع والاحلام لا يلتقيان
-
الدليل : قصة قصيرة
-
رواية راحلون رغما عن انوفهم - الجزاء الاول
-
البديل : قصة قصيرة
-
قراءة جديدة لمجموعة قصص التابوت لصبيحة شبر
-
الر ائدة سافرة جميل حافظ تحول مكتبتها الخاصة الى عامة
-
عيد ميلاد في 1/7
-
راحلون رغما عن أنوفهم _ رواية - الجزء الثاني: الفصل الخامس و
...
-
راحلون رغما عن أنوفهم _ رواية - الجزء الاول : الفصل الاول وا
...
المزيد.....
-
يشبهونني -بويل سميث-.. ما حقيقة دخول نجم الزمالك المصري عالم
...
-
المسألة الشرقية والغارة على العالم الإسلامي
-
التبرع بالأعضاء ثقافة توثق العطاء في لفتة إنسانية
-
التبرع بالأعضاء ثقافة توثق العطاء في لفتة انسانية
-
دار الكتب والوثائق تستذكر المُلهمة (سماء الأمير) في معرضٍ لل
...
-
قسم الإعلام التطبيقي بكليات التقنية العليا الإماراتية والمدر
...
-
نص من ديوان (ياعادل) تحت الطبع للشاعر( عادل جلال) مصر.
-
إخترنا لك :نص (شكرا لطوق الياسمين )حسن فوزى.مصر.
-
رحيل الممثلة البريطانية ماغي سميث عن 89 عاماً
-
طارق فهمي: كلمة نتنياهو أمام الأمم المتحدة مليئة بالروايات ا
...
المزيد.....
-
مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية
/ أكد الجبوري
-
هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ
/ آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
-
توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ
/ وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
-
مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي
...
/ د. ياسر جابر الجمال
-
الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال
...
/ إيـــمـــان جــبــــــارى
-
ظروف استثنائية
/ عبد الباقي يوسف
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل
...
/ رانيا سحنون - بسمة زريق
-
البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان
...
/ زوليخة بساعد - هاجر عبدي
-
التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى
/ نسرين بوشناقة - آمنة خناش
المزيد.....
|